وعلى وجاهة هذه المنطلقات، إلا أنّ المهم هو أن تتغير ذهنية عضو الاتحاد نحو معنى العمل الثقافي والموضوعة الفكرية التي من المفترض أن يتشارك بها هؤلاء مع غيرهم من مثقفي الأردن ومفكريه وسياسييه ونُخَبه في رسم هويته الثقافية العربية الإسلامية على وجه العموم.
وحين يتحدث أعضاء الاتحاد عن همومه يلجأون إلى تحميل المؤسسات الثقافية والإعلامية الدور الأكبر في حالة السكون أو الركود التي يعانيها؛ منادين بالمشاركة مع رابطة الكتاب، بوصفها تستأثر بالدعم كلّه وتشارك في المشهد كلّه دون الجميع. وهو حديث كان الأولى منه أن يبادر هؤلاء إلى فرض أجندتهم الثقافية في تسجيل الموقف على الأقل تجاه القضايا المتحركة على الصعيد الوطني والقومي، بل والعالمي، وهي كثير.
ليست المسألة تنفيذ وعود إجرائية؛ كأن تزداد محتويات مكتبة الاتحاد أو ترتفع قيمة شراء الكتب أو يشارك الأعضاء في لجان وزارة الثقافة، فهذه أمور تستطيعها أيّة هيئة إدارية له منذ عام 1987، وهو التاريخ الذي تأسس فيه بُعيد إغلاق رابطة الكتاب الأردنيين لأسباب معلومة للجميع، أما وقد عادت الرابطة تشتغل من جديد، بل وتشارك اليوم في أشدّ الأمور حساسيّةً(فلسطين، الأزمة السورية، العراق، الهموم الوطنية.....) من منظور فكري ثقافي، فإنّ الأمسيات الشعرية والندوات التي يملأ بها الاتحاد الفراغ حَسْبْ، أو التي تجيء في سياق مناسبات معدودة عليها أن تتصل بالضمير العام للوطن، وتلامس قضاياه في مؤتمرات دورية وندوات ذات أوراق وجلسات وتوصيات وتبادل ثقافي ليس بغرض الحديث عن فنادق ذلك البلد وشوارعه، بقدر ما هو اشتغال على المنطلقات الفكرية والثوابت الأصيلة لدى الشعوب.
محنة اتحاد الكتاب هي في قياسه بالرابطة، أو باتخاذها قيمةً معياريّة، أو بالحصول على عضوية لجان وزارة الثقافة أو أمانة عمان، فتتكرر السنوات وتُستنسخ الدورات ونكون ضيّعنا خيراً يقتصر على نشاط أسبوعي أغلبه في الشعر أو ندوات يمكن أن تقوم بها أيّة جمعيّة توعويّة، وهو ما يدعو إلى لجان عاملة وعلاقات خارجية وداخلية وصداقات ومواقف سياسية يغلفها المنطلق الفكري، وهو ما لا يكثر أو يكاد ينعدم في اتحاد الكتاب. وفي رابطة الكتاب، التي ترفض حتى الحديث عن الاتحاد بوصفه ليس ندّاً أو منافساً أو لا يشكل خطراً، ما يفيد بالمواقف التي خلقت حالةً صحيّة لدى أعضائها في تبادل الرأي والمناظرة والمسارعة إلى تسجيل الحالة أو الاحتجاج، وفي كلّ ذلك، تتفق أو تخالف، أنت مدعو لأن تحترم هذه الحالة في عمومها تجاه حالات وطوارئ استفزّت الجميع.
هل يمكن الخلوص إلى الرؤية أو الاستشراف في ظلّ الحديث عن دعم الكتب ومكافأة المجلة وظلم وزارة الثقافة؟!.. ذلك لن يكون دون أن تنطلق الذهنية المثقفة من شرنقتها أو من عنق الزجاجة، ومن تحوّطها وحالة الحذر التي تعيش لتشارك في الحياة الوطنية والقومية والعالمية باتجاه إظهار نوايا فردية حقيقية تحمل كلّ هذه الهويات، وإلا فإنّ المؤسسية الثقافية لن تحقق استثماراً لمجموعة الجهود، وستظل الأمسيات العجلى التي لا يسمع بصداها غير أصحابها هي هي، وسط كلّ هذا الروتين.