عاين ممدوح في دراسته: «الأنا-الآخر» ثنائية وصفها بأنها تضرب بجذورها في صميم الوجود الإنساني، مستدركا أن الإنسان لا يعرف وجه الحقيقة سوى ذاته، فتصبح الذات مركز الوجود ومحور كل حقيقة ومصدر كل معرفه، ومع أننا مقتنعون تماما بوجود ذوات اخرى مشابهه لذواتنا وإن لها وجود حقيقي إلا أننا بالرغم من هذه المعرفه فإننا نميل الى إعتبار وجود الذوات الأخرى أشبه ما يكون بوجود الظلال بديل إننا ننسب إليها وجود نسبي بالقياس الى وجود أنانا التي نعدها حقيقه مطلقه ونعامل الذوات الإخرى بوصفها مواضيع».
وأضاف ممدوح: «لن نحتاج الى كبير عناء للولوج الى مفهوم الإستغراب, فالدلالة اللفظيه للمصطلح تشي بوضوح بالمدلول المعرفي الذي نتوقعه منه، فهو يحيل بالضروره الى مفهوم الإستشراق، فهو الوجه الآخر بالمقابل بل والنقيض للاستشراق».
وأوضح الباحث: «أن مشاريع الإستغراب المطروحه للفكر العربي متعددة، بعضها مباشر وصريح مثل مشروع المفكر حسن حنفي والذي إقتبسنا منه مفهوم الإستغراب في مقدمة هذه الدراسة ومنها ما هو ضمني مثل مشروع مطاع الصفدي والمتضمن في كتابه (نقد العقل الغربي)».
وتساءل ممدوح في دراسته: «هل وصل العقل العربي الى مرحلة الكينونه المستقلة وامتلاك الأدوات والأليات التي يستطيع من خلالها إخضاع الغرب الى الدرس وإحتوائه وجعله موضوعآ ومدروسآ بعد ان كان ذاتا ودارسا. وأجاب الباحث عن هذا التساؤل: «سوف تحمل الإجابة في طياتها ملامح ومستقبل مشاريع الاستغراب المطروحة سواء المباشرة او الضمنية».
وعاد الباحث الى المأزق الأخطر في الإستشراق وهو مأزق الأنا المتشظية غير القادرة على إحتواء الغرب او العقل الواحد، قائلا: «نلاحظ ان حسن حنفي مثلا في مشروعه الإستغرابي على وعي بهذه الإشكالية، فنراه يتجاهل تماما الحديث عن أنا الإستغراب، فهو بالتأكيد يدرك المرجعيات المختلفة بمكونات هذه الأنار فنراه يقترح مصطلح الأنا المحايدة والتي لا تبتغي السيطرة ويقول ان هذا» الأنا الإستغراب» أكثر نزاهة وموضوعية وحيادا من أنا الاستشراق.
ختم ممدوح دراسته قائلا: «وتبقى مشاريع الإستغراب في أغلبها تدور حول هاجس الاختلاف مع الآخر ولا بد أن ندرك أهمية الأنا التي يجب ان نضعها في مواجهة الآخر كمبادءة أولية في عملية الأستغراب، ولقد اتخذت المواجهة مع الآخر تمظهرات مختلفة، فالأنا الإرادية «غير المفكرة» كانت تتعامل مع الغرب من منطلق الصدام وربما تكون احداث 11 ايلول نوع من أحداث الإستغراب بعد ان أصبح الغرب بمؤسساته الحداثية بكافة تمظهراتها الإقتصادية والإعلامية والعسكرية مهيمنا على الشعوب ومقدراتها ومستقبلها، ولم يترك لها أي فسحة من الحريه مما يجعلها تستخدم إرادتها وتحولها الى إرادة صراع وصدام، وهي بالتأكيد من صنع الاول الواحد الذي هو العقل العربي».