أمام مجمع النقابات المهنية، وقد شارك في الوقفة العديد من الناشطين والكتّاب والإعلاميين الذين أعلنوا تضامنهم مع الكاتبة إيناس مسلّم معتبرين ما تعرّضت له قتلاً لحرية التعبير.
وكان بيان صدر عن مديرية الأمن العام قد أثار غضب العديد من المثقفين والشعراء واعتبروه مجحفاً بحقها، فيما أكد المحامي صالح أبو جيش وكيل الكاتبة مسلّم أنه يعتزم رفع دعوى قضائية على مديرية الأمن العام بسبب البيان الذي أصدرته مساء الأربعاء، والذي تضمن نتائج التحقيقات الأولية.
جاء ذلك في بيان أصدره المحامي أبو جيش يوم أمس الخميس نصّه:
بيان للرأي العام صادر عن مكتب المحامي صالح أبو جيش
وكيل الناشطة إيناس مسلم
رداً على البيان الصادر عن مديرية الأمن العام
إن البيان الصادر عن مديرية الأمن العام حول قضية الناشطة إيناس مسلم والتي تعرضت للطعن قد تجاوز القانون ومقتضيات التحقيق وضمانات تأمين المحاكمة العادلة بانتهاكه للقانون وسرية التحقيق التي كفلها القانون أن تكون سرية الى حين عرضها على القضاء تطبيقا لقواعد سرية التحقيق وعلنية المحاكمة الأمر الذي الحق ضرراً بالغاً بموكلتي على جميع الأصعدة المعنوية والشخصية والأخلاقية والعائلية ، وجاء البيان ليعكس توجه واضح في محاولات حرف التحقيق عن مساره الطبيعي ووضع الرأي العام أمام صورة مسيئة لشخص موكلتي وتشويه سمعتها وزج كل أصدقائها ومعارفها وتصويرهم أنهم أشخاص ذوي سلوك غير سوي بقصد وضعهم في دائرة الشبهات وأيضا إلحاق الضرر بالجهة السياسية (حزب الوحدة الشعبية ) التي ينتمون لها باعتبارهم أعضاء في الحزب.
والأمر المستغرب هو زج اسم (شبيبة حزب الوحدة الشعبية ) في البيان الصادر عن الأمن العام واستدعاء عدد كبير من أصدقاء موكلتي أعضاء حزب الوحدة الشعبية مع تأكيد موكلتي وإفادتها التي قدمتها أثناء التحقيق معها من قبل الفريق المكلف من الأمن العام أنها صديقة لشبيبة الحزب وليست عضواً في الحزب، وتأكيدها أيضاً أن ما ورد من أسماء رموز في البيان هم بعيدون كل البعد عن أي شبهة تتصل بالحادث الذي تعرضت له وهي مدينة للشخص الذي أشار إليه بيان الأمن العام بالرمز ( ق. أ ) حيث أنه هو من أنقذ حياتها وأسعفها بعد تعرضها للطعن وهي تعتبر أن قضيتها قضية رأي عام بامتياز وليست قضية عاطفية كما صورها البيان.
وهناك بعض التعقيبات والردود المبدئية على بيان الأمن العام مع الاحترام للعدالة التي تفرض سرية التحقيق والتي تم انتهاكها في البيان:
1- لقد ذكر البيان أن هناك تناقضاً في إفادات موكلتي وهذا لا يتسم بالدقة والموضوعية مع تمسكي بعدم تناقض هذه الإفادات بعد أن استمعت إليها حيث أغفل البيان أن موكلتي كانت بظروف صحية لا تسمح بأخذ إفادتها وأنها كانت تحت تأثير عملية الطعن التي تعرضت لها وتأثير البنج أثناء معالجتها وبسؤال الأطباء أفادوا أنها كانت غير قادرة على الإدلاء بإفادة حيث أجريت لها عملية جراحية بعد إسعافها .
2- لقد جانب البيان الموضوعية وخالف القانون حين أصدر حكمه على بعض مجريات القضية والتحقيق بإصدار حكم مسبق غير مبرر ودون صلاحية أو اختصاص بتحويل القضية والتحقيق إلى أمور عاطفية وشبهة جنائية بالتعرض لأصدقائها من خلال رموز الأشخاص التي ذكرها .
3- لقد جانب البيان الحقيقة بذكره أن موكلتي مضطربة سلوكياً ونفسياً وأنها منبوذة من قبل زملائها وهو أمر عاري عن الصحة جملة وتفصيلاً وغير صحيح .
4- إن ما أورده البيان عن شبهة تدور حول الرموز المذكورة ومحاولة إلصاق التهمة بهم ضمنياً بعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة .
5- تستهجن موكلتي ما ذكر في البيان عن ضبط ( مخدرات ) أثناء التحقيق مما يعطي انطباعاً للرأي العام أن موكلتي وأصدقاءها هم مجرد مجموعة من الطائشين والخارجين عن القانون وهذا أيضا يخالف الحقيقة والواقع .
6- تؤكد موكلتي أن ما تعرضت له هو استهداف واضح لدورها ونشاطها الوطني وأن محاولات استهداف أصدقائها والجهة السياسية التي ينتمون لها (حزب الوحدة الشعبية ) واستهداف الحراك الشعبي هي محاولة لتشويه سمعتها وسمعة عائلتها وأصدقائها وتشويه أيضاً لأصدقائها والجهة السياسية التي ينتمون لها (حزب الوحدة الشعبية ) وأيضا تشويه كل النشطاء الذين يعملون في الحراك الشبابي والشعبي .
على ضوء ما ورد من وقائع وعبارات ذكرت في تقرير الأمن العام فإن موكلتي تحتفظ بحقها بمقاضاة كل شخص أو جهة أساءت لها ولعائلتها ولأصدقائها وأنها صاحبة حق لن تتنازل عنه .
المادة 14 ( فيما يتعلق بكل من أذاع عن تحقيق سري) من قانون انتهاك حرمة المحاكم:
كل من نشر بشأن تحقيق جزائي قائم يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً أو بإحدى العقوبتين

