|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
الكوتا النسائية في المجالس التشريعية: التعاريف والايجابيات والسلبيات وإشكالها .. موسى الشيخاني
يشغل نظام الكوتا العديد من بلدان العالم، وهو يعني منح القطاع النسائي حصة أو نسبة من المقاعد في الهيئات والمجالس خاصة المؤسسات التشريعية للوصول إلى البرلمان. والهدف من الكوتا ليس مجرد ايصال المرأة للبرلمان، بقدر ما هو مناقشة قضايا وهموم المرأة وإشراكها في عملية البناء والتنمية. ان معيقات وصول المرأة الى البرلمان هي بالأساس مجتمعية، وتشريعية، الا ان العوامل المؤثرة والتي تحول دون وصولها هي: 1.نظام الانتخاب بشقيه سواء نظام القائمة المفتوحة، أو نظام الصوت الواحد. 2.الثقافة الأبوية للمجتمع والسلطة الذكورية. 3.الوعي المجتمعي الذي لا يتقبل عمل المرأة السياسي. 4.عدم خبرة المرأة في هذا المجال، مما يستدعي التدريب والتثقيف والتوعية وإدارة الحملات الانتخابية. 5.وعي المرأة لأهمية مشاركتها في العمل البرلماني والسياسي. 6.أن لا ينحصر مرشحو الأحزاب والعشائر والمنظمات والجمعيات في الرجال فقط. 7.تبعية المرأة للرجل في إختيار المرشحين. وتقوم العديد من الهيئات النسائية بالمطالبة بتخصيص كوتا للمرأة في البرلمان، وهذا الوضع هو إنعكاس للنتائج التي تتمخض عنها الانتخابات النيابية في المجالس النيابية أو المجالس البلدية أو النقابات العمالية والمهنية، ويستند المنادون بتخصيص كوتا المرأة إلى الايمان بأنه لا يمكن إيصال المرأة قبل تجذير الحياة الحزبية وإستقطاب الأحزاب لقوى إنتخابية جماهيرية على أساس برامج الأحزاب السياسية، وليس على أساس جنس المرشح لان الأحزاب تبقى في غالب الأحيان حريصة على نجاح مرشحها بالدرجة الأولى وترشيح الأكثر حظا بغض النظر عن جنسه. دول تأخذ بنظام الكوتا: وقد إتبعت العديد من الدول نظام الكوتا مثل مصر والعراق وسوريا والأردن ..الخ ، فوجود المرأة في البرلمان واداؤها المتميز يشكل عاملاً مؤثراً من أجل منح النساء الثقة في انفسهن، وقد إتبعت الكثير من دول أوروبا الشرقية واسيا في "المرحلة الاشتراكية"، مبدأ مشاركة المرأة حيث بلغت نسبتها اكثر من 25% في بعض مجالسها المحلية والنقابية، إلا أن ذلك تدنى بشكل ملحوظ، ففي روسيا وصلت النسبة إلى 30% ثم هبطت إلى 10%، وفي أوروبا الغربية تم دمج المرأة في مختلف المجالات، إلا أنها لم تصل مثلاً في مجلس العموم البريطاني إلا الى نسبة 10%، وفي فرنسا بلغت نسبة حضورها 5%، فيما وصلت في النرويج إلى نسبة 34% ، وكما تشكل نسبة المقاعد المخصصة للنساء في مجلس النواب الاردني 5.45% من مقاعد مجلس النواب البالغة 110 مقاعد ثم رفعت النسبة لتمثل 12 نائب الاناث في الأردن. ولمعالجة ذلك ذهبت دول أوروربية إلى إتخاذ إجراءات لزيادة نسبة ترشيح المرأة، واعتماد مبدأ الكوتا من قبل الأحزاب، ودعم الحكومات للحملات الانتخابية للنساء مادياً. و كذلك إعتمدت الباكستان نظام الكوتا بتخصيص 20 مقعد للنساء في مقاعد البرلمان. لابد من تشكيل لوبي نسائي من خلال توحيد جهود الحركة النسائية للتأثير على صانع القرار، وطرح قضايا تهم المرأة وليس حضور المرأة فقط في إطار الكوتا. الكوتا مزايا وعيوب: ومن نافلة القول أن مبدأ الكوتا يعمق في الأساس حقوق المواطنة، وقدرة المرأة على الانتخاب والترشيح والمنافسة الحرة، إلا أن الأشكالية تكمن في قوانين الانتخاب بحد ذاتها، إضافة إلى وجود كوتات اثنية وعرقية، لذلك من المفيد القبول المؤقت في ظل التحول الديمقراطي بنظام الكوتا خاصة في ظل مجتمع قيمي وتقليدي، لازال ينظر إلى المرأة بعين واحدة وعلى أساس جنسوي . وقد جاء نظام الكوتا بالأصل لحماية مصالح الأقليات في المجتمعات للدفاع عن حقوقها، اما المرأة فلا تعتبر اقلية، اذ تشكل على الأقل نصف المجتمع في معظم بلدان العالم .
