ديوان الهريس الثقافي قصائد تحلق في رحاب الأنوثة وتنحاز للموروث وتتغنى بـــ«الجزائر»
عرار:
عمــــــان أقام ديوان الهريس الثقافي، لقاءه الدوري يوم الاثنين الماضي، وعبر منصة (زووم)، وبمشاركة كوكبة من رواد الأدب والنقد، من مشرق الوطن العربي ومغربه. وتضمن اللقاء مداخلة نقدية للدكتور رائد الحاج، استهلها باقتباس من كتاب «العمدة في محاسن الشعر وآدابه» لابن رشيق القيرواني، يبين مكانة العرب بين الأمم، وشرف الحكمة العربية في ميدان الحضارة العالمية..»العرب أفضل الأمم، وحكمتها أشرف الحكم؛ لفضل اللسان على اليد، والبعد عن امتهان الجسد؛ إذ خروج الحكمة عن الذات، بمشاركة الآلات؛ إذ لا بد للإنسان من أن يكون تولى ذلك بنفسه، أو احتاج فيه إلى آلة أو معين من جنسه.
وكلام العرب نوعان: منظوم، ومنثور. ولكل منهما ثلاث طبقات: جيدة، ومتوسطة، ورديئة، فإذا اتفق الطبقتان في القدر، وتساوتا في القيمة، ولم يكن لإحداهما فضل على الأخرى كان الحكم للشعر ظاهراً في التسمية؛ لأن كل منظوم أحسن من كل منثور من جنسه في معترف العادة..». كما قدم د. الحاج مداخلة نقدية تأملت أبرز جماليات القصائد التي قرئت في اللقاء. القراءة الأولى في اللقاء كانت للدكتور عادل جوده، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، فقرأ قصيدتين، الأولى بعنوان «أَنَـا لَمْ أَزَلْ»، وقد حلق من خلالها في فضاء الأنوثة، وفيها يقول: «عَبَقٌ أَتَـى بِـدَلَالِـهَـا الْـمُـتَـبَـسِّمِ/ نَـطَـقَ الْـمُـنَى بِـجَمَالِـهَـا الْـمُتَـنَـعِّمِ/ فَسَـأَلْـتُـهَـا فَـتَـوَقَّـفَتْ وَتَـلَـفَّـتَتْ/ وَرَجَـوْتـُهَـا فَـتَـنَـهَّـــدَتْ بِــتَـرَنُّـمِ/ فَكَأَنَّـمَـا نَظَرَاتُهَـا شَطَرَتْ فَـمِي/ وَكَأَنَّهَـا بِصَنِيعِهَـا سَفَـكَتْ دَمِي..». كما قرأ قصيدة أخرى، انحاز خلالها للموروث والأرض والإنسان، بعنوان «هَهَاوِينَا»، وفيها يقول: «أَغَـانِينَــــا أَغَـانِينَـــــا/ مَـا أَحْلَاهَـا أَغَـانِينَـا/ وَلَـمَّـا نـُحْـيـِي ذِكْــرَانَـا/ شُـمُـوخُ الْـعِــزِّ يُـؤْوِيــنَـا/ وَلَـمَّـا الْـبُـعْـدُ يُـشْـقِينَـا/ تُـرَاثُ الْـمَـجْـدِ يُـعْـلِـيـنَـا/ وَلَـمَّـا الْـغَــدْرُ يَـغْـزُونَـا/ تُـرَابُ الْأَرْضِ يُـحْـيِينَـا/ فَلَنْ نَـرْضَـى وَلَنْ نَـخْشَـى/ وَلَـنْ نَـرْجُـو أَعَـادِينَـا/ لَــنَـا أَرْضٌ لَــنَـا حَــقٌّ/ لَـنَـا رَبٌّ سَـيَـحْمِـيـنَـا..». وكانت المشاركة الثانية للشاعر حسين الجمرة، الذي قرأ قصيدة غزلية بعنوان «حياتها لها»، وفيها يقول: «أعط الدلال من الدلال دلالا/ واسق العيون حلاوة وجمالا/ أنعم بحضن أو بلمس يد إذا/ ما ترتضي أن تَفتح الأقفالا/ واحذر-فديتك- أن تهمّش دورها/ باسم الرجولة أو بسطوك