ومنهجته وتوفير بيئة تشريعية ناضجة تساعد على التأكيد على ملامح هذا التراث وهويته كجزء من هوية الدولة العربية الاسلامية.
جاء ذلك خلال افتتاح ورشة العمل التي اقامتها مديرية التراث في وزارة الثقافة، في المكتبة الوطنية بعنوان: « نحو استراتيجية وطنية للتراث الثقافي غير المادي» والتي تستمر فعالياتها على مدى يومين، حيث يشارك فيها نخبة من المشتغلين بالعمل على جمع التراث وتوثيقه.
وتحدث في الجلسة الاولى من اليوم الاول للورشة والتي ادارها د.هاني العمد، مدير مديرية التراث في وزارة الثقافة د.حكمت النوايسة، ود.هاني هياجنة.
النوايسة الذي قدم ورقة بعنوان «تشتت الجهود واثرها السلبي في صون التراث للجهات الداعمة للتراث في الاردن» قال: يؤسفنا القول إنه ليس هناك استراتيجية وطنية خاصة بالتراث الثقافي غير المادي، وليس هناك خطوط عريضة للتعامل مع هذا التراث سواء أكان على مستوى الدولة أم كان على مستوى المؤسسات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما يترتب عليه الارتجال.
اننا نطمح أن يرشح عن هذه الورشة مادّة قابلة لأن تكون مقترح قانون يأخذ دورته التشريعية الطبيعية في الأردن، ومقترح لقرارات على مستوى رئاسة الوزراء، تكفل تجاوز المشكلات التي يعاني منها العمل في التراث في المملكة الأردنية الهاشمية.
وإذا ما تمكنّا من الخروج بتوصيات قابلة للتنفيذ والتطبيق على مستوى التشريع، والإدارة، فإننا نكون قد تجاوزنا العقبة الأولى، وانتقلنا إلى مرحلة وضع التراث في صلب اهتمام صاحب القرار، وفي صلب اهتمام المؤسسات الثقافية وغير الثقافية في الأردن.
التحديات التي تواجه العمل بالتراث الثقافي غير المادي ومن اهمها: غياب الاستراتيجية الوطنية للتراث الثقافي غير المادي. وغياب التشريعات القانونية التي تنظم العمل في مجال التراث غير المادي وتحفظه، فلا يوجد قانون صريح للتراث الثقافي غير المادي، كما لا يوجد قانون يحمي التراث المهدد من الضياع، أو يشجّع انتقاله عبر الأجيال. وغياب الهيئة الوطنية المختصّة المخوّلة بالمراقبة أو الترخيص، وتعدّد الجهات التي تمنح التراخيص للعاملين في المجالات المتعلقة بالتراث الثقافي غير المادي.
واضاف النوايسة ان هناك العديد من الجهات التي تعمل في مجال التراث الثقافي غير المادي، وليس بين هذه الجهات أي تواصل، أو تنسيق، اضافة الى انه ليس في جامعاتنا أقسام للعناية بالتراث الثقافي غير المادي، وكل الجهود التي تبذل في مجال البحث فيه تأتي من أقسام الإنثروبولوجيا، وعلم الإناسة، وهي ليست معنيّة بصونه أو حفظه، أو تطويره، وإنما معنية باتباعها المناهج الوصفية، أو التحليلية التي تدرس هذا التراث بوصفه مظهرا من المظاهر أو الظواهر الاجتماعية، فهو مجال بحث، وتحليل، وليس مجالا للتطوير، أو الحفظ أو الصون في هذه الدراسات.
وتمنى النوايسة ان تكون هذه الورشة حلقة من حلقات العمل الجاد باتجاه تراثنا الوطني، لانتاج قرارات وتوصيات كفيلة بتعديل ما يعاني منه هذا القطاع.
د. هاني هياجنه اكد على اهمية ان تكون هنالك جهة وطنية عليا تسهم في اعادة الالق لهذا التراث وان تقدم المقترحات الحقيقية لاعادة صونه وتمكينه من البقاء والمقاومة في مواجهة ما يتهدده من مخاطر.
في الجلسة الثانية من اليوم الاول للورشة والتي ادارها المستشار القانوني في وزارة الثقافة، الاديب يسار الخصاونة والذي اشار من خلال تقديمة الى اهمية التراث الثقافي كقيمة جوهرية من القيم التي لابد من اعادة الاعتبار لها لتسهم في تكوين نسقنا الثقافي الحالي وان نقدمها كنموذج يحتذى في ظل غياب منظومة القيم الانسانية الحقيقية في هذا العصر.
وتحدث في الجلسة د. احمد راشد، حيث قدم ورقة حول اهمية حماية التراث غير المادي وتنميته، عارضا لاهم اشكال التراث الثقافي، المادي وغير المادي، واهمية الاطلاع على التجارب الدولية في التعامل مع هذا التراث وحمايته، مشيرا الى اهم الاتفاقيات الدولية التي اصبح الاردن جزاء منها.
وعن اهمية الاطار التنظيمي للتراث الثقافي غير المادي في الاردن اشار الى اهمية ان يكون هنالك مرجعية رسمية قادرة على ايجاد التشريعات الناظمة لحماية هذا التراث، ولذلك تبنت وزارة الثقافة هذا التوجه من خلال تأسيس مديرية التراث لتسهم هي كمؤسسة بأعداد قواعد البيانات والتنسيق مع الجهات الرسمية وتوثيق هذا التراث ونشر التوعية الاعلامية به.
واشار راشد الى اهم الاساليب التي تسعى المؤسسات المعنية بالحفاظ على التراث الى استخدامها، معرجا على اهم القوانين والمواثيق التي تهدف الى حماية التراث الثقافي غير المادي، وان القانون الذي نهدف الى ايجاده في الاردن لابد ان يتضمن تعريف التراث غير المادي، وتناول الحقوق الادبية والمالية واليات تسجيله وادارته ووسائل الحفاظ عليه والاخذ بعين الاعتبار الاتفاقات الدولية بشأنه.
د. محمد ابو حسان الباحث في التراث الثقافي غير المادي اكد من خلال ورقته والتي جاءت بعنوان: دراسة في التراث الثقافي وعلاقته بالقانون، اشار الى اهمية التأطير القانوني والمؤسسي للعمل بهذا المجال الحيوي.
واضاف ابو حسان انه لابد من ان ينبري لدراسة هذا التراث ابناء ثقافة ذلك التراث من الاكفاء المدربين الذين جرى اعدادهم للقيام بهذه المهمة حتى يكون التوثيق اكثر موضوعية ومعبرا تعبيرا سليما عن محتوى التراث الثقافي وما يمكن خلقه من عناصر نفسية فاعلة ومؤثرة تتعلق بقيم المجتمع ومثله العليا، خاصة وان التراث القافي الشفوي في الاردن هو في مرحلة التلاشي والزوال ان لم نتداركه.
وذكر ابو حسان بأهمية القوانين الاردنية التي اسهمت بالحفاظ على التراث الثقافي الاردني، مقترحا تشكيل لجنة من ذوي الاختصاص في حقول التراث لتحديد المشاكل التي تواجه التراث واقتراح الحلول العملية لها.
وتتواصل الورشة اليوم تحت عنوانين رئيسيين هما: السياحة والتراث الثقافي غير المادي، وتجارب مميزة في صيانة التراث، اضافة الى جلسة التوصيات والتي سيرأسها مدير عام المكتبة الوطنية والتي ستختتم بصياغة وتحديد مفردات الاستراتيجية الوطنية لحماية هذا التراث.