|
عرار:
عرار: شعر.. حضور.. إلقاء.. إبداع.. ليل وسهر. كل هذا وسواه حفل به مسرح شاطئ الراحة، ليؤكد أن "شاعر المليون" كبرنامج تلفزيوني، ومسابقة شعرية باتت تستقطب أجمل ما يصاغ من نصوص تنحت في القلب، وتستقر في العقل. ما يمكن أن يقال في الأمسية الثانية من أمسيات "شاعر المليون" – أمس الثلاثاء من مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي - ربما هو أقل مما يجب. فما ألقاه جميع شعراء الحلقة كان سهلاً ممتنعاً في بعضه، جزلاً في بعضه الآخر، لكنه جميلٌ كله. ما وضع النقاد في خانة الاختيار الصعب مجدداً؛ لكن هذا هو قانون البرنامج، وما وضع الذوّاقة أيضاً في خانة الحيرة، فشعراء الحلقة قدموا شعراً يليق بالشعر النبطي، ويليق كذلك بمحبي هذا الشعر. توطئة.. وفوز قبل صعود الشعراء الثمانية المرشحين للحلقة الثانية على خشبة المسرح؛ أعلن المقدم حسين العامري عن نتائج تصويت الجمهور لصالح شاعرين فقط من شعراء الحلقة الأولى، بعد أن كانت بطاقتي اللجنة من نصيب الكويتي سعود بن قويعان المطيري، والسعودي عبدالمجيد ربيّع الذيابي إثر منحهما 49 درجة من أصل 50 درجة. وعلى مدار أسبوع كامل صوّت الجمهور لاختيار شاعرين آخرين من أصل ستة شعراء عاشوا قلق الانتظار، إلى أن أعلن أمس عن الشاعرين الفائزين، وهما طلال سلطان الشامسي من سلطنة عمان وحصل على 62% من مجموع نسب التحكيم و التصويت، وسعد سعيد بتّال السبيعي من الكويت الذي حصل على 55%، فيما غادر كل من عبدالله بن جليدان آل عباس وعلاء بديوي وأحمد المناعي وسليم سميح المساعفة العجارمة، وأبى الشاعر بن جليدان إلا أن يترك بصمة في المسرح قبل أن يغادره، فألقى عدة أبيات قال في مطلعها: أجدد ولا نجران للعاهل ابن سعود وما نخونه كونه من يخلف السنّة ولا ديرتي نجران مشهود فينا اخدود وسلمان حن سيفه وعند حسن ظنه ثاني حلقات المرحلة الأولى ثلاثة شعراء في الحلقة الثانية استطاعوا ليلة أمس الثلاثاء كسب بطاقات تأهيل لجنة التحكيم، لما قدموه من قصائد حازت على أعلى الدرجات، وهم السعودي خزّام بن سيف السهلي الذي حصل على 49 درجة، والإماراتي خميس بليشة عبيد الكتبي الذي حصل على 47 درجة، ومثلها كانت للأردني بلال محمد الماضي العيسى. ما يعني أن خمسة شعراء وهم: السعوديان معيوف مبارك معيوف الدوسري، ومنيف سعيد الحصان الشهراني، والكويتيان محمد راشد جابر فرحان الضويلي، ونايف عوض بن مطيع العازمي، والقطري فهد بن سهل المري؛ سينتظرون سبعة أيام تقييم الجمهور وتصويته. الكرم والشعر أولاً.. قبل الانتقال إلى جو الشعر؛ تحدث الشعراء المشاركين في الحلقة عن الكرم من خلال تقرير مصور، فقالوا ما الذي يعنيه بالنسبة لهم، وما الذي يمثله، وممن تعلموه، وما دلالاته، ومن هو نموذج الكرم عندهم. أغلبية الشعراء الثمانية لم يتسنَ لهم الظهور في دائرة الإعلام عموماً قبل "شاعر المليون"، على الرغم من مشاركة بعضهم في دورات سابقة، لكنهم لم يتأهلوا إلى حلقات البث المباشر، ولم يتعرف عليهم الجمهور قبل ليلة أمس. وفي تلك الليلة كان جمهور البرنامج عبر شاشتي أبوظبي وبينونة ومسرح