مثقفون مئوية الدولة تجسد إنجازات في البناء والتنمية وانتصارًا للأمة وقضاياها المركزية
عرار:
عمان - نضال برقان يذهب مثقفون إلى أن بدايات تأسيس الدولة الأردنية، قبل مائة عام، كانت دقيقة جداً، وقد تجاوزت الكثير من العقبات بتعقّل، الأمر لافت لكل المراقبين. مؤكدين أن هذه الدولة الرائدة استطاعت أن تقوم بدور كبير في تنمية قدرة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم، جنبا إلى جنب مع دعم أبناء أمتنا العربية والوقوف مع كل قضايانا القومية. «الدستور» تأملت معاني هذه المناسبة الكبيرة في وجدان كوكبة من المثقفين، فكانت الرؤى الآتية: الأديب والباحث نايف النوايسة: مرّتِ الدولة الأردنية مثل أي دولة في مخاضات صعبة وقاسية عند تأسيها، وكان بقاؤها صامدة طوال المائة سنة السابقة معجزة تلفت النظر رغم قلة الموارد، فضلاً عن غليان المحيط الإقليمي وأطماع الجوار بهذه الأرض الطيبة. لقد كان للمهاد الشعبي الذي احتضن الثورة العربية الكبرى وهذه الدولة فيما بعد تأثيره القوي في تعزيز قواعد التأسيس والدفاع عن فكرة الدولة كمنجز سياسي حضاري، إذ لا بديل عنها بعدما عانى الأردنيون ما عانوا من ظلم الاتحاديين الأتراك وما يُداخل نفوسهم من غدر القوى الاستعمارية الجديدة وبخاصة وهي تحتضن الكيان الصهيوني البغيض. كانت البدايات الأولى لهذه الدولة دقيقة جداً، وفي معظم هذه البدايات كانت الدولة على الحافة، لكنها اجتازتها بحذر وتعقّل دون دموية أو رعونة وشطط، وكان الأمر لافتاً لكل المراقبين، وقد راهن على سقوط الدولة وانهيارها الكثير من المتربصين بها والمتشككين ببقائها. إن هذا الصمود ما كان ليتحقق لولا توافر عدة عوامل منها: الإيمان القوي بفكرة الدولة وتأسيسها من أجل البقاء، حكمة القيادة التي استبسلت في تحقيق هذه الفكرة، الالتزام المطلق بالدفاع عن فلسطين وفي أدق الظروف، تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على تماسكها، والتعامل مع المحيط العربي والعالمي بتعقّل ووعي. وبعد هذه العقود المتراكمة من عمر الدولة فإنني أقول اليوم: من أجل الحفاظ على هذا المنجز الكبير علينا المحافظة على النهج الذي بدأنا به المراحل الأولى للتأسيس، ومواجهة الظروف الحالية بقوة كالفساد ومشكلتي البطالة والفقر والضرب بيد من حديد على كل من يتجاوز القانون، وتحقيق العدل والمساواة بين الجميع. الباحث والفنان التشكيلي مطلق احمد ملحم: مئوية تأسس الدولة مناسبة عزيزة على قلوب كل الأردنيين، حيث استطاعت هذه الدولة الرائدة أن تقوم بدور كبير في تنمية قدرة الأردنيين ورفع مستوى معيشتهم، جنبا إلى جنب مع دعم أبناء أمتنا العربية والوقوف مع كل قضايانا القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ورعاية مقدساتها الإسلامية والمسيحية. الاحتفال ليس لأبناء الأردن فقط إنما هو احتفال عالمي بدولة ذات شأن كبير يفتخر بها بين الأمم، ولا بد لنا أن نستذكر بالشكر والعرفان من جدوا وقدموا وعملوا في بناء الدولة الأردنية التي نفتخر بها من كل أبناء آل هاشم الكرام بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والى الشعب الأردني العظيم. ونستذكر بكل معاني العز والفخار شهداء الأردن الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل رفعة الوطن الغالي والدفاع عنه أمام أطماع الحاقدين... ونستذكر الأحياء منهم الذين قدموا الكثير على مدار مئوية الدولة الأردنية، حمى الله الأردن وشعبه وقيادته الهاشمية الحكيمة، وأطال الله بعمر سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، وولي عهده المحبوب سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وجميع أفراد العائلة الهاشمية الكريمة. الأديب بكر السباتين: في الذكرى المئوية لتأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، وبعيداً عن التفاصيل التاريخية بكل أبعادها والتي لا يتسع المقام للخوض فيها، نثمن الجهود الريادية لأصحاب الرؤية البنّاءة، ممن أنيطت بهم مهمة تأسيس إمارة شرق الأردن على يد الملك المؤسس عبد الله الأول، ثم تحويلها إلى مملكة لها برلمان في إطار ديمقراطيةٍ رياديةٍ لم تكن مشهودة على صعيد عربي منتصف القرن الماضي، رواد حرثوا الأرض البور لبناء الأردن الحديث وفق رؤية حداثية، فوضعوا الدستور الأردني لغايات تنظيم عمل أجهزة الدولة بسلطاتها الثلاث: القضائية والتشريعية (نواب وأعيان)، والتنفيذية أي الحكومة وما ينبثق عنها من مؤسسات مدنية وعسكرية أو هيئات رقابية مستقلة، هؤلاء الرواد الذين أداروا المشهد الأردني العميق باقتدار فتقدمت عجلة التنمية المستدامة في كافة القطاعات، الاجتماعية والسياسية والثقافية والصناعية وغيرها.. في ظل دستور قابل للتحديث وفق المستجدات في عالم سريع التغير. ولعل من أهم الإنجازات التي يفتخر بها الأردنيون، استثمار الإنسان الأردني، في إطار الموارد البشرية الخلاقة، المواطن الذي يؤمن بالبناء ويتبنى قيم الحرية ويقوم بواجبات المواطنة الصالحة، ويتمتع بروح المبادرة والتعاون في إطار العمل الجماعي، ويؤمن بلغة الحوار. ويرفض ثقافة الإقصاء؛ لذلك ارتكزت العملية التربوية على التعلّم بعيداً عن التلقين، من هنا جاءت المخرجات لتتناسب مع مستلزمات النهضة النسبية التي شهدها الأردن قاهراً التحديات، رغم قلة الموارد المالية، وضحالة عائدات الاستثمار على التنمية، وتراكم الديون الخارجية وتعثر خدمة الدين العام الذي يحتاج سداده إلى جدولة دورية، إلا أن معدلات التنمية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما فتئت توحي مؤشراتها بالخير.. ويسجل للأردن قدرته على التعامل بنجاح مع تفشي وباء كورونا رغم ضيق الحال. ناهيك عن رفض القيادة الأردنية الهاشمية للضغوطات والإغراءات التي مورست عليها للتنازل عن الرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس في إطار صفقة القرن المرفوضة أردنياً على الصعيدين الرسمي والشعبي..