|
عرار: عرار:في إطار الاستعدادات للمشاركة بمعرض أبوظبي الدولي القادم للكتاب والذي سيفتح أبوابه للجمهور خلال الفترة من 28 مارس- 2 إبريل 2012، أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة رواية جديدة بعنوان "الناقوس الزجاجي" للشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث أنجزها المترجم الدكتور توفيق سخان. تقول فرانسيس ماكلاو في تصديرها للطبعة التي صدرت عن دار Harper Perennial Olive Editions، بالولايات المتّحدة، في العام 2009 :"إنّ الرّواية ما إن صدرت في لندن حتّى تعرّضت حياة پلاث إلى هزّة عنيفة: كان زواجها من الشّاعر تيد هيوز قد انتهى، كما لازمها هلع بشأن الحاجة إلى المال، وكانت قد انتقلت مع ولديها الصّغيرين إلى شقّة خالية من الأثاث، ذات شتاء بريطانيّ شديد البرودة لم يسبق له مثيل، منذ مئات السّنين، فأصيب ثلاثتهم بالزكام. لم يكن ثمّة هاتف في المنزل، وكانت المساعدة الخاصّة برعاية الأطفال منعدمة. كانت پلاث تدرك جيّداً مدى تفرّد القصائد التي كانت تكتبها- أخبرها إيه. ألڤاريز، النّاقد البارز في تلك الأيّام، أنّها تستحقّ جائزة پوليتزر. ولكنّ ذلك لم يحل بينها وبين تجربة "النّاقوس الزّجاجيّ" المروّعة، تجربة الانحدار المفاجئ إلى كآبة عميقة مهّدت لأولى محاولاتها في الانتحار، في ذلك الصّيف الذي تصفه الرّواية. كان يؤثّث المشهد، هذه المرّة، عدداً من العناصر ذاتها: الرّحيل المفاجئ لحضور الشّخصيّة الذّكوريّة المركزيّة في حياتها، الرّفض النّقديّ (لم تُقبل پلاث لحضور دروس فرانك أوكونر في الكتابة الإبداعيّة، بجامعة هارڤارد، في الصّيف الذي تدور فيه أحداث "النّاقوس الزّجاجيّ") والعزلة في بيئة جديدة، والإعياء الشّديد". و"كان انتحار بلاث، في الحادي عشر من شباط/فبراير 1963، سبباً في ذيوع صيتها العاجل في إنجلترا، حيث كانت قد حظيت، في السّابق، بأكثر من ظهور عرضيّ على قناة البي بي سي، وبدأت تحظى بالشّهرة بفضل نشراتها. غير أنّها لم تكن معروفة في موطنها الأصليّ، ولم تكن ثمّة علامة على أنّها سوف تغدو واحدة من الشّعراء البارزين المقروئين على نطاق واسع، وبطلة نسويّة feminist خاطبت روايتها المنشورة الوحيدة مشاعر أكثر من جيل واحد، على حدّ سواء". "احتلّت رواية "النّاقوس الزّجاجيّ" مكانها، على الفور، ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً. ورغم بعض المراجعات النّقديّة المتذمّرة، إلاّ أنّها رسّخت نفسها كرواية تحوّل نسويّ، وتوأم لرواية "الحارس في حقل الشّوفان" وهي مقارنة لاحظها، لأوّل مرّة، أحد النقاد البريطانيين الذين تناولوا الرّواية بالمراجعة إبّان صدورها. في الواقع، نشرت "النّاقوس الزّجاجيّ" في الذّكرى العشرين لرائعة ستالنغر، وكانت سيلڤيا پلاث تكبر هولدن كولفيلد، البطل المتخيَّل، بسنتين اثنتين." "وعلى الرّغم من عدم تشخيص مرضها فعليّاً، فقد لاحظ عدّة باحثين متخصّصين وصف پلاث الدّقيق للإدراك الحسيّ الفُصاميّ: "يصبح الرّواق نفقاً خطراً، وتكون للشّخص الذي يدنو قامة ضخمة تهدّد بابتلاع النّاظر كلّما اقتربا من بعضهما البعض؛ كما تلوح الأشياء، من بعيد، على نحو