|
عرار:
الناقد محمد المشايخ عن دار البيروني في عمان، صدر مؤخرا الديوان الشعري السادس للشاعرة رفعة يونس (عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب) بعنوان «مرافئ الغيم» وذلك بعد دواوينها»أغان لزمن معافى»، «زهر الشرفات»، «أصداء في المنفى»، مغناة الليلك»، ورغم ما في شعر رفعة من مضامين وطنية ومحلية وعربية، إلا أن معظم قصائد ديوانها تندرج ضمن ما يعرف بـ»الشعر الكوني»، الممزوج بالصور الشعرية العابرة للتشكيل، والبلاغة، وقد أدّت الطاقة المبثوثة في مجازاتها وكناياتها واستعاراتها وتشبيهاتها إلى التنوير، كما أدّت سعة رؤيتها وحمولتها الفكرية والجمالية،إلى تحليق قارئها في الفضاء الواسع الذي تتنفّس فيه قصائدها، تقول: (دعنا فوق أجنحة الغيم.. نعلو/ نقطف من أرداف الجبال/ زهورا..زنابق/ كي يزّيّن الكون بنا/كي تشرق أيامنا المقبلة). ولأنه من الصعب على أيّ منـّا استشراف المستقبل الأجمل للبشرية، في ظل الظروف السياسية والصحية التي نعيشها في ظل أجواء اللاسلم واللاحرب على الصعيدين العسكري والسياسي،وفي ظل جائحة الكورونا وفيروساتها المتحوّرة على الصعيد الصحي، إلا أن أحاسيس ومشاعر رفعة، تجعلها تتنبأ في قصيدتها «بين الربيع وكورونا» بمستقبل آمن ووردي جميل للانسانية كافة، تقول: (وعلى مهل/ يتهادى هذا الربيع/ يضوعُ على الشرفات/ ويتبع قافية من شعاع/غيمة عطر.. سماوية/ وعلى مهل يأتينا/ ليشعل هذا الكون..زهورا/ عرائش ورد...). في قصائد هذا الديوان: صور شعرية ملوّنة ومتحركة، نراقبها وهي تنمو، وتوقظ الحواس، وتـُـنشط الهواجس الشعرية لتعمل بأعلى كفاءتها، لتوصلنا إلى كم هائل من الصور الخصبة شعرياً وتشكيلياً، وفي الوقت نفسه تدهشنا هندسة تلك الصور، حين تبدو (على رأي أ.د.عبد الرحمن ياغي رحمه الله) على شكل حبّات عنقودية تؤلّف في النهاية دالية يكتنز كلّ عنقود منها بمعان رائعة الجمال وفي الوقت نفسه لا تخلو من دلالات خلاّقة، تقول في قصيدتها»أنثى»: (فمن عينيك.. تطوف الدنيا.. ابتهاجا/ وترقص اشجار/تغدو الأغصان.. كمنجات/ وتطير فراشات/ من أنغامها/ وترفّ زهيرات/ ويثور الليلك/ تركع كل عواصم هذا الكون.. لكرمة طهرك/ حين تمدّ السهول أكفّ الوعود/ وتعلن أنك سيدتي/ حـُلـُم الجنة). ولعلّ أبرز مواصفات قصائد «مرافئ الغيم»، اكتظاظها بما يسمى في البلاغة «التجسيد والتشخيص»، وكلاهما ملمح فني يُعنى بإبراز المعنوي الذي لا يـُدرك بحاسة من الحواس الخمس في صورة حسية، ويـُعتبران صورة بلاغية تنزل فيها الأفكار والمعاني منزلة الأشخاص، كما تنسب إلى الجماد والطبيعة صفات بشرية، والجمع بينهما في قصائد رفعة يعني إبراز المعنوي في صورة حسية بشرية، قائمة على صور شعرية تتجاوز ما ورائيات الواقع، إلى الخيال المُحلـّق، بكل ما فيه من نبض وحركة وحياة، تقول:(سوف أطلع لك/ من تفاصيل زهو الحكاية..فينا/ ومن نرجس الحلم فيها/ أسطـّر فوق جباه الغيوم/ بأنـّي أحبك/ مثل تقاسيم نهر/ ومثل حضور القوافي/ وشهوة أخضرها..في القصائد/ نجوى الكمنجات/ ضوّع الربيع بأنفاس تلك الحقول). في شعر رفعة المليء بالفرح والبهجة، ثمة قصائد حزينة، هي وحدها التي تدرك كنهها وأسباب إبداعها، ففي الشعر أسرار، وفي القلب أوجاع، ولكنها لا تدوم، فرفعة نفسها تؤكد أن الحياة ستتجدد، وأن الشمس ستشرق كل يوم، وأن الربيع سيملأ الدنيا فرحا وابتهاجا وسرورا، مع التأكيد هنا على أن الوجع في قصائدها ليس ذاتيا ولا فرديا، فهي تمثل بنات جيلها في أوضاعهن المتقلبة بين الصعود أو الهبوط، وبين الفرح أو الحزن المصدر: جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 12-07-2021 09:58 مساء
الزوار: 784 التعليقات: 0
|