|
عرار:
نضال برقان استضاف منتدى البيت العربي الثقافي مساء يوم الخميس الماضي الدكتور غسان عبد الخالق في محاضرة بعنوان «خرافة طقوس الكتابة» أدارت المحاضرة الأديبة ميرنا حتقوة، التي قالت بعد أن شكرت الحضور وضيف المنتدى: إذا أردنا الحديث عن الكتابة عموما نقول إن الكتابة هي العالم الذي وجد فيه الكثير منا ضالته ، عندما أقرأ لكاتب جيد أو يجيد الكتابة فإنني أشم رائحة الأمكنة والفصول التي يتحدث عنها أرى المطر والشمس والنوافذ والناس أسمع ضجيج المعارك والخطابات ألمس حنين قلوب أبطال الكتب يستطيع هذا الكاتب أن يأخذني إلى عوالمه. ومن ثم قدمت إضاءة حول سيرة الدكتور عبد الخالق الحافلة بالإبداع والعطاء، وهو من مواليد الزرقاء حاصل على دكتوراة في النقد من الجامعة الأردنية أستاذ دكتور في قسم اللغة العربية في جامعة فيلادلفيا، عضو في الكثير من لجان التحكيم والجوائز المرموقة داخل الأردن وخارجه، صدر له العديد من المؤلفات في السرد والفكر والنقد وأدب الحوار. وقالت إننا نتحدث عن أكثر من مئة كتاب متنوع وأضافت أن للدكتور فلسفة خاصة بالكتابة وله علاقة خاصة مع الورق والقلم والوقت، وأضافت: يقولون إن للكتابة طقوساً ونسمع الكثير مما يصدق ومما لا يصدق لأن بعض الكتّاب يكثرون الحزّ ولكن يخطئون المفصل كما يقولون، وسألت الدكتور: هل لطقوس الكتابة خرافة؟ بدأ الدكتور حديثه شاكرا المنتدى ورئيسه الأستاذ صالح الجعافرة والحضور، واستهل حديثه أولا بخرافة الإلهام والإبداع عند اليونان وقال إن السردية اليونانية تجرد الشاعر من سردية الإبداع وأن الإلياذة والأوديسة وهوميروس مزيج من الخيال والواقع وأن أفلاطون طرد الشعراء من الجمهورية واتهمهم أنهم أفاقون، وبوجه عام السردية اليونانية تجرد الشاعر من قصدية الإبداع وتظهره مجرد وسيط أو وسيلة لكائنات ماورائية، أما العرب يقولون قديما أن وادي عبقر موطن شعراء الجن ولكل شاعر في العصر الجاهلي رئيّ (شيطان ذكر أو أنثى) يقول الشعر على لسانه وأن الشعر تداخل مع الشعوذة والكهانة باعتبارها مجتمعة نتاج الاتصال بكائنات غير مرئية وتحدث عن خطورة سجع الكهان على الإسلام وقام الإسلام على تفكيك خرافة السجع وخرافة الشعر ونفى كون الرسول شاعراً وتأكيد واقعية الشعر ومسؤولية الشاعر عما يقول. وأضاف المحاضر: على الرغم مما يحفّ بصحيفة بشر بن المعتمد التي وردت في البيان والتبيين من تساؤلات -مثل التساؤل عن مصدرها واسم مؤلفها الحقيقي- فإن الجاحظ (ت 255 هجري) بواقعيته المعروفة؛ لم يدّخر وسعاً لتأكيد واقعية فعل الإبداع والكتابة ومسؤولية المبدع عن نجاح أو فشل محاولاته. وأضاف على الرغم من كل ما أنجزه الإسلام على هذا الصعيد؛ فقد ظل هناك انشداد لأسطورة الشاعر المسكون بشيطانه: - ابن شُهْد (ت 426 هجري) في رسالة التوابع والزوابع ؛ حيث تحاور مع شياطين الشعراء والكتّاب! وثانيا أبو العلاء المعري (ت 449 هجري) في رسالة الغفران؛ حيث التقى شعراء الجن وحاورهم! وأضاف أن الغرب في العصر الحديث اتجه إلى عقلنة فعل الكتابة بأنواعها، وأنتج سردية واقعية مفادها أن الكتابة ضروب من الإصرار والمواظبة أما المشرق العربي في العصر الحديث اتجه إلى إعلاء وأسطرة فعل الكتابة بأنواعها، وأنتج سردية رومانسية جداً تهدف إلى إضفاء هالة مقدّسة على الكتابة والكاتب، وقد تحالف كل من الكّتاب والقرّاء ووسائل الإعلام على ترويجها وترويج صورة نمطية أبعد ما تكون عن الواقع. قال أخيراً بدأنا بالخرافة وننهي بالخرافة مع فرويد (ت 1939م) في مقارباته المشهورة لفعل الإبداع؛ حيث عدّ (انطلاقاً من أساطير أوديب ونيرسيس) الإبداع بأنواعه، ضروباً من السعي لامتلاك التوازن المطلوب جرّاء الاصطلاء الشديد بمشاعر الحرمان والكبت الجنسي! وختاما سأل الدكتور: ما الكتابة إذن... بعيداً عن كل الخرافات المرتبطة بطقوسها؟ وأجاب: هي امتلاك الجرأة على الجلوس أمام الآلة الكاتبة أو الحاسوب أو المحمول يومياً دون كلل أو ملل، وتقبل حقيقة أن ما نكتبه قابل للتحسين أو الشطب من خلال المراجعة، وباختصار فإن الكتابة هي احترافها! شارك الحضور بمجموعة من المداخلات والأسئلة وفي ختام المساء كرّم رئيس المنتدى الأستاذ صالح الجعافرة الدكتور غسان عبد الخالق بشهادة تقدير. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 14-03-2024 11:41 مساء
الزوار: 252 التعليقات: 0
|