غير واضح، وتستحيل الحروف الأبجديّة على الصّفحة طلاسم يصعب فكّ مغالقها، ويبدو كلّ شيء، في الواقع، خطِراً وغير حقيقيّ". ورغم التدخُّلات الدّوائيّة التي حدثت في الرّبع الأخير من القرن العشرين؛ من عقار لبريم إلى البروزاك، فإنّ وصف پلاث الحيّ والعقلانيّ تماماً والقويّ إلى حدّ كبير لذلك العالم يظلّ وصفاً حقيقيّاً، ولا يمكن لأيّ كاتب لاحق أن يتجاوزه. الآن، وقد بات مقبولاً، على الصّعيد الاجتماعيّ، الحديث بشأن تلك الأشياء، فمن السّهل نسيان أنّ قراءة "النّاقوس الزجاجي" قد قدّمت إلينا فهماً للتّجربة التي جعلت من ذلك الانفتاح أمراً ممكناً". ثمّ تواصل ماكلاو كلامها قائلة: "ولكن، ماذا بشأن راهنيّة الرّواية بالنّسبة إلى القرّاء الشباب اليوم؟ ففي الوقت الذي تبدو فيه حساسيّات هولدن كولفيلد، بالنّسبة إلى العديد من القرّاء، لا تمتّ بصلة إلى الحدود الحادّة لعالم اليوم، فهل لا تزال رواية "النّاقوس الزّجاجيّ" تحظى بدلالة ما؟ على أيّة حال، فإنّ الرّواية كانت سابقة لمرحلة العقاقير المخدّرة، وأقراص الدّواء، والدّراسات النّسويّة. ففي ظلّ نزعة التشبث بالحياة التي سادت عقد التسعينيّات، بدا الانتحار خيار المنهزمين. غير أنّ معدّل انتحار المراهقين قد تضاعف، أربع مرّات، منذ الحرب العالميّة الثّانية، وإن لم يعُد الانتحار بمثل الرّومنتيكيّة التي كان عليها حين نُشرت "النّاقوس الزّجاجيّ"، في هذا البلد، لأوّل مرّة، فإنّ الإحصائيّات تشير، دون ريبٍ، إلى وتيرته المتصاعدة. لقد غدت الكآبة وباءً يجتاح أميركا، على نحو ما، في تلك الأثناء. وحين سألتُ مجموعة بحثيّة غير رسميّة، تتكوّن من شابّات ذكيّات، في العشرينيّات من أعمارهنّ، رأيهنّ في الكتاب، كان رأيّهن مُجمِعاً: لقد أحببنه. ورغم أنّ بعضهنّ وجدنه يوقع في النّفْس الكآبة، فإنّ أُخريات وجدنه غير ذلك، وعلى نحو مثير للدّهشة. فالموضوعات- مثلما أشرن- لم تتغيّر أبداً؛ بلى، لقد تغيّرت المبادئ الاجتماعيّة لحفلات الشّاي والمواعدة والأعراف المقبولة، غير أنّها لا تبدو غريبة، نظراً لأنّها تشكّل مادّة الأفلام القديمة. أمّا الأسئلة الكبرى، من قبيل: كيف ترتّبين حياتك، وكيف السّبيل إلى تحقيق ما تصبين إليه، وكيف تتعاملين مع الرّجال والجنس، وكيف تكونين وفيّة لذاتك، وكيف تدركين معنى ذلك- فإنّها أشياء لمّا تبارح مكانها بعد. أمّا بالنّسبة إلى القراء المعاصرين الذين يعدّون حقبة الخمسينيّات مجرّد حقبة رائعة، فإنّه من الصّعب تصوّر إلى أيّ حدّ كانت پلاث جريئة فعلاً. وكان ثمّة أمر آخر توجّب على پلاث أن تتولّى زمامه: ولأنّها كانت فقيرة، فإنّ كلّ شيء يعتمد على المحافظة على منحتها والفوز بالجوائز. فلو كانت أقلّ من متميّزة، لفقدت كلّ شيء في لحظة واحدة. إمّا بالنّسبة إلى كل من يتفكّر في علميّة قبول الطّلبة في الجامعات اليوم، فإنّ القلق الذي كان يساور پلاث يبدو أمراً مألوفاً جدّاً. وربّما لأنّها ماتت في سنّ مبكّرة، فقد عدّها أغلب النقاد كاتبة معاصرة. أتذكّر ناقدة نسويّة بارزة- والتي تاقت إلى أن تكون كاتبة سيرتها- وهي تتحدّث حول السّنة الأخيرة الصّعبة من زواج پلاث: "لا أستطيع فهم ما