وتسعى ايضاً إلى تحليلِ هذه الثقافاتِ ودراستِها, بما تنطوي عليه من رصيدٍ غنيٍّ ومتنوّع, وما تقدّمُه من مؤشّراتٍ ودلالاتٍ ذاتِ قيمةٍ كبرى، جاء ذلك خلال افتتاح مؤتمر فيلادلفيا السادس عشر في مقر الجامعة يوم أمس والذي جاء تحت عنوان» الثقافات الشعبية (الواقع والرؤى والاتجاهات)».
وأكد كمال في كلمة الافتتاح التي القاها في حفل افتتاح المؤتمر انه عندما نتحدثُ عن (الثقافات الشعبيّة) إنّما نتحدَّثُ عن موضوعٍ واسعٍ ومتشعّب؛ ففي الثقافاتِ الشعبيةِ أفكارُ الشعوبِ وعواطفُها، وفيها حِكمتُها وخلاصاتُ تجارِبِها التي تبدو ماثلةً في أوجُهِ نشاطِها المتعدّدة؛ في آدابِها الشعبية, وفي عاداتِها وتقاليدِها, وفي حِرَفِها وصناعاتِها, وغيرِ ذلك من أوجُهِ النشاطِ الاجتماعيِّ للشعوب.
من جانبه اكد رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر ا.د.صالح ابو اصبع على  أهمية البحث العلمي والتواصل بين الباحثين من الشرق والغرب والشمال والجنوب. خاصة وان  محاور هذا المؤتمر -على امتداد دوراته- تحمل معها انشغالات فكرية ومجتمعية وإنسانية تحفّز العقل على البحث والحوار.
مضيفا انه في هذه الدورة -كما في سابقاتها- نستضيف  نُخبةٍ من الباحثين العرب والأجانب، ليناقشوا الثقافات الشعبية، بمشاركة تصل إلى (51) واحد وخمسين مشاركاً ينتمون إلى (16) ستة عشر بلداً عربياً وأجنبياً ويمثلون (37) سبعأً وثلاثين جامعة ومؤسسة عربية وأجنبية.
وأضاف أبو إصبع في كلمة الافتتاح ان هذا المؤتمر معنيّا بمتابعة دراسة الثقافات الشعبية باعتبارها عنصراً مهماً من مكونات الحياة الثقافية بل والإنسانية جمعاء. وخصوصاً أن وسائل التقنية والاتصال توفر فرصاً مواتية لتوثيق الثقافات الشعبية من حيث تدوينها وتطويرها ونشرها وتفاعلها مع الثقافات الحديثة والعالمية.....
وتساءل أبو إصبع  هل وسائل الاتصال قادرة الآن على خلق تجانس ثقافي أو أنها ستقود إلى المزيد من الخصوصية الثقافية والتشظي؟ هل الثقافة الشعبية في الوطن العربي في سبيلها الى الحفاظ على هوية واحدة ذات إطار مرجعي واحد وتوافق مشتركٍ في ظل تنوع يخلق تناغماً لايقاعات مختلفة في سمفونية عربية مشتركة؟.
مدير عام المركز العربي للدراسات المستقبلية د.احمد الحلواني الذي تحدث باسم الضيوف، أكد في كلمته على أن قوة مجتمعنا العربي تكمن في قدرات مفكريه ومثقفيه, ولهذا تحملت جامعة فيلادلفيا مسؤولية أعباء هذا اللقاء السنوي الذي أكد عاماً بعد عام قوة الحضور الثقافي العربي والدولي وأهمية الدور الذي يضطلع به الأكاديميون على المستوى العلمي والتحليلي وطرح التصورات المستقبلية من منطلق التطلعات والمطامح الوطنية والقومية والإنسانية.
وأضاف الحلوني في هذا المؤتمر أُتيحت للرؤى المتنوعة والمدارس الفكرية المختلفة للباحثين العرب من مختلف أرجاء وطننا العربي الكبير إبراز قدراتها وتحقيق تفاعلاتها في إطار من الحرية والاجتهاد والحوار الحر بين الأكفياء الذي يفضي إلى رؤية مستنيرة تقود إلى وحدة القرار الثري.