وكانت ردود أفعال عديدة قد تصاعدت تفاعلاً مع القضية، ولعلّ أبرزها ما ورد عن عائلة الكاتبة الشابّة، حيث أصدرت الشاعرة نور تركماني والدة الكاتبة إيناس بياناً نشرته على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قالت فيه: "أنا الشاعرة نور التركماني والدة الناشطة السياسية إيناس مسلم أستهجن إصدار الناطق الإعلامي في الأمن العام لبيان صحفي ينشر بواسطته التحقيقات التي تمت مع ابنتي قبل العثور على الفاعل الذي أقدم على عمل جبان دنيء بطعن ابنتي ومحاولة قتلها وإنني أؤكد أن ابنتي ضحية لرأيها ومواقفها السياسية، وأن الأمن العام أخلّ بإجراءات التحقيق وجمع الأدلة وهذا من شأنه أن يفلت الفاعل من العقاب أو يسمح له بإكمال محاولة الشروع بقتلها، بالإضافة إلى أن البيان نسب إلى ابنتي أموراً غير صحيحة ونحن ننكرها إنكاراً تاماً ومن حقي الرد عليه وملاحقة مصدره بكافة الطرق القانونية كونهم ببيانهم هذا قد أصدروا حكم الإعدام الاجتماعي على ابنتي نظراً لطبيعة الأردن الاجتماعية وأناشد جلالة الملك وكل مهتم بحقوق الإنسان بالعالم وكل الحراكات الشعبية الوطنية وجمعيات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية والهيئات النسائية والمركز الوطني لحقوق الإنسان إنصاف ابنتي وإظهار الحقيقة، على أن ابنتي نجت من محاولة اغتيال بناءً على رأيها السياسي وهي الآن بحاجة للحماية من كل مهتم بحقوق الإنسان لأنني أشعر أن حياة ابنتي ما زالت مهددة والمجرم ما زال حراً طليقاً".
وفي السياق ذاته كتب الشاعر والصحفي هشام عودة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "أعلن تضامني الكامل مع الناشطة إيناس مسلم، رافضا رواية بيان الأمن العام، هذه الرواية التي جعلت من الأمن العام خصما لإيناس دون أن تتحدث عن الجاني، إضافة إلى ما اقترفته من تشويه لها ولأسرتها، وأدعو الأصدقاء جميعا لإعلان تضامنهم حتى لا يتم تعميم مثل هذه البيانات التي تتناقض مع أخلاقيات مجتمعنا".
وكان أيضاً الشاعر والروائي المعروف إبراهيم نصر الله قد كتب: "إذا كانت الطعنة التي وجهت إلى إيناس مسلم لم تقتلها، فإن البيان الذي أصدره الأمن العام هو محاولة أكثر تصميما على فعل القتل. سواء باستماتته في نشر كل هذه الاتهامات التي تصيب إيناس في شرفها وأخلاقها، والتي تبدو في جوهرها واحدا من أقسى فصول النميمة التي يمكن أن يوجهها جهاز في الدولة إلى فرد أعزل بعينه، دون مراعاة لما يمكن أن يتسبب عنه هذا من قتل معنوي وتحريض عليه. كما جاء دس الحشيشة في الخبر، تصميما آخر على الوأد. رغم عدم الإشارة من قريب أو من بعيد إلى موقع ضبطها.
القضاء هو الذي يحكم، بعد أن يضع الأمن في يده الحقائق، لا البيان، والأمن وظيفته الأولى في حالة جرمية كهذه هي إلقاء القبض على من حاول قتل إيناس، لا على إيناس نفسها التي ترقد في المستشفى.
لا يجوز أن تتعرض أخت أو أم أو أخ أو أب أو صديق... لهذا الكم من التشهير، حتى لو ثبت ذلك، فقد جرت العادة في حال إصدار الأحكام أن تراعي المحاكم نشر الحروف الأولى من اسم الذي يدان، وهو المدان، حتى لا تُشهِّر بأهله وأسرته وبه، فكيف يمكن أن يحدث هذا والضحية حبيسة سرير شفائها والمجرم طليق.
أسوأ ما في البيان ذلك القدر المرعب من عدم الاكتراث بمرتكب الجريمة.

هذا وما زالت حيثيات القضية في ارتفاع حيث بدأ الموضوع يأخذ حيزاً واسعاً من مساحة الرأي العام الأردني، ويتفاعل معها المثقفون والأدباء بشكل خاص على اعتبار أن الوسط الذي تنتمي إليه الكاتبة الشابة هو الوسط المثقف، وكذلك والدتها الشاعرة صاحبة صالون نور الثقافي، فيما تواصل جهات عديدة الزيارات إلى مستشفى لوزميلا في جبل اللويبدة بالعاصمة عمّان للاطمئنان عن صحّة الكاتبة الشابّة التي خضعت في اليوم التالي للحادثة إلى عملية جراحية، وما زالت ترقد في المستشفى.

المصدر وكالة أنباء الشعر العربي