مكتبة الأسرة تعيد طباعة “القدس مفتاح السلام” للمؤرخ الخالدي
عرار:
عزيزة علي
عمان- ضمن مهرجان القراءة للجميع، مكتبة الأسرة الأردنية، التي تصدرها وزارة الثقافة، أعادت الوزارة طباعة كتاب “القدس مفتاح السلام”، للأكاديمي والمؤرخ الفلسطيني البروفيسور وليد الخالدي، الكتاب صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية. كتب تقديما للكتاب المستشار العام لمؤسسة الدراسات الفلسطينية، محمود سويد، يوضح فيه أن هذا الكتاب الذي يضم مجموعة دراسات عن القدس، والتي قام بتأليفها د. وليد الخالدي وهو كبير المؤرخين الفلسطينيين والمفكر المقدسي الاستراتيجي الذي أمضى عمره في العمل والبحث في مجال القصية الفلسطينية “والقلب منها القدس الشريف”، وإسرائيل والصهيونية، حيث ألم بأدق التفاصيل، ونقب في آلاف الوثائق والمخطوطات، وحاجج كبار المؤرخين الصهيونيين والإسرائيليين ودحض ادعاءاتهم بالحجة العلمية والوثيقة التاريخية الدامغة. ويقول سويد: “إن هذا الكتاب جاء في الوقت الذي تعود فيه القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العربي والعالمي، بعد أن طغى عليها تسونامي مدمرا، ضرب المنطقة العربية وقلب أوضاعها رأسا على عقب، فتحولت القضية الفلسطينية إلى تفصيل منسي في خريطة تمتد على مساحة عشرات الآلاف من الكيلومترات المليئة بالموت والخراب وبؤس التهجير”. ويتابع سويد حديثه حول القضية الفلسطينية في هذا التقديم قائلا: “إن الشعب الفلسطيني حمى بنضاله المتنوع قضيته الوطنية، إلى أن استعادت زخمها وموقعها المحق والطبيعي، باعتبار أن الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد في عالم القرن الحادي والعشرين الذي ما يزال يرزح تحت نيران الاستعمار الاستيطاني، أكثر أنواع الاستيطان ظلما وقهرا ونهبا، فقد أعاد المرشح، الصاخب والمثير للجدل، “دونالد ترامب”، القضية الفلسطينية، وخصوصا قضية “القدس”، إلى واجهة الأحداث، عندما تعهد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، إذا ما انتخب رئيسا للولايات المتحدة، فاستعاد بذلك الصخب الذي أثاره إقدام السلطات الأميركية، على التعاقد مع إسرائيل لاستئجار أراض في القدس الغربية لبناء مبنى السفارة عليها، وتكرمت إسرائيل على واشنطن فجعلت مبلغ الإيجار السنوي “دولارا واحدا لا غير”. يتابع سويد، حمل هذا التحدي الذي أطلقته إدارة أميركية سابقة، المفكر والمؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي على تشكيل فريق عمل من الباحثين نقبوا في السجلات والوثائق الأممية والأميركية والإنجليزية والفلسطينية والإسرائيلية، وبحثوا عن ورثة الملاك الأصليين، في أكثر من قارة، وصدر هذا الجهد في دراسة إضافية موثقة تثبت أن الأرض المتعاقد عليها لبناء السفارة هي أرض يملك لاجئون فلسطينيون “70 %”، من مساحتها، وتملك الأوقاف الإسلامية ثلث هذه المساحة”. يواصل سويد: حرص الخالدي على أن يتم تسليم الوثيقة باليد من جانب محام أميركي من أصل فلسطيني إلى وزير الخارجية حينذاك الجنرال “كولن باول”، في مكتبة في واشنطن، كما تم توزيع الوثيقة على نطاق واسع شمل أعضاء في الكونغرس ومسؤولين أميركيين آخرين”. ويقول سويد: “وما زاد الطين بلة، أن المرشح “ترامب”، الذي صار في مطلع العام 2017، رئيسا للولايات المتحدة، اختار معظم أعضاء إدارته الجديدة من أشد أنصار اليمين الإسرائيلي الحاكم، وتطرفا وتعصبا، ومنهم الممثلة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة “نيكي هيلر”، التي اشتهرت بآرائها الحادة والنافرة في مجلس الأمن الدولي، وأكدت في مؤتمر “لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية (أبياك)”، في واشنطن رفض القرار “2334”، الصادر عن مجلس الأمن، بفضل امتناع ممثل إدارة الرئيس أوباما- في آخر أيام ولايته- من التصويت، وبلغ بها الإسفاف حد التصريح أمام “18.000”، من حضور مؤتمر “أيباك”، قائلة: “أنا أنتعل حذاء بكعب عال، ليس من أجل الموضة، ولكن لركل أي شخص أراه يوجه انتقادا خاطئا إلى إسرائيل”. أما الثاني “فريدمان”، فهو معروف بأنه ليكودي أكثر من ليكود إسرائيل وصهيوني متطرف، فهو يؤيد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو من أشد مؤيدي الاستيطان في الضفة من دون أي ضوابط. ويري سويد أنه في هذا المناخ الشديد الخطورة، كان لابد من اللجوء إلى أحد أهم مؤرخي الصراع العربي- الإسرائيلي، على الصعيد الفلسطيني- العربي فحسب، بل على الصعيد العالمي، لوضع قضية القدس وعربتها في سياقها الحقيقي بعد أن أمعن القادة الإسرائيليون وألحوا في تلقين العالم أن “القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية”، مطيحين بكل الوقائع الدامغة في تاريخ القدس وحياتها وآثارها وحضارتها، على اعتبار أن الضعف العربي والفلسطيني أبدى، يتيح لهم استباحة الماضي والحاضر والمستقبل وتسريع الخطى نحو هدف واحد وحيد هو “ابتلاع فلسطين كلها، وليذهب كل من عداهم إلى الجحيم”. ويقول سويد: “إن الخالدي أعد هذه الدراسات في مناسبات عديدة وخلال سنوات مديدة، بدءا بالعام 1967، عندما كان مستشارا للوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية عدنان الباجه جي إلى الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمة المتحدة 1967، أي بعد حرب حزيران 1967، مباشرة، وقد طلب منه الوزير الباجه جي أن يلقي شخصيا خطابا يرد فيه على ممثل إسرائيل وزير خارجيتها آنذاك “أبا إيبن”، ويفند الخالدي ادعاءاته أمام الجمعية العامة، وانتهاء بخطابه بـ”بالإنجليزية”، وفي قاعة مجلس الوصاية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني 2009، حيث أنهى الخالدي محاضرته تلك بعرض تصور لحل سلمي توافقي للقدس بشطريها الغربي والشرقي”. ويبين سويد أن الخالدي في هاتين المناسبتين أعد أبحاثا تناول فيها تاريخ القدس، وحاجج المؤرخين الإسرائيليين فيما أطلقوا من ادعاءات في هذا المجال، ولا يعيب هذه الدراسات ما سيلاحظ القارئ من تكرار في بعضها، ذلك أن قسما كبيرا منها قدم في مناسبات علمية في عواصم عربية وأجنبية، وباللغتين العربية والإنجليزية، ونشرت في هذا الكتاب بنصوصها الكاملة من دون أي تدخل من التحرير.