أمس في «الجمعية المسيحية للشابات في عين المريسة»، كمن يخوض رحلة البحث عن لغة تفهمها دولتهن.وتوسع اللقاء الذي كان مخصصاً لـ«مساءلة الدولة اللبنانية في شأن تقصيرها تجاه حقوق النساء المنتهكة يومياً، واستمرار إقصاء قضاياهن عن الاهتمامات الوطنية»، ليتركز، بإصرار من الحاضرات، على البحث في السبل الناجعة لتفعيل الضغط، والأهم تحقيق بعض الأهداف التي يعمل عليها المجتمع المدني منذ سنوات طويلة، وفي مقدمها حق اللبنانية في منح الجنسية إلى أسرتها، وتشريع حماية النساء من العنف الأسري، عبر قانون غير مشوّه أو مفرّغ من مضمونه.
وعلى الطريقة اللبنانية تنوّعت الآراء، واقترح البعض أن يُستفاد من أسلوب قطع الطرق، وقفز البعض الآخر إلى حرق الإطارات كوسيلة ضغط تنفع مع الدولة والإعلام معاً، وسط اقتراحات عملية تبدأ من المحاسبة الانتخابية، وتنتهي بإمكان مقاطعة الانتخابات. واستدعى اقتراح مقاطعة الانتخابات تأكيد أهمية الانحياز خلال الاقتراع لمن يطرح برنامجاً انتخابياً يلتزم حقوق المرأة جديا وبفعالية. وعليه، أكدت إقبال دوغان التي تحدثت باسم «التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري»، أن النساء يشكلن 51 في المئة من مجمل عديد الناخبين، وأن لجوءهن إلى المحاسبة الانتخابية من شأنه أن يشكل فرقاً كبيراً، وورقة ضغط ناجعة.
وعلى هامش استعمال ورقة الانتخابات للضغط على الدولة، حكومة ومجلس نواب وسلطات رئاسية، جرى نقاش في فعالية المجتمع المدني نفسه وقدرته على الوصول إلى فئات النساء خصوصاً والمواطنين عامة، وإقناعهم بتبني الأجندة المطلبية النسوية، وبالتالي محاسبة المرشحين للانتخابات على أساسها. وفتحت محاسبة المرشحين باباً أوسع للنقاش في شأن النظام السياسي الطائفي، والانتخابي الأكثري، وسط تغيب كامل للتمثيل النسائي الحقيقي من جهة، وللفئات التي لا تتلطى في ظلال الطوائف من جهة ثانية. وكان سؤال عن عدد الناشطين والناشطات والخبراء في قضايا حقوق الإنسان عامة والنساء بخاصة، الذين يتاح لهم الوصول إلى عتبة البرلمان إذا لم يرثوا مقعداً أو لم يحجزوا لهم، بوسيلة أو بأخرى، مكاناً على لوائح زعماء الطوائف والأديان؟
ولكن النقاشات لم تهمل الأثر الإيجابي للنضالات السابقة التي فرضت موضوع حق اللبنانية في منح الجنسية إلى أسرتها على طاولة مجلس الوزراء خلال شهر آذار الماضي، ونجاح التحالف في إمرار مشروع القانون في مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس النواب الذي خصص لجنة فرعية لدراسته. وبدأ المؤتمر الصحافي أمس من المراحل التي وصلت إليها قضيتا جنسية المرأة اللبنانية وتشريع حماية النساء من العنف الأسري. وعليه، ذكّرت منسقة حملة «جنسيتي» لينا بوحبيب بـ«اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء في 21 آذار 2012، للبحث بتعديل قانون الجنسية المجحف للنساء»، ولتسأل الحكومة عن مصير اللجنة التي لم تجتمع مرة واحدة منذ ذلك اليوم ولغاية الآن. واعتبرت بوحبيب أن «عدم اجتماع اللجنة الوزارية مؤشر لاستمرار نهج إقصاء قضايا النساء من أولويات الاهتمامات الوطنية، ويكرس النظرة الذكورية للقضايا عامة». وأشارت إلى أن وزير الدولة سمير مقبل، وهو رئيس اللجنة الخاصة بجنسية المرأة، قدم جردة بمنجزاته في أيار الماضي. ولم يذكر اللجنة وعملها ولو في جملة واحدة.
واستشهدت بتصريحات وزراء العدل والشؤون الاجتماعية والداخلية التي تؤكد أن اللجنة «لن تجتمع ولن تقر أي شيء». واستعرضت بوحبيب مواقف الكتل والأحزاب من حق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها إلى أسرتها، لتستخلص أنها ما زالت محكومة بالمواقف السياسية وتجاذباتها. وطالبت الحملة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل بـ«التحلي بروح المسؤولية، حتى لو أتى ذلك متأخراً، وذلك بدعوة اللجنة إلى الانعقاد»، كما دعت الوزراء أعضاء اللجنة إلى الرد على مطالب نساء لبنان المعنيات.وبعدما طالبت دوغان، باسم التحالف بإقرار القانون من دون تشويه، وعدم إطاحة جوهره، عرضت بعض التعديلات التي تنجزها اللجنة النيابية الفرعية على اقتراح قانون حماية النساء من العنف الأسري، وأولها تعميمه على أفراد الأسرة جميعاً، وليس تخصيصه بالنساء فحسب.وعرجت دوغان على النص المتعلق بالرجوع إلى قانون حضانة الأطفال عند الطوائف في حال ثبوت وقوع عنف ضد المرأة وضرورة حمايتهم معها، لتقول إنه «من غير المعقول أن تترك المرأة المعنفة أطفالها وفق بعض قوانين الحضانة بعمر السنتين وتدعي على الأب».
واعتبرت دوغان إضافة المادة 26، التي تعطي الأولوية المطلقة للمحاكم المذهبية في حال تعارضها مع قانون العنف الأسري، غير قانونية، لكونها تتعارض مع قانون أصول المحاكمات الذي يحيل، وعند التعارض في الصلاحيات، موضوع البت فيه إلى محكمة التمييز العليا. وانتهى المؤتمر بإعلان الاعتصام أمام مكتب رئيس اللجنة الوزارية الخاصـة بدراسة قانون الجنسـية عند الحادية عشـرة من قبل ظهر بعد غدٍ الخميـس.