عمان-

اعتمد الفلاح الأردني قديماً على الأرض والحيوان في توفير مايلزم من مواد غذائية، فكانت الأرض تمنحه كافة المحاصيل الزراعية، ومن بينها القمح، والشعير، بالإضافة الى ماتنتجه الحيوانات والطيور الداجنة من بيض، ولحوم، وحليب، وصوف، وجلود؛ استطاع من خلال هذا الكم الهائل من المنتجات أن يشكل ثقافة غذائية انفرد في تحقيقها على مستوى الوطن العربي والعالم.
نتميز في الأردن في مأكولاتنا التي وصلت الى العالمية، إذ لم تستطع أي دولة في العالم منافستنا في المنسف الأردني، بالرغم من أنه من أبسط الأكلات وأقلها تعقيداً، فالمنسف يقدم في كل المناسبات دون استثناء، لهذا قمت بعمل جدول تضمن أشهر المأكولات الأردنية القديمة، وتجمع لدي أرشيف كبير من عدة ثقافات غذائية، وثقتها في مخطوط قمت بطباعته وتوزيعه على المكتبات الرسمية والجامعية، وسنبدأ بنشر أهم الأكلات الأردنية القديمة، وهي على النحو التالي:

أذان الشايب، الشيشبرك:

قمنا بزيارة منطقة حوارة شرق مدينة إربد، وجلسنا الى إحدى السيدات التي شرحت لنا طريقة عمل أذان الشايب (الشيشبرك)، قبل أكثرمن (50) سنة، وبعد أن اطلعنا على الطريقة ووثقناها، ذهبنا الى الحصن، والصريح، فوجدنا طريقة صنع الشيشبرك واحدة عند أهل الشمال.

أصل التسمية:
تعتبر وجبة الشيشبرك من الأكلات التركية، وأطلق عليها في الأردن أذان الشايب لأنها تشبه شكل الأذن.

مكونات أكلة الشيشبرك:
شنينة، أو جميد، أو لبن، وكمية من الطحين البلدي، وقطعة من الخميرة تناسب كمية الطحين، مع كيلو لحم بلدي مفروم ناعم، ورأس بصل كبير، وزيت زيتون، وملح وبهارات.

عملية الطبخ وتجميع المكونات:

- تعجن كمية الطحين، مع مقدار معين من الخميرة، وتترك لكي ترتاح لمدة ساعة من الزمن، وبعد ذلك تقطع الى كرات صغيرة الحجم.
- يوضع اللحم المفروم في المقلى، ويطبخ بالزيت والبصل والملح والبهارات الى أن يصل الى درجة قريبة من النضج.
- يوضع اللبن أو الجميد الممروس في طنجرة على النار على درجة حرارة متوسطة، وتؤخذ كرات العجين ويتم فتحها من الوسط لإضافة اللحمة بداخل كل كرة من العجين، وتشكيلها وفق رغبة الطباخ، إلا أنها تأخذ شكل الأذن، وبعد إغلاقها توضع داخل اللبن المغلي، وتبقى داخل اللبن الى أن تنضج تماماً – يعني تحتاج الى نصف ساعة لمرحلة النضوج.
توضع في صينية مع اللبن، بواسطة (كبشاية)، وهي ملعقة كبيرة مجوفة من الداخل لاستيعاب كمية كبيرة عند سكب الطعام، ويطلق عليها أيضاً؛ المغرفة، وتؤكل بالملاعق، والشيشبرك لا تحتاج الى الخبز للتغميس.

2- التشعاتشيل (الكعاكيل):
تشبه الكرات أو الكُعكل وهي حشرة صغيرة كانت إذا أحست بالخطر تتقوقع على نفسها، فأطلق عليها الفلاح الكعكل، وجمعها؛ كعاكل، ومن هذه التسمية جاءت التعشاتشيل، أو الكعاكيل، وفق ما أخبرنا به بعض كبار السن من أبناء الشمال، وتُطبخ في جميع بيوت الفلاحين في المدن والقرى الأردنية، وبالذات في منطقة الشمال.

مكونات التشعاتشيل:
- العدس، البيض، البصل، الطحين البلدي، الملح والبهارات.
- اللبن أو الشنينة، أو الجميد، والجميد يحتاج الى عملية (مرس) حتى يصبح كاللبن أو الشنينة، ويمكن التحكم في درجة كثافته من خلال كمية الماء.
- اللوف، أو الجعدة، أو الدنيدلة، أو البقدونس إذا لم تتوفر العناصر السابقة.
بالمناسبة؛ يعتبر اللوف أو نبتة الجعدة والدنيدلة من النبتات السامة التي يجب أن يحذر الطباخ من التعامل معها، لذلك يجب أن تغسل وتعصر جيداً قبل إضافتها الى العجين.
اللوف: نبتة دائرية الشكل تنبت في السهول، لها طعم حاد في الحلق يشبه طعم الجعدة.
الجعدة: عشبة صغيرة الحجم، تنبت بين الصخور، أوراقها متداخلة، لونها أخضر، حارة المذاق.
الدنيدلة: نبتة أوراقها أعرض من الجعدة، وهي من البصيلات التي تنبت داخل الأرض الحمراء، وتنبت في كل قطفة مرة في العام الواحد.
عملية طبخ التشعاتشيل:
- ينقى العدس (إزالة الشوائب والحجارة والقش)، ويسلق، ويصفى من الماء.
- يُسلق اللوف أو الجعدة، أوالدنيدلة، (وفق ما يتوفر من المواد النباتية الثلاث)، وتصفى من الماء بعد عصرها جيداً لأنه وكما تحدثنا سابقاً، تعتبر هذه النباتات سامة ويجب الإنتباه عند التعامل معها، وتفرم الجعدة أو الدنيدلة أو اللوف أو البقدونس وتضاف الى البصل المفروم ناعم، ويضاف العدس الى المكونات، ويفقس عدد معين من البيض وفق ماتحدده المرأة، ويضاف الى الخليط الملح والبهارات، ثم يضاف الطحين البلدي ويحرك الخليط حتى يتجانس ويتماسك، وتبدأ المرأة بتشكيل الكرات بحجم قبضة اليد.
- يوضع اللبن في وعاء مع إضافة الماء، وقليل من الملح والبهارات، ويترك على النار الى أن يغلي، وهنا تبدأ الطباخة بوضع الكرات داخل اللبن المغلي، وعندما تطفو هذه الكرات الى أعلى يكون التشعاتشيل قد نضجت، فتسكب داخل صينية أو صحن زجاجي كبير، وتقدم دون خبز، وهي مثل أذان الشايب تؤكل بالملاعق.

المصدر: الدستور الاردنية