|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
شهادات لا تفي الكاتبة حقها من البحث
عاشقة
الصحراء :
إبراهيم خليل هند أبو الشعر صديقة قديمة جمع بيننا الأدب الإبداعي، والنقدي، فقد شهدت غرفة تجارة الزرقاء ذات يوم أول ندوة قصصية (1972) شاركنا فيها إلى جانب زميلين كريمين المرحوم القاص خليل السواحري، والقاص فخري قعوار شفاه الله وعافاه. وقد تطورت صداقتنا الأدبية مع الأيام فكنا رفيقي نشاط ثقافي في رابطة الكتاب الأردنيّين بفرعيها في الزرقاء وعمان. وعلى مدى سنوات طويلة تبادلنا الإصدارات، ولم تُنشر لها مجموعة قصص إلا وكانت لي مقالة عنها في صحيفة من الصحف، أو في مجلة، أو في كتاب. وقد فوجئتُ بهدية كريمة من مؤسسة عبد الحميد شومان بتوقيع السيدة فلنتينا قسيسية - كعادتها في إهداءات أخرى – وكانت المفاجأة كتابا موسومًا بعنوان هند أبو الشعر أديبة ومؤرخة وموثِقة. وبهذا الكتاب سعدت كثيرًا لأن عددًا من النابهين من أمثال د. شكري الماضي، ود. نبيل حداد، ود. علي محافظة، ود. محمد عدنان البخيت، والقاص مفلح العدوان، ود. زياد أبو لبن – مع حفظ الألقاب- قد شاركوا، وأسهموا، في هذا الكتاب التكريمي. ومن يقرأ الكتاب من الأدباء والكتاب، لا المؤرخين،ولا الموثِّقين، تستوقفْهُ الشهادات التي تتصل بعطاء الدكتورة في مجالات الفنّعامة، والفن القصصي خاصة. أما من حيث إنَّ هندًا قاصة جيدة فهذا شيءٌ لا مِرية فيه، ولا ريب، غير أن ما يحتويه الكتاب لا يفي الكاتبة فيما نظن ونحسب حقها من الدراسة الأدبية، والنقد، ولا بعض هذا الحق. ففيما كتبه الدكتور الصديق شكري عزيز الماضي بعنوان « الماهية والدور» لا يتضح أن العنوان ينسجم مع الموضوع، أو مع النتائج التي توصل إليها في هذه الشهادة إذا جاز التعبير. فقد توقف بسرعة عند بعض القصص مثل قصة «الحصان» وقصة «الغزال» و»صبيحة يوم الجمعة» و «الذاكرة» دون أن يشير في أيّ مجموعة من مجموعاتها الكثر تردُ هذه القصص. علاوة على أنّ هذه القصص سبق أن تناولها دارسون، وقالوا فيها شيئا يشبه ما يقوله د. الماضي. دون أن ينبّه على هاتيك الدراسات، أو يحيل إليها، ولو من باب «ليطمئن قلبي». والدكتور ماضي يقول، في معرض الحديث عن «الحصان»: «واللافت أنها تعالج في قصصها قضايا كبرى، أو إشكاليات حضاريّة، مع أن شكل القصة القصيرة، وماهيتها، لا تحتمل، ولا تصلح لمعالجة إشكاليات حضارية تتطلب الامتدادَ، والرحابة». وهذا قد يكون صحيحًا من بعض الوجوه، إلا أنه لا يخلو من تعميم، وإطلاق. فالكاتب اللامع نجيب محفوظ تناول في قصة قصيرة بعنوان «زعبلاوي» وهي إحدى قصص مجموعته «أهل الهوى» مشكلة حضارية كبرى هي إشكالية التناقض بين العلم والإيمان. والكاتب الأميركي إرنست هيمنغوي تناول قضية أكبر في قصة قصيرة واحدة هي «الشيخ والبحر». وثمة قصة قصيرة بعنوان « في ضوء القمر « لجي دي موباسان تناول فيها مشكلة الحبّ عندما تصطدم بمحاذير الأديان. وأيا ما يكن الأمر، فإنَّ الكلمة التي يختتم بها الصديق شكري الماضي هذه الشهادة (ص22) لا تتضمن تحديدا لماهية القصة لدى هند، ولا الدور الذي نهضت به نهوضًا يؤكد أنَّ لقصصها بَصْمة خاصّة تنماز بها عن غيرها من الكتاب، وإنما يؤكد، بكلمة موجزة،أن القصص لديها لوحاتٌ تارة، ومرايا مصقولة تارةً أخرى. وهي قصص تصور، وتكشف في آن... مع أن القارئ يتوقع أن يستخلص الماضي من قراءته هذه شيئا يتصل بالدور الذي تؤديه الكاتبة أبو الشعر في مجمل المنجز القصصي، فهل هي كاتبة ذات أسلوب خاصّ مثلا؟ وهل أضافتْ جديدا لما هو شائع؟ وما هو هذا الشيء الذي يختلفُ عما هو سائدٌ وشائع؟ هذه الأسئلة تبقى بلا إجابات. أما الصديق العزيز الدكتور نبيل حداد، فتستوقفُنا شهادته باختياره قصة واحدة من قصصها القصيرة، وهي قصة» القضيّة «. فبعد أنْ طاف في مجالات عدة عُرفت بها الكاتبة من فن تشكيلي، ومن كتابتها للشعر ابتداءً، ثم الفصول المسرحية القصيرة، والمقالات الأدبية، والخواطر، انتهى بما يبدو لنا ردًا على ما جاء في كلمة الماضي. فهو يستهل شهادته بالقول: إن القصة – لدى هند – تستحضِرُ، إلى حدٍ كبير، المرتكزات الفكرية، والرؤى الأنثوية» (ص26) وبهذا يختلف رأيه اختلافا كبيرًا عن رأي الماضي الذي ينفيعن القصة القصيرة كفاءتها في تناول القضايا الكبرى، وأما ما تبقى من الشهادة، فلا يختلف فيه عن الماضي، ولا عن الحراحشة. وموضوع المرأة، ومدى اهتمام الكاتبة بها، موضوعٌ لمْ يفِهِ الصديق حداد حقه من البحث. ولا حتى جزءًا من حقه. وذلك أنه تجاوز قصصا أخرى أولى بالاهتمام من قصة القضية. قصصًا عالجت هذه الإشكاليةمعالجة أعمق، وأكثر وضوحًا. فهو لا يتطرق مثلا لقصة « شقوق في كفّ خضرة « (انظر كتابنا شعرية القصة القصيرة وحوار الأجناس، ص52) وتجاوز قصة أكثر وضوحًا، وأقرب إلى إشكالية المرأة موضوع البحث، وهي قصة الوشم (انظر دراستنا لها في الدستور الثقافي، الجمعة، 25 – 7 – 2008) وفيما كتبتْهُ د. منتهى الحراحشة وقفةٌ لافتةٌ للنظر إزاءَ مجموعتها مارشات عسكرية. وهي المجموعة التي صدرت عن دار ورد الأردنية بعمان 2014. ولا تفتأ الدكتورة الحراحشة تحاول تفكيك المجموعة بالإشارة لما فيها من رُموز، وبصفة خاصةٍ رمزية جهاز الفليبس، والموسيقى العسكرية التي تنطلق منه بعد أن أفلحت جهود الجدّ في إصلاحه، وإعادته للعمل بعد توقّف. والجَدّ، بطبيعة الحال، لا يصدق أن الجهاز أعاده بهذه الحيوية لزمن الانقلابات العسكرية، والخطَبِ النارية التي تتوقَّد حماسة وثورة. وتحاول الباحثة أيضًا الحديث عن رموز أخرى لدى الكاتبة، مثل رمز الشجرة، وإبريق الشاي، والأجراس الباكية، والفرَس الصَقْلاوية.. لكن تناولها لهذه الرموز جاء مبتسرًالا يفيد القارئ إلا قليلا. كتعريفه بأن الكاتبة تلجأ إلى الرموز،أما ما مدلولها؟ وما الذي أفادهُ منها النصُّ القصصي؟ فشيءٌ من هذا القبيل لا يُذكر. مع أن لنا دراسة نُشرت عن المجموعة في الصحيفة الإلكترونية قاب قوسين(1/ 9 / 2015) ثم أعيد نشرُها في كتابنا « مراوغة السرد وتحولات المعنى « (دار الآن، عمان، 2016). وقد أحسنت الحراحشة إذ أضافت لشهادتي زميليها المتقدّميْن ما لم يتطرقا إليه بصفة مباشرة، وهو بلاغة الخطاب السردي. ويتَّضح أن ما تعنيه الحراحشة بالخطاب السردي هو اللغة التي طغت على النسيج اللفظي، وهل هي الفصحى، أم العامية. مؤكدةً تحيُّز الكاتبة للفُصحى، وإن لجأت في بعض القصص ومنها قصة « دموع أم يوسف « للعامية في الحوار خاصة. ولكن صاحبة الشهادة لم تقل- للأسف - ما الذي أفادته القصة من هذا الأداء العامي. سواءٌ في دموع أم يوسف، أو في غيرها من القصص.فالنقد الأدبي لا يكفي أن يقال فيه إن في النص رمزا، أو لهجة عامية، أو مفارقة، إنما ينبغي له، وعليه، أن يقول لنا، ويوضّح للقارئ، ما الذي أفاده النص من هذا الشيء، أو ذاك. لذا لم تكن لهذه الإضافة آثارُها في اختلاف شهادتها عن الشهادتين السابقتين. واللافتُ للنظر أنَّ ما كتبه الصديق الدكتور زياد أبو لبن يكاد لا يشذ كثيرا، أو قليلا، عما كتبه الآخرون. فكأنّ الشهادة تلو الأخرى صُبَّت في قوالب جاهزة كقوالب الطوب.وكنتُ أتوقع ألا يكرر ما كرره الماضي وحداد، فهو قاصّ، ويُتوسَّم فيه أن تكون له نظرة تسبُر غور القصص أكثر مما تسبره أنظار الآخرين، ممن لا يُعدون في كتاب القصة، طويلة كانت أم قصيرة، وليست لديهم خبرة تطبيقية في هذا الفن. فقد بدَّد جهده في ذلك التطواف الذي يمكن أن نختزل مرماه بعبارة مجتزأة، هي قوله:( المتتبع لتجربة هند أبو الشعر الإبداعية من قصة، وشعر، ومسرحية، ومقالة، ونصوص، وغيرها، يجدها كاتبة « مثقفة « بامتياز). فهذه النتيجة التي انتهى بها من ذلك التطواف نتيجة معروفة،ومحسومة، ولا نشك فيها،وهي كلامٌ عامٌ، ومطلقٌ، ويمكن أن يقال في غير هذه الندوة. لا سيما تركيزه على كلمة « مثقفة « فهل كان يتوقع أن تكون صاحبة هذا العطاء جاهلة غير مثقفة.وكنا نتمنى أن يقوم الصديق بدراسة قصيرة تقول ما لم تقله الدراسات التي تقدم بها غيره من الأكاديميين غير المبدعين. على أنَّ في هذا الكتاب القيّم شيئا آخر ينبغي ألا تفوتنا ملاحظتُه، وذكرهُ. وهو ما يهمنا كثيرا في هذا المقال. ذلك لأننا شُغلنا زمنا طويلا بنتاج هند أبو الشعر القصصي. وكتبنا في ذلك عددا من المقالات، والدراسات، والبحوث المنشورة. وقد جرت العادة أن يُنتخب في لقاء كهذا المهتمون بعطاء الكاتب موضوع التكريم، ومن كتبوا عنه، ونشروا، لا أنْ يُنتخب، أو يُكلف فيه،من لم يهتموا به، ولا بعطائه. بدليل أن أحدًا من المتحدثين عن القاصة لم يكلف نفسه النظر فيما كُتب عنها من رسائل، ودراسات، ومقالات. فحتى الإحالة التي وردت في نهاية شهادة الحراحشة لم تكن لأعمالها، ولا لما كتب عنها، بل كانت لدراسة عن رواية لكاتب خليجي لم نسمع باسمه من قبل - علي المعمري. ومن هنا يتّضح أنَّ التسرُّع في كتابة ما كُتب، ونشرَهُ، هو الطابع المميز لمثل هذه الندوات التي تحمل عناوين باهرة، مع أنها في هذه الحال تعود على الكاتبة، أو الكاتب(شخصية العام) بنتائج عكسية تنمُّ على الاستخفاف بدلا من التكريم والتقدير. فالمشاركون في هذا الجزء من الكتاب غير جادّين، ويبدو أنهم شاركوا في هذا الحفل التكريمي من باب رفع العتَب، لا أكثر. فمن منهم تطرَّق للمفارقة في قصص هند أبو الشعر؟ ومن منهم تطرق للغة السردية؟ ومن منهم تناول مجموعة المجابهة مثلا؟ ومن منهم توقف بأناة، وروية، إزاء مجموعة عندما تصبح الذاكرة وطنا (1996) ومن منهم توقف إزاء الأعمال الكاملة (2006) ؟ من منهم التفت بنظرة واحدة - على الأقل- لقصة الساعات أو قصة الرهان أو قصة إنقاذ أو قصة صورة؟ من منهم تطرق لاستخدام الأسطورة في بعض ما كتبته من قصص؟ من منهم توقف ولو بتسرُّع إزاء موضوع السارد في قصصها المبكرة، أوالمتأخرة؟ من الذي توقف بنا إزاء فانتازيا الصورة، أو العبارة المجزأة؟ عدا عن هذا، يتساءل القارئ عن الكلمة المنشورة على الغلاف الثاني للكتاب. وهي كلمة ينبغي الاهتمام بها كثيرًا، لأنّ أي هفوة فيها يعقبها انطباع سيئ عنه وعن مضمونه. فما الذي تعنية العبارات البراقة التي تذكرنا بعصر الانحطاط البلاغي في « استيعائها العميق لجوهر الرؤية الخلدونية المنقوعة في الواقعية التاريخية « فما الواقعية التاريخية، وكيف تنقع فيها الرؤى الخلدونية، وهل لدى كاتب هذه الكلمة ما يسوّغ له وصف المؤرخة هند بالخلدونية؟ ألا نجد في هذا هراءً ما بعده هراء؟! ومن أيّ الجذور اشتقت كلمة استيعائها؟ ألا يمتلك كاتب هذه الكلمات ذائقة في اللغة، وما فيها من كلمات لا تنفد حتى يستخدم مثل هذه الصيغة العجفاء التي لا تنم إلا عن ذوق سقيم، وجهل بسلاسة العربية عظيم. ثم « فضلا عن استيعائها العميق أيضا لجوهر فكرة الأرشيف بوصفه حجر الزاوية في النقد الثقافي « فكأنَّ كاتب هذه الكلمات يعدُّ القاصة ناقدة ثقافية لا قاصة، وإذا جاز له ذلك فما هي حكاية الاستيعاء؟ وما هي حكاية الأرشفة؟ وما علاقة الأرشفة بالنقد؟ فالأرشفة، كما تفهم، هي حفظ المستندات، والوثائق، في ملفات مُفهْرَسَة تسهّل العودة إليها، واستخراجها من المظانّ عند الضرورة. وهذا شيء يستطيعُ القيام به أيّ مواطن محترم لم يتجاوز الثانوية العامة.على أنَّ كاتبَ هذه الكلمة يبدو وقد أراد الظهور بمظهر الفصحاء فكشف بتكلفه عن أنّ الفصاحة لديه عُجْمةٌ، ورَكاكةٌ، تخلو من الحسّ البياني، خلوَّها من الدلالاتِ والمعاني. الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الجمعة 30-09-2022 10:09 مساء الزوار: 193
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
«الجرف»..قصة البحث عن هوية | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 19-07-2023 |
قراءة نقدية لنص "عمر شارد " ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الأحد 17-05-2020 |
ليلى الأطرش في «لا تشبه ذاتها» والبحث عن ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 08-02-2019 |
جمعية الكاتبات المغاريبيات بتونس تحتفي ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 15-01-2019 |
الكاتبة سناء شعلان ومفاتيح النص السردي ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 27-11-2018 |