|
الموروث والتراث بقلم طارق كساب الدعجة
مركز عرار:
الموروث والتراث
ان تاريخ الأمة هو عِزها وموروثها وترثها فخرها ومجدها وكل امة لا بد وان يكون لها تاريخ تـليد وتـراث عـظيم ، لكن هناك فارق ما بين مفهومي الموروث والتـراث ليس بالمعنى اللغوي لان كل منهما يُعـطي نفس المعـنى إلا ان الاختلاف في المضمون ولان هـناك خطأ يقـع بين الكثيرين بين المفهومين فقد فضلت ان أُبين ذلك الفارق أولاً .
الموروث
هو كل ما خلفه الأجــداد للأبناء من موروثات تعكس الأصالة التي تحمل في طياتها عبق الماضي وأصالته وفيه نـكهة ذلك الجيل وذكـرياته وصفاته ، إلا ان هنــاك جــزءً في الموروث غـير قابل للتعـامل به أو التفاعل معه أو إبقـاءه وهذا يعــتبر الجـزء المُعـتم في الموروث الذي يرفضه الكثيرين لان فيه الشئ القبيح والسئ والضار الغـير مقبـول به ما يُسئ للـــتراث ، ان هــناك العديد ممن يتمسكون بالموروث بكل حذافيـره بل ومتعصبين له بحجة التمسك بالتــراث الذي خلفه لهم الأجداد وهم لا يعلمون بان التــراث هو ما تم تصفيته من الموروث وهو ما قام به من يُقـدّرون الـــتراث حيث تم اصطفاء ما يليق من الموروث بعـد ان تم تنقيحه وتنقيته من الشوائب ليولد التراث من رحم الموروث .
التراث
هو ما ورثه الأبــناء من عادات وتقاليد وآداب ومقتنيات وفنون أي انه إرث في مختلف المجالات الفــكرية والأدبـية والاجتماعية فيها العــبرة وفــيها الجمال وفيها تحـريك للمشاعـــر والاحاسيس ، يعتبر التــراث الطريق الذي يهتدي به الوارث الى الأفضل ويمنح دروساً يُستقى منها العِبر لهذا كان التـراث صفوة الموروث فيه الأصالة التي تتجذر فروعها لتعانق السماء ، ان التراث سيبقى حيــــاً ما دام دولاب الـــزمن يدور فهو إحيـــاء لزمن مضى من حياة الأولين التاريخية والاجتماعية وإحيائه يعني اننا أبقينا شاهداً على فـترة مضت وشمعة مضيئة لاظهار الهوية الوطنية والقومية .
لا يمكن للأمـــة ان يــكون لها حضــارة إذا ضــاع ماضيــها وتــراثها فهو يحفظ كــيانها ووجودها وبقائها واستمرارها فلا حضارة ولا هـوية لأمة دون تراث يليق بها ، ان التراث هو النقطة البيضاء في عتمة هذا الزمان الذي يجعل أي أمة متميزة بين الشعوب وتتغنى بماضيها العريق .
لن أتعصب لتراث معـين وأتحدث عن تراث بيئة أو عن فئةٍ معينةٍ بل سأتحدث عن تراث وطن يختلط في بعضه ليكون لنا لوحةً تشكيلــيةً رائــعة ، يــــزداد التراث جمــالاً عندما يندمج ببعضه ويتداخل التراث البدوي بالقروي وبالشركسي وبالفلسطيني وبالشامي ليجعل من وطننا علامة فارقة بين الأمم بمكوناته الاجتماعبة الغنية بإرث متعدد ، فلا بد ان يمتعنا الإرث الأدبي بالقصص والحـــكايات المتنوعة والأمثـــال والألغـاز والشعر وغيرها من الآداب التي قد يكون الــزمن نسيها أو تناساها ، كما ان هـناك الإرث الاجتماعي الــذي يعرض لنا العادات والتقاليد لكل فــئة وهي عادات تجعل منّــا أصحاب أخلاق وكرامة أما الإرث المعماري فالمباني القـديمة هـنا وهـناك بما فيها من أدوات كانت تستعمل وحلــي وتحــف وغير ذلك ، أما الإرث التاريخي فهــو غنــي وكثير وهو شــــــاهد على عِــــزنا ومجـدنا فالحصون والقصور تتوزع هنا وهناك والسيوف والدروع لا زالــت تتـزين بها تلك القصور لتؤكد لنا أننا ما وصلنا الى هنا إلا بعد ان جاهد الأوائل وتعبوا .
لــو أردت ان أكـــتب عـــن التـــراث لما وسعـت كل الأوراق فالـــطب الشعـبي المأكولات واللهجات والأزياء القديمة والتطريز والنسيج والطرب والدبكات والربابة والاحتفالات وغيرها كثير من التراث الذي يعتبر ثروة وطنية وعلى الدولة ان تكون هي المحافظ عليه لانه بالأصـل تراثها وأصالتها ويجب ان يكون الحفاظ على التراث من أولوياتها .
أعتذر ان أطلت إلا انني لم أغوص بعد في بحر الموروث والتراث ولا زلت على الشاطئ لكن لا بــد من كتــابة ولو الشئ البسيط ليكون اللبِنة الأولى التي نسير بها على طــريقنا عــلّنا نستطيع ان نحافظ على ما تبقى قبل ان يندثر ان أراد الأخرين التخلي عنه .
والله الموفق
طارق كساب الدعجه
الكاتب: مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 16-04-2020 10:16 مساء الزوار: 1526 التعليقات: 0
|