|
عرار: في الحلقة الأولى من مرحلة الستة...نخبة فرسان الشعراء حاموا حول العشق والتاريخ والشعر...أربعة منهم حصلوا على 58 درجة من لجنة التحكيم، وجلّهم أبدع في المجاراة...آلية جديدة للحلقة القادمة، والجمهور لاعب رئيس هي بالفعل "حلقة النخبة"، تلك التي احتضنت الأبرز شعراً وحضوراً من بين الفرسان الذين تقدموا للموسم الخامس من مسابقة "شاعر المليون". فبعد أربعة جولات شملت كلاً من أبوظبي والكويت والأردن، وصل 100 شاعر فقط من أصل عدة آلاف إلى عاصمة الشعر، ومن الـ100 انتقل فقط 48 شاعراً إلى منافسة حاسمة، سواء أهّلتهم اللجنة أو صوّت لهم الجمهور، والمثابرون منهم وصلوا إلى مرحلة الـ 24، والمجدّون انتقلوا إلى مرحلة الـ12، فيما لم يبق في مرحلة الـ6 التي بدأت ليلة أمس إلا مجموعة فريدة، لتلقي أجمل ما لديها، فأسرت من أسر من الجمهور، واستنطقت أعضاء لجنة التحكيم ليقولوا كلمات أقلها (جميل ورائع). من مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي ، وبحضور سعادة محمد خلف المزروعي عضو مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وحشد من الأدباء والشعراء، ارتفع صوت أرق وأعذب من المتخيل، وأقوى وأصلب من المتوقع، وذلك خلال أمسية كانت متميزة نقلتها قناة شاعر المليون وقناة أبوظبي ـ الإمارات مع حلول الساعة التاسعة مساءً. لم يكن وحدهم الشعراء متأهبون، فالجمهور الذي ملأ المدرجات كان متأهباً أيضاً، لدرجة أن بعض أفراده حمل صور من يتمنون له تسلّم البيرق من شاعر الموسم الرابع ناصر العجمي. د. ناديا بوهنّاد أطلت من استوديو التحليل لتؤكد أنه ليست لديها ملاحظات على المتسابقين، لأنها ـ وكما قالت ـ إنهم تجاوزا كل ما نبهتهم إليه، وإن بعضهم تطورت أداءاتهم وحضورهم على الخشبة. قبل أن تبدأ أحداث الحلقة الـ13 من مسابقة "شاعر المليون" أعلن حسين العامري عن الفائزين من بين الشعراء الخمسة الذين انتظروا أسبوعاً كاملاً ريثما يصوّت الجمهور لصالح اثنين منهم، فتأهل الإماراتي راشد أحمد الرميثي بدرجات وصلت إلى 60%، فيما تبعه في الدرجات السعودي سيف السهلي الذي حصل على 58%، أما الشعراء منصور فهيد الغامدي وماجد لفى الديحاني وعلي بن نايف الغامدي فقد ودعوا المسابقة والجمهور، لكنهم لم يخرجوا من قلوب متابعي مسيرتهم، فقد حفروا عميقاً وبشكل محترف في ساحة الشعر النبطي، وهذا ما شهدت لهم به لجنة التحكيم المكونة من د. غسان الحسن وسلطان العميمي وحمد السعيد. المنصوري.. المبدع في كل حالاته على مسرح شاطئ الراحة ومع اكتمال عدد لآلئ العقد وقف من الإمارات أحمد بن هياي المنصوري، وراشد الرميثي، ومن الكويت بدر المحيني العنزي، ومن السعودية سيف السهلي وعبدالله بن مرهب البقمي وعلي البوعينين التميمي. لكن أول من بدأ بالشعر كان أحمد بن هياي المنصوري الذي قال في مطلع قصيدته التي تتحدث عن الشعر: علم اللي رقبنا عند باب القدوم بإذن ربي بنوصل شفه ومبتغاه ما بقى لنهائي غير دفع الرسم عقب ختم الجمارك حدّد الاتجاه البضاعه سليمه والجواز مختوم واحمد الله عبرناها بكرت النجاه فالقوافي نحوم وف الماني نعـوم ومن تنومس يبارك له جميع اخوياه د. غسان الحسن أكد أن هذه المرحلة من المسابقة حاسمة، سيما وأن