|
|
|
|
|
||||
| هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
|
بقلم الشاعرة التونسية فاطمة محمود سعدالله قصيدة بعنوان ...... ماذا لو كنا كائنات أخرى؟؟.
أراكَ كقارورة مطلسمة في قاع البحر
حبلى رسائلَ أهملها البريدُ
وأسرارا
تشتهي غواصّا يفكّ أسْرَها
ويمزق طبقاتٍ معتمةً أسقطها الليلُ.
كقارورةٍ مُحْكمةِ الصمت
في قاع اليمّ، كنتَ..
في رحلة عبر التيّار...أنتَ
تحسن التمدُّدَ على صفحات الموج
مدًّا وجزرًا.
شبكةُ الأساليبِ والمعاني،التي
غزلتها شِعابُ المرجان
تنشر جدائلها في كل الاتجاهات
ترحل مع امتداد الرمز،في عينيك..
وفي عمق الإشارة،
تغازل رحِمَ محارةٍ تائهة...
تواري بين ثنايا السّرْدأصدافَها الثمينةَ
وهي تكضم وجع الوضع
وبين أسنانها مفاتيحُ باب السلامة(1)
يتدفق الحلم عبر مساربِ الطّيْف
ألوانا صديقةً
أزرق موشحا بالبياض
أخضر ذاب طوعا في حَدَقة عشبةٍ يافعةٍ
هباءاتٍ رماديّةً شقّتْ عصا الاِنْصِياع
بغتة...لم تطر..
لم تلوث بالرماد أصابعَ عشِقتْ الرسم
تنسج آلاءَ الليْلِ
أطواقَ نجاة مزركشة
تهديها صباحا للعاشقين وقد ملأتها
أمنياتٍ
وفائضا من حب
صبغته بالألوان الأوّليّة
لماذا لا أتحوّل إلى نَبْتةٍ مُتسَلِّقةْ؟
تصعد..تصعد..
وكلما ارتقت درجةً قطعت صلتها بالبشر؟
قد تكتسب أصابع أخطبوط
تمتد عمقا
تطول ..تتناسل
تتكاثر
تتكامل
تدور..تدور..في فراغ مفتوحٍ
وأنا النبتة المتسلقة أصعد بثبات
وسُلَّمي يتّكِئ على "الفعل"
ينبذ "القول"
واسمي يُنقَش وشمةً على جبين الشمس
ها أنتَ وصلتَ ولم تصل بعدُ
وصَلني صوتُك من آخر طَرَفٍ في الكون
ولم ترتسم ملامحُك في مخيالي
رسمتُ لك
على شاشةٍ إلكترونيّة خارطةً غريبة
وجهين في رأس واحدة
يتيه الوجهُ عُجبًا
فيبتسم القفا
طربا..
خطواتُك تفعيلاتٌ خليليّةٌ(2)
تتمطّى واثقة على السجادة الحمراء
ويدايَ تلتهبان تصفيقا
ذراعايَ تَجْدِلان من الهواء ضفيرةً
تَسْحبُ مركبةً
ترسُو كالموت منذ العصور القديمة
في مرفإ الغِيابِ
تحاول دون جدوى فتح بوابة الحوار
ومَلء جيوب الماء التماعات
معطرة بشذا التفكير...
ما الجدوى من وصولي إلى الشمس
إذا كان السلم من شمع؟
ما الجدوى من غوصك في قلب شجرة
إذا كان نبضُها متوقفا
ونسغُها فَقَد وظيفةَ الريّ؟
ما الجدوى من الغماماتِ إذا انزلقت
كوشاح ٍحريري ٍّعلى جسد مرمريٍّ أملسَ؟
إذا لم نلتقِ..
ستظل الحناجِرُ صامتةً
تعلّلُ الكلامَ بالصبر والانتظار
سأظلّ خارج النصّ كحبلٍ يتدلّى
بين الحبر والورقة
في طريقٍ آهِلةٍ بالنمل
اختطَفَتْني منّي لوحةٌ جنّيّةٌ
أو ما ئية..
أو زيتية..
لا أذكر.هي لوحة وكفى.
ألوانُها كانت ترفض أن تكون باهتة
والفرشاةُ تجوس فضاءَها المتموّجَ قليلا
تُلَمْلِمُ حِزَمَ الضوء
تهُشُّ بها على العتَمَة
وتحفظ الأشكال من اعتداءات مؤكدة
كأن يغرقها الماءُ
أو يقْليها الزيتُ كأسماك السردين
أو تطيرُ بها جنيةُ الحقول
أو تموت الكتل اختناقا..
