الشاعران رداد وحمّاد يحتفيان بالقدس ويتأملان الراهن العربي
عرار:
عمان بين الانحياز إلى الشعر، بوصفه معادلا جماليا للحرية والجمال والحياة، وبين الانحياز إلى العروبة، وشجونها في الراهن المعيش، جاءت قصائد الشاعرين: رشاد رداد وعيسى حمّاد، اللذين استضافهما «ديوان الهريس الثقافي»، في أمسية أدار مفرداتها الزميل نضال برقان، وقدم خلالها الناقد فوزي الخطبا إضاءات نقدية حول تجربة الشاعرين، وحضرها كوكبة من المثقفين والأدباء. الشاعر رشاد رداد قرأ مجموعة من القصائد، قال في واحدة منها: «أخفيت في صدري هوى يشقيه/ هذا الدواء وفيه لي ما فيه/ قد ذبت فيك وما رغبت سواكا/ فتعال طفلا متعبا لأبيه/ عذب كما تهوى فانك عدل/ أرضى بحكمه لو تجاوز فيه/ في الحب سر ان جهلته كالذي/ يوما نوى بالصقر ان يشويه».
ومن أجواء العشق والهوى ذهب الشاعر إلى تأمل الراهن العربي في قصيدة جاء فيها: «وكيف نؤمن بالبلاد اذ نهبت/ أعمارنا وجعلت بيتنا منفى/ كذبوا علينا كثيرا حين قالوا/ الخير آت وما قالوا لنا كيفا/ قتلوا طيور قصائدنا وما تركوا/ عشا لها أو قافية ولا سعفا». كما قرأ قصيدة قال فيها: «وقريش وراءك ترسل فتيانها/ والفتية كمائن/ في مكة ما زال القوم صرعى/ الطفل والطاعن/ في البيداء/ لا تطمئن لطير/ أو حجر/ أنت المنفي بذاكرة الرمل/ والرمل يا سيدي خائن». وفي قصيدة أخرى يقول: «سأصعد تلة الروح/ على مهل/ حافي القدمين/ وفي يدي قبضة أمل هش/ لأرى دوران الفصول/ وانحسار الخريف/ في سلة قش». كما قرأ قصيدة قال فيها: «لجسدينا هيئة الماء/ وحفيف العشب الملطخ بنزوات الريح/ تعبت اصابعي/ من شعرك المجعد بحناء الحكايا/ وضاع حنيني في القطن المزيف/ أيداي قصيرتان/ ام خصرك اكبر/ من قافية أحلامي؟». من جانبه تأمل الشاعر عيسى حمّاد شجون الأمة العربية وشؤونها، من خلال قصيدته «من سجلّاتِ لاجئ» وفيها يقول: «أمّا البلادُ فلن أنبيكَ ما صنعتْ/ فيها الخطوبُ وليس هناكَ معتصمُ/ أشتاتُ لحمٍ لها الصلبانُ قد نُصِبَتْ/ والعلجُ صاحبُها والعُرْبُ والعجمُ/ والقدسُ أمستْ بقايا فوقَ هيكلهمْ/ ضاعتْ بُنيَّ لدى أعرابِها القِيَمُ/ والناسُ صاروا بلا سُقفٍ تظللّهم/ أمستْ مواجعُهم ترثي لها الخِيَمُ..». كما قد وقف الشاعر حمّاد في العراق، قبل أن يحلق في فضاء الشام واليمن، ومن ثم حط رحاله في القدس، عبر قصيدة «وطن ينوح» التي قال فيها: «طاحَ الهشيمُ بحرثي وامتطى عطشي/ ماذا يخبّئُ هذا الخصمُ يا قدرُ/ نِدّانِ كنّا وما خارتْ لنا هممٌ/ منذُ التقينا وما دُقّتْ لنا دُسَرُ/ شطر الفراتِ تَنادى النخلُ يا سعفي/ لولا لحودُ النّوى ما أينعَ الثمرُ/ هزّ العراق بجذعي ما همت رطبي/ مذ برعمتْ في جذوري النار والشررُ/../ يا تعسَ بلقيسَ ضلّ السعدُ قِبلتها/ ما عاد في الصرحِ سقفٌ أو له جُدُر/ نادت فما سمع الصيحاتِ هُدهدُها/ ما صان مأربَها جنٌّ ولا بشرُ/ ما للعروبةِ هل تاهتْ سهامُهمُ/ عن الذين بغيرِ السيفِ ما دُحِروا/ تبّتْ بنادقُ لا في القدسِ صولتُها/ وانحطّ سيفٌ لغير القدسِ يُدّخَرُ». كما قرأ الشاعر قصيدة «طقوس أمنيات» والتي حلقت في فضاءات الأنوثة، وفيها يقول: «أيّانَ يدهمُني النُّعاسُ/ ومَنْ تُطيحُ بيقظتي/ مَنْ تلك تُقرضُ صَحْوتي/ مهداً يحاكي حِضْنَها/ حتى أدثّر غَفوتي..؟/ مَنْ ذي تعلّقُ حُلْمَها بمشيئتي/ وتعيدُ برمجةَ المنامِ كما أرى/ وتحطُّ بين أصابعي كالأمنيهْ..؟». وفي ختام الأمسية قدم الناقد فوزي الخطبا مجموعة من الملاحظات النقدية حول تجربة الشاعرين، داعيا إلى ضرورة أن يحتفي النقد بما ينتج من إبداعات في الأردن. يشار إلى أن رداد عضو رابطة الكتاب، وله العديد من المؤلفات، منها رواية «آدم»، والمجموعة القصصية «أبناء حارتنا»، وفي الشعر له: حينما الميت يتكلم، أسرار حارتنا، أفراح مؤجلة، قصاصات، ونوافذ. أما حمّاد، وهو عضو رابطة الكتاب، فله ثلاثة دواوين شعرية، هي: «آه يا وحدي ووحدي»، و»لمن هذا العناء»، و»كوابيس أنثى».