|
سِدرةُ النَّدَى (فمبلغُ العِلم فيهِ أنّهُ بَشرٌ...) البوصيري/البردة الشاعر لؤي أحمد
مُقيمٌ على خَيْطِ الرُّؤى أَتقلَّبُ ويُوحِي إليَّ الطَّيرُ أَنيَّ شاعرٌ وبي شَطْحةُ الصوفيِّ حينَ يَقودُهُ فَنِيتُ ولمْ أَشهَدْ سِوايَ حَقيقةً أُطلُّ على الرَّوضِ المهيبِ وأنثَني بَواديَّ تُخفي في القَصيدةِ خَوفَها وما كنتُ أدري أنَّ طيفكَ مالئٌ رؤىً مُشتهاةٌ وارتعاشٌ ولا يَدٌ تَمثَّلْتَ لي نوراً فَلُذْتُ بآيةٍ وفوقَ احتِمالي أَنْ أَراكَ مُجسَّماً
نبيَّ النَّدى: سِرُّ المدائِحِ ماؤُهَا إلى العَتَباتِ الخُضْرِ تَسبِقُ خُطوَتي وأنتَ انثيالُ السِّحرِ في اللغةِ العجوزِ تَفتَّحْتَ وَرداً في الرِّمالِ وَدولَةً وكنتَ لها سَيفاً وخُبزاً ودَمعةً لمكَّةَ أنْ تُدْني الصَّلاةَ إلى فَمي وفي البيتِ جُوعٌ شهقَتَانِ ورِعدَةٌ إذا اتَّقدَت عَيناكَ قَالتْ خَديجةٌ: إليكُمْ كتابَ الكَونِ وَحياً مُنجَّماً تَوضَّأتُ بالضَّوءِ الذي مِنْكَ لمْ يَزلْ
إلى اللهِ، لا الدُّنيا، عُروجٌ وهِجرَةٌ طَلَعتَ عَليهِمْ مِن ثَنيَّةِ يَثربٍ مُوكَّلةً بالظلِّ فَوقكَ غَيمةٌ حَملْتَ رَغيفَ المترَفينَ لِصُفَّةٍ إذا قيلَ: (يَا يُتْمُ..) ارتديتَ عَباءَةً
إِلهِي: أَردْتَ القَلبَ مِنهُ مُهَذَّباً وما هوَ إلا فكرةٌ بشريَّةٌ ويَأبَى حياةً لا تَذِلُّ لربِّها لِفاطمةٍ بينَ التَّرائِبِ زَهوُهَا: أَضاءَ صُدورَ المعْتِمينَ بِلحظةٍ بَشوشٌ تَولَّى كي يُتمَّ رسالَةً مَحجَّتُهُ البَيضاءُ واحةُ رُوحِنَا
فيا خَيمةَ الإنسانِ جِئْتُكِ سائِلاً: أَنا ابنُ كُهوفِ الخوفِ نِصفيَ مُعتِمٌ أُقلّبُ أَيَّامي كأَنّيَ خالدٌ عَمَاءٌ أَصابَ الرِّيحَ والرُّوحُ غَابةٌ وأَطفأَ كُهَّانُ المآذنِ ضَوءَهَا فلا أرضَ فوقَ الأرضِ نَسكنُ قَلبهَا
هيَ الفِتْنةُ الكُبرى: حُروبٌ ورِدَّةٌ تَدورُ الرَّحى لحمُ الطُّفولةِ طِحْنُها على كلِّ بابٍ في الشَّوارعِ جُثَّةٌ تَسُدُّ المدَى فوقَ الرِّماحِ مَصاحِفٌ وأَعلَتْ مَناةٌ في البلادِ حُصُونَها أَعوذُ بمَنْ لاذُوا بِسَيفكَ أنْ تُرى أَعوذُ بعينيكِ الوَديعةِ أَنْ تَرى
يقولُ الصَّدى: صَوتُ القَصيدةِ شَاحِبٌ لئِنْ حُمّلتْ غيرَ الذي هيَ تَبْتغي يَقيني بأَنَّ اللهَ غَافرُ زلَّتي تطرَّفتُ في العِشقِ الحلالِ ولذَّتي تقبَّل إلهَ العَفوِ ذِلَّةَ شاعِرٍ وأركبُ مِن معنايَ ما ليسَ يُركبُ لهُ في اصطيادِ الوَحيِ نابٌ ومخلَبُ إلى سدرةِ العِرفانِ حَدْسٌ مُدرَّبُ وفي الحَضرةِ العُليا أَنَايَ تُغيَّبُ وما زِلتُ ميقاتَ النَّدَى أترقَّب خَفايايَ تُبدي ما القَصيدةُ تَحجُبُ عليَّ صِحافَ الروحِ ساعةَ أكتُبُ دُوارٌ ولا بحرٌ، وشِعرٌ ولا أبُ لأنَّ انحسارَ النُّورِ بعدَكَ مُرعِبُ لأنَّكَ أَبهى مَنْ رأيتُ وأَرحَبُ
وماؤُكَ مِنْ ماءِ المدَائحِ أَعْذَبُ قَوافٍ بأَحماضِ الخيالِ تُذوَّبُ لو جئتُها وُدَّ الفصاحةِ أَخْطِبُ إليهَا (عَظيمُ القَريَتينِ) سَيُنسَبُ وكنتَ بها للهِ تَرضَى وَتغضَبُ ففِي الشِّعْبِ بيتٌ بالنبيِّ مُطيَّبُ حَصيرٌ وَمِشكاةٌ وسَقفٌ مُثقَّبُ رحيقٌ سماويٌّ على الأرضِ يُسْكَبُ فَمُ الغارِ يَتلو والجبالُ تُؤوِّبُ يُضيءُ بهِ عَتمَ المجرَّةِ كَوكبُ
ولو شِئْتَ لانْقادَ الوُجودُ المُؤلَّبُ فَغنَّتْ طُلوعَ البَدرِ في الأُفْقِ يَثْربُ إذا الشَّمسُ أَضحَتْ في الفَضاءِ تَلهَّبُ عَليها أَضاميمُ الجِياعِ تَوثَّبُ بأكمَامِهَا جُرحُ اليتيمِ يُطبَّبُ
فكيفَ بهِ يَشقَى وأنتَ المؤَدِّبُ؟ يُحبُّ ويستغني يموتُ ويُعقِبُ وعنْ كلِّ شيءٍ في الرَّغائبِ يَرغبُ بأيِّ أبٍ بَعدي فتاةٌ سَتُعجَبُ؟ كَما شقَّ قُمصانَ الظَّلامِ مُذنَّبُ تَقولُ لكلِّ الشانِئينَ: سَنغلِبُ وفينا الشَّذَى: ريحانَتاهُ وزَينَبُ
لماذا عَلى الإنسَانِ فينا نُعذَّبُ؟ ونِصفي على حَدِّ الضِّياءِ يُضبَّبُ ويُخطئِني مَوتي الذي أَتعقَّبُ وفيها فؤوسُ البَغي بالعَتمِ تَحطِبُ لتَعدُو على الشَّاةِ القَصيَّةِ أَذْؤُبُ ولا الوترُ مَقضيٌّ ولا الصَّدعُ يُرأَبُ
وراياتُهَا: مُلْكٌ عَضُوضٌ ومَذْهبُ وتحتَ الرَّحى لا شيءَ إلا التَعصُّبُ وفي كلِّ بيتٍ في المدينةِ ثَيِّبُ نُصدِّقها حيناً وحيناً نُكذِّبُ وباعَتْ عَليَّاً كي يُبايَعَ مَرْحَبُ وضِرسُكَ مَكسورٌ ووجهُكَ مُترَبُ يزيداً بأَحداقِ الأَحبَّةِ يَلعَبُ
يَردُّ المدَى: فيها الشَّفاعةُ مَأربُ فَعِذرتُها أنَّ المُريدَ مُغَلَّبُ إذا حُزتُ منْ دُنيايَ ما لستُ أَطلُبُ إذا قيلَ إِنّي في المحبَّةِ أَدأَبُ وقفتُ بها بابَ النبيِّ أُؤنَّبُ الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 26-06-2017 12:19 صباحا الزوار: 970
التعليقات: 0
|