|
عرار: عرار- خاص : أقيمت يوم امس الاول في منتدى الرواد الكبار مقارنة تذوقية للتجربة الشعرية للشاعرة نور تركماني من خلال ديوانها (صلوات الندى) قدمها الشاعر نزار عوني اللبدي ، وبعد ذلك ألقت الشاعرة نور تركماني قصائد من ديوانها صلوات الندى حلقت بالحضور عاليا وعطرت قاعات المنتدى بعبقها وعطرها الفواح وعرار تنشر نص المقاربة التذوقية التي قدمها الشاعر والناقد نزار اللبدي للتجربة الشعرية للشاعرة نور تركماني ، من جهة اخرى سيتم نشر كامل الامسية بالصوت والصورة من خلال عرار لاحقا. توطئة من نافلة الكلام أن أقول هنا: إن النقد عالة على الشعر، فالشعر كان في البدء، ثم جاء النقد ليبدي رأيه فيما قيل من الشعر. ولذلك فإن الشاعر غير ملزم بالأخذ بآراء النقاد في شعره إلا بما يراه مناسباً، وإذا شاء. وله أن يعتدَّ بشعره ويمضي تاركاً للزمن أن يصنفه في قائمة الشعراء الخالدين أو يُخمل ذكره، بحسب تقبّل الأجيال التي تليه لإبداعه، فيقول كما قال المتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ فكم تصدى نقاد لشعراء وانتقصوا من شعرهم، أو حاولوا إخراجهم من ركب الشعر إلى ركب الفلسفة أو الحكمة أو غير ذلك، وصنفوا في ذلك الكتب، ومرّ الزمن على الجماعتين، فبقي الشعراء حاضرين في أذهان الناس وقلوبهم، يتداولون شعرهم ويعجبون به، ومضت كتب النقاد إلى رفوف المكتبات، تُدرس وتدرّس لطلبة الجامعات من باب تاريخ الأدب وطريقة تفكير النقاد في ذلك الزمن. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ولأغراض الاحتراس، أقول: إن محاولة التعرض للتجربة الشعرية لشاعر ما، لا يكفي لها البحث في ستة عشر نصاً، نُشرت في ديوان واحد. غير أنني سأثبت هنا العبارة الآتية: " تهدف هذه المقاربة التذوقية إلى تحديد بعض ملامح التجربة الشعرية للشاعرة نور تركماني من خلال البحث في ديوانها (صلوات الندى) بحسب ما أرى وأظن، وحتى تاريخ إصدار هذا الديوان فقط". أمّا الآن فنحن أمام تجربة إبداعية تنقسم إلى قسمين: النثيرة، أو ما اصطلح عليه بـ (قصيدة النثر)، والشعر الموزون بنوعيه: قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية. وعلى الرغم من تحفظي الشخصي على مصطلح (قصيدة النثر)، إلا أنني أسجل للشاعرة هنا أنها لم تهرب إلى هذا النسق من الكتابة لعدم تمكنها من القصيدة العمودية، فمن خلال قراءة نصوصها الموزونة يتبين مدى طول باعها في هذا المجال. غير أنها ربما أرادت خوض تجربة (النثيرة)، لإحساسها أنها قد تستطيع التعبير بها عن مشاعر متدفقة متباينة، وعلى شكل ومضات حارقة، قد يحدّ من اندفاعها التزامها بالوزن. ويتبين هذا من خلال تدفق الصور البيانية المكثفة في مقاطع (صلوات الندى) التي استهلت بها ديوانها، وهي عبارة عن ثلاثة وخمسين مقطعاً، نلمح فيها سيطرةً لهمّ القصيدة، والتي يتكرر لفظها في تسعة مقاطع، ضمن صور بيانية مختلفة: فهي في المقطع الأول، تضم نيسان بين يديها، وتنثره على وجه الكون (قصائد) وأمنيات، ثم تمنح في المقطع الثاني (جنات القصائد) لأنثى تستحم بياسمين حرفه. ] وهذا الـ (هو) طرف حاضر غائب في هذه المقاطع كلها، وسنلمح ذلك فيما يأتي من هذه المقاربة [. ثم هي تريده في المقطع الثامن خطيئة تصعد بها من الجنة إلى (سماء القصيدة)، وتخبئ في المقطع الثاني عشر(صهيل القصيدة) في صندوق حنينها، وفي المقطع السابع عشر، نرى ريش أضالعها مبللاً بـ (طلّ القصيدة)، وهي لا تبتغي في المقطع الثامن عشر، حين تشكل حروفَها، سوى (وجه القصيدة)، وعندما تصل إلى المقطع التاسع عشر، ترى أن (بعض القصائد) كالرؤيا أو كصلاة الاستخارة، وفي المقطع العشرين، يحدث أنها في كل مرة تعقد فيها (جلسة القصيدة) لا يكتمل النصاب، إذ لطالما كان غيابه يفشل دورات حروفها، وتتشهد في المقطع الثالث والعشرين بين إيماءتين و(قصيدة). فالقصائد ترافق الأمنيات فيما تنثره الشاعرة من نيسان على وجه الكون، ولها جنات تمنحها الشاعرة لأنثى تستحم بياسمين حرفه، وللقصيدة سماء تصعد إليها الشاعرة به ( خطيئةً) من الجنة، ولها صهيل تخبئه الشاعرة في صندوق حنينها مع كثير من الأشياء الصغيرة الأخرى التي تشكل في مجموعها سرها الوحيد الذي هو هو، ولها طلّ ما زال ريش أضالعها مبللاً به، وحين تشكل حروفها فإنها لا تبتغي سوى وجه القصيدة، والمقصود هنا أنها تكتب لخالص الفن، دون أي غاية أخرى، ولذلك نراها في المقطع التاسع عشر ترى في بعض القصائد وسيلة لنطمئن بها كما لو أنها رؤيا أو صلاة استخارة، ولعلها تشير بذلك إلى ما تؤديه الكتابة من دور بالنسبة للشاعر، إذ تخرجه من ما يتعرض له من ضغط نفسي وشرخ يقصيه عن المجتمع حين يتعرض لحال شعرية نتيجة لموقف أو حدث أو إشكالية ما، فهو حين يكتب، يعيد تشكيل الحياة من جديد وحسب رؤيته الخاصة، فلا يستريح إلا بعد أن ينتج نصه الذي يشكل تصوره الخاص لما تسبب له في ذلك الضغط. ويعود (هو) كما دائماً ليفرض وجوده على كونها، ففي كل مرة تعقد فيها جلسة القصيدة، أي تعتادها حال الكتابة، كان غيابه ( وهو متكرر دوماً، حتى لنكاد نجزم بأنه غير موجود أصلاً) يفشل دورات حروفها، فالنصاب لا يكتمل إلا به، وهو لا يجيء. وحين تعبئ من قطن القمر وسادة أحلامها، تروح ترتل تعاويذ دمها من أزيز الصمت في ضلوعها( تخيلوا: أن يكون للصمت أزيز!!)، وتتشهد بين إيماءتين وقصيدة، فهذه صلاة من ابتكار الشاعرة، وهي صلاة وِترية، أي بثلاث حركات: الإيماءة الأولى ثم الإيماءة الثانية ثم استراحة استعارت لها الشاعرة صورة التشهد الذي يقع في منتصف الصلاة الرباعية الركعات ويكون بين الركعتين الأوليين والركعة الثالثة في صلاة المغرب فقط، فكل إيماءة صورة لركعة، ثم التشهد/ الاستراحة، ثم الركعة الأخيرة/ القصيدة؛ ختام الحال الذي تتعرض له الشاعرة عندما يصكها تعب الكتابة، وترى أن لابد من البوح للورق. ولعل المتأمل في ما تصوغه الشاعرة هنا من صور بيانية يلحظ أنها لا توفر وجهاً من وجوه البيان إلا وتسخره لقلمها، فلا ينجو منها التشبيه ولا الاستعارة ولا الكناية (مما لا يتسع المجال هنا لتتبعه بالتفصيل)، في تدفق لا يشكمه سوى أن نتوقف لنلتقط أنفاسنا، ونتأمل، حتى نتأكد أن الشاعرة لا تعبث بنا. وحين نتاكد من ذلك، نأخذ نفساً عميقاً، ونواصل معها رحلتها الكتابية الجميلة. ونمضي في التقاط الصور الشعرية المدهشة في نص (صلوات الندى): • فللهذيان حائط عندها، تعلق عليه ما يعينها كلما أوجعها الغياب. ( مقطع 35). • وللهذيان خريف عندها، تحسره حين تبدأ الأرض بتلقي رسائل الغيم لتسترجع ما يخصها من حروفه. (مقطع 48). • وللقمر حضور عندها: فهو يقترب من الأرض ليختلس السمع لهمساتهما.( مقطع 5). وتطلب منه(هو) أن يهبها من همسه قمراً يغفو على صدرها.(مقطع6). وقد كان القمر مشغولاً بنفي الإشاعة وإصدار بيان عندما تنهدت الغيمات وأرسلت أنفاسها تراقص الفراشات حين ضمت (هي) الشمسَ إلى صدرها.(مقطع 13). ومن قطن القمر تعبئ وسادة أحلامها.