الكوتا والمواثيق الدولية: تعتبر الكوتا أحد السبل الكفيلة بتأمين وصول المرأة للبرلمان، وهو تمييز إيجابي لصالح المرأة كما نصت عليه المادة (4) من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهذه التدابير تمكن المرأة من المشاركة في صياغة السياسة العامة للحكومة، وتأدية المهام على المستويات المختلفة.
ويشهد العالم تصاعداً في تأييده لكوتا النساء، كمدخل لتذليل العقبات أمام التمثيل النيابي للمرأة ولو لفترة زمنية محدودة، حتى يصبح وجود المرأة في البرلمان أمراً واقعاً يتقبله المجتمع. و نصت المواثيق الدولية على أن التمتع بالحقوق يجب أن يتم بدون تمييز من أي نوع، فالمادة (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصت على أن "تتعهد الدول الاطراف بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد". كما نصت المادة (26) على أن "الناس جميعاً سواء أمام القانون ولذلك يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الاشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرف أو اللون او الجنس أو اللغة او الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسياً أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب".
في المادة (4) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة " لا يعتبر إتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الفعلي الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ان الا يستتبعه الابقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.
ولذلك يجب أن يكون تمثيلاً ملائماً لأي جزء من السكان الذين يحرمون من التمتع بحقوقهم لظروف معينة. معالجات على صعيد الكوتا : - تخصيص حصة من مقاعد مجلس النواب للمرأة لفترة انتقالية مجرّبة التمثيل النسائي في عدد واسع من برلمانات العالم استناداً الى التمييز الايجابي الذي نصت عليه مواثيق حقوق الانسان المتعلقة بالمرأة، خاصة إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . كحل مؤقت لضمان التمثيل النيابي المناسب للنساء . - تخصيص عدة مقاعد تكون بمثابة نسبة مئوية ( 10-20 %) مثلاً كإجراء مؤقت . - مخاطبة أصحاب القرار في السلطة التنفيذية و القضائية و رأس الدولة لتحقيق هذا الهدف . - فكرة الكوتا النسائية و مدى تقبلها لدى قطاعات واسعة من المجتمع يستدعي تواصلاً في الجهد، و تعبئة الرأي العام من منطلق أن مشاركة المرأة هي جوهر التنمية الوطنية الشاملة .
مبدأ التمييز الإيجابي أصبح من الواضح أنه دون مشاركة عادلة للمرأة في مواقع صنع القرار، لن تتمكّن النساء من ادماج نظرتها في رسم السياسات و تعديل المفاهيم و القيم. و لقد نصت إستراتيجية النهوض بالمرأة عام 2000، و التي أقرت في مؤتمر المرأة العالمي الثالث في نيروبي عام 1985، على أهمية زيادة نسبة مشاركة المرأة في مواقع القرار، و تم تأكيد ذلك في وثيقة بكين الدولية عام 1995، و التي حثت الدول على تعديل القوانين و التشريعات لتطوير هذه الزيادة الى نسبة لا تقل عن 30% . كما دعت إتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، الى إعتماد مبدأ التمييز الايجابي لصالح المرأة و ذلك على إعتبار أن التمييز الايجابي لصالح الفئات الاقل حظاً لا يعد تمييزاً مجحفاً بحق الفئات الأخرى بقدر ما يساعد على الوصول الى تحقيق المساواة و العدالة في المجتمع. و الذي يعد ايضاً بمثابة أحداث طفرة لتحقيق قفزة نوعية في تطوير المجتمع، من أجل رفع مستوى مشاركة المرأة و تطوير أوضاعها وإدماج رؤيتها في سياسات المجتمع إن مشاركة عدد قليل من النساء في مواقع صنع القرار عملاً باسلوب التطور الطبيعي لن يساعد في إدماج الرؤية النسائية في السياسات العامة، فالنساء اللواتي يصلن الى مواقع صنع القرار غالباً ما يتنازلن عن نظرتهنّ لصالح النظرة السائدة لكي يتمكّن من النجاح و الوصول الى مواقع القرار و كثيراً ما يتقمصّن النظرة الأبوية . أن ميزة الكوتا أن المرأة لا تنافس فيها الرجل في ظروف غير عادلة و غير متوازنة، حيث يملك الرجال كل عوامل النفوذ المالي و السياسي و الاجتماعي الذي تفتقر اليه المرأة، و لكن تنافس النساء على مقاعد مخصصة ستحفز النساء و فئات الشعب الأخرى على إختيار الأفضل ضمن شروط متكافئة نسبياً . كما أن الكوتا تفتح المجال لمشاركة واسعة من قبل النساء في الحركة النسائية و من جميع الشرائح الاجتماعية و قد تشجع الأحزاب على ترشيح نساء، مما سيفتح مجالاً واسعاً للحوار و التفاعل الاجتماعي و إختيار الانسب من بينهنّ . صحيح أن اعتماد نظام الكوتا قد لا ياتي بجميع المرشحات المؤهلات و الجديرات، و لكن الكوتا ستسمح باختراق حصر التمثيل بالنخبة النسوية. إضافة الى انه سيتاح للشعب أن يراقب اداءاً متنوعاً للنساء، الأمر الذي ينضج التجربة الديمقراطية لاختيار النساء الافضل مستقبلاً . تنضوي بعض الاصوات المعارضة للكوتا خلف خشيتها من إستغلال الجهات المتنفذة لمبدأ الكوتا في سبيل انجاح نساء غير كفؤات أو غير مؤهلات لقيادة العمل السياسي، غير ان الجهات المتنفذة قادرة على ذلك دون الأخذ بمبدأ الكوتا، بدليل وجود بعض النساء في مواقع القرار حالياً . لقد بينت تجارب المشاركة السياسية للنساء في الدول المختلفة النامية و المتقدمة، أن المرأة لم تتمكّن من زيادة نسبة مشاركتها إلا من خلال وضع نص في الدستور لحفظ حصة النساء في المواقع المنتخبة، كما يحدث في تايوان و بنغلاديش و السويد، أو بتعديل قانون الانتخابات، أو من خلال تبني الأحزاب السياسية لنسبة معينة من المرشحات بين مرشحيها كما فعل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في كل من المانيا و السويد، أو بتبني سياسية محددة تتوجه لاستقطاب النساء و دعمهنّ من أجل ضمان فوز الحزب نفسه، كما فعل حزب العمال البريطاني في الإعداد لانتخابات عام 1997 . أشكال الكوتا هناك عدة أشكال مطبقة من نظام الكوتا منها : الكوتا المغلقة، و هي التي لا يحق للنساء الترشيح خارجها، أما الكوتا المفتوحة، فيمكن للمرشحات الاختيار ما بين نظام الكوتا المخصصة للنساء أو خارجها . كما يوجد كوتا الحد الادنى و هي التي يمكن أن يزيد عدد النساء الفائزات في الانتخابات عن الحد المقرر . أما كوتا الحد الاعلى، فهي تعني فوز العدد المحدد للكوتا من صاحبات اعلى الاصوات بين المرشحات، و بالتالي تبقى الحصة ثابتة . و على ضوء التجارب النسائية في الدول الأخرى يكون الافضل كوتا الحد الادنى المفتوح، و التي يمكن أن تتراوح النسبة ما بين 10%-30% تبعا لظروف كل دولة . وللحديث بقية.. موسى الشيخاني الباحث في الشؤون السياسية والبرلمانية والمرأة الكاتب: اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 19-01-2016 10:03 مساء الزوار: 1042 التعليقات: 0
|