|
|
«شبح» الامتحانات يداهم البيوت
دنيـــا بــــدر خوفٌ وقلقٌ وترقب وأفكارٌ عديدةٌ، ومشاعر مخربطة بين الإنجاز والانتظار، وحالة من الطوارىء تسود داخل المنزل مع حلولِ امتحانات الثانوية العامة التي تعد مصدر قلق وخوف للعديد من الطلاب وذويهم. فنرى أمهات يجلسن إلى جانب أولادهن ويقمن بأعمال الخياطة لتشجيع أبنائهن الطلبة حيث يطرزن كل أحلامهن وآمالهن ويكللن جلستهن بالدعاء. ويجب توفير الأجواء الملائمة للدراسة والاستعداد لاجتياز الاختبارات لتحقيق النتائج المرجوة. وقد صرحت الخمسينية مريم في حديث لها مع «الدستور» أنها تشعر بالتوتر والقلق إزاء اقتراب الاختبارات؛ إذ تقول» أنا متوترة جدًا لأن هذه الامتحانات مصيرية، فأنا أجلس بجانب ابني أيمن وأقدم الدعم له بكل ما أملك وأتمنى من الله أن يكلل فرحتي بنجاحه «. وبينت والدة الطالبة نوال، أنها تشعر بمشاعر عديدة ما بين القلق والسعادة، تقول» أنا صح خايفة بس سعيدة انه بنتي رح تخلص مرحلة المدرسة وتدخل الجامعة». وتابعت فلك أن لديها رهبة شديدة فتقول « أنا بخاف من الامتحانات وبقلق كتير وهاد الشي خلاني أرسب في الثانوية العامة؛ هاي مش أول مرة بقدم الاختبارات ودائما بتصير معي أعراض جسمية بتمنى ألاقي حل حتى ما تضيع فرصتي، ويارب أنجح وأتخطى ها المرحلة». وأضافت الأربعينية نيرمين والدة التوأمين جان وجاد إنها تدعمهما لتخطي هذه المرحلة المهمة في حياتهما مؤكدة بأن ابنها يبكي دائما وصوته يرتعش ويكاد تنقطع أنفاسه من القلق والتوتر والتفكير الزائد بالمعدل. وفي السياق ذاته بينت العشرينية نبال بأن أختها لا تشعر بالتوتر فتقول « أختي توجيهي وبتدرس لوحدها وماحدا بضغط عليها، ولا تعاني من أي قلق ورهبة من الامتحانات». وأكد رامي بأن كل يوم يزداد خوفه؛ إذ يشعر أن المتبقي له هو أيام معدودات وأن الوقت قد أوشك على الانتهاء ويحتاج للمزيد من الدراسة والمثابرة. وأشارت ماريتا إلى أن مرحلة الثانوية هي كغيرها من المراحل فتقول « صف التوجيهي كباقي الصفوف إلا أن المجتمع وباهتمامه بمعدل هذه السنة الدراسية يهول الأمور «. وأضافت سمر أنها وضعت خطة للدراسة منذ بداية العام المدرسي وهي الآن لا تشعر بأي قلق وتوتر. وقالت ثريا أنها تمر بفترة صعبة فيها الكثير من القلق والتوتر بسبب الضغوط الناتجة من الجهود الزائدة أثناء الدرس. وأوضحت تيا بأن والدتها تقدم لها الدعم الكامل وهي تجلس إلى جانبها طوال فترة الدراسة؛ إذ تقول « إن أمي تقدم لي كافة الدعم المعنوي وتكلل جلستنا بالدعاء وأنا أشعر بالقليل من التوتر وأتمنى أن أحقق حلم والدي وأن أصبح طبيبة». وفي حديث مع الاختصاصي الأول للطب النفسي الدكتور» أحمد عبد الخالق»؛ حول كيفية التعامل مع قلق الامتحانات، بين أنه يبدأ القلق عند الطلاب عادةً ما قبل الامتحانات تقريبًا بحوالي شهر ويستمر طول فترة الامتحانات حتى الانتهاء من آخر امتحان، مؤكدًا على أن التحضير له بفترة كافية دون الزيادة لعدد الساعات الدراسية والتي تؤثر على تركيز الطالب وبالتالي تؤثر على تحصيله الأكاديمي. وبين أن قلق الامتحانات هي الحالة الأكثر انتشارًا عند الطلاب في مختلف المراحل الدراسية وخصوصًا طلاب الثانوية. وأكد على أن يجب على الأهل أن يخبروا أبناءهم بأن امتحان الثانوية العامة أو الامتحانات بشكل عام هي «لقياس مستوى تحصيلك الأكاديمي وليس لقياس مستوى ذكائك أو استيعابك» وعليه يكون ربط حياة ومستقبل طالب التوجيهي بالدرجة هو أكبر ضغط