الجزء الثاني من الصعود إلى النص.. كتاب جديد يحتفي بالمنجز النقدي لإبراهيم خليل
عرار:
عمان
في سلسلة (بعضُ وفاء) التي يُعنى فيها القاصّ سمير اليوسف بالنابهين من الأدباء، والكتاب، في فلسطين والأردن، صدر حديثا الجزءُ الثاني من الكتاب الموسوم بعنوان «الصعود إلى النص». وهو تتمة لجزء سابق بهذا العنوان يلقي الضوء على المُنجز النقدي للدكتور إبراهيم خليل الذي أغنى المكتبة الأدبية بعشرات التصانيف والمؤلفات. وقد جمعَ اليوسف في هذا الكتاب ثلاث عشرة مقالة، واثنتي عشرة مقابلة نُشرت سابقًا في الصحف المحلية والعربية كالوطن القطرية والنهار اللبنانية والقدس العربي فضلا عن الرأي والدستور الأردنيتين، وفي مجلات كالأقلام العراقية، والمجلة الثقافية. أما المقالات، فقد أسهم فيها كلٌ من: عزيزة علي، ود. أحمد البزور، وسمير اليوسف، و القاص محمود الريماوي، و الروائي المغربي أحمد المديني، و دة. حنين معالي، والشاعر الناقد اللبناني سلمان زين الدين، والإعلامي وليد حسني، والأديب محمد عبدالله قواسمة، وعوّاد علي، وفرح العلان، ود. شفيق طه النوباني. ومن المقابلات التي ينطوي عليها هذا الكتاب مقابلة مع مجلة الأقلام العراقية لمحمد المشايخ. وهي قديمة جدا تعود إلى عام 1983 ومقابلة أجراها المرحوم تيسير النجار حول كتاب أساسيات الرواية (2014) ومقابلة مع صحيفة القدس التي تصدر في فِلَسْطين، أجراها سليم النجار. وأخرى مع ثقافة الجزيرة أجراها توفيق عابد تدور حول كتاب محمود درويش قيثارة فلسطين، وقضايا أخرى. وحوار عن الكتاب الموسوم بعنوان واقع الدراسات النقدية العربية في مائة عام كان قد أجراه المرحوم تيسير النَجار. ولقاءٌ آخر نشر في القدس العربي اللندنية في عددين أجراه القاص الروائي الراحل رشاد أبو شاور نشر في العام 2001 وحوارٌ مع ملحق «أوراق» لصحيفة الوطن القطريّة، أجراهُ القاصّ عزمي خميس. وآخر مع الرأي الأردنية أجراهُ في العام 1999 الشاعر المرحوم زياد العناني. وحوارٌ أجراهُ لملحق « ألف باء» الذي يصدر عن جريدة الزمان اللندنية وسام نصرالله. وحوارٌ أجرته آية الخوالدة للعرب اليوم. وحوار آخر أجراهُ للدستور الأردنية اليوميّة عمر أبو الهيجا عن الكتاب الموسوم بعنوان «فصول في نقد النقد». وأخيرًا المقابلة المطوَّلة مع المجلّة الثقافية التي تصدر عن العلاقات العامة في الجامعة الأردنية، وهي من إعداد زياد أبو لبن. ونشرت في أحد أعدادها في العام 1998. ومما يستثيره المؤلف الذي جمَعَ هذه المقالات، والحوارات، من مختلف المصادر والمظان، وبوبها في الكتاب، قوله أن من أبرز ما يميز شخصية ابراهيم خليل المزج المتناغم بين صرامة الباحث وشغف القارئ، وإحساس الأديب وشعوره. فقد تشكلت أدواته النقدية من تراكم معرفي، وتجاربَ أكاديميّةٍ مصقولةٍ امتدتْ عقودًا، وتَواصُلٍ مباشر مع المنجز النقدي العربي عامةً، والأردني الفلسطيني خاصّةً. وهو إلى ذلك ناقدٌ صلبٌ، لا يُسلِّمُ بما ذاع، وشاع، ومجَّتْهُ النواظر والأسماع، من المسلمات النقدية، أو شبه النقدية، التي تقود إلى المُجاملات، وصَرْفِ النظر عن العيوب والهنات. وهذا ما يعرفه عنه الكتاب سواء منهم الأردنيون أو غيرهم ممن تواصلوا معه، وقرأوا غير قليل من كتبه، واطلعوا على مقالاته جُلّها، أو بعضها. فهو لا يصغي لما يُقال من مقولات في النقد، ومذاهبه، إذ يلحّ إلحاحًا شديدًا على محاورتها، ونبذ ما هو خاطئ، أو غير دقيق، منها. كالزعم بموت المؤلف، أوموت الناقد، أو قدسيّة العُنْوان، والتهليل لما يسمى عَتَبات. أو صرْف النظر عن النَصّ، والاهتمام بالغلاف، وبالإهداءات، وما شابه ذلك من تركيز على القُشور لا على اللُباب. أو التخلي عن جماليّات النصّ لصالح القُبْحيّات فيما يسمى تضليلا « نقدًا ثقافيًا « أو شبه ثقافيّ. فهذا كله، أو أكثرهُ، في رأيه أقاويل كاذبة، وخُزَعْبلاتٌ لا يخشى إنكارَها، وإنكار ما جرَّته على الأدب من مآسٍ مُغلَّفةٍ بما يشبه الورق البرّاق الملوَّن الذي تُغلَّفُ به الهدايا. شأنُ هذا الحديث شأنُ الموضة الجديدة المسماة تداولية. فقد سئم القدماء من كثرة الحديث عن التداول، والسماع، وعن اختلاف المعنى باختلاف السياق. ويظن بعض الناس أنَّ ما يقال في التداولية اليوم شيء جديد. والصحيح انه ينم على جهلهم بالقديم الغابر، الذي طوته العصور فيما طوت، واكلت عليه الدهور وشربت. فهو ناقدٌ لا تُرْهبه العودة بالنقد إلى مساره الصحيح بعد الذي رانَ عليه من تشويهٍ، وتحريفٍ، يصل إلى درجةِ الشعوْذة والتَخْريف، بسبب التقاليع التي تجود بها ماكينة الأكاذيب في بعض العواصم الأوروبية. يذكر أن هذا هو الكتاب الخامس الذي يَحتفي بتجربة الناقد خليل؛ فالأول بعنوان إبراهيم خليل ناقدًا من إعداد زياد أبو لبن وتقديمه ومشاركته (2012) والثاني مرافئ التأويل(2016) من تقديم نضال قاسم وإعداده ومشاركته. والثالث بعنوان القراءة الشاعرية الفاحصة: عن التجربة النقدية لإبراهيم خليل من تأليف أماني حاتم بسيسو (2019) والرابع وهو « الصعود إلى النص « من تقديم سمير اليوسف، وإعداده (2023). وكان اليوسف قد أصدَر أربعة من هذه السلسلة الموسومة بـ (بعض وفاء) أولها بعنوان رؤيا النقد والإبداع - وهو عن الراحل عبد الله رضوان. ومرايا الحضور، وهو عن الكاتب الشاعر إبراهيم العجلوني. وصدرت منه طبعتان، الأخيرة منهما في العام2021 والثالث بعنوان « العجلوني آفاق الفكر والمعرفة « وهو مشترك مع صالح البوريني 2023.