لقاء فكري عربي بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة واليوم العالمي للتسامح
عرار:
عمّان – نضال برقان
بمناسبة اليوم العالمي للتسامح واليوم العالمي للفلسفة، عقد منتدى الفكر العربي يوم الأربعاء الماضي، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه نائب رئيس جامعة حقوق الإنسان واللاعنف في بيروت وعضو المنتدى من العراق د. عبدالحسين شعبان حول فلسفة التسامح. وشارك في اللقاء، الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبوحمّور، عدد من المثقفين العرب بينهم أعضاء في المنتدى ووزراء سابقون هم : د. علي فخرو من البحرين، و د. خالد شوكات من تونس، والمهندس سمير حباشنة، و د.هايل الداوود من الأردن، و د. محمد أحمد المخلافي من اليمن، كما شارك بالمداخلات أمين عام الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي القس د.رياض جرجور من لبنان، والأكاديمي العراقي البروفيسور طه جزّاع . أشار د. عبدالحسين شعبان في محاضرته إلى أن بعض مجتمعاتنا لا زالت تعاني من ثقافة الحروب «الباردة» و»الساخنة»، ومن أشكال مختلفة ومتنوّعة من النزاعات الأهلية، لأسباب قومية وعرقية وإثنية ودينية وسلالية ولغوية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها، وحيث يكون اللّاتسامح والعنف سائدين فإن البيئة الحاضنة ستكون مهيأة للتهميش والإقصاء والإلغاء والتمييز وعدم الاعتراف بالحقوق وبالآخر. وأشار الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية إلى أن أهداف المنتدى ورسالته المتمثلة في مشروعاته الفكرية وأنشطته المتنوعة هي جزء من تفاعل الفكر العربي المعاصر مع القضايا الإنسانية الكبرى لتعزيز القيم التي تحمل معنى التسامح، وفي مقدمتها احترام وقبول التنوع الثقافي، وحرية الفكر والضمير والمعتقد في سياق الاختلاف، وبالتالي فإن ثقافة السلم – كما تؤكد أدبيات الأمم المتحدة في هذا المجال – مصدرها لا ينحصر في الواجب الأخلاقي فقط، وإنما هنالك الواجبات السياسية والقانونية. وأكّد المفكر والوزير البحريني الأسبق د.علي فخرو أن المجتمع العربي يعتبر من أكثر المجتمعات تعددية على المستوى الديني والمذهبي والعرقي والثقافي، ومن المستحيل أن تتعايش مختلف فئات هذا المجتمع بشكل سلمي من دون تسامح. وأشار د. فخرو إلى أن التسامح ليس مطلقاً، فلا مكان له في قضايا الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين وقضايا التمييز بكل أشكاله، وذلك لأنه محكوم بالقيم والفضائل الأخرى. وأوضح رئيس الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة والوزير الأسبق المهندس سمير حباشنة أنه من غير الممكن الحديث عن التسامح مع الآخر دون ترتيب الداخل العربي وتحقيق التسامح فيه أولاً. فلقد تم تحويل التعددية في العالم العربي إلى اختلاف بدلاً عن التنوّع، مما أدى إلى تطور الاختلاف من الكلمة إلى السلاح، ويشهد على ذلك أكثر من قُطر عربي. وأشار أستاذ القانون والوزير التونسي السابق د. خالد شوكات إلى أن حركة الاصلاح الديني هي مقدمة لسائر حركات التحديث والتنوير والاصلاح، ومنها ينبثق مفهوم فقه التسامح الذي يجب العمل عليه وتأصيله من خلال فقه المعاملات، وهو فقه أصيل ومهم في تراثنا العربي الإسلامي. وقال الوزير السابق للأوقاف والمقدسات الإسلامية في الأردن د. هايل الداوود: إن الإسلام دعا إلى اعتماد التسامح منهجاً للتعامل بين الناس، وجاء تطبيقه العملي من خلال السيرة النبوية في مختلف حالات الضعف والقوة. فالتسامح ينسجم مع مبدأ التعددية، وهو مبدأ قرآني قاطع وواضح، حيث أنّ الاختلاف سنّة طبيعية جعلها الله بهدف استثمار طاقات جميع البشر في مختلف توجهاتهم وأفكارهم من أجل إعمار الكون. وبيّن أستاذ القانون والوزير اليمني السابق د.محمد أحمد المخلافي أنه في ظل النزاعات والحروب المنتشرة بفعل اللاتسامح، فنحن بحاجة إلى ما هو أشمل من نشر الثقافة والمعرفة خارج إطارهما الحالي المحدود؛ مؤكداً الحاجة إلى جهود مجتمعية وسياسية تقوم على تحويل الرؤى والتصورات النظرية إلى مؤسسات فاعلة، تتبنى التسامح وتعمل من أجله ومن أجل حماية المجتمع. وأوضح أمين عام الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي من لبنان القس د. رياض جرجور، أن التسامح من الفضائل التي تمنح الإنسان القوة والقدرة على التوازن والمحبة، وتجعله شخصاً اجتماعياً قادراً على الاختلاط مع الآخرين وتقبّل عيوبهم وتفهّم طباعهم، وأن التسامح يوفّر نفقات الغضب وتكاليف الكراهية وإزهاق الأرواح، التي تشهدها الشعوب ذات ثقافة العنف والكراهية والانتقام المهيمنة في محاولة إلغاء الآخر. وأشار الأكاديمي العراقي البروفيسور طه جزّاع إلى أن غياب الحل العادل والمنصف للعرب والفلسطينيين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لفترة زمنية طويلة أسهم في غياب التسامح في المنطقة العربية وهيّأ بيئة ملائمة لنشوء فكر متطرف مع مرور الزمن. إضافة إلى السياسات الغربية والتدخلات الأجنبية التي زادت الطين بلّة.