ملامح الفوز بدأت بالانكشاف أكثر، ثم تابع حديثه وأدلى برأيه بقصيدة المنصوري، فأشار إلى أنه وجد فيها الكثير من الجمال، حيث جاءت مدروسة، وفيها طرح الشاعر معادلاً موضوعياً لما يريد أن يقول، حيث ذهب من خلال أبياته إلى لجمارك والرسوم أي ما يجري في الموانئ عادة، وأضاف بأن كتلة التصوير المتواجدة في القصيدة تشبه اللحظة التي يقف فيها الشاعر، كما أشار د. غسان إلى البيت الثالث (ما بقى لنهائي غير دفع الرسم/ عقب ختم الجمارك حدّد الاتجاه) ووصفه بأنه جميل جداً، وإلى البيت (ف القوافي نحوم وف المعاني نعوم/ ومن تنومس يبارك له جميع اخوياه) الذي فيه سجع وتصوير حركي تمثيلي جميل لبيئة معينة، وأشار كذلك إلى التصويرات الجزئية والأخرى الكاملة الجميلة التي وردت في النص، ولعل ما لفت انتباه د. غسان أن الشاعر كرس جزءاً من الموضوع للشيخ زايد بما لديه من فطرة وبصيرة وهو ما يؤكد البيت (خبر اللي تعلم في جميع العلوم/ زايد الدار هذي خططتها عصاه). سلطان العميمي من جهته رأى أنه كان للمنصوري ليلة أمس الألق ذاته الذي حققه في حلقات سابقة، والأسلوب السهل الممتنع ذاته كذلك، فالقصيدة التي قدمها مكتوبة بسلاسة وبعذوبة، وهي تأخذنا إلى عمقها، وأضاف: هذا الشعر يرقى للمرحلة، ولوجودك في المنافسة، والقصيدة في البداية تعطي انطباعاً بأنها مرحلية، لكنك ـ والكلام موجه للشاعر ـ خرجت من الإطار الضيق للحديث عن الوطن وعن الشيخ زايد بصيغة ليس فيها مدح بقدر ما فيها وصف للشاعر وللناقد وللمعلم زايد، ثم أشار إلى البيت الذي أشار إليه د. الحسن وهو (خبر اللي تعلم في جميع العلوم/ زايد الدار هذي خططتها عصاه)، فهو بيت يختصر سيرة طويلة. حمد السعيد أعجبه النص، ووصفه بأنه جميل، ويصلح لهذه المرحلة حيث أن الأمل واضح في بعض أبياته، سيما وأن البيرق لم يعد بعيداً عن الشعراء، والشاعر هنا يؤكد شاعريته، وحين تحدث عن الشيخ زايد هيأ المتلقي، ثم عدد صفاته وأعطى نبذة عن زايد الشاعر، وعن أغراضه الشعرية، فجاء النص ذكياً وتألق المنصوري فيه، وأكد أنه مبدع في كل حالاته. المحيني.. والتحليق خارج السرب الكويتي بدر حمد المحيني حل ثانياً في إلقاء الشعر، وكما هي عادته ألقى نصاً بابتسامة لا تفارق وجهه، وبراحة واضحة، وبثقة ممزوجة بطفولة الشاعر، فقال في بداية نصه: العمر لين اليوم بالانتظارات متى الوصول؟ وكم منه البقيه؟ ما امرّ من طعم الصبر بالمسافات إلا تجرع كاس من واقعيه أنا دفنت البحر تحت ابتسامات رغم المطر رغم الرياح القويه يا كثر ما جبّر من الانكسارات تطيح دمعه، ترتفع معنويه سلطان العميمي علق على بدر بالقول: أنت أول شاعر عاشق في المسابقة، وأول من يجعل من الحبيبة محور حياته، ومن يجعل من المطارات القاهرية مصب اهتمامه، وهذا دليل جرأة، ودليل على أنك تحمل الكثير من جنون الشعراء والمحبين، أما في الأبيات (يا كثر ما اجبّر من الانكسارات/ تطيح دمعه ترتفع معنويه)، (وبجيوبي المليانه من الفراغات/ ما زلت فوق الرحله الليلكيه)، (عويد كبريتٍ ولكن بلحظات/ يسوي الواجد مع انه شويه) فقد حلقت خارج السرب. حمد السعيد بدأ من البيت الأول (العمر لين اليوم بالانتظارات/ متى الوصول؟ وكم منه البقيه؟) ليؤكد أن النص جميل جداً، وأن الغربة مع الشاعر أينما ذهب، لكنه لفت إلى النظرة المتفائلة والجميلة التي تبدّت في البيت (أكيد لي وحده ما بين المحطات/ تنفض غبار سنيني الأوليه)، أما البيت (عويد كبريتٍ ولكن بلحظات/ يسوي الواجد مع انه شويه) ففيه استحضار لمثل عربي، وختم بالقول: أنت مدهش شعراً وحضوراً، ولهذا تحصد المزيد من الجمهور. د. غسان الحسن قال: صرنا ننتظر قصيدتك كما المسلسل، فهي تجربة متصلة بما سبقها، فالتجربة سابقة كانت تتحدث عن العادات والتقاليد، والثانية عن فتاة نصرانية، وهنا تجربة لها علاقة بالشرفة القاهرية، وعموماً في القصيدة انسياب واضح، حيث لا نستطيع التوقف إلى أن ننتهي منها، كما أن المعنى متسلسل ومتصل وسهل كما في البيت (وبجيوبي المليانه من الفراغات/ ما زلت فوق الرحلة الليلكيه)، أما البيت (ووساده أنعم من كفوف الأميرات/ تحد من ثوراتي الداخليه) ففيه صدق جميل وفني، فيما بدا البيت (من قاسي الأحجار كفين نحات/ سوّت تماثيل المدن عالميه) جميلاً حيث هناك إسقاط على ما خلفته الحضارات، وختم بجملة جعلت الشاعر يفرج عن ابتسامة من القلب، حيث قال د. الحسن: النص غاية في الجمال. البقمي.. والتشبيهات الضمنية الجميلة مواويل الشاعر السعودي عبدالله بن مرهب البقمي جاءت على طرق المنكوس، وحملت مفردات وصور وتشبيهات قلما يأتي الشعراء بها، ومنا قاله في مطلع قصيدته: مواويل صدري من صداها نسيت أنام نديمه نسيم الليل وأغلى معازيمه عزفها وتر حلمٍ نسف باقي الأحلام ليامرني وجهه وضاعت تقاسيمه عليه السلام العذب واشراقة الاعوام بعد ثبت العقل المبجل مفاهيمه أحث الليالي واسبق الوقت مشي اقدام ولو صار في جو التوافيق تعتيمه حمد السعيد بدأ من طرق المنكوس، وأشار إلى أن ما قدمه البقمي إنما هو تكملة لما جاء به في نص سابق، ثم وصف مدخل القصيدة بأنه جميل جداً، كما لفت إلى تميز الأبيات (أحث الليالي واسبق الوقت مشي اقدام/ ولو صار في جو التوافيق تعتيمه)، و(تجنبت لي دربٍ يودي للاستسلام/ وتنحرت لي بابٍ مفاتيحه الشيمه)، و(تحت فيّة الكراسي "أمل" في يدين اقزام/ سياساتهم "نربح" على شان تهديمه)، أما الجزء الأخير من النص (لبست التفاؤل لاجل أداري لبوس احرام/ عسى الوادي المسني عقب سيله بديمه) والذي يعتقد المتلقي من خلاله أن الشاعر خرج من الموضوع، إلا أنه يصلح لموضوع القصيدة المتسلسل أو لأي موضوع آخر. د. غسان الحسن وجد النص جميلاً، وكذلك المطلع الذي دخل منه الشاعر إلى الموضوع، وفي البيتين (مواويل صدري من صداها نسيت أنام/ نديمه نسيم الليل وأغلى معازيمه)، و(عزفها وتر حلمٍ نسف باقي الأحلام/ ليامرني وجهه وضاعت تقاسيمه) كثير من العبارات والصور الرائعة، وحين وصل الشاعر إلى (لكن الهدف صبر جميل وعزم مقدام/ يا لولا الأمل روح الفقاري بلا قيمه) فإن الشطرين يبدوان وكأن لا علاقة بينهما، غير أن فيهما تشبيه ضمني يأتي بمقولة مسلم بها تتمثل في (روح الفقاري بلا قيمه)، حيث يبرهن الشاعر من خلالها على ما قاله في السابق، كما وجد د. الحسن في البيت (إذا الجرح باضلاعي قضي فترة استجمام/ فلا ينفع لقتل الفشل كود) مقولة ثانية دخلت في إطار التشبيه الضمني، وهذا قلّما يأتي به الشعراء، وقد رأى د. غسان أن القصيدة انقسمت إلى قسمين، في