الجزائر - سليمة زعروري:لم تمنعها إعاقتها الحركية من أداء وتقمص دورا في مسرحية، إنها الممثلة الشابة نبيلة بوزناك من ولاية المدية التي لازمتها إعاقتها منذ ولادتها العام 1983 .

لقد تم اختيارها لأداء دور في مسرحية "الليلة...نحكي" لجمعية أقواس للمواهب الشابة لولاية المدية التي عرضت مساء أمس الجمعة بالمسرح الجهوي لسوق أهراس في إطار المسابقة الوطنية لأحسن عرض مسرحي التي تحتضنها هذه الولاية الواقعة بأقصى شرق البلاد منذ 30 أكتوبر الماضي إلى غاية يوم غد الأحد.
وعبرت الشابة نبيلة بوزناك التي التقتها "وأج" ببهو المسرح الجهوي لسوق أهراس وهي على كرسي متحرك بعد أداء دورها في هذه المسرحية عن سعادتها بهذه المشاركة التي تعد أول تجربة لها في مسارها المسرحي.
وبعدما أشارت إلى أن بعض مؤسسات ودور ومخيمات الشباب بالبلاد غير مزودة بالوسائل والإمكانيات التي تتماشى وطبيعة ذوي الاحتياجات الخاصة أكدت نبيلة بأنها تجاوزت نظرة المجتمع لهذه الفئة.
وأوضحت الممثلة نبيلة التي تحدت إعاقتها بأنها انضمت لفرقة المدية بعدما ولجت عالم الغناء وأصبحت من خريجة الطبعة الأولى لمدرسة "ألحان وشباب" وخريجة قناة مغاربية في غضون مارس 2012 .
وبالنظر إلى أن عديد المشاهد من هذه المسرحية مقاطع غنائية فقد تم اختيار هذه الممثلة من ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تشرف على تقديم برنامج إذاعي بمحطة المدية الجهوية بعنوان "منا وفينا" من طرف المخرج التونسي الطيب السهيلي الذي اكتشف لديها رغبة كبيرة لتوظيف صوتها الغنائي في هذا العمل المسرحي.
"لقد اخترتها لأني وجدت لديها رغبة في التواصل مع الركح والفن الرابع " يقول هذا المخرج مشيرا إلى أن "الفن الرابع لا يخلو من الموسيقى والغناء فوجدت هذه الشابة من ذوي الاحتياجات الخاصة التي توسمت فيها النجاح لأداء دورها الذي برزت فيه وتمكنت من إيصال الجانب الغنائي لهذا العمل المسرحي للمتلقي الذي انبهر بصوتها وزاد العرض جمالا وروعة".
وبعدما أضاف بأن العمل المسرحي الذي يخدم قضايا الجمهور لا يموت بل يبقى خالدا في وجداننا أكد ذات المخرج بأن اختياره للشابة نبيلة بوزناك يعد في حد ذاته "تحدي وصرخة من خشبة المسرح على أن الشخص المعاق يمكن أن يجد مكانا له داخل العائلة المسرحية".
وتدور أطوار مسرحية "الليلة ... نحكي" التي ألفها وأخرجها الطيب السهيلي حول موضوع قام باقتباسه من التراث العربي الإسلامي حيث تقدم في مضمونها طرحا سياسيا يعالج قضية ظلم الحاكم للمحكوم في عصر ما غابت فيه الديمقراطية والحرية.
وفي أول نظرة وأول دخول لممثلي هذا العمل المسرحي تحت تصفيقات الحضور لدى اعتلائهم خشبة المسرح الجهوي لسوق أهراس عبرت الشابة الفنانة التي أدت دور غنائي متقمصة دور زوجة عبد المطيع "الفلاح" بابتسامة عريضة أرجعت الفرحة للجمهور الحاضر بالإضافة إلى غنائها الفردي وتميز صوتها الجميل حيث كانت تتوسط الخشبة على كرسيها المتحرك في علو على بقية الممثلين الذين كانوا في جلسة حميمية.
وقد تميز عرض مسرحية "الليلة.. نحكي" باعتماد تقنية كسر الجدار الرابع جسدها تغلغل الممثلين وسط جمهور القاعة في حكايات سردية للجمهور الحاضر.
وما ميز هذا الخطاب المسرحي كذلك الغناء والأصوات الجمالية أبرزها ظهور نبيلة في كل مرة تخللتها رقصات خفيفة تتماشى وموضوع المسرحية.
وعلى الرغم من تميز الممثلة بالغناء والرومانسية فقد أبرزت ملامح وجهها التذمر من الظروف الصعبة بنظرة حادة وصوت عال ولم تمنعها إعاقتها من أداء حركات جسمانية أثناء سرد الدور الموكل إليها بالإضافة إلى أن هذه المسرحية ميزها ارتداء الممثلين لعدة ملابس في كل مشهد مع اختلاف الشخصيات واستعمال عدة اكسيسوارات في كل مشهد.
واكتست هذه المسرحية التي تجاوب مع أطوارها الجمهور الذي غصت به قاعة المسرح الجهوي طابعا اجتماعيا سياسيا يعالج الواقع المر من ظلم وتعذيب في فترة ما اختارها المخرج أن يكون حاكمها سلطانا غائبا على خشبة المسرح إلى غاية آخر العرض تقريبا ليفاجأ بالظهور. وعلى الرغم من كل هذا فقد دارت المسرحية بين الجد والفكاهة في مختلف لوحاتها.