مدير دائرة جمع التراث في وزارة الثقافة، الشاعر حكمت النوايسة والذي تحدث نيابة عن وزير الثقافة، أشار إلى أهمية العمل على رصد التراث الشعبي وتدوينة وذلك في سياق الحفاظ عليه/ مشيرا الى تجربة وزارة الثقافة فيما يخص جمع التراث وتدوينه وقدم النوايسة إضاءة للدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، من خلال إعطاء نبذة تاريخية عن هذا الدور، وإضاءة المشروعات الحالية للوزارة بعد تأسيس مديرية التراث فيها، واللجنة الوطنية العليا للتراث. فضلا عن الصعوبات التي تواجه القائمين على البحث في التراث، والأساليب المتبعة في عمليات التوثيق، والحفظ، والصون.
وفي الجلسة الافتتاحية تحدث ا.د. سعد الصويان حول «الشفاهي والكتابي في اللغة والأدب» ثم تحدث ا.د.جون ستوري وقدم  تعريفات كثيرة تعالج الثقافة الشعبية من زوايا مختلفة، منها ان الثقافة الشعبية هي « الثقافة التي تنبثق من الشعب وهي تشير الى ثقافة الشعب الأصيلة وهي ثقافة الشعب للشعب». 
وتحدث في الجلسة الأولى والتي جاءت تحت عنوان «مدخل مفاهيمي» وأدارها د.زيد حمزة في مسرح فيلادلفيا، الطيب بو درباله من جامعة باتنة من الجزائر حول» الثقافة الشعبية بين حضارة المشافهة وحضارة الكتابة» حيث سعى
إلى تبيان الدور الهام والمتميز الذي أدته الثقافة الشعبية فنيا وأنتروبولوجيا وثقافيا ووجوديا وحضاريا وإنسانيا على مر الأزمنة والعصور. وقارن بين حضارتين أساسيتين، حضارة المشافهة وحضارة الكتابة،  في مجال حضور الثقافة الشعبية  ودلالاتها العميقة على جميع الأصعدة.
ثم تحدث قصي رياض كنعان من جامعة الموصل حول «الخصوصية الثقافية والثقافة الشعبية- مدخل انثربولوجي» وقدم دراسة نظرية في مستقبل الثقافات الشعبية، حيث أكد أن كل مجتمع يشتمل على تقسيمات فرعية في داخله وتزداد تلك التقسيمات كلما تقدمت وازدادت درجة التخصص بين اعضائه وتتميز كل جماعة بنظم وعناصر ثقافية خاصة بها ولاتوجد في كثير من الاحيان عند غيرها وهذا ما يطلق عليه الخصوصية الثقافية والتي تعني التمايز عن الآخر والاتصاف بملامح ذاتية تختلف عنه.
وتحدث د.من جامعة بنسميك في المغرب عن عبد اللطيف محفوظ حول «الخلفيات المعرفية لتعدد روايات الحكاية الخرافية عن الحكاية الشعبي وتحولات المعنى والدلالة « حيث حاول في هذه الورقة تحقيق هدفين، يتمثل الأول في مواصلة الإسهام في البحث النظري المنصب على الحكاية الشعبية، وذلك بتقديم اقتراحات لوضع حدود بين عدد من المصطلحات التي تحدد أجناسا سردية متشاكلة ومتفاعلة فيما بينها، مثل الأسطورة والحكاية الشعبية والحكاية الخرافية والسيرة المعدلة (الليجاند).ويتمثل الثاني، في البحث عن الخلفيات المعقولة التي بإمكانها تأويل ظاهرة تعدد روايات الحكاية الواحدة وتبدلاتها.
ثم تحدث د. عبد اللطيف الخياط من جامعة الهاشمية في الأردن حول»ويلز بين القصص الشعبية والقصص الخالدة». وتحدث د.رجا الخليلي .
وناقش المؤتمرون في الجلسة المسائية التي عقدت في مكتب الارتباط مساء أمس وأدارها رئيس تحرير الرأي الزميل سميح المعايطة « مناهج تحليل الثقافات الشعبية ومقارباتها».