نفسي يشكل عليه. وأوضح أن هنالك نوعين من القلق؛ قلق مفيد وطبيعي في الإنسان فلولا القلق الطبيعي فلن يدرس الطالب ويجهز نفسه للامتحان، والقلق المرضي الذي يؤثر على تركيز الطالب وتحصيله الأكاديمي. وفي سؤاله حول دور الأهل في تقليل توتر أبنائهم الطلبة بين أنه يجب عدم المقارنة بينه وبين أصدقائه ومعارفه وعدم ربط أن النتيجة النهائية هي التي سوف تضع خطة حياته ومستقبله. وأكد على ضرورة عدم المقارنة بين الأشخاص في المعدلات وأن احدا ما حصل على نتيجة أعلى. و قال «عبد الخالق» أن الدراسات أشارت إلى أن مرض القلق الذي يصيب الطلاب يفقد 40% من المعلومات لديه عند اللجوء للامتحان وبالتالي فإن الشخص الذي لا يعاني من القلق الزائد والمفرط الذي قد يسببه الأهل أو المجتمع المحيط به يعطي كفاءة بالإجابات مقارنة بالذين يعانون من نوبات القلق والخوف داخل قاعة الامتحانات. وتابع إلى ضرورة عدم مراجعة الأجوبة بعد الامتحانات أو الندم عليه والشعور بالذنب ويجب التركيز على المادة التي تليها. وبعد سؤاله حول نصيحته للطلاب قال عدم السهر والنوم الكافي قبل يوم الامتحان وعدم تناول المنبهات خلال هذه الفترة؛ لأنه يؤثر على التركيز. وفي حديث مع الأخصائية النفسية « ديمه خليفه» حول كيفية التعامل مع قلق الامتحانات قالت، إن هنالك نوعين للقلق؛ الإيجابي ويكون بنسبة بسيطة عند أي إنسان وقبل أي حدث مهم في حياته ويكون دافعا للشخص بأن يقوم بواجباته ومهامه بشكل صحيح ليتجنب الفشل، والسلبي. وأكدت بأن مجرد القيام بالمهام والواجبات الموكلة لتأدية شيء ما وعدم تراكمها، والمتابعة مع المدرسين وأن يكون لدى الشخص القلق الطبيعي الذي يجعله مهتما للأمر. وفي السياق ذاته بينت بأن الأسرة لها دور مهم جدًا وأن بعض الأهالي يضغطون على أبنائهم للحصول على معدلات معينة. وأشارت إلى أن القلق السلبي يكون لديه في جميع النواحي وأن موقف الامتحانات هو الذي يكشف معاناته من التوتر. وقالت إن من الطبيعي وجوده لكي ينجز الشخص، أما القلق السلبي فيكون في جميع مناحي الحياة، وغير مبرر، ويضخم جميع الأمور. وقدمت نصيحة بأن يراجع أخصائيا أو طبيبا نفسيا؛ لأن القلق يعيق مجرى حياته. وتابعت يجب على الأهل أن يراعوا الفروق الفردية بين أبنائهم الطلبة وغيرهم من أقرانهم وعدم مقارنتهم بأي شخص آخر. وأوضحت « خليفة « إن هنالك عدة أعراض منها الشعور بالعصبية والقلق والتوتر، إضافة للشعور بالخطر دائمًا والخوف والتشاؤم وزيادة في معدلات ضربات القلب والتنفس والتعرق والتركيز على الصعوبات وآلام في المعدة ومواجهة صعوبة في السيطرة على القلق. وبعد سؤالها حول نصيحتها للطلاب قالت أن يحاولوا استشارة أخصائيين نفسيين ليخففوا القلق لديهم، لأنه يؤثر على كيفية استقبالهم للمعلومات وأن يتم دعمهم من قبل الأهل. وفي حديث مع المرشدة النفسية حلا بلوط حول قلق الامتحانات قالت إنه نوع من أنواع القلق العام المرتبط بهذا الموقف؛ مؤكدة أن هنالك عددا من الأعراض يعانيها الشخص المصاب منها تسارع في ضربات القلب وجفاف الفم وكذلك الارتجاف وارتعاش اليدين والشعور بآلام في المعدة. وتابعت إن هنالك اضطرابات سلوكية ومزاجية كالشعور بالاكتئاب وضعف الثقة بالنفس والغضب وأيضًا الشعور بفقدان الأمل. وبعد سؤالها عن كيفية التعامل مع قلق الامتحان قالت إن الاستعداد للامتحان جيدًا سيجعلك تقاوم الأفكار السلبية التي تراودك هذه الفترة من أنك لن تستطيع الحل أو أنك لن تنجح والتنفس