|
عرار:
عمان صدر حديثا عن دار ورد الأردنية كتاب «دولة الغساسنة أصيلها ورحيلها» للدكتور المهندس منذر حدادين. د. الحدادين نفسه ينحدر من أسرة تنتمي لعشيرة الحدادين الأردنية التي ترجع في أصولها للغساسنة الذين أسسوا دولة تعاقدت مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية تخومها ضد غزوات البدو من خارج حدودها وغزوات اللخميين حلفاء الإمبراطورية الساسانية إلى الشرق منهم. وارتأى الدكتور المهندس منذر حدادين، وهو الشغوف بدراسة تاريخ العرب، أن يتناول البحث في تاريخ دولة الغساسنة من شروقها في القرن السادس الميلادي إلى غروبها في أوائل القرن السابع الميلادي، وشجعه في تناول هذا الجهد أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية ـ رئيس جامعة بغداد قبل ذلك، طيب الذكر المرحوم الدكتور عبدالعزيز الدوري رحمه الله. وكان هذا الكتاب نتاج الجهد الذي بذله المؤلف بعد ذلك بعقد من السنين. ويعرج الكتاب على الممالك العربية في المنطقة قبل الفتح العربي والقوى العظمى المجاورة لبلاد العرب والمسيطرة آنذاك. وتبرز دولة الغساسنة كقوة تحمي ثغور الإمبراطورية الرومانية ضد غزوات الأعراب وتساهم في صد الهجمات التي كانت تقوم بها إمبراطورية فارس من الشرق. ويبحث الكتاب في تطور دولة الغساسنة لقرن من الزمان هو القرن السادس الميلادي ثم ضمورها وغروبها لدى تقدم قوات الفتح العربي لبلاد الشام. ويركز الكتاب على الدور الرئيس الذي أدى إلى إضعاف إمكانات الإمبراطورية الرومانية وهو الانقسام في صفوف الكنيسة المسيحية بعد المجمع المسكوني في خلقيدونية عام 451 للميلاد وما تمخض عنه من فريقين اعتنق كل منهما مبداً يتعلق بطبيعة السيد المسيح. أحدهما «خلقيدوني» يؤمن بطبيعتين منفصلتين للمسيح إلهية وبشرية وثانيهما يؤمن باتحاد هاتين الطبيعتين في شخص المسيح وهو ما يشار إليه بـ»المونوفيزية» أو الطبيعة الواحدة. وتأثير اصطفاف الغساسنة إلى مذهب المونوفيزية وحمايته في علاقات دولة الغساسنة بالإمبراطورية الرومانية التي تبنت الخلقيدونية. ويضاف هذا الانقسام إلى ما سببه قبله الراهب الاسكندراني آريوس من انشقاق بسبب عدم إيمانه بالثالوث المقدس (الآب والإبن والروح القدس) وعلاقتها ببعضها، وانتشرت عقيدته بين المسيحيين في شمالي إفريقيا وأقوام من القوط في الأندلس. ثم بعد «هرطقة» آريوس ما تسبب به بطريرك القسطنطينية نسطوريوس من إنكار وصف مريم العذراء ب «والدة الإله» وهو ما نشأ عنه طائفة منفصلة انتشرت في أراضي الإمبراطورية الفارسية منسوبة لذلك البطريرك وهي طائفة النساطرة. يلقي الكتاب الضوء على دور دولة الغساسنة العسكري والحضاري وعلاقة ملوكها بالجوار العربي وحمايتهم للمونوفيزية بل في تعيين مطارنة من أتباعها سرعان ما تطورت عقيدتهم إلى كنيسة منفصلة قاد تشكيل كهنوتها الراهب يعقوب البرادعي واتخذت الكنيسة المنشقة اسم مؤسسها وعرفت بكنيسة اليعاقبة وهي أصل كنيسة السريان في المشرق. ويختم الكتاب محتواه بنظرة إلى ما آلت إليه قبائل غسان وعودتهم إلى قديم عادتهم وهي أن يتفرقوا أيدي سباً في أصقاع الدنيا، إلا أنه اتخذ أبعاداً مختلفة عن تلك التي مارسها أجدادهم. ففي حين تفرق الأجداد في الأصقاع العربية والمشرقية اتخذ الغساسنة مسارات اغتراب أجنبية بهجرتهم إلى الأناضول والقفقاس والعودة إلى بلاد المشرق بخدمتهم الخليفة العباسي في بغداد ثم في انضمامهم إلى صفوف الدولة الأيوبية فهجرتهم إلى موطنهم الأصلي وتأسيس الدولة الرسولية في اليمن. وبعد اكتشاف العالم الجديد رأيتهم يهاجرون إلى الأميركتين وإلى أستراليا، وأصبح من نسلهم مشاهير في الأدب والأعمال والسياسة. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 04-07-2024 10:18 مساء
الزوار: 200 التعليقات: 0
|