|
عرار: عرار- الامارات اليوم:عتبر وزير الثقافة والمجتمع المدني الليبي، الدكتور عبدالرحمن هابيل، ان تولي الوزارة في هذه المرحلة الانتقالية، وفي ظل الظروف الراهنة يعدّ «مأزقاً» يتطلب الكثير من الجهد والعمل لإصلاح الدمار الذي أصاب بلاده على مدى 40 عاماً، طيلة فترة حكم النظام الليبي السابق. مشيراً إلى ان العمل الثقافي ليس ترفاً بمعناه الواسع الذي يشمل اعادة بناء المجتمع ونشر قيم الديمقراطية والتعدد وقبول الآخر. ودعا الوزير الليبي في حوار لـ«الإمارات اليوم»، خلال ترؤسه وفد بلاده إلى معرض ابوظبي الدولي للكتاب ،2012 المثقفين الليبيين إلى مراجعة النفس للتعرف إلى ما تركته السنوات الماضية فيهم من آثار عميقة، ليستعيدوا أنفسهم ويستجمعوا شتاتهم ويستردوا عافيتهم الثقافية والفكرية. مشيراً إلى ان سنوات الإقصاء والإرهاب والتخوين وشراء الذمم والإفساد، التي عاناها المثقف الليبي في الفترة الماضية، كلها احدثت شروخاً في نفسية المثقف وأفقدته الثقة في نفسه وفي شعبه وأمته وتراثه، حتى بات مثقفاً شكلياً بلا روح، يقتصر دوره على ان يلوك الكلمات، أو يتعاطى مع الحروف، فالمثقفون هم روح الأمم، وأول ما تصاب الأمة تصاب في مثقفيها. لافتاً إلى ان تولي المسؤولية خلال الفترة الانتقالية «مأزق حقيقي»، خصوصاً في ظل اضطلاع الوزارة بمسؤوليات عدة تشمل لدينا الثقافة وبناء المجتمع المدني بالإضافة إلى قطاع الإعلام، وهو ما يتطلب العمل في اتجاهات مختلفة «احيانا نتقدم خطوة، وقــد نتراجع بعدها خطوتين نتيجة العراقيل التـي نواجهـها والإرث الفوضــوي البيروقراطي، وظروف المرحلة الانتقالية، كل هذا يجعلنا نتقدم بخطى وئيدة جداً ولكنها قد تكون في الاتجاه الصحيح». المشاركة هابيل أكد أيضاً أن استعادة الرغبة والقدرة على المبادرة في الإصلاح والمشاركة المجتمعية والثقافية الفاعلة في المجتمع الليبي، تحتاج إلى سنوات، ولن تتم إلا عبر مناهج مدروسة. مضيفاً «عندما ننظر إلى صعوبة استعادة بناء المباني والمعالم المادية، وما يحتاج إليه ذلك من مال وعمل، يمكن ان ندرك مدى صعوبة بناء الهدم الذي اصاب النفوس، وقد لا نكون متشائمين اذا قلنا ان اصلاح النفوس سيبدأ في الفترة الحالية، ولكنه لن يؤتي ثماره إلا في المستقبل البعيد». ورداً على الآراء التي ترى ان الاهتمام بالثقافة في ظل الظروف الراهنة وما تشهده من عدم استقرار وتحديات كبرى يعد نوعاً من الترف؛ قال الوزير الليبي «في البداية علينا التمييز بين الثقافة بالمعنى الاحترافي، والثقافة بمعناها العام، فإذا اخذنا الثقافة بمعناها الاحترافي التخصصي الضيق، الذي يشير إلى أن الأدب والفكر والفن صارت حكراً على المثقف، ولكن اذا نظرا للمعنى العام الذي يشمل مشاعر وسلوك الأمة ومعتقداتها وقيمها وتوجهاتها، فيكون الاحتفاء بها ليس ترفاً، بل هو بيت القصيد في هذه المرحلة، فسر تخلفنا يكمن في تخلف ثقافتنا، وهنا لا نعني الأدب، ولكن تخلفنا في انعدام قيم الديمقراطية وتقبل الآخر، وغياب ثقافة الشفافية واحترام حقوق الإنسان هذه الثقافة التي نريد التركيز عليها في الفترة الحالية». مشدداً على حرص بلاده على استعادة علاقاتها مع الدول الأخرى العربية وغير العربية، «نريد ان نصل ما انقطع، ونعيد بناء ما انهدم من الثقة والاحترام المتبادلين بين الشعب الليبي وشعوب المنطقة، والتواصل من جديد لإزاحة التركة الثقيلة والمضنية التي تركها النظام السابق، وحرصنا على ان تبدأ محاولات بناء علاقات خارجية ثقافية من دولة الإمارات لمكانتها لدى دولة وشعب ليبيا». لا سجناء رأي الوزير الليبي نفى وجود سجناء رأي في السجون الليبية حالياً، موضحاً «حسب علمي لا يوجد سجناء رأي بالمعنى الرسمي، خصوصاً ان السجون التابعة للدولة قليلة جداً الآن، انما