بعمق. وأضافت إن النوم لساعات كافية يجعلك تتمكن من التركيز الصحيح في الأسئلة وقت الامتحان. وأشارت «بلوط» أن بعض الأسر وخاصة في مجتمعاتنا العربية يكون تأثيرهم ضاغطا على الأبناء في هذه الفترة بدرجة كبيرة، فالرغبة الدائمة في وصول الابن لأعلى الدرجات وعدم قبول خطأه ومقارنته الدائمة بأقرانه من أكبر أسباب الاضطرابات النفسية عند الأبناء. وأكدت أن هنالك بعض الخطوات يجب على الأم أو مقدم الرعاية تقديمها للابن كالحرص على تناول الأطعمة المغذية والمفيدة له في هذه المرحلة والنوم بمعدل كافٍ ليلًا يساعد في حفظ المعلومات في الدماغ بشكل أفضل، إضافة إلى عدم الصراخ في وجهه عندما يعجز عن فهم الدرس. وفي حديث مع الدكتور « ليث عودة « أخصائي الأمراض النفسية بين أن قلق الامتحان هو أحد أنواع القلق الذي يرتبط بوجود الشخص في ظرفه. وأكد أن هنالك مجموعة من الأعراض الجسدية كتسارع في النبض والتعرق وأيضًا الآلام الجسدية المختلفة والصداع والمشاكل المعوية، والأعراض المعرفية والاجتماعية. وعلى الجانب المعرفي يتميز بوجود مشاكل كالنسيان وضعف التركيز والتشتت. وبين أن القلق قبل الامتحان يؤثر على عملية الدراسة حيث يأخذ وقتا طويلا من تفكيره وقلقه أكثر من المذاكرة وبالتالي سيؤثر على إنتاجية الفرد وإنجازه. وأوضح أن آلية التعامل تعتمد على عدة أطراف وهي المدرسة والأهل والشخص نفسه كأن يقوم ببعض التمارين التي تساعد على خفض التوتر والقلق مثل تمارين الاسترخاء والتنفس وما شابه ذلك بالإضافة لتمارين التركيز على تحسين التغذية وعلى شرب الماء وأن تكون البيئة الدراسية جيدة في المنزل تشبه الامتحان؛ ما يؤدي إلى تقليل التوتر عند الشخص. وأشار» عودة» إن من المهم أن يخلق الطالب جوّا يشبه قاعة الامتحان يوميًا فهذا يقلل من التوتر والقلق المرتبط به. وتابع أن من ناحية الأهل إن من المهم موضوع الدعم والتقبل للشخص بغض النظر عن إنتاجيته ومعدله الذي سيحصل عليه، وهذا سيساعده على تلبية الاحتياجات التي يتمناها. وبعد سؤاله حول نصيحته للطلاب قال إن هذه المرحلة مهمة لكنها ليست نهاية الحياة وهي مرحلة توجيهية ومن الممكن أن تساعدني في اختيار التخصص وإنني سأكمل الدراسة الجامعية أم لا أو أنني سأكمل بالجانب الأكاديمي أو المهني. وبين أنها مرحلة من مراحل الحياة وهي مهمة ولكنها ليست الأهم ويجب التركيز على أنها مرحلة انتقالية بالنسبة للشخص ولكنها ليست كل الحياة. وأكد أنه يجب الاهتمام بالنفس والنوم والتفاعلات الاجتماعية وجميع الجوانب وأن لا تكون الدراسة على حساب هذه الجوانب لأنها مهمة. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية في عام 2019 كان شخص واحد من كل 8 أشخاص مصابا باضطراب نفسي أو 970 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مصابين باضطراب نفسي، وكان القلق والاكتئاب الشكلين الأكثر شيوعًا من تلك الاضطرابات أما في عام 2020 فقد شهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد من يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب بسبب جائحة كوفيد 19 حيث تبين التقديرات الأولية زيادة في اضطرابات القلق بنسبة 26% واضطرابات الاكتئاب الرئيسية بنسبة 28% خلال عام واحد فقط. وفي نهاية المطاف نتمنى النجاح لكل طلاب الثانوية العامة جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
اسرة النشر بتاريخ: الأربعاء 06-07-2022 09:57 مساء الزوار: 396
التعليقات: 0
|
|