أما وجهي..
فأراه في طَرَفٍ قصيٍّ من اللوحة
دميةً مُتحرّكةً
بين الكُتلٍ المبثوثة يدُ الرسام تنظم السَّيْرَ
فلا احتكاك ولا تصادم..
وأنت..وابتسامتُك المتواطئة مع سرها
تتربعان في قلب التكتُّمِ
قلبِ اللوحة النابض...
قلبي المتدثر بعباءة النسيان
يأويه بيتٌ كبير من مساكن اللجوء
سرقت منه الأبوابُ
وخُلِعت النوافذُ
ورغم الأسوار صارت أسقفه معلقة
بين الحنين والريح.
والظل دمعة طفل مسحتها شجرة متفردة
أنا وأبنائي،رأينا ذات حلم مشتركٍ أننا...
صرنا واحةَ نخيلٍ تحمل على هاماتها أطباقا
من الياسمين...
تسْتظِلُّ بسماء يرصّعُها الفَراشُ والطيور
وكل مساء ...
على أوركسترا الخريف،ترقصُ التمورُ
ماضرّ لو كنا كائناتٍ أخرى
تخلع عباءات الزيْفِ
والخوْفِ
وتحْلُم بحبوب مسكنة للوجع والحزن
وعلى أوراق التوت القليلة
المتبقية في أعالي الشجر نكتب
أناشيد السلام؟
وأنا في محطة الانتظار ،خشيتُ من
حضورك ،يباغتني..
بحثت عن أحمر الشفاه
كان يجب أن أتزين لاستقبالك
لكن ...
كيف لي أن أُخلِّصه من نسيج العنكبوت؟
هل أنفخ غبار النسيان
أم أشحن لونه الباهتَ حمرةً
أم أغوص ..أغووووص في بحيرة
فَوَاتِ الأوان؟
كم ستسعد بائعةُ الخبز
لو نحط الرحال عند رصيفها جياعا؟
قد نشتري منها لُفافةَ صبر أيوب(3)
أوقضمةً من حكمة يوسف(4)
و عذقا كاملا من رُطَب العذراء(5)
تُراها بِمَ ستقايض لهفتنا؟
أتراها ستقنع بدريهماتنا العجاف
أم سترسلنا إلى جزر واق الواق(6)
نجلب لها في سكون الليل شعاع الشمس
و نغزل لها من حرير الشِّعر
خيمة بيضاءَ
يتدلى من سقفها القمرُ قنديلا لا ينطفئ؟؟
وجها لوجه مع البحر...
في لحظة تواطئٍ حميميّة..قلت:
_ أخبرني..عندما تغضب هل تُلمْلِمُ أشياءَك
وترحل ؟
_ أخبرني من أين استقيتَ زرقتَك؟
أهي حبرٌ سماوِيّ سال في حلقك أم...
شالُ عروسِ البحر ألقته على أكتاف موجك؟
_ أخبرني أيها البحرُ...
عندما نجوع تطعمنا سمكا ...
فلماذا عندما تجوع تكسْر قوارِبَنا
تَدُقُّ عظامَنا
تبتلع أحلامنا ..
تتغذى على رفاتنا؟
احمرّ البحرُ خجلاً ،لم يردّ
قَهٍقَهتِ الرياحُ وانتفض الموجُ
لكني...
مازلت أعيد تَدْوِيرَ الأسئلة لعلّي...
أضْفَرُ بالسكينة
بين شفتيْ صدفةٍ شاردةٍ.
التوضيحات:
1..باب السلامة هو اسم مدينة الفاو العراقية قديما وضعه الملك سنحاريب
2..الخليلية..نسبة إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم العروض.
3 أيوب...النبي أيوب عليه السلام..قصته مع المرض صارت مثالا للصبر.
4...يوسف..النبي يوسف عليه السلام وقد عرف ببعد النظر والحكمة وتفسير الرؤى. والأحلام.
5...العذراء...مريم بنت عمران والدة النبي عيسى وقدحققت معجزة الولادة دون أن يمسسها بشر.
6...جزر واق الواق ذكرت في قصص ألف ليلة وليلة وصارت رمزا للبعد ومشقة السفر.
فاطمة محمود سعدالله تونس 2020/12/6
الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الجمعة 18-12-2020 12:46 صباحا الزوار: 326
التعليقات: 0
|
