الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله: الترجمة هي ولادات أخرى في لغات أخرى
عرار:
عمر أبو الهيجاء صدرت في مدريد عن دار نشر «عالم الآداب» التابعة لمجموعة «بلانيتا»، رواية «زمن الخيول البيضاء – الإلياذة الفلسطينية» للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله في 622 صفحة بترجمة للدكتور مؤيد شرّاب، الأستاذ في كلية اللغات بالجامعة الأردنية، حيث تضاف هذه الترجمة إلى ترجماتها السابقة في اللغات: الإنجليزية، الفارسية، المقدونية، في وقت يجري العمل على ترجمتها إلى الفرنسية والتركية. ومن المعروف أن هذه الرواية التي صدرت بالعربية في 27 طبعة حتى الآن، تجد رواجا كبيرا منذ صدورها، وتنتظر تحويلها إلى مسلسل كان قد بدأ التحضير له مع المخرج العربي الراحل حاتم علي.
من ناحية أخرى تم الانتهاء من ترجمة روايتين من روايات نصر الله إلى الإسبانية، وهما روايته الأولى «براري الحمّى، 1985» التي تصدر الشهر القادم في مدريد عن دار نشر «فيربوم» بالتعاون مع مدرسة طليطلة للمترجمين، بترجمة فكتوريا ريوز زوريللا، وروايته حرب الكلب الثانية» الفائزة بجائزة البوكر العربية عام 2018. احتفاء بهذه الترجمة التقينا الشاعر والروائي الأردني/ الفلسطيني إبراهيم نصرالله وحاورناه حول الترجمة لرواياته وأشعاره وحول روايته «زمن الخيول البيضاء» وتصديها للمشروع الصهيوني، وقضايا أخرى.. فكانت هذه الرؤى. * حظيت معظم رواياتك بالعديد من الترجمات إلى لغات أخرى.. ما السّر وراء الإقبال على ترجمة أعمالك الروائية؟ - أنت تعرف، دائما لا بدّ من بداية، وكانت البداية مبكرة، حيث تمت ترجمة روايتي الأولى «براري الحُمّى» قبل أكثر من ثلاثين عاما إلى الإنجليزية عبر مشروع «بروتا»، الذي أنشأته الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي لترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، ومن حسن الحظ أن هذه الرواية قوبلت باهتمام كبير على المستوى النقدي والأكاديمي الغربي، ويمكن القول إنها قوبلت بتقدير خاص، وهذا ما فتح لها الباب لتترجم إلى عدة لغات فيما بعد، وحين وصلت إلى قائمة أفضل خمس روايات ترجمت إلى الدنماركية من جميع أنحاء العالم في ذلك العام الذي تُرجمت فيه، ثم اختيارها من قبل صحيفة الغارديان البريطانية واحدة من أهم عشر روايات كُتِبت عن العالم العربي، تعزز الأمر أكثر. فيما بعد كان لنجاح الطبعة الإنجليزية من «زمن الخيول البيضاء» دور في ذلك، وترجمة أعمال بعدها، وحصول ثلاث روايات على جوائز عربية كبيرة، كل هذا في ظنّي، إلى جانب أطروحات الدكتوراه والماجستير حول الأعمال الرواية، وسّع الباب، حيث هناك الآن ستّ روايات أخرى، إضافة إلى المترجمة أصلا، تمّ الانتهاء من ترجمتها، وبات بعضها على وشك الصدور، إضافة إلى مختارات شعرية تضم 350 قصيدة. * ماذا تعنى لك هذه الترجمات.. هل هي بمثابة ولادة أخرى للرواية؟ - بالتأكيد، هي ولادات أخرى في لغات أخرى، واختبار للنص الروائي الذي نكتبه، سواء ما تعلق بالمكان الذي نكتب عنه وخصوصية هذا المكان ثقافيا وحضاريا..، أو بالقضايا التي تحملها هذه النصوص، وبخاصة القضية الفلسطينية، وكلها قضايا ساخنة، لا يُرحّب بها على المستوى السياسي، ولكنها تذهب إلى الإنساني وتلامسه، وهذا يفرض علينا دائما أن نكتب روايات ذات مستوى عال؛ فالقارئ، هنا في عالمنا العربي، أو في أيّ مكان في العالم، من حقّه أن يقرأ كتبًا تتمتّع بفنية عالية، وهذا الأمر ينطبق على الباحثين وعلى أساتذة الجامعات الذي يختارون الروايات لتكون ضمن مساقات التعليم في المراحل الجامعية العليا في كثير من الأحيان، أو مواضيع للأطروحات العلمية. * «زمن الخيول البيضاء» هل هي رواية التحدّي للمشروع الصهيوني وتصدٍّ للأدب الصهيوني الذي يسعى جاهدا لتكريس دولة الكيان؟ - أظن أنها واحدة من هذه الروايات، وربما يعود ذلك إلى أنها تجيب على أسئلة كثيرة بشأن مرحلة معرّضة دائما للمحو الصهيوني، فزمن الرواية هو 75 عاما، من نهايات القرن التاسع عشر حتى عام النكبة عام 1948، وهي أسئلة كانت تؤرقني، وقد قلت ذات مرة إنني كنت كقارئ كنتُ بحاجة إلى هذه الرواية كي أعرف ما الذي حدث في فلسطين خلال تلك الفترة، وكيف كانت الحياة فيها. لكن «زمن الخيول» هي جزء من مشروع «الملهاة الفلسطينية» الذي يقدّم الصورة الأوسع لما يزيد على 250 عاما من تاريخ فلسطين، وهناك ستّ روايات منه صدرت، أو ستصدر، بلغات متعددة، وبعضها يدور ما قبل القرن التاسع عشر، مثل «قناديل ملك الجليل» التي كتب عنها أحد الباحثين بعد صدورها بالإنجليزية «إنها الرواية التي تقوِّض وجود إسرائيل». لكن في اعتقادي أن كل كتاب جميل يُترجم لنا، حتى لو كان ديوان حبّ، يقوّض أيضا وجود هذا الكيان. * هل ثمة مشاريع لإنتاج أعمالك الروائية وتحويلها دراميًّا.. ولماذا لم يتم إنتاجها حتى الآن؟ - هناك دائما مشاريع، ولكنها تصطدم بمشكلات سياسية بالدرجة الأولى، حين يتعلق الأمر بإنتاج أعمال كبيرة عن فلسطين، وأعمال مثل «زمن الخيول البيضاء» أو «قناديل ملك الجليل، أو «دبابة تحت شجرة عيد الميلاد» أو «طفولتي حتى الآن»، تحتاج إلى إنتاج تلفزيوني ضخم ومكلف، وبعضها يصطدم مباشرة بأنظمة هنا أو أنظمة هناك، أو بتحالفاتها الإقليمية أحيانا، لذا، ليس غريبا، بسبب بنيها الفنية والدرامية، أن الإنتاج المسرحي لجأ إلى هذه الأعمال وقدّم حتى الآن 6 مسرحيات مستوحاة من هذه الروايات، واحدة منها قدَّمها المسرح الإيطالي.