|
عرار:
نظم المجلس الثقافي البريطاني في تونس خريف 2018 مشروع «مجاز» الذي جمع فيه خمسة شعراء بريطانيين، تتعدد جذورهم الثقافية وتجاربهم الشعرية وحساسياتها، مع عشرة شعراء من المغرب الكبير، ويمكن أن نتصور أي ثراء يمكن أن ينتج عندما يكون لقاء كهذا، ينعقد على الشعر وترجمته من لسان شكسبير وتيد هيوز إلى لسان المتنبي، وكذلك في الاتجاه المعاكس، بالإضافة إلى قصائد، أدرجت في اللسانين الأمازيغي والاسكتلندي القديم. في تقديمه لأنطولوجيا الشعر البريطاني، الذي شاركته في الترجمة الشاعرة فاطمة كرومة، وصدرت تحت عنوان «تحلية المرارة» يقول الشاعر التونسي أشرف القرقني: أتاح لنا «مجاز» أن نلتقي أولاً، لا من جهة الاتصال في فضاء واحد فحسب، وإنما أيضاً من جهة إبداع، لتوتر أفكار، لا تنجم عنه إلا آفاق جديدة، ومن بين هذه الآفاق، كان ملف قصائد الشعراء المغاربة منشوراً في ترجمته الإنجليزية، بإحدى أهم مجلات الشعر والترجمة في المملكة المتحدة، وهي مجلة «الشعر الحديث مترجماً» التي كان أحد مؤسسيها الشاعر الكبير تيد هيوز، والتي تديرها اليوم الشاعرة والمترجمة كلير بولارد. جولة الشعراء المغاربة - ومن بينهم مترجما هذا العمل - نظمت من قبل المجلس الثقافي البريطاني، وأُعدت لقاءات وقراءات شعرية ولقاءات صحفية لهم في مدن ومنابر كثيرة داخل المملكة، إثر ذلك كانت هذه الأنطولوجيا، ولعلها بكل ما تأتيه لاحقاً من فرص ولقاءات ومشاريع جديدة تظل تنتسب من حيث الوفاء والفكرة إلى «مجاز» على حد تعبير أشرف القرقني. يقول القرقني في مقدمته للأنطولوجيا: أما من الجهة الأخرى، فقد كنت أطمح دوماً - وأنا أجيل بصري وفضولي في ما هو مترجم من الشعر العالمي - لقراءة تجارب شعرية بريطانية في اللسان العربي، وذلك لأسباب عديدة، ليس أقلها الأهمية الثقافية والتاريخية التي لعبتها بريطانيا في حركات الشعر سواء في الحقبة الرومانسية أو ما تلاها من الحقب الأدبية الحديثة. *حساسية فنية كما أنه من اللافت أن الأدب البريطاني الذي مثل جذر الأدب الأمريكي مثلاً ورافده الأول هو أقل انتشاراً لدى الشعراء العرب المعاصرين من تاليه، وإن كانت لذلك أسباب سياسية متصلة بعولمة الثقافة ورياحها ربما، فإنه من الأجدر أن يلعب المرء دوراً في اكتشاف هذه الحساسيات والتجارب المحتجبة وكشفها للآخرين، قراء وكتاباً. يشير القرقني: لمثل هذا وغيره، طمحت دوماً - بصفتي قارئاً وشاعراً ومترجماً - أن تكون لي يد في خلق ترجمة لمختارات من الشعر البريطاني المعاصر حتى يكون هناك تنافذٌ، هنا الآن، بين هذين الأدبين: الأدب العربي والأدب البريطاني، ومرة أخرى، أعادنا المجلس الثقافي البريطاني إلى «مجاز» وشعرائه الخمسة الذين كانوا نواة هذه الأنطولوجيا الأولى. كما أنهم اقترحوا أسماء شاعرات وشعراء ذوي تجارب مختلفة وثرية من حيث أصولها الثقافية وجذورها القارية وتنوع حساسياتها الفنية وهواجسها الفكرية. هذا التنوع والإيمان المحب للاختلاف والتعدد بصفتهما قيمة حية، بل قيمة الحياة واسترسالها في شتى ضروبها الطبيعية والثقافية هو شطر وافر من «تحلية المرارة» التي تحيط بنا من كل الجهات، ولا بد للشعر أن يلعب دوراً، ليس دور المسكن - كما يحسب كثيرون - وإنما المشير إلى الداء بعيون جريئة، توعية وتثقيفاً ونقداً طامحاً إلى التغيير. الخليج الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 22-09-2022 10:01 مساء
الزوار: 830 التعليقات: 0
|