القسم الأول ذهب الشاعر إلى اليأس والأمل والأماني، وفي الثاني انتقل للحديث عن المتنفذين، وكان الرابط بينهم أن المتنفذين وقفوا في وجه أحلامه، أما البيت (تحت فيّة الكراسي "أمل" في يدين اقزام/ سياساتهم "نربح" على شان تهديمه) ففيه حذر واحتراس، وباختصار: النص جميل. سلطان العميمي انطلق من الرأي بأن القصيدة اتكأت على محورين، المحور الأول يدور حول الهم الذاتي، والمحور الثاني يدور حول القضية التي تطرق إليها الشاعر، وقد تحدث عنها الشاعر بذكاء وبوعي، لكن أجمل ما يميز هذين المحورين روح التفاؤل، والصور المختلفة، والمعاني المتميزة. البوعينين.. روعة ليست غريبة عليه إلى والده أهدى الشاعر السعودي علي البوعينين التميمي قصيدة "أنا العنوان"، والتي بدأها بالمطلع: نويت اخفيك وانت بداخلي مكشوف تأمل بي عفو ما دمت انا الغلطان يا مغرقني بجميلك اسّد لي معروف بحر عطفك غزير وعد لك الربان كثر ما تعتبر كل الضعوف ضيوف فتحت لضيقتي من جودك البيبان يبه لو تخرج اشعاري عن المألوف فانا شاعر سجين بعالم النسيان د. غسان الحسن اعترف أن البوعينين يدهشه دائماً، وأكمل إدهاشه في نص الأمس، حيث وجد فيه د. الحسن لعبة ليست لغوية، إنما لعبة مشاعر، فالشاعر يعيش في جلباب أبيه مرة، ومرة خارجه، مرة في ظله وأخرى ينطلق بعيداً عنه، ليتوحد مرة ثالثة معه، فهذا الدخول والخروج يدل على البوح الداخلي والبوح الخارجي، وهو ما يتأكد من خلال البيت (نويت اخفيك وانت بداخلي مكشوف/ تأمل بي عفو ما دمت انا الغلطان)، فبين الداخل والخارج لعبة جميلة وغريبة، ثم إن النص يبوح بما فيه بسهولة، حيث لكل مفردة دلالة وفيها الكثير من المعاني، والنص الذي يشرح دوافع الشعر لدى الشاعر، والمتمثلة بنشر الأخلاق وبالحديث عن الصحراء وعن أمور أخرى فيه صور رائعة مثل (بـجـدران الامـاني مـالـقـيـت رفوف/ ترتبني شـعر وتـزين الجـدران)، و(رسمت احلام عمـري والزمن مكفـوف/ وصدري علبةٍ وضلوعي الالـوان)، وهذا ليس غريباً على التميمي. سلطان العميمي قال إن الشاعر هادئ، لكنه في الشعر يحمل شعلة لا تنطفئ، فهو ثائر إنسانياً، ثم إن قصيدته تحمل لونه الشعري الإنساني المرتبط بالمكان وبعناصره مثل الصحراء والبحر والطيب والعطر وضو الزمان والمدرسة وغير ذلك من العناصر التي هي جزء مهم من قصائد البوعينين، أما مطلع القصيدة ففيها يمارس الشاعر لعبة على ذاته وعلى المتلقي، لعبة مكشوفة ومقصودة ومصرح بها، وهذا ما دفع العميمي للقول إن في تلك القصيدة رونق خاص. حمد السعيد قال في مقدمة كلامه الذي وجهه للبوعينين: أنت شاعر، وأنت مواكب للأحداث، وهذه القصيدة تلحق بسابقتها، وفي البيت (يبه وتخرج اشعاري عن المألوف/ فانا شاعر سجين بعالم النسيان) يبدو الشاعر وكأنه يبرر خروجه عن المألوف، لكنه جميل أينما كان، وهذا ما بدا من خلال انتقاله إلى الجزء الوطني ممثلاً بالنشيد وبشعار السعودية وبالصحراء، وفي العموم النص جميل جداً، وهو في غاية الروعة والأصالة. الرميثي.. يستحضر الشعراء القدماء الإماراتي راشد أحمد الرميثي توقف عند عروس الشعر، وألقى نصه "نُصير الـشعر" الذي قال في بدايته: دعتني عروس الشعر عنوة بليلها وحظّي بها يوم أنجبت لي جزيلها سلايل أصيلة تكرم السمع