الثمانيني الشاعر ألفريد سمعان قدّم نبذةً عن الاتحاد وتنوع شعرائه ووفائه للجواهري وقامات العراق في الشعر والسرد، معرباً عن تقديره للأسبوع الثقافي الأردني في العراق، كونه الأسبوع العربي الأول بعد سنة ألفين وثلاثة.
قرأ السواعير على منصة الاتحاد التي ألقى عليها الشاعر الجواهري أواخر خمسينات القرن الماضي، قصصاً، انفتحت على ذات تغالب غباراً وأتربة، ونصوصاً أولدها أبياتاً، في الأصبوحة التي تسلّم فيها درع الجواهري:
(باردةٌ يا أبي الْحَمْحَمَاتُ،
وَضَيّقةٌ سُبُلِي في المدينةِ؛
.. بعض (ضباعٍ) تهادنُ حيناً، وحيناً تقهقه بالنَّصر، لكنّه لن يدوم، أَعِدْ يا أبي إنّ لَحْمِيَ مرٌّ، مرارةَ صبر الجسومِ على جرعة الوهمِ، صبر الحُلُومِ على فورةِ الدَّمِّ، صبر الكرام على زلّة الشّهمِ، صبر العَنِيْنِ على ليلة الهمّ، صبر الأصيل على الطارئينْ،... صبر الوفيّ على المارقينَ، وكنتُ إذا القومُ مَدّوا مددتُ.. ولكنّها لم تَعُد لي.. يَدِيْ بعدُ،.. والفتى:
يظلّ 
تُغرّبُهُ غايَتُهْ، 
وتهبطُ،
بعد الذّرى، 
رايَتُهْ،
وإن صاح يا «ناس»: 
هل من يُصدّقُ؟
ضاعت بكفّارهم
آيَتُهْ!).
وقال في مسقط رأسه، ناعور:
(مثل عجوزٍ ينتظر المحيطون موتها؛ تحفظ التفاصيل في آخر عهدها بالوجوه، أخاطب في الحبيبة (ناعور) ذرّات قبري؛ وأعلم أنّي إليها أعود وأنّ المساء الذي كان يجمع الناس ما عاد، أنّي تعرّيتُ حتى استردّ العباءةَ جدّي، وقد كان مَلّكَنِيهَا أبي؛ يا أبي كن صبوراً وأنتَ تُسَبِّل عَيْنيَّ، واعلم بأنّ الحصان الذي خذلته الخيول ولم يبلغ النشوة القاتلةَ، احتارَ.. بالأمس:
وُلِد الفتى ففرح به الشيطان أكثر مما فرح به أبواه، ولمّا باراه قال في نفرٍ من أصحابه: يخرج من العتمة ناس، فيزرعون الأرض البور، ولا يفتأون كذلك، ولكنهم لا يقطفون زهرها، ومحرّمٌ عليهم أن يفعلوا، وقد يكون الفتى منذوراً للقطف!).
يمرّ الفتى على «الدّور» يطويه همُّه، وروح الشيطانِ بين جوانحه، وبعض قلب الملاك ينبض مرّةً ويتوقّف،... ولَمّا استقرّ به المقام نسي ما جاء لأجله؛ فعاج: يا أبي هل وجوه الروابي بناعورَ ظلّتْ، أم العينُ ضلّتْ؟! وكيف ذوى ملمح الحرّ بين العبيدِ؟! «العبيدِ» التي تَقْلِبُ اليوم ظهر المجنِّ، وكانت على باب ديوانك العذب تترى، أعِدْ يا أبي: أَعِدْ يا أبي إنّ لَحْمِيَ مرٌّ، مرارةَ صبر الجسومِ على جرعة الوهمِ، صبر الحُلُومِ على فورةِ الدَّمِّ، صبر الكرام على زلّة الشّهمِ، صبر العَنِيْنِ على ليلة الهمّ، صبر الأصيل على الطارئينْ).
وقفّى السواعير:
(قلتُ للقهقهاتِ زيدي ضجيجاً، تتسارعْ قلوبُ من أرسلوكِ، قُلتُ للمظهرينَ سوء الطوايا، نحنُ أصفى من الجبان الضّحوكِ، قُلتُ يا حسرةً بجسّاسَ نادي: لا ترى الأشقيا عيونُ الملوكِ، قُلتُ يا ذي الذّراعُ عودي رماحاً، واطعني من بغى ومن أهّلوكِ، قلتُ يا دارُ لا تليني فإنّا، بالصدور البيضاء نحن بنوكِ!).
وكان الزميل ألقى في الأصبوحة التي قدّمه فيها الكاتب عمر السراي، وحضرها رئيس الوفد الثقافي الأردني عيسى الشبول قصائد من شعر الراحل حبيب الزيودي من ديوان (منازل أهلي)، ليطوف بمدن عربية، في نصوص بين الشعر والنثر، ذهبت وعادت لتستقر في صحراء الشاعر غائرة الجرح، كربلاء.