“أمي وأعرفها” للقاص أحمد طمليه.. أفكار تتحول لـ”لمحات قصصية ذكية”
عرار:
عمان – صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، رواية بعنوان “أمي وأعرفها”، للقاص والكاتب أحمد طمليه. في كلمة على الغلاف الخلفي للرواية للناقد عدنان مدانات. جاء فيها:”ما الذي يفعله أحمد طمليه وهو نائم؟.. إنه يدخن، ينفث الدخان فيتحول إلى سحابات من أفكار تتحول بدورها إلى لمحات قصصية ذكية. كيف يدخن أحمد طمليه حين يستيقظ؟.. يدخن وهو صامت متجهم، شكله يوحي بأن من الأفضل عدم الاقتراب منه. وماذا يدور في خلده في هذه الأثناء؟.. مشاريع قصص.. قصص متجهمة؟.. لا، بل ساخرة! وماذا سيفعل بهذه القصص؟.. قد يلملمها ثم يحولها إلى رواية. بعد مخاض طويل، استمر لسنوات. أنجز أحمد طمليه رواية عنوانها “أمي وأعرفها”، استيقظ في اليوم التالي وهو لا يصدق أنه فعل ذلك. كي يتأكد من صلاحيتها، أرسلها لي. اتصل في اليوم التالي ليعرف رأيي. كنت قد قرأت الصفحات الأولى وسحرني ما قرأت، قلت له: أعجبتني، سأكملها. اتصل في اليوم الثاني. أجبته: لم أكملها بعد، لكنها سحرتني. قال: “لكنك لم تقل لي ذلك. في اليوم الثالث…” أحمد طمليه لا يعرف أنه كاتب موهوب. أنا أعرف جرى بذلك نتيجة عشرة ربع قرن كان خلالها يكثر من التدخين ويقلل من الكتابة: مجموعة قصصية، مقالات في النقد السينمائي، رواية قصيرة، وأخيرا “أمي وأعرفها”. روايته هذه رشيقة الجمل، عميقة المعنى، أشخاصها جدليون، متناقضون، كما الحياة. هي رواية أجيال ولدوا بعد نكبتين: نكبة فلسطين ونكبة غزو العراق. وإلى حد ما، هي رواية عن قداسة الأم”. بهذه الكلمات يعرف الناقد عدنات مدانات بأجواء الرواية في كلمته على الغلاف الخلفي، من جانب آخر، يرى الكاتب طمليه أن نكبة فلسطين، وأزمة الخليج هما خلفيتان لإحداث الرواية. وكيف كان الناس يعيشون على الأرض والسماء تشتعل فوق رؤوسها نارا وبردا وسلاما. ويعرب طمليه عن اهتمامه بالحفاوة التي استقبل بها متابعوه خبر صدور الرواية. يقول: “كأن الناس أثقلتها الكتابة عن قضايانا المصيرية الكبيرة. تريد من يكتب عنها. عن تفاصيلها. عن أدق التفاصيل”. مؤكدا أن هذا ما تحاوله الرواية. ويشير إلى أن الأحداث ليست هي التي تتحكم بمسار الرواية، إنما المشاعر التي تتدفق، فيخفت جمر الحدث، ويتصدر جمر التفاعل معه، ذروة التفاعل معه. بمعنى قد يهون الحدث الأساس، في ضوء ما نجم عنه من أحداث، قد تبدو تلك الأحداث التي نجمت صغيرة، لكنها، بحد ذاتها، نكبة، نكسة، أكبر بكثير من مجرد أزمة. بمعنى أكثر دقة، إذا كان السؤال المشروع يجب أن يكون حول احتلال فلسطين، وأزمة الخليج، فإن الرواية تجنح نحو سؤال أكثر براءة وبساطة، مفاده: لماذا لا نقول للذين نحبهم أننا نحبهم؟. كأن الكاتب يقول: “إذا تحكمنا بمشاعرنا، وعرفنا كيف نعبر عنها، فإن احتلال فلسطين لا يعد نكبة، بل ظرف تاريخي، وكل ظرف مع تغير الظروف يتغير”. كما يمكن أن نفهم ماذا جرى مطلع شهر آب(أغسطس) 1990، بين العراق والكويت. رواية فيها لغة، فيها مشاعر، فيها ما كان يحدث على أرض الناس البسطاء، والعالم يغلي على صفيح ساخن. جاءت الرواية في “184”، صفحة، حيث تفترض حيا في العاصمة الأردنية عمان، يعيش فيه من تهجر من فلسطين، سواء أعقاب نكبة “1948”، أو نكسة “1967”، وترصد ظروفهم الاجتماعية، من خلال التركيز على شاب حالم يحلم بامرأة في البال، فيما يعيش من حوله شقاء الشتات. يعبر عن هذا الشقاء ثلاثة أجيال فلسطينية، اختلف حالها في التعبير عن شتاتها. يتزامن ذلك مع أزمة الخليج “1990”، وكيف كان انعكاسها على أهل الحي. تظهر في الحي مشاعر الناس البسطاء: أحلامهم، طموحاتهم، ثم كيف نحتوا مسار حياتهم بعيدا عن فلسطين؟. تظهر الأم في الرواية تلعب دور بطولة، من خلال قبضها على حلم العودة، وإصرارها على إنجاب جيل محترم، يعرف ما له وما عليه، جيل له الحياة عليه أن يعيشها بكل حب، وعليه واجب عليه أن يقدمه بكل تضحية. ويذكر أن أحمد طمليه عضو رابطة الكتاب الأردنيين، شغل منصب مدير منتدى عبد الحميد شومان الثقافي لسنوات، قبل أن يتفرغ للكتابة، وصدر له مجموعة من المؤلفات منها مجموعة قصصية بعنوان “يا ولد”، وكتاب بعنوان “ذروة المشهد..مقالات في السينما”.