شاطئ الراحة على موعد معهم، وهم الذين تمكنوا من التحليق عالياً (فوق.. فوق.. فوق نجم سهيل) كما عبر الشاعر الإماراتي خميس الكتبي، فكانوا جمعيهم بحق متألقين، لكنهم ورغم تفوقهم فقد خضعوا مثل سابقيهم لآلية المسابقة التي تحكم كامل المرحلة الأولى. فمن كل حلقة من الحلقات الست الأولى؛ سيتم اختيار شاعر أو اثنين أو ثلاثة خلال الحلقة من قبل لجنة التحكيم المكونة من د. غسان الحسن، والكاتب والناقد حمد السعيد، والأستاذ سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر، وكي يكتمل النِصاب - وهو أربعة شعراء من كل حلقة - يقوم الجمهور بالتصويت خلال أسبوع كامل لصالح ثلاثة شعراء، أو شاعرين، أو شاعر واحد فقط. وهذا مرهون طبعاً بعدد من تؤهله اللجنة على الهواء مباشرة. بلال الماضي.. صدق واقتدار كان الشاعر الأردني بلال الماضي أول من تقدّم إلى المسرح، فلفت بنصه النقاد أعضاء لجنة التحكيم، وكذلك جمهور المسرح الذي صفق طويلاً له، لما امتاز به نصه من صدق ونبل ودفء ومحبة، وهو الذي قال: أنا رسالة عروس الشرق للأمّة دامي ولدها الذي يعرف خوافيها إم اليتامى الصبورة صلبة الهمّة مزبن شعوبٍ تعنّيها مآسيها وترابها حضن للي شاكي همّه رغم الفقر تطعم المحتاج بيديها دايم تقول لضناها: صبر يا يمّه وتدوّر السّتر عند عيون ناصيها بالحدّ واقف ولدها مشمّرٍ كمّه أي نفس عطشت أمن بيديه يسقيها ياخذ يدين الطفل بيديه ويزمّه والبندقيّة لاجل مَ يخاف يخفيها يا من بها اللي هدر وحش الغدر دمّه كم جرح مسلم تعافى في مشافيها في صبرها الجم تخفي ظروفها الجمة تحمّلت مع تعبها ظرف لاجيها أحدٍ وفت ذمّته واحدٍ بلا ذمّة كم توم بطنٍ مهي توم بمباديها البعض صار يتناثر وسطها سمّه ودّه خراب أمنها يهدم مبانيها ما يدري انّه يُردّ السم في فمّه الموت موت الذي بالشر ينويها حنّا لها أحرار ما نرضى عدا القمّه مثل الجبال ارتكزنا في ضواحيها لو ما بها إلّا النسيم الطيّب نشمّه يا نعمة الله مدام الأمن كاسيها ذلك النص امتدحه د. غسان الحسن، ووصفه بأنه جميل جداً، وفيه حميمية عظيمة، فحمل الشاعر هموم بلده وهو ليس فيها، وهذا عين الوفاء. وأضاف د. غسان: إن الصدق الموضوعي والصدق الفني يكللان النص، فالصدق الموضوعي تمثّل في المعاني المأخوذة من الواقع المعاش، والصدق الفني تمثّل في التراكيب الشعرية الجميلة التي أفصحت عن أحاسيس الشاعر. وقال د. الحسن: إن الانطلاق إلى الشهرة يكون من عمق الذات، وهذا ما يسلكه بلال، فينطلق من ذاته الخاصة، إلى ذاته الوطنية، لتتحدا معاً. ورأى د. غسان وجود ثلاثة شخوص في النص، الشخص الأول هو الشاعر، والثاني هو الأردن، والثالث هو اللاجئ الذي وصل إلى الأردن طالباً الاستراحة والأمان، وفي ذلك وفاء من الأردن للجار، وإنسانية وصبر، خاصة وأن ذلك البلد عاش مثل مزبنٍ للشعوب منذ عام 1948 وحتى اليوم، وبالتالي عندما طرح الشاعر هكذا موضوع فقد مثّل ذاته ومثّل المواطن الأردني والأردن أيضاً، ولفت د. الحسن إلى البيت (أحدٍ وفت ذمّته واحدٍ بلا ذمّة/ كم توم بطنٍ مهي توم بمباديها) الذي عبّر من خلاله الشاعر عن قلