محمد المشايخ صدرت في الزرقاء مؤخرا الرواية الثانية للروائي محمد حمودة زلوم بعنوان (أنفاس الخزامى)، وهي تُصنف ضمن الروايات القصيرة (Noveleete)، وتلتزم بالهموم الوطنية ابتداء من عنوانها المرتبط بنبتة (الخزامى) أو (اللافندر) الجبلية التي تتميز بأزهارها الجميلة ورائحتها العطرية وبفوائدها المتعددة، فكانت تلك النبتة وأنفاسها الوسيلة التي تعبر عن ارتباط الإنسان بأرضه وسمائه أيضا، واستعداده للتضحية بالروح من أجلها. أجاد الروائي في وصف جماليات المكان في الأردن وفلسطين، منطلقا من محافظة الزرقاء وآثارها ومعالمها السياحية، وتنقل من خلال الرحلات المدرسية والاجتماعية في ربوع المملكة مستعرضا الكثير من معالمها التاريخية والجغرافية، ثم توقف عند فصول السنة ومميزات كل فصل منها، وبعد أن اشبع المكان والزمان بحثا، انتقل إلى العلاقات الإنسانية، التي تأخذ بطل الرواية وبطلتها إلى الجامعة الأردنية من أجل الدراسة، ثم تنقل الكثير من شخصياتها إلى فلسطين، وإلى عوالم المقاومة والشهادة، وكعادة الروائيين العرب، ظلت المرأة رفيقة درب المقاوم. أما إصابة البطلة بالسرطان، فقد أعطت الرواية بـُعدا دراميا مؤثرا، وفي الوقت نفسه شكل مفصلا إنسانيا، حال دون استكمال الفرح، وجل القارئ يبحث عن مخرج يؤدي إلى تجدد حياتها، ولأن الروائي في العادة يخلق شخصياته ويلصق بها أقدارها، فقد اختار محمد زلوم هذه النهاية الحزينة لروايته، ليجعل القارئ يدخل في باب الأماني متطلعا إلى تحقق أمانٍ ثلاث: تحرر الوطن، وشفاء المرضى، واستكمال الحياة من خلال الزواج على سنة الله ورسوله. أنفاس الخزامى، رواية واقعية، حلـّق فيها محمد زلوم بخياله، في جبال عجلون وفي جبال الخليل، محققا الوحدة الوطنية، ومتنقلا بين المعالم الدينية هنا وهناك، واستعرض ما في داخل شخصيات روايته من حب للوطن، وحب الآخرين، وتكاتفهم وتعاضدهم، وأظن أن وصف محمد زلوم لمعالم الخليل ومقدساتها بدقة وتسلسل، أمر نادر للغاية لم يسبق إلى أحد، إلا الشاعر حمودة زلوم في كتابه (الخليل: التاريخ، الحضارة والتراث). تسير هذه الرواية الموجهة للصغار والكبار في آن، على النمط التقليدي للرواية العربية، من حيث المقدمة، ثم العقدة، فالنهاية.. أما أسلوبها فيندرج ضمن السهل الممتنع، وشخصياتها نامية وكلها تمتلك الوعي المعرفي والوطني، وزوّدها الروائي بثقافة تاريخية وجغرافية تلقفها القارئ بخفة ورشاقة واستقبلها بسهولة لما فيها من جاذبية وتشويق. الريح العقيم، كانت الرواية الأولى للروائي محمد حمودة زلوم، وأنفاس الخزامى، كانت روايته الثانية، التي تبشر بأنه سيثري المشهد الروائي في الزرقاء بخاصة وفي المملكة بعامة، بمزيد من الأعمال الروائية المتقدمة جماليا وموضوعيا.. والجميل هنا أن محمد زلوم، هيأ روايته للعرض التلفزيوني من خلال ما بثه فيها من سيناريو وحوار أثرى مشاهدها السينمائية وأحداثها الوطنية.