|
عرار:
إعداد: فوّاز الشعّار لُغَتنا العربيّةُ، يُسْرٌ لا عُسْرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومُفرداتٍ عذبةٍ تخاطبُ العقل والوجدان، لتمتعَ القارئَ والمستمعَ، تحرّكُ الخيالَ لتحلّق به في سماء الفكر المفتوحة على فضاءاتٍ مرصّعةٍ بدرر الفكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدورِ اللغةِ العربيةِ الرئيسِ في بناءِ ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، ننشرُ زاويةً أسبوعيةً جديدة تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضادِ السّاحرة. في رحاب أمّ اللّغات «التّورية» أنْ يَذْكُرَ المُتَكلّمُ لَفْظاً مُفرداً لهُ مَعْنيان: قريبٌ ظاهرٌ غيْرُ مُرادٍ، وبَعيدٌ خفيٌّ هو المُراد؛ منه قولُ سِراج الدين الورّاق: وَقَفْتُ بأطْلالِ الأحِبَّةِ سائلاً ودَمْعيَ يَسْقي ثَمَّ عَهْداً ومَعْهدا ومِنْ عَجَبٍ أنّي أُرَوّي ديارَهُمْ وحَظّيَ مِنْها حِينَ أسألُها الصَّدى المَعْنى القريب للصّدى: «الظّمأ»، بقرينةِ «أروّي»، لكنّهُ قصدَ تَرْدادَ الصّوْتِ. وقولُ ابنِ الظاهر: شُكْرًا لِنَسمةِ أَرْضِكم كم بَلَّغَتْ عنِّى تَحِيّةْ لا غرْوَ إِنْ حفِظَت أَحا ديثَ الهوى فهي الذَّكِيَّةْ المَعْنى القريب ل«الذَّكِيَّةْ»: الذكاءُ والقرينة: حَفظت، والبعيدُ: العَليلةُ المُنْعشة. دُررُ النّظم والنّثْر حَلَفتُ لَهَا البحتريّ (بحر الطويل) حَلَفتُ لَهَا بِاللَهِ يَوْمَ التَفَرُّقِ وَبِالوَجْدِ مِنْ قَلبِي بِها المُتَعَلِّقِ وَبِالعَهْدِ ما البَذْلُ القَليلُ بِضائِعٍ لَدَيَّ وَلا العَهْدُ القَديمُ بِمُخلِقِ وَأَبْثَثْتُها شَكْوى أَبانَتْ عَنِ الجَوى وَدَمْعاً مَتى يَشهَد بِبَثٍّ يُصَدَّقِ وَإِنّي لَأَخْشاها عَلَيَّ إِذا نَبَتْ وَأَخْشى عَلَيها الكاشِحينَ وَأَتَّقي وَإِنّي وَإِن ضَنَّت عَلَيَّ بِوُدِّها لَأَرتاحُ مِنْها لِلخَيالِ المُؤَرِّقِ أَجِدَّكَ ما وَصلُ الغَواني بِمُطمِعٍ وَلا القَلبُ مِنْ رِقِّ الغَواني بِمُعتَقِ وَكُنتُ مَتى أَبعُدْ مِنَ الخِلِّ أَكتَئِبْ لَهُ وَمَتى أَظعَن عَنِ الدّارِ أَشتَقِ تَلَفَّتُّ مِنْ عُليا دِمَشقَ وَدونَنا لِلُبنانَ هَضْبٌ كَالغَمامِ المُعَلَّقِ إِلى الحيرَةِ البَيْضاءِ فَالكَرْخِ بَعْدَما ذَمَمْتُ مُقامي بَيْنَ بُصْرى وَجِلِّقِ إِلى مَعقِلَيْ عِزّي وَدارَيْ إِقامَتي وَقَصدِ اِلتِفاتي في الهَوى وَتَشَوُّقي مَقاصيرُ مُلْكٍ أَقبَلَتْ بِوُجوهِها إِلى مَنظَرٍ مِن عَرصِ دِجلَةَ مونِقِ كَأَنَّ الرِّياضَ الحُوَّ يُكسَيْنَ حَوْلَها أَفانينَ مِن أَفوافِ وَشيٍ مُلَفَّقِ إِذا الرّيحُ هَزَّتْ نَورَهُنَّ تَضَوَّعَتْ رَوائِحُهُ مِنْ فَأرِ مِسكٍ مُفَتَّقِ من أسرار العربية في مَحَاسِنِ العَيْنِ: الدَّعَجُ: شِدّةُ السَّوَادِ مَعَ سَعَةِ المُقْلَةِ. البَرَجُ: شِدَةُ سَوَادِهَا وَشِدَّةُ بَيَاضِهَا. النَّجَلُ: سَعَتُها. الكَحَلُ: سَوَاد جُفُونِهَا مِنْ غَيْرِ كُحْل. الحَوَرُ اتِّسَاعُ سَوَادِهَا كما َهُوَ في أعْيُنِ الظِّبَاءِ. الوَطَفُ: طُولُ أشْفَارِهَا وتمامُهَا؛ ويقال في وصف النساء: نَجْلاء، وحَوْراء، ووَطْفاء.. قالَ جرير: إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرْفِها حَوَرٌ قَتَلنَنا ثُمَّ لَمْ يُحيِينَ قَتْلانا يَصْرَعنَ ذا اللُبِّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَرْكانا أما في مَعَايِب العين، فالحَوَصُ: ضِيقُ العَيْنَينِ. والخَوَصُ: غُؤورُهُمَا مَعَ الضِّيقِ. والشَتَرُ: انْقِلاَبُ الْجَفْنِ. والعَمَشُ: أنْ لا تَزَالَ تَسِيلُ وتَرمَصُ. والكَمَشُ: أنْ لا تَكَادَ تُبْصِرُ. والغَطَشُ: شِبْهُ العَمَشِ. والجَهَرُ: أنْ لا يُبْصِرَ نَهَاراً. والعَشَا: أنْ لا يُبصِرَ لَيْلاً. والخَزَرُ: أنْ يَنْظُرَ بِمُؤخَّرِ عَيْنِهِ. والقَبَلُ: أنْ يَكُونَ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلى أَنْفِهِ، وَهُوَ أهْوَنُ مِنَ الحَوَلِ. هفوةٌ وتصويبٌ يقولون «ألقتِ الشرطةُ القبْضَ على المُجرم». وهي غيرُ صحيحةٍ؛ فمن مَعاني الفعل «ألقى»: ألقَيْتُ الشَّيءَ إلقاءً: نَبَذْتُهُ. وأنا ألْقى فُلاناً: أجِدُهُ. ومنْ مَعانيها: الاجتماع، قال أحد الشعراء: وإنِّي لأَهْوَى النّومَ مِنْ غَيْرِ نَعْسَةٍ لعلّ «لُقَاكمْ» في المَنامِ تَكُونُ اللُّقى هنا بِمَعْنى اللقاء. واللَّقْوَة: مَرَضٌ يُصيبُ الوجْهَ فيُميلُه إِلى أَحدِ جانِبَيْهِ. إذن؛ لا معنى ل«ألقتِ القَبْض»، والصّوابُ «قبضتِ الشُّرطةُ المُجرمَ»، أو«قَبَضَتْ على المُجرم» أي أخذته. وكثرٌ يقولون «أطْلَقتْ المحكمة سَراحَ البريء»، وفيها حَشوٌ، لأنّ الإطلاقَ والتّسريح، بمعنى واحد، فإما أن نقول: «أطلَقَتْه»، وإما «سَرَّحَته». من أمثال العرب أَنْتَ في مَعْشَرٍ إِذا غِبْتَ عَنهُمْ بَدَّلوا كُلَّ ما يَزينُكَ شَيْنا وَإِذا ما رَأَوكَ قالوا جَميعاً أَنْتَ مِنْ أَكْرَمِ الرِّجالِ عَلَيْنا البَيْتان لبشّار بن بُرد، يَنْتقدُ فيهما صفةَ النّفاقِ الموجودةَ في بَعْضِ النّاس، وهؤلاء بالتّأكيد لا يؤمَنُ جانبُهم، ومنَ الضّروريّ توخّي الحَذر منهم، والتّعاملُ معهم بحرصٍ شديدٍ. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 29-10-2021 10:08 مساء
الزوار: 990 التعليقات: 0
|