جرى- لِمَ لَمْ ترحل؟" كما لو أنّ ذلك سيكون خياراً واضحاً بالنّسبة إلى شابّة أميركيّة عالقة في الرّيف البريطانيّ وبرفقة طفلين صغيرين، ودون معيل، في أوائل السّتينيّات". وقد يكون صحيحاً أن يشعر القرّاء أنّها كاتبة معاصرة أيضاً، ذاك أنّ لصوتها تلك الحِدّة، وذلك التوثُّب. فأغلب ما كتبته پلاث في حياتها القصيرة (وقد كتبت الكثير على نحو استثنائيّ- أتلفت ثلاث آلات كاتبة، وجمعت في كتابتها بين الشّعر والمسرح والمسرحيّات الإذاعيّة والرّواية) يمتلك تلك الخاصيّة: بداهة رسالة فُتحت للتّوّ. وإنّه لأمر مفجع أنّ نفكّر بما كانت ستكتبه، بما كان سيحمله صوتها المذهل من نضج وحكمة". "وثمّة أشياء نستطيع رؤيتها من هذه المسافة، أشياء لم نقدر على رؤيتها من قبل. فعندما نشرت الرّواية لأوّل مرّة، كان موتها لا يزال مأساة حيّة، تاركةً عائلتها نهب ألم عظيم لن يعمل أيّ إصدار جديد للرّواية إلاّ على جعله أكثر حدّة. وقد عدّ بعض القرّاء الأعمال التي تُنشر بعد وفاة أصحابها رسائل من العالم الآخر، ومفاتيح لفكّ غموض ما قد وقع فعلاً. لم يلمح غلاف الطّبعة الأولى- بلونه الأحمر الجافّ الكئيب- إلى المرح الصّاخب الذي بين ثناياه. في الواقع، إنّه لكتاب شيّق: تمنحنا السّنوات الخمس والعشرون الفاصلة سبباً وجيهاً لأن نبتهج بالرّوح المرحة المدهشة لپلاث، وهي ميزة عدّتها، هي نفسها، أنّها قادرة على جعلها روائيّة". "وأمام الحضور الخالد للعمل، تتوارى أسطورة شخصيّة قويّة كتلك التي لپلاث، والتي هي، بالطّبع، مثلما يتوجّب عليها أن تكون. فبعد الدّراسة المهمّة التي أنجزتها جانِت مالكولم حول أسطورة پلاث، والتي نشرتها في مجلّة نيويوركر سنة 1994، فقد لاحظ الفنّان پات ستاير- والذي هو واحد من عدّة قرّاء عقّبوا عليها- أنّ "الشّعر يسمو فوق كلّ شيء". كما أنّ للرّواية أجنحة، فهي تأخذ قرّاءها إلى حيث ينشدون، ولا تبدي أيّة إشارة على فقدان القدرة على الطّيران". كان ذلك "هو النّاقوس الزّجاجيّ الذي قاومته، ذات مرّة، بنجاح ظاهر، وعلى نحو بارع، والذي استطاعت أن تكتب عنه بوضوحِ الّتي عانت من جرّائه: "بالنّسبة إلى الشّخص الذي في النّاقوس الزّجاجيّ، منهكاً وشاحباً كطفل ميّت، فإنّ العالم حلم فظيع". صاحبة الرواية سيلفيا بلاث و اسمها الحقيقي فكتوريا لوكاس شاعرة أمريكية ولدت سنة 1932 في ماساشوسيتس و كان زوجها هو الشاعر الإنجليزي تيد هيوغز . أصدرت دواوينا شعرية من بينها "العملاق وآرييل"، وقد نشرت روايتها الوحيدة "الناقوس الزجاجي" بأسابيع قليلة قبل إقدامها على وضع حد لحياتها في سن الثلاثين. المترجم الدكتور توفيق سخان كاتب و مترجم يعمل أستاذاً للأدب الإنجليزي والترجمة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس-المغرب. ترجم كتاب اللهو في العتمة البياض والمخيلة لتوني موريسون و ستصدر له قريباً ترجمة لكتاب "بدون توقف" لبول بولز و"أيديولوجية علم الجمال" لتيري إيجلتون. و سيصدر له عن دار Palgrave Macmillan كتاب باللغة الإنجليزية تحت عنوان: الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 19-02-2012 08:00 صباحا
الزوار: 1293 التعليقات: 0
|