عرف الإنسان التداوي بالأعشاب منذ فجر التاريخ ، و قد أثبتت الإكتشافات و البحوث الأثرية أن الحضارات القديمة بأكملها كانت تتخذ من العديد من الأعشاب علاجات للأمراض التي تواجهها ، و قد قامت بعض الحضارات بزراعة الأعشاب بغرض التداوي فقط لا غير ، و هو ما كان يعد أحد مظاهر التقدم الحضاري في تلك الفترات الموغلة في القدم . و قد عرف القدماء عن طريق البحث و التجارب المعملية و المشاهدات خصائص النباتات و الأعشاب و فوائدها و أضرارها ، و هو ما كان يعتبر علم الصيدلة قديماً ، حتى أن بعض الحضارات وصلت إلى مراحل متقدمة للغاية من التقدم في هذا المجال ، خاصة حضارات الصين و مصر القديمة و العراق . و كل كتب الأعشاب الموجودة في عصرنا الحديث تمتذ جذورها و إكتشافاتها الأولى إلى تلك الحضارات . و في العصر الحديث يعتبر علم الأعشاب و دراسته أحد مناهج الدراسة للمتخصصين في الصيدلة ، و هو ما يتيح لهم معرفة أصول المستحضرات الدوائية ، حيث أن جميع المستحضرات الدوائية الموجودة في الأسواق قد تم تطويرها من الأعشاب و التركيبات الكيميائية التي تم اكتشافها في تلك الأعشاب الطبية ، حيث أن النباتات يمكنها تطوير العديد من المركبات التي يمكن استخدامها في التأثير البيولوجي على الوظائف في الجسم و على القضاء على الأمراض . و مع التطور العلمي الهائل هناك اتجاه حديث إلى التداوي بالأعشاب الطبيعية دون الرجوع إلى المستحضرات الدوائية التي تنتجها الشركات نظراً للتأثيرات الجانبية غير المرغوبة و التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى أمراض أكثر خطورة في المستقبل ، و قد بدأ هذا الإتجاه يؤتي ثماره في الغرب من حيث التداوي بالطرق التقليدية و الأعشاب الطبيعية التي يتم استخدامها بشكل مباشر في القضاء على الأمراض البسيطة ، كما نلاحظ كثرة المنتجات العشبية في الأسواق و غلبتها على الأدوية الأخرى في بعض الأحيان . و لكي يتمكن المرء من التداوي بالأعشاب لابد له من الرجوع إلى المصادر و المراجع المتخصصة في هذا المجال ، و معرفة طرق التحضير و كيفية الحصول على الأعشاب ، و هي ربما تكون دراسة مرهقة للعديد من الأشخاص ، خاصة المرضى الذين يبحثون عن العلاجات الفعالة لأنفسهم ، لذا من الأفضل اللجوء إلى خبراء الأعشاب لأخذ النصيحة في هذا المضمار ، مع التأكيد على عدم ترك العلاجات الأخرى الي وصفها الطبيب ، حيث أن بعض الأعشاب قد لا تكون مؤثرة في بعض الحالات إذا تم استخدامها بصورة خاطئة . ومن أشهر الأعشاب التي عرفت للتداوي على مر الزمن ، الينسون ، المرمية ، الزهورات ، الزعتر البرّي ، الشاي الأخضر ، البابونج . و التي يتم استخدامها في الدول العربية بشكل كثيف إعتماداً على الوصفات التراثية ، و من أشهر وصفات التداوي بالأعشاب الطبيعية استخدام خل اتفاح و ماء البصل و الثوم في علاج الأمراض الجلدية كالثعلبة ، و علاج تساقط الشعر المرضي ، و يكون العلاج عبارة عن دهن المنطقة المصابة بخل التفاح أو ماء الثوم مخلوطاً بزيت الزيتون الدافي يومياً و لمدة أسبوعين . أيضاً يتم استخدام مغلي أوراق الجوافة في علاج المشاكل المعوية ، و مغلي قشور الرمان بعد تجفيفها و طحنها لعلاج الإسهال، و هناك العديد من الوصفات العشبية لأغلب الأمراض المعروفة ، و من أشهر الكتب التراثية في هذا المجال كتاب تذكرة داوود الثري بالوصفات الطبيعية .