قراءات إبداعية في ديوان الهريس الثقافي تتأمل الراهن العربي وتتغنى باستقلال المملكة
عرار:
عمــــــان
استضاف ديوان الهريس الثقافي، كوكبة من المبدعين والنقاد الأردنيين والعرب، خلال لقاء أقامه يوم الاثنين الماضي، وعبر منصة (زووم)، وقد تضمن اللقاء قراءات شعرية تأملت الراهن العربي، واحتفت بالنصر الذي تحقق على الأرض الفلسطينية، إضافة إلى مداخلات نقدية تأملت جماليات القصائد التي قرئت في اللقاء. القراءة الأولى كانت للشاعر المهندس محمد أبورياش، الذي قرأ قصيدتين، كانت إحداهما «المجد يشدو» وفيها يقول: «الْمَجْدُ يَشْدو وَوَجْهُ الدَّهْرِ مُبْتَهِجُ وَالصُّبحُ عانَقَهُ الإشْراقُ وَالْبَلَجُ مَنْ ظَنَّ أنَّ قُوَى الطّاغوتِ تَهْزمُنا لا شَكّ قَدْ مَسَّهْ الإرْباكُ وَالْحَرَجُ وَكَيْفَ نُهْزَمُ وَاللهُ الْعَظيمُ لَنا حِصْنٌ نَلوذُ بهِ إنْ ضاقَتِ الْفُرَجُ اللهُ أكْبَرُ قَدْ دَوَّتْ مَآذِننا وَالْمُؤمِنونَ إلى السّاحاتِ قَدْ خَرَجُوا يُعانِقُونَ تُرابَ الْقُدسِ وَالأَقْصى هُناكُ تَخْفقُ في ساحِاتِهِ الْمُهَجُ..». القراءة التالية كانت للشاعر خليل حسين اطرير، الذي قرأ قصيدة حملت عنوان: «صولة ونيام»، وفيها يقول: «رصّوا الصفوف وحكموا الأفعالا صمّوا الأذان وعطلوا الأقوالا كونوا يدا يوم الوغى وتجمعوا حول الرصاص وسيّدوا الأبطالا ودعوا الخطاب وحطموا أصنامه بل، ألجموا الزمّار والطبّالا يا قادة المليار أين سيوفكم؟ ردوا: كسرنا للحسان نصالا القدس تهتف: يا رجالا ويحكم! هبّوا! أنجدوني! قال كلٌ: لا..لا..». وتحت عنوان «شجاع يصدّ الرعاع» جاءت قصيدة الشاعر نايف عبد الله الهريس، وفيها يقول: «نحن الزمان، وجود مرضع الحقب وسم الجبابر فينا من أبٍ لأبِ لنا عرين كتاب الله يذكره تين وزيتونة في طرنا العربي الموت يرتج من شجعان نخوتنا حيث الكريم بنا بين النضال رَبي نحن الذين نسيج الشمس بيرقنا رضيعنا يفتدي الأوطان بالسغب يا ابن العروبة في أعتاب مقدسنا يكبوا الغزاة وشمس القدس في غلب..». من جانبه قرأ الشاعر عبد الرحمن المبيضين قصيدة بمناسبة عيد الاستقلال الخامس والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، وفيها يقول: «وطنُ الرّجالِ وسيّدُ الأوطانِ بين الضّلوعِ وما لهُ من ثاني هو أوّلٌ في حبّنا وحياتنا وهو العزيزُ على مدى الأزمانِ أردن يا وطن النشامى ليتني أمضى حياتي في ذرى عمّان غنّيتُ يا وطني لمجدِكَ مخلصاً حلو الكلامِ ورائع الألحانِ سأظلُّ يا وطني أُحبّك مخلصاً حتى يوارى في الثّرى جثماني..». تاليا قدم الدكتور عمر عبد العزيز، وهو الإعلامي والأديب والفنان التشكيلي والناقد، مداخلة نقدية تأملت قصائد اللقاء، لافتا النظر إلى أنها جاءت مواكبة للراهن العربي، وبخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهي قصائد تحمل الروح التاريخية للقصيدة العربية العمودية، التي كانت ولم تزل قادرة على تقديم رؤى جمالية جديدة ومبتكرة. وأضاف د. عبد العزيز، وهو الذي له جملة من المؤلفات، منها: «من يناير إلى يناير»/ مجموعة قصصية، و»كتابات أولى في الجمال/ بحث في علم الجمال، و»ناجي العلي الشاهد والشهيد»، و»الصوفية والتشكيل»، وغيرها، أن البناء الشعري