والنظر سقتها حماها بوظبي سلسبيلها ولد عمّها كل حرف يسمو بعزّته وأما حروف الذل ما تستوي لها بعد شكوة الأطلال في ساحة الأدب مآثر غزو لذريق سبّب هميلها سلطان العميمي أشار إلى أن القصيدة جاءت في ثلاثة كتل، كل كتلة لها ثقلها الشعري وفكرتها، الأولى تتعلق بالموروث الشعري وقد استطاع الشاعر تطويعها، والثانية وظف فيها ثقافته باستحضار زريق من التاريخ وكذلك طليطلة التي ربطها مع راعي المسابقة، أما الكتلة الثالثة فهي موضوع القصيدة والتي جاءت مباشرة عن الشعر، وأضاف العميمي بأن الرميثي ذكره بالشاعرين الماجدي بن ظاهر وراشد الخلاوي، فهو يكتب بذات الجزالة، كما في البيت (وأقول الرطب يطلب من الوقت أصدقه/ وخلوا رعاة الزرع تخرف نخيلها) والقصيدة في عمومها جاءت متماسكة، وكل فكرة فيها تمهد لما يليها. حمد السعيد أكد أن الرميثي في كل حلقة يظهر أسلوباً مختلفاً عن الآخر، وأنه متمكن من كل البحور، وهنا يتمثل الإبداع، أما في قصيدة ليلة الأمس فقد جاءت على الطرق الهلالي الجميل جداً، والذي يحتاج إلى دقة كبيرة، وأضاف السعيد بأن الرميثي قال في عدة أبيات (عروس الشعر، أنجبت لي، سلايل أصيلة، ولد عمّها) فجاء وصفه جميلاً، كما استطاع الانتقال إلى ذائقة الجمهور وإلى أنواع من خلال عدة أبيات أخرى مثل (ولا انت مرضي بالشعر كل ذايقه/ وأحيان نفسك ما رضيت بحصيلها)، و(يقولون عذب القاف ما كان أكذبه/ ولا فرق دام إنه نداري عليلها)، (وأقول الرطب يطلب من الوقت أصدقه/ وخلوا رعاة الزرع تخرف نخيلها)، وفي كل ما ورد من مفردات أصالة، وجمال في الصور الشعرية، حيث أن الرميثي يكتب بنفس قديم، وقد جمع بين البيئة الحديثة والبيئة الأصيلة، وختم بالقول إن القصيدة مدهشة، والشاعر مبدع، والبيرق ليس بعيداً. د. غسان الحسن بدأ من الوزن الهلالي الذي يقتضي جزالة العبارة والمفردة، وهو عموماً وزن رزين ومعتق، وقد نجح الشاعر فيه، أما النص ففيه من الجزالة ما يليق بالبحر، وقد تقاطع بسهولة مع راشد الخلاوي، كما فيه صور تمثيلية عظيمة، الصورة الأولى تتحدث عن عائلة الشعر التي أنجبت (سلايل أصيلة)، والصورة الثانية ذهبت إلى التاريخ العربي الإسلامي الذي غرف من معارفه الشاعر وصب في نصه، أما أشطر الأبيات الأخيرة فجميعها تصلح لأن تؤخذ حِكَماً وأمثالاً (ولا يطمع الجوعان في كثرة النعم)، والسبب يعود إلى تكوينها اللغوي وتكثيفها واختزالها وجزالة لفظها وحسن صياغتها، والنص بمجمله جميل ومتماسك. السهلي.. صاحب الأبيات المحكمة سيف السهلي كان آخر الشعراء، فألقى نصاً واقعياً لكنه حلو كما وصفه حمد السعيد، ومما قاله السهلي في المطلع: كتبتك صفحاتي سما والحروف نجوم تنفس فضاها زفرة إحساسك السامي قمر قبلتك جوه عسام وعليه غيوم وعيونك هدبها منكسر كسرة اعصامي تمرين بصدور السوالف وخيذة قوم سلب عمرها تايه بصيره ومتعامي ربيتي على يسر القناعات والمقسوم وقصر من الاحلام عالي ومترامي وأضاف حمد السعيد أن النص جميل على الرغم من أن الشاعر أخفى ملامح القصة، ولم يفصح بها، كما أبدى إعجابه بأبيات عديدة مثل (تمرين بصدور السوالف وخيذة قوم/ سلب عمرها تايه بصيره ومتعامي)، والأبيات بمجملها ـ كما قال ـ في غاية الجمال من بداية النص إلى نهايته، ثم وصف الشاعر بأنه مبدع وخصوصاً عندما قال (كتبتك صفحاتي سما والحروف نجوم/ تنفس فضاها زفرة إحساسك السامي). د. غسان الحسن أكد أن النص ملتزم، وينطلق من تجربة واقعية، وهدفه كشف عيوب المجتمع ونقائصه، وقد اتبع الشاعر أسلوب مخاطبة الفتاة من خلال عدة مفردات مثل (تمرّين، ربيتي، دموعك)، إلى أن يقول (ويمر الفرح والحزن في مشهد درامي) وهنا ذهب الشاعر للتعبير عن الموقف الدرامي باستخدام الوصف لكنه لم يصور الشخوص، فحبذا لو أسند الحديث للشخوص ذاتها كي يكون النص أكثر تأثيراً، فالوصفية أضعفت المشهد الدرامي، ومع ذلك يبقى النص ثرياً، وصوره جميلة. سلطان العميمي ختم الآراء النقدية بقوله: إن هذه القصيدة من أجمل ما قدم الشاعر، فهي في الفكرة مميزة، وكذلك في وعيها وعمقها، كما أن كل بيت محكم، أما التصوير في البيت (تمرين بصدور السوالف وخيذة قوم/ سلب عمرها تايه بصيره ومتعامي) فهو خطير جداً. من القصائد انتقل فرسان الشعر إلى الجزء الثاني من الأمسية، وهو الخاص بالارتجال، وقامت معايير التنافس وفق آلية شرحها حمد السعيد بقوله: سنعطي لكل شاعر بيتاً ليرتجل بيتاً على أساسه، وذلك مرتين خلال الحلقة، فالارتجال فيه جمالية، وهو يثبت قوة الشعراء، ثم إن اللجنة تريد الإثبات للمتلقي أن اختيار هذه النخبة لم يأتِ من فراغ، وستمنح اللجنة خمس درجات عن كل بيت. كانت المجاراة سباقاً مع الزمن، فكل متسابق كان مطلوباً منه أن يجاري بيتاً مكتوباً على بطاقة، وكان على المتنافسين كتابة المجاراة خلال دقيقتين، وهي من دون شك لحظات حاسمة، بحاجة إلى تركيز، وإلى جهد نفسي وعقلي، وبالتالي فإن هكذا مجاراة إنما تشكل امتحاناً صعباً لسرعة البديهة ولحسن الاختيار. أنهى الشعراء المجاراة، وأبدت لجنة التحكيم إعجابها بما كتبه الشعراء في مجاراتهم التي أكملوا فيها معنى البيت الأساس، إلا أن أحمد بن هياي المنصوري خرج عن التفعيلة. أما الدرجات المخصصة للجنة فهي 60، والدرجات المخصصة للجمهور فهي 40، لكن حلقة ليلة الأمس ليس فيها رابح أو خاسر، وحسب تقييم اللجنة فقد أعطت أحمد بن هياي على 48 درجة، وهو الذي حصل من جمهور المسرح 34%، كما حصل سيف السهلي وعلي البوعينين وراشد الرميثي من اللجنة على 58 درجة، وهي ذات الدرجة التي حصل عليها بدر المحيني الذي منحه جمهور الموقع 34% ، وجمهور المسرح 47 %، فيما حصل عبدالله بن مرهب على 56 درجة. ومن أجل الحلقة القادمة طلب سلطان العميمي من الشعراء أن تكون معهم قصائدهم الحرة الوزن والقافية والموضوع، شرط ألا تنقص عن 10 أبيات ولا تزيد عن 15 بيتاً، بالإضافة إلى قصائد يعتبرونها أجمل ما كتبوه ليقدموها مع قصيدتهم الرئيسة، وستكون الدرجات مقسمة بين اللجنة والجمهور، حيث للجنة 60 درجة للحلقة القادمة وللحلقة التي تليها أي حلقة الإعلان عن حامل اللقب، و40 درجة للجمهور. انتهت الحلقة جميلة كما بدأت، وحماسية كذلك، ليست بالشعر وحده، إنما بالمطالع التي قالها الشعراء قبل قصائدهم، وبالأبيات التي طلبها منهم الجمهور الذي كان مبتهجاً منذ الساعة التاسعة وحتى الثانية عشرة منتصف الليل وقت ختام الحلقة. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 29-03-2012 09:00 مساء
الزوار: 1623 التعليقات: 0
|