حالا/ فلقد كسبت بأن تحبك حرةٌ/ تأبى الخضوع الغاصب القَتّالَا/ ما أجمل الطيرَ المحلقَ دونما/ قيدٍ إذا يبغي إليك وصالا/ عنوانه أن عش كريما شامخا/ لا ترتضِ الأقفاص والأغلالا/ واجعل سواد الليل يقبِلْ فجرُه/ والشمس ترفعْ في السحاب سدالا..». أما الشاعر نايف الهريس، فقرأ قصيدتين، الأولى بعنوان «فلسفات الحب»، وفيها يقول: «يداها بسحر الخمس والعشر/ وقد سجلت نظما على سفري/ شعور مزاج الشعر خال به/ شجي بدا في لفتة الصقر/ لمن عتّقت بالكأس زهوتها/ طهت قهوة تحسى بلا جمر/ ليأتي إمام العشق يشربها/ ويسري الحس في رشفة تمري..». كما قرأ قصيدة بعنوان «من علمني حرفا»، وقد احتفت بالمعلم وفضله على جميع الأجيال، وفيها يقول: «هم ذووا العلم، قوموا اعتبارا/ وبالنهى كي يستبطن الأسرارا/ برحيق قد سال من مقلة الدرس/ على الفكر بالذكاء منارا/ زرعوا في بطن الحروف جنينا/ جاء مولودا يسكن الفصح دارا/ تتغذى فيها العقول دهاء/ ولج المجد يستهيم افتخارا..». وتحت عنوان بات الحصار يؤرقني»، كانت مشاركة الأديبة حياة دراغمة، وفيها تقول: «سنين عجاف/ أدرجت أصواتها/ لبنات على هيئة كتب/ نسمات جذب تهب من غير عتاب/ على رمل الطريق فرشت صمتي/ وتجولت بين خطوط أربعة/ وكادت الرتابة تقتلني/ أنا أستميح الهوى عذرا/ وأشهق مع السراب/ لا أنتظر الجواب/ بل أختبر حلمي». وشارك في اللقاء الشاعر شفيق العطاونة بقصيدة قومية وعروبية بعنوان «الجزائر»، وفيها يقول: «وبعدَ العُسرِ تأتيكَ البشائرْ/ أيا وطنا على اللّأواءِ صابرْ/ فكمْ فيكَ النّدى أروى ظِماءً/ وفاقَ النّجمَ في الأكوانِ ثائرْ/ فكلُّ عوالقِ الدّنيا تداعَتْ/ تعكِّر صفوَ زمزمِك المكابرْ/ يهدهِدُكِ الأُباةُ بكُلّ فخرٍ/ كحُجّاجٍ يؤدّون المشاعرْ/ رصفتُمْ أرضَكم بدماءِ طُهرٍ/ بعزمٍ لا يلينُ ولا يغادرْ/ وبالبأساءِ صُغتُم سِفرَ مجدٍ/ قصمتُم بأسَ جبّارٍ وغادرْ/ فهل تسفو الرّياحُ بِذارَ غِلٍّ/ وإن أبدتْ مودّتَها الضّرائرْ/ أضأتُم في دُجى الإظلام، بدرا/ فصرتُم في غياهبهِ منائرْ..». أما الشاعر د. سعيد أصيل، من المغرب، فقرأ قصيدة حوارية بين ابن ووالده، وفيها يقول: «يا أبتي/ وضعتني في زحام يجول/ خبأتني في خارطة تشيخ/ تزهو بقمصانها/ تضع المساحيق على غيابها/ كي يرقص الجنود فوق الحقائب المبعثرة في فسيفساء الفراشات/ فلا أجد غير جسر غارق في دجلة القلب/ وفي هلال الخصب..». وكانت شاركت في اللقاء الأديبة شيرين العشي، التي قرأت قصيدة من أشعار الشاعر نايف الهريس، عن المناضلة الفلسطينية سناء شلبي التي أضربت عن الطعام حتى فُك أسرها ورحلت قسرا إلى غزة، ومما جاء فيها: «لمعان سيف بالوعيد يداني/ جوع احتياج حرائر النسوان/ سبحان من جعل السماء مُعينة/ ربيانة تسطو على حيتان..».