وأشراط الناقد المكرّس في هذا الجنس الأدبي المهم.
تناول د.شكري عزيز الماضي، في مركز الرأي للدراسات، مساء أمس، تبعية الرواية للسياسة ونقلها إرهاصات الماضي وحياة الناس وحقائقها الفنية والوعي العام في تلبية الجمال والموضوع، وعرّج على دور المتلقي في عذره الذات الروائية ومسوّغات الفن والفكر، متحدثاً في الندوة التي قدّمه فيها د.خالد الجبر، عن دور الناقد في الترسيخ وقراءتها وعلائقها، ما جعل منها ذاتَ منهجٍ التفت إليه الناقدون في قيَمِها بين الاغتراب والانسجام.
تحدث الماضي، في الندوة التي حضرها مدير مركز الرأي للدراسات الباحث د.خالد الشقران، عن رومانسية الرواية وواقعيتها وحملها (الآخر) وجملة الاتجاهات، ودرس في ورقته المختصرة تسلسل الرواية الزمني وفتراتها؛ غير محبّذ إخضاعها لمنطق السنوات، فهي رواية فنيّة ذات تصوّر مسبق أبعد ما تكون عن الارتجال.
درس الماضي التحليل الشكلاني ومناهج نقد الرواية وعدم التفات النقّاد إلى خصوصية الرواية العربية في تطبيقهم نظريات النقد المستوردة، وألقى الضوء على أهمية النقد الموضوعي المصارح الذي يثري ويضيف.
منى الشرافي، التي تدرس أحلام مستغانمي في رسالتها العليا، طبّقت نماذج من الرواية العربية؛ معربةً عن افتتانها بالمفارقات، في أعمال إبراهيم نصر الله، وأمير تاج السّر وعبده خال، واجدةً أنّ الرواية الأكثر قراءةً وطلباً هي ما يندرج ضمن الثالوث المحرّم في السياسة والجنس والدين.
الشرافي، التي قدّمت بمقطوعة ناشدت فيها الحلم ألا ينكسر والجمال أن يستمر، مرّت على نظرية الأنواع الأدبية وحالات الجمال والنظام الاجتماعي، واقفةً عند الفكر الحداثي في الأدب بما يشكّله من كسرٍ للرتابة، لتقرأ فكر ما بعد الحداثة ومنحى الغموض والتحرر وفرص الرواية في مستقبل يغلفه الضباب.
أخذت الشرافي على الإعلام ضرره في تجاريّته النقدية وتحكّمه في الذّوق العام، مثلما سخطت على جمهور ما يزال يعتاد المتوفر من الأدب والنقد، وعابت على دور النشر انهمامها بالكم الرابح في رواجه، حيال الاسم المعروف الظاهر الذي يسبق العمل، وسيرورة الروائيات العربيات في تقليدهنّ وأسئلتهن التي ما تزال محل طرح.
المداخلات كانت انعكاساً لجمهور تنوّع في حضوره الفكري بين المتواضع والهاوي والمتخصص، بانسحاب ناقدين مهمّين، وصمتٍ لروائيين كان يمكن أن يثري هذا الموضوع ويشدّ جوانبه، في ندوةٍ كان حضورها طيباً لأكاديميين ونقاد احتفظوا بحق التداخل والتعبير والاحتجاج.
علّقت د.شهلا العجيلي في قراءة مستبصرة من واقع تدريسها الأدب بجامعة حلب، كما علّق انطباعيون وإعلاميون وباحثون عن الفائدة الأكاديمية؛ في حين ظلّ البحث عن الأفق مرهوناً بالجوّ الأكاديميّ شديد الثقل، الذي ظلّ يذكّر بثقل قاعة الدرس وذلك الفراغ المحموم.