تمثل الفروق الفردية، والتمايز في المواهب والسمات وأنماط التعلم، والخصائص بين الطلاب أكبر تحدٍّ للمعلم في أثناء تأديته لدوره في العملية التعليمية، لأننا بحاجة إلى معلم مطّلع على أهمية الفروق الفردية، ومتحسس للحاجات المختلفة لطلابه، قادر على التكيف مع المنهج الدراسي، ومتقبل للفروق الفردية بين الطلبة في الفصل الدراسي الواحد. ومن هنا جاءت أهمية تطبيق إستراتيجية التعليم المتمايز لمراعاة خصائص الطلبة وخبراتهم السابقة، وبيئاتهم المتنوّعة، وميولهم المتعدّدة، والأساليب والطرائق المختلفة التي يتعلمون بها، وإعطاء كل طالب حقه بما يتوافق مع ما لديه من استعدادات. فالطلبة جميعهم يمكنهم التعلم، وعلى المدرسة استثمار قدرات الطلبة واستعداداتهم إلى أقصى حدٍّ ممكن لحدودها القصوى
والتعليم المتمايز يهدف إلى ابتكار مهمّات وأساليب تدريس متنوعة تتلاءم مع الاختلافات القائمة بين المتعلمين في قدراتهم وميولهم وثقافاتهم وخبراتهم التعليمية السابقة، ومستواهم اللغوي، وأنماط تعلمّهم، كما تهدف إلى رفع مستوى الطلبة جميعهم لا الذين يواجهون مشكلات في التحصيل وحسْب، ومن ثمَّ توفير فرص متكافئة لديهم في الفهم والاستيعاب وتحقيق النتاجات لحد الأمان على الأقل
أولا- إن المؤيدين للتدريس المتمايز يؤمنون أن لكل طالب وطالبة دماغًا متفرّداً، مثل بصمة الإصبع تماماً، وأن الطلبة من ذوي العمل نفسه يختلفون من حيث الاستعداد للتعلم والخبرة السابقة ومستوى التحصيل
ثانيا- إنّ لجميع الطلبة مواطن قوة، ولجميعهم مواطن تحتاج إلى تعزيز، وإنّ الفروق بينهم تؤثر في ما يحتاجون تعلمّه، والسرعة التي يتطلبها تعلمهم، ومقدار الدعم الذي يحتاجونه لهذا التعلم
ثالثا- إنّ الطلبة يتعلمون بطريقة أفضل حين يتمكنون من ربط المنهج باهتماماتهم وخبراتهم الحياتية، وخاصة عند مراعاة أنماط تعلمهم المختلفة وذكاءاتهم المتعددة، فضلًا عن مشاعرهم وأحاسيسهم المتباينة وميولهم واتجاهاتهم المتنوّعة، ما يحتّم الاستجابة إلى هذه المتغيّرات لتمكين الطلبة من تعلم دائم ومنتج وذي معنى
.وبالضرورة فإنّ هذا كله يقود إلى تكامل التعلّم القائم على الأنشطة بطرائقه كافّة، من مثل التعلم المستند إلى (المشروع) و(التجريب) و(الاستقصاء)، ما يفضي بدروه إلى إنتاج المعرفة
وللتعليم المتمايز خطوات أهمها
أولاً: التقويم القبلي: إن أول خطوة من خطوات التعليم المتمايز هو إجراء عملية تقويم تستهدف
أ – تحديد المعارف والمهارات السابقة
ب- تحديد القدرات والمواهب
ج- تحديد الميول والخصائص الشخصية وأسلوب التعلم الملائم
د- تحديد الخلفيات الثقافية، وهو مما سبق يحاول الإجابة على السؤالين الآتيين
س/ ماذا يمتلك كل طالب؟
س/ ماذا يحتاج كل طالب؟
تصنيف الطلبة في مجموعات في ضوء نتائج التقويم القبلي وفقًا لأنماط تعلّمهم
ثانيًا: تحديد أهداف التعلم
إنّ التعليم المتمايز يفضي من المعلم أن يكون مخطّطاً حكيمًا وواعيّا لتعلم طلبته، وهذا يستلزم
اختيار المواد والأنشطة التعليمية ومصادر التعلم وأدوات التعليم، التي تراعي تمايز الطلبة، ولكنها في الوقت ذاته تحقق النتاجات (المخرجات) التعليمية ذاتها لدى الطلبة جميعهم
تنظيم البيئة التعليمية بطريقة تستجيب للمجموعات (الأنماط) جميعها
اختيار إستراتيجيات التدريس الملائمة للطلبة أو المجموعات، وإجراء التعديلات التي تجعل من تلك الإستراتيجيات أكثر ملاءمة وفاعليّة وإثارة لدافعيّتهم، بل وتزيد مستوى التحدّي لديهم
تحديد الأنشطة والمهمّات التي تكلف بها كل مجموعة، مع رفع سقف التوقّعات منها
– إجراء عملية التقويم الشامل المستمر بعد التنفيذ؛ لقياس مدى تحقق نتاجات التعلم، إذ إنّ التقييم الشامل والمستمر وسيلة ناجعة وضروريّة لاكتشاف احتياجات الطلبة، وتعرف قدراتهم وميول كل منهم وأنماط تعلمهم وتحديد الاختلافات بينهم؛ لتوجيه التدريس توجيهًا يتواءم، بحيث يكون مع هذه الاختلافات التقويم نقطة انطلاق جديدة لتعليم جديد
*الفرق بين التدريس المتمايز والتدريس التقليدي
ثمّة فروق شاسعة بين التدريس المتمايز والتدريس التقليدي، لعلّ من أبرزها أنّ التدريس التقليدي لا يعالج الفروق الفردية إلا إذا أصبحت مشكلة، في حين يجعلها التدريس المتمايز أساسًا للتخطيط، كما أن التدريس التقليدي يهدف إلى الحصول على مخرجات تعليمية واحدة من خلال مجموعة من الأنشطة وحزمة من الإجراءات الموحدة التي تستهدف الطلبة كافةً، في حين يسعى التدريس المتمايز إلى تحقيق الوصول إلى النتائج نفسها تقريبًا، ولكن بأساليب مختلفة، ومعنى ذلك أن التدريس المتمايز يثري مناهج التعليم، وينوع في أساليب تنفيذها من خلال تنوّع إستراتيجيات التعليم المتمايز.