تعتبر فئة الشباب في أي مجتمع أبرز الشرائح الفاعلة فيه والقادرة على العطاء لما تمتلكه من طاقات نفسية وجسمية وحماس واندفاع كبيرين، ولذا عادة ما تخطط الدول إلى استثمار هذه الطاقة سواء الأصلية منها أو الفائضة وتوظيفها بما يخدم المصالح الاجتماعية والأهداف الوطنية. وما لم يتم ذلك فإن هذه الطاقات تكون ثروات مهدرة لا يستطيع المجتمع الاستفادة منها، بل قد تتحول إلى أمراض تصيب مفاصل المجتمع بالعديد من الأخطار والأزمات والتبعات السلبية. إن أفضل استثمار يمكن أن يقدم لهذه الفئة المهمة من أبناء المجتمع هو توفير فرص عمل مناسبة لهم بحيث يستطيعون أن يوظفوا طاقاتهم وامكانياتهم ضمن مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولكن الملاحظ أن هنالك خللاً واضحا في دور الاقتصاد المحلي في استيعاب هذه الفئة، انعكس على شكل ارتفاع في معدل البطالة وانتشار حالة اللامبالاة بينهم، بل والارتماء أحيانا في متاهات الغواية او الأنشطة اللامسئولة. وتعد قضية البطالة من أهم القضايا التي تؤرق الشباب في هذه المرحلة، وتفقدهم الحماس للتفكير في المستقبل والتخطيط له، ولذا فإن هنالك نسبة كبيرة منهم – من الجنسين – لاتبدي حماسا كبيرا وتفاعلا لتحقيق نتائج متقدمة في مجال الدراسة لشعورهم بأن الفرص المتاحة أمامهم محدودة جدا أو غير ذات قيمة، ولتفاقم حالة الاحباط النفسي لديهم إن هناك مشكلة واضحة في دراسة حاجة سوق العمل المحلية ومعرفة التخصصات العلمية والفنية المطلوبة فيها. فكما نعرف جميعا، فإن هنالك فائضاً بشرياً في خريجي التخصصات النظرية بينما يوجد نقص واضح في التخصصات الفنية والحرفية، ويتطلب ذلك وضع خطة وطنية جادة تهدف إلى تشجيع الشباب على التوجه إلى مثل هذه التخصصات التي تحتاجها السوق المحلية، وبالتالي إعادة صياغة العملية التعليمية وتطويرالتعليم الفني و المعاهد المهنية والفنية بما يحقق توافقا بين مخرجات التعليم الجامعي وحاجات السوق. وتبرز في هذا المجال مشكلة قد تكون من أبرز القضايا التباسا في علاقة الشباب بالعمل وهي ضعف التأهيل النفسي والاجتماعي للشباب للإنخراط في مجالات العمل المتاحة أمامهم، وذلك بسبب بيئة التربية وتأثير المجتمع. فالكثير من الشباب حاليا يضعون لأنفسهم مواصفات غير عملية أحيانا تتعارض مع حاجاتهم للعمل من قبيل عم القبول بمهن وحرف معينة ، أو عدم الالتزام والتقيد بضوابط ومتطلبات العمل المختلفة. من هنا ينبغي أن يبذل جهد كبير على صعيد التدريب والـتأهيل بما يتلاءم مع ظروف الشباب وحاجاتهم النفسية والاجتماعية وما يناسب سوق العمل أيضا بهدف معالجة هذه المشكلة