كلما كان محكما ونسقيا كلما كانت المسؤولية أكبر حيال الشاعر من جهة توليد الصور الجديدة والرؤى الجمالية المبتكرة خلافا للحال في الشعر المنثور حيث فضاء التعبير أكثر سهولة. ولفت د. عبد العزيز النظر إلى أن الشاعر الهريس يتابع عبر قصائده ذلك «المقترح الموسيقي الشعري الذي اجترحه أبوالعتاهية، وسنرى أن هذا النفس الإحيائي لبحور الشعر العربي التي غابت وتطاول عليها الزمن ينطوي على مزيد من الاشتغال على ديوان الشعر العربي التاريخي الذي ما زال قادرا على تقديم مقاربات ورؤى جمالية متجددة في مفهوم الشعر والشعرية. الأستاذ الدكتور إياد الحمداني، من العراق، قدم مداخلة نقدية أشار خلالها إلى أن قصائد اللقاء ارتبطت بالراهن الفلسطيني من جانب، وبالموت من جانب آخر، ما عزز إحياء الخيال لدى الشعراء وأسهم في إشاعة التصوير المبتكر في قصائدهم. كما قدم الدكتور سعيد أصيل، من المغرب، إضاءة جمالية حول قصائد اللقاء، من جهة مضمونها وشكلها الفني، قبل أن يقرأ قصيدة بعنوان «عندما يُورِقُ الحلم وجعا» وفيها يقول: «...سأظل دوما أحلم/ مثل الأطفال/ أن لون الرمان مطاطي وزئبقي.../ وأن حلمي يظل يصعد فوق صوته/ يعلن للمارين/ أن زرقاء القبيلة تبصر/ لكنها لا ترى.../ يوما بعد يوم أحلم: تأكل الجوارح أطفالها/ وتنسج من ريشها/ كفنا للجميع/ أحرقت قميص أحلامي..». الدكتور شهاب غانم قرأ مجموعة من الرباعيات ذات الطابع الروحاني، وقد تأملت بعض آيات القران الكريم وحلّقت في أجوائها وجمالياتها، وفي واحدة منها يقول: «لا ربّ للكون إلا الواحد الأحدُ بذاك أشهد من قلبي وأعتقدُ وإن توحيده ركن نلوذ به وكل فعل بلا توحيده بددُ لا يغفر الله شركا بينما اتسعت رحماته لذنوب ما لها عددُ فقل لمن كفروا أو أشركوا سفها: توبوا، فإن سعير الله تتقدُ». من جانبها قرأت الأديبة حياة دراغمة مجموعة من النصوص القصيرة، قالت في واحد منها: «جاء الكهل يحمل قبره أين الذي يعرف قدره؟ حفر البئر وسقى زرعه جاء الطاغية وأنكر أمره ذهل الشاكي ونفد صبره قال الرآئي... وهاج الغضب حرقوا الأرض... صاح ...أين العرب؟ وتحت عنوان «الريح عاصفة، قرأت نصا قالت فيه: «الريح عاصفة والقنابل قاصفة وأم الشهيد تزغرد عاشت فلسطين حرة تابوت الخوف توجه إلى صدر العدو والحرائر تكبر مع الجنود لا تركع وعلى صدر العدو بندقية انتهت المراجع ولن تعود سطرا يدس في عيون الليل أنا الآن شمس تشرق على الكذب». وقرأت الأديبة شيرين العشي قصيدة بعنوان «الألف»، من ديوان «سابر الخضم» للشاعر نايف الهريس، ليتبعها الشاعر محمود العرابي بقصيدة بعنوان «رياح العطاء»، قال فيها: «حيوا شبابَ اليومِ ينبضُ بالأملْ كيف الحياةُ بدونكم.. هل تُحتملْ فلقد وُجِدْتُم كي تكونوا شمعةً نوراً يَشِعُّ ولا يُكَسِّرُهُ الفَشَلْ أُهدي قصيدي للشبابِ على هدى الصاعدين إلى العَلاءِ بلا مَللْ هم للوفاءِ وللعطاءِ منارةٌ تَهدي من انحرفت به الدنيا وضلْ إن جاهدوا فهم الفوارسُ صولةً إن يعشقوا.. فهموا أساطير الغزل..». كما حضر اللقاء، الذي أدار مفرداته نضال برقان، وشارك بمداخلات أدبية فيه نخبة من المثقفين منهم الإعلامي أحمد رضوان من مصر، والأديب محمد دراجي القنصل العام الجزائري في دبي.