قد يكون هناك شخص محتجز لدى شخص آخر نتيجة لخصومة قبلية وهذا امر آخر، واحسب ان سجناء الرأي ظاهرة اختفت للأبد». لافتاً إلى حرص الدولة على الاحتفاء بالمثقفين الذين عانوا السجن والإقصاء عبر وسائل مختلفة من بينها انضمامهم إلى الوفود الرسمية الثقافية التي تمثل الدولة في الزيارات الخارجية وغيرها، معرباً عن امله ان يتم وضع خطط اكثر منهجية لإعادة تأهيل من يحتاج إلى التأهيل منهم، وتعويض من يستحق التعويض. وفي اطار محاربة الاقصاء، أشار هابيل إلى حرص الدولة الجديدة على تأكيد التعددية الثقافية واللغوية عنصراً مهماً جداً من عناصر ليبيا الجديدة، وانتهاء زمن الأحادية والتفرد والإقصاء. لافتاً إلى ان الفترة المقبلة ستشهد تأسيس مركز للثقافة الأمازيغية، إلى جانب التفكير في تشكيل هيئة تعنى بالعقول والمواهب الليبية المهاجرة، وتتولى تنظيم العلاقة بينهم وبين وطنهم الأم، وتسهيل عودتهم أو الاستفادة منهم في الداخل او الخارج، باعتبارهم من الأصول القومية التي لا يجب ان التفريط فيها «وحتى الآن نقول اننا مازلنا مقصرين في الاستفادة منهم الاستفادة المثلى». واعتبر الوزير الليبي ان التيارات الدينية المعتدلة تثري المشهد الثقافي والإعلامي، وتضيف بعداً مهماً مادامت نابعة من تراث الأمة ومن وجدانها وضميرها، ومادامت تتقبل الآخر وتريد ان تشارك ولا تنفرد بالقرار السياسي، موضحاً ان المحاذير على الفن والإبداع والثقافة هي اجتهادات فردية لا يجب ان تفرض على المجتمع، فمن اراد ان يجتنب أدب كاتب بعينه عليه ان يجتنبه من دون ان يفرض ذلك على غيره، حتى لا يكون ذلك تفرداً بالسلطة، وفرضاً لرأي واحد وهو أمر مرفوض، مشيراً إلى ان الإسلام المعتدل هو الذي يلتزم مبادئ الشريعة في اطرها العامة، خصوصاً مبادئها الأخلاقية. كما أفاد بأن الرقابة بالمعنى التقليدي الذي ساد في العهد السابق، وهي رقابة الرأي الواحد والفكر الواحد، مرفوضة تماماً، وكذلك الرقابة على اتجاهات سياسية او فكرية معينة يرفضها البعض وقد يقبلها الآخرون، ولكن الرقابة باعتبارها خطوطاً عريضة جداً تحفظ النظام العام والآداب، فهي ضرورية، وموجودة في كل الدول. بناء الإعـلام في ما يخص الإعلام أوضح الوزير الليبي ان الاعلام في ليبيا يحتاج إلى بناء من الصفر، بل ربما البناء من الصفر يبدو أكثر سهولة لأنه لا يواجه بعراقيل ومشكلات متراكمة من الفترة السابقة التي تركت تركة ثقيلة في هذا المجال. مشيراً إلى ما يعانيه الإعلاميون الليبيون من احباط واضطهاد وتشتت، كما ينقصهم التدريب والوعي، وتقبلهم الآخر، والعمل بروح الفريق. واعتبر د.عبد الرحمن هابيل ان الإعلام لعب دوراً بناء وإيجابياً خلال الثورة الليبية، كما كان محايداً إلى حد كبير، مع استثناء بعض الظواهر، حيث كان في معظم الأحيان يميل إلى صف الثورة وصف المستقبل، كذلك كان الإعلام الغربي في مجمله متفهماً ومشجعاً إلى حد بعيد، وقام بنقل الصورة بقدر كبير من الدقة والشفافية. وذكر ان مهمة بناء المجتمع المدني في ليبيا، قد تكون اهم وأدق من المهمة الثقافية، فالمجتمع المدني هو صمام الأمان، وهو ضمان الديمقراطية في المستقبل. وأضاف «مهمتنا معه ليست هيمنة او سيطرة، ولكن تشجيع ودعم من بعيد، وهي تقتصر على تسجيل منظمات المجتمع المدني ودعمها بالتدريب والمشورة والإرشاد»، وقال هابيل «خلال الثورة هناك ثقافة جديدة قد تشكلت، ولكننا لن ندرك ابعادها واثارها الحقيقية الا بعد سنوات، وربما عقود، عندما يؤرخ المؤرخون لهذه المرحلة المهمة، وحتى الآن لم يتم التواصل مع الشباب الذين صنعوا هذه الثقافة بالقدر الكافي، والاستفادة منهم على الوجه الأمثل». الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 29-04-2012 05:11 مساء
الزوار: 1850 التعليقات: 0
|