|
عرار:
قرأت ديوان "مرافئُ العُمْر" للشاعر الفلسطيني محمد علي الصالح الصادر عن "دار الجندي للنشر والتوزيع" المقدسية ويضم 38 قصيدة في 208 صفحة من الحجم المتوسط ولوحة الغلاف للفنان السوري صفوان داحول. ولد الشاعر الفلسطيني محمد علي الصالح عام 1907 وتوفي في العاشر من آذار عام 1989، في مدينة طولكرم، عمل رئيسًا لتحرير صحيفة "صدى العرب" وانتقل إلى حيفا، هناك أسس "مدرسة الاستقلال" عام 1932، نادى بالوحدة لمقاومة الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية التي توافدت على فلسطين آنذاك وكان من قادة ثورة 1936، مما أدى إلى ملاحقته واعتقاله والحكم عليه بالإعدام، حكمًا قد خُفّف لاحقًا، وأمضى ست سنوات في سجن المزرعة في عكا، وكان صديقًا لعز الدين القسام وأبو سلمى. كان أول شاعر فلسطيني تنبأ بالانتفاضة وذكرها في شعره، ففي قصيدة له بعنوان "يوم 2 نوفمبر" التي نظمها ضدّ وعد بلفور المشؤوم وألقاها يوم 02.11.1924 وقال: كان محمد علي الصالح شاعرًا مناضلًا قاوم الاستعمار وسُجن بسبب قوله وفعله ونضاله ومن أوائل شعراء المقاومة، كان شاهدًا على العصر فكتب قصائده حسب رؤيته للأمور ساعة وقوعها، بمنظاره هو، دون مواربة ورياء، وبنظرة ثاقبة عبّر عن مواقفه الجريئة تجاه مؤامرات حيكت تجاه شعبه، فالرجال مواقف ومحمد نِعْمَ الرجال فكتب بحرقة وألم حول ما يجري حوله، كتب عن جرح فلسطيني يدمي وقضية تضيع وصمت عربيّ مدوّ فبدى صاحب رؤية ورؤيا لإنسان يعي ما يدور حوله من مؤامرات وحبكات تُحاك ضد شعبه فصرخ عبر قصائده المنبريّة في المهرجانات ومن على المنصّات ليحذّر ويُذكّر إن نفعت الذكرى. صوّر بقصائده أحداثًا عايشها ، صوَر معاناة شعبنا، صوّر مأساة واكبها بمنظاره هو، فشخّص رواية شعب ويوميّاته بأسلوب مميّز متألم وموجوع، لم يكن مهادنًا أو متلوّنًا، ورغم أن بعض أشعاره تُصنّف ب"أشعار منابر ومناسبات" لكنها تناولت هموم شعبه ومآسيه وتراثه، ورموزه ضمن محطاته التاريخية، فعاصر الحربين العالميتين والانتداب والنكبة والنكسة وغيرها من أحداث فوثّقَ شهادته كشاهد على عصره. تناول في أشعاره تآمر الاستعمار البريطاني والمؤامرة الصهيونية ووعد بلفور المقيت فقال : وقال في قصيدة أخرى: تناول في أشعاره صمت الزعامات العربية وتواطئها فقال: كانت لشاعرنا بصيرة ورؤية ثاقبة ورأى أن الأمور تجري نحو إقامة كيان يهودي على أراضي فلسطين فحاول أن يقرع ناقوس الخطر وينبّه ويحذّر ونادى للتصدّي لتلك المؤامرة والحفاظ على الأرض فقال في قصيدته "حكومَةُ الطّور": وقال: مقت الطائفية حين رأى بها مؤامرة ضد الأمة بمسلميها ومسيحييها فنادى بالوحدة، التسامح وعدم التعصّب الديني وقال في قصيدة "زَيْنُ إخوانِ الصَّفا": ونراه في الثمانينيّات يحيّي نضال بسام الشكعة بعد الاعتداء الغاشم عليه فيصرخ في قصيدته "إلى المناضل بسام الشكعة...": الجدير بالذكر أن الديوان نُشِر مؤخرًا بعد مضي عشرات السنين على كتابة أغلب قصائده بجهود ابنه الشاعر عبد الناصر صالح الذي رثاه بقصيدة "مرثية لفارس القصيدة" وجاء فيها: لم يحالف الحظ غيره الكثير من الشعراء حيث لم يحظوا بنشر نتاجهم الأدبي، وحبذا، لو قامت مؤسساتنا بنشر ذاك التراث الغني ليكون عبرة لمن اعتبر، وخاصة أن روايتنا مُهمّشَة ومُغيّبَة وهناك ضرورة ملحّة لنشرها وأرشفتها لبناء المخزون الثقافي والسيرة التاريخية الصحيحة لتلك الحقبة لكونِها وثيقةً تأريخيّة متكاملة. فهل من سامع ومجيب! الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 19-05-2017 12:34 صباحا
الزوار: 922 التعليقات: 0
|