(مقطع 22). وينزل القمر ويستلقي على النافذة ليحرس أحلام المتعبين في آخر الليل، حين تهجع القلوب المثقلة بالغياب وتستسلم لجيوش النعاس، وتغفو قناديل الحراس، وتبدأ الوسائد بسرد حكايات الأحلام المؤجلة. (مقطع 37). كتائب من التشبيهات والاستعارات تكثف الشاعرة من خلالها صورها البيانية لتحملنا معها إلى عالمها المثقل به وبغيابه، والمشحون بالحزن الشفيف. • وللغياب/ غياب الآخر، سطوة كبيرة على صلوات الندى، بل أكاد أجزم أن الغياب هو أصل تشكل هذه الصلوات، ولنتتبع الصور الفنية التي من خلالها نتبين هذه السطوة: - بحضورك فقط أشعر باكتمالي. (مقطع 1)، وهذا يعني بالضرورة أنها بغيابه تشعر بنقصها الذي تحاول أن ترتقه بالكتابة له عنه وعنها. - انتظرتك هذا المساء/ ككل المساءات/ ولم تأتِ/ وككل المساءات/ لم تغب عني.(مقطع 3). لم يأتِ ولكنه لم يغب عنها، فعمّدت حضوره في ومضة لعب فيها التضاد بين ( لم تأتِ و لم تغب ) دوراً في بعث التوتر في الصورة الشعرية، فأحدث شيئاً من الدهشة عند المتلقي. - لطالما كان غيابك / يفشل دورات حروفي.( مقطع 20) وقد سبقت الإشارة إلى هذه الصورة عند الحديث عن سيطرة هم القصيدة على نص صلوات الندى. - أنت هنا ولا أراك/ أشمك .. أتنفسك/ ولا أراك/ أرسل أصابع دهشتي/ تقطف بعض غيمك/ فتعود لي ذابلة/ ألقي جديلة حنيني تلتقط أطراف مدِّك/ فترتد لي/ سراباً/ سرابا.(مقطع 31) منتهى الإحساس بغياب الآخر، هو هنا ولا تراه، تشمه تتنفسه ولا تراه. وتنتهي كل محاولاتها للمسه والشعور به إلى السراب. - لماذا لم أحاصر اللحظات/ وأطبق جفون الإطار على نبض الصورة؟/ لكنتُ الآن أعلقها على حائط هذياني/ كلما أوجعني الغياب. (مقطع 35). توحي لفظة( كلما) بكثرة تكرار وجع الغياب، وما أكثر الغياب في نص (صلوات الندى) بلفظه، ومعناه المتشكل بحالات مختلفة من المشاعر. - في آخر الليل/ حين تهجع القلوب المثقلة بالغياب( مقطع 37) ، ذلك أن القلوب المثقلة بالغياب تتسبب في كثير من وجع الغياب لأصحابها. وهل لصورة أخرى غير هذه الصورة من دلالة على ثقل وطأة هذا الغياب المستشري هنا؟ - أتسلى بغيابك/ بكأس يخدر شعوري/ أتسلى بوجوه أبحث بينها عمّن ينسيني هواك (مقطع 44). والمقصود أتسلى في غيابك، فالباء هنا ليست بمعنى بواسطة غيابك بل بمعنى في حال غيابك. وهل من حل مؤقت لوطأة الغياب الملعونة هذه غير كأس يخدر الشعور، أو بالبحث عن حل مؤقت بديل لحضوره، حتى تصل في نهاية المقطع إلى القول: أتسلى/ أحاول النسيان/ ولكن .. هيهات. - عاد المطر/ لم يجد الشرفة بانتظاره/ فقد اغتالها الخريف/ هل تغير لون المطر/ أم أن الغياب يمتص الألوان؟ مقطع( 47). ولعل الشاعرة وجدت الإجابة بأن الغياب يمتص الألوان، ولكنها قدمتها لنا في صورة لا تخطر بالبال: ما عاد للشتاء أهمية/ فالقبر لا تعنيه الفصول. لقد وصل حد تأثير الغياب عندها إلى مماهاته بالقبر. هل أعطيت نص ( صلوات الندى) الكثير من القول؟ بكل جرأة أقول: إنني لم أرتوِ من الإبحار فيه، فهو في نظري عبارة عن مهرجان من الصور البيانية المكثفة البديعة، التي تريد أن توصّل للقارئ الكثير من المعاناة والاغتراب والمشاعر الدافئة التي تبحث عن متنفس لها في الحياة، فلما لم تجده، تدفقت في هذه المقاطع الجميلة من النثيرة ذات الإيقاع الداخلي العميق. وسأكتفي لضيق الوقت بهذه الإلمامة السريعة فيما يختص بالقسم الأول من الديوان والذي أشرت إليه في بداية الكلام وهو (النثيرة)، أو ما يسمى على الرغم مني ( قصيدة النثر). والحقيقة أن الكلام في تجربة الشاعرة نور تركماني في قليل من الوقت، وقليل من الورق، لن يفيها حقها، وإن تعارض هذا مع وجهة نظري في البداية حين قلت: إن محاولة التعرض للتجربة الشعرية لشاعر ما، لا يكفي لها البحث في ستة عشر نصاً، نُشرت في ديوان واحد، لاسيما إذا كان الديوان الأول للشاعر. غير أنني سأنوه هنا ببراعة الشاعرة في تطويع اللغة لتستوعب مشاعرها وأفكارها في صور شعرية مبنية بناءً ذكياً، يفصح عن مقدرة طبيعية لديها في التقاط الصورة من الحياة، وسكبها لنا في قوالب جديدة تبعث على الدهشة، وهذا هو ما يراد من الشعر فناً؛ أن يحدث في متلقيه تلك الرعشة الخفية الناجمة عن اندهاشه بما يسمع أو يقرأ. وإلا أصبح الكلام خبراً عادياً حتى لو جاء موزوناً ومقفى. فليس الشعر مجرد رصف كلمات، إنه إعادة تشكيل للحياة والمواقف والأحداث، بحسب رؤية الشاعر لها، باستعمال خاص للغة، يختلف عن استعمال اللغة للتخاطب المباشر. هي لغة المجاز، والاستعارة والتشبيه والكناية. أما فيما يتعلق بالقسم الموزون من الديوان، والذي تمثل في أحد عشر نصاً قصيراً، منها أربعة نصوص على نمط التفعيلة، وسبعة نصوص على النمط العمودي، فلم تبتعد الشاعرة كثيراً عن أسلوبها الجميل في اقتناص الصور البيانية المميزة، ولم يمنعها قيد الوزن والقافية من تطويع اللغة لمرادها في صياغة هذه الصور، وما سيأتي من استعراض لبعض هذه الصور سيؤكد لنا هذا، وقد اخترت من كل قصيدة صورة واحدة، فلننظر: • وروحي طلُّ أغنية يبلل جدب أيامي/ وينثرني (قصيدة: مناجاة) • قل لي/ ماذا يعني أن ينمو في حبركَ بدرٌ/ يكبر حباً شغفاً؟ (قصيدة: قل لي) • تقول مغنية للقمر: فادن مني / يا أنيس العاشقين/ عمرنا كالماء يمضي/ بوميض الصبر يستهدي، ويرثيه الغياب/ هل ستسقي بالحنين/ أمنياتي الذابلات؟ (قصيدة: من أول الحلم حتى آخر الماء) • فلتحضني طفل أضلاعي وخفقته // فغاية الحب أني جئت أعترفُ ما زال يزهر فيَّ البوح من زمنٍ // قصيدةً جئتكم أغرى بها اللهفُ (قصيدة: بسمة الصبح) المهداة لمدينة إربد • عجلونُ ترمي على صدري ضفائرها فيهمس الصبح سرَّ العطر للطينِ تقبّل الشمس أكتافي بضحكتها فيغسل الأفق بالحناء نسريني (قصيدة: بأحضان الغيم تغفو) إهداء لمدينة عجلون • وعتّق لروحي نبيذ الكلامِ فكأسي تحنُّ إلى راشفِ (قصيدة: شذا الهاتف) • كسا الربيع مروجي فاقطف من القلب وردي (قصيدة: سمراء القصيد) • ملأى دناني وكأس الشوق مترعةٌ يا مالك النبض أيقظ لحظة النهمِ (قصيدة: طقوس) • يا حروفاً تتثنى غنجاً غافلي السطر وتيهي عندهُ (قصيدة:عرج البدر) • عروس شامِكُمُ قصت جدائلها ومن أقام على بلوائها طرِبا ( قصيدة: ياشام) كما هو الحال في ما سبقت الإشارة إليه عند استعراض التصوير الفني في القسم الأول المتعلق بالنثيرة، تنساب الصور البيانية من قلم/ قلب الشاعرة دون افتعال وتصنع، لتنثر لنا مشاعرها وأفكارها بلغة شعرية رقيقة راقية، لا يمنعها من ذلك أنها مقيدة بوزن، أو بوزن وقافية، حسب الحال. خلاصة القول في هذه القراءة التذوقية العجلى في تجربة الشاعرة نور تركماني، من خلال ديوانها الأول ( صلوات الندى) ، أن الشاعرة تتمتع بحس شعري مرهف، وذائقة فنية عالية، أرجو لها مزيداً من العطاء الخصب، وأتمنى عليها أن لا تركن إلى النثيرة، وأن تعمد إلى الشعر الموزون، بشقيه العمودي وشعر التفعيلة، فهي لم تكن لتبدع في النثيرة لو أنها لم تكن مبدعة في الشعر الموزون. نزار عوني اللبدي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 12-09-2013 05:08 صباحا
الزوار: 2938 التعليقات: 0
|