وسط حضور نخبوي، تحدث فيه الناقد المسرحي يوسف العاني والإعلامي الكاتب علي عبدالأمير.
أعرب العاني عن تقديره للتكمجي في توفيره الوثيقة والرسومات المهمة، مستعيداً الإبداع العراقي، ومثقفي الخمسينات، مستذكراً الراحل محمود صبري، متناولاً ثقل المسؤولية التي قام بها المؤلف. واستذكر العاني 24 شباط/ 1944 الذي وقف فيه لأول مرة على خشبة المسرح، وجاء بحديث عن الراحل الذي كان يستشرف الزمن ويطمح إلى عراقٍ يماثل دول أوروبا في نهضته وعمرانه ومؤسساته. وتحدث العاني عن أخلاق محمود صبري وإبداعه وعمق تفكيره. وقال إنّه أثرى الجميع، وإنّ التكمجي حين يتيح لنا قراءته فإنّه يفعل خيراً في توصيل الأجيال بالجيل الذي تعب وضحى.. واهتم العاني بمحمود صبري لأنه يمثل العراق والإبداع المميز، وجاء بقصص كان فيها صديقاً للتكمجي وصبري، وتلك أيامٌ كما قال خلت، وكان يملؤها الطموح.
علي عبد الأمير عجام وقف على إشارات فن محمود صبري ودلالاته، معرباً عن احترامه لنظرية الكم أو واقعية الكم؛ النظرية التي اشتغل عليها، ومثّلت لعبد الأمير سؤالاً حول هذا الرجل الذي كان يسعى إلى الحياة بكل ما فيها من ثقافةٍ وفن وفكر.
تحدث عبدالأمير عن بورتريه زعيم الحزب الشيوعي الراحل سلام عادل، البورتريه الذي رسمه صبري، معرباً عن أسفه لتاريخ 28 شباط الدامي وذلك الشباب العراقي الضائع. وثمّن عبدالأمير لمؤلف الكتاب التكمجي هذا التوثيق وإصراره على الاحتفاء بقامة محمود صبري الفنان المفكر الرائد.
كما تحدث عبدالأمير عن الفن لغةً والفكر الإنساني والقيم والمادة السياسية حين تصبح خطاباً؛ وكل ذلك فعله محمود صبري، الذي أحال الفن إلى مهمته الاجتماعية بذكاء، وقال عبدالأمير إن التكمجي قدّم وثيقة فنية تاريخية اجتماعية فكرية، وهي وثيقة تجمع بين الوفاء والحقيقة التاريخية الموضوعية، وتناول عبدالأمير التجريب عند محمود صبري في التعددية، وختم بالإشارة إلى جورنيكا بيكاسو وجورنيكا الفنان العراقي الملهم.
التكمجي ارتجل كلمةً، ماراً على رحلته في البحث وتوفير الرسومات وصور الرسومات؛ مبيناً أنّه حاول جهده أن يحصل على أصول الأعمال الفنية التي أنجزها محمود صبري. وقال إنّ التأليف في مثل هذا الموضوع الكبير استلزم منه التحقق وسلامة اللغة والاشتغال على المراجعة المستمرة؛ معرباً عن تقديره لمصممة الكتاب التشكيلية كفاح فاضل آل شبيب.
جاء التكمجي بتاريخ طويل وذكريات عذبة، استذكر فيها أخاه حافظاً ومحمود صبري ومجلة الحائط، وجمعية مكافحة الأمية، والتحدي الأكبر: هل سيغيّر صبري ورفاقه العراق بعد عشرين أو ثلاثين عاماً من ذلك العهد؟!.. التكمجي قال إنّ العراق ولودٌ بالإبداع الذي صدّره إلى الخارج، وهو الإبداع المثقف الواعي في الشعر والمسرح والفن والعلم وكل أجناس الأدب والفن، مضيفاً أن العمل السياسي أيضاً كان مثقفاً واعياً عندما آمن به، ودلل التكمجي بنماذج نجحت واشتهرت، ذاكراً الشاعر متنبي القرن العشرين محمد مهدي الجواهري، وجملةً من المفكرين العراقيين الذين كانوا لا يقلون عن الأفغاني ومحمد عبده، بل هم كما رآهم أشهر في حقوق العمال والفلاحين والديمقراطية الاجتماعية وكثير من قضايا الإنسان.
تحدث التكمجي عن اتجاهات ثلاثة أملت عليه تأليف كتابه: محلياً(وطنياً) وعربياً وعلى مستوى العالم، متحدثاً عن (الطين) موضوعاً فنياً، و(الجزائر) ثيمةً عربيةً، و(تل الزعتر) اللوحة التي أبت أن تكتمل عند محمود صبري، لأنّها استنسخت في كلّ بلد، وحيال هذه اللوحة كان التكمجي ومحمود صبري يتناقشان حول جماليات الحمامة والوحوش. التكمجي استذكر موسكو سنة 62، ومحاوراته التي لن ينساها مع صديقه الراحل.
وتحدث التكمجي عن لوحات عالمية تباع بالملايين؛ واجداً أنّ لوحات محمود صبري لا تقل عنها أهمية، بل تتفوق عليها، وفي المحور الأخير من كلمته تطرق التكمجي إلى فلسفة محمود صبري وقراءاته الواثقة المستمرة، ووقوفه عند (كارل ماركس) والفهم المادي للتاريخ، منادياً بالبنى التحتية في مسؤوليتها عن مجموعة البنى الفوقية التي يمثلها الفكر والدين والقانون وأشياء من مثل ذلك. 
ناقش التكمجي تبني الاتحاد السوفييتي للماركسية وقراءة محمود صبري للتفسير المادي، وفي ذلك حديث طويل يستعرضه الكتاب الصادر عن مطابع دار الأدب بعمان.
المستشار الثقافي العراقي د.عبدالرزاق العيسى أعرب عن تقديره للمؤلف في جهده الواضح، وهو ما يؤكد الحفاوة بالإبداع العراقي؛ حيث إبداع الخمسينات من القرن الماضي، وتحدث العيسى لـ(الرأي) عن ظروف صعبة سياسية في الداخل العراقي كانت محيطة بهذا الإبداع. 
عن كون بغداد عاصمةً للثقافة العربية العام الجاري قال العيسى إنّه يثمن هذا التمازج الثقافي الأردني العراقي في جو من الأخوة والمحبة، معرباً عن تقديره للمثقفين العراقيين في الأردن، ولهذا التعاون المهم بين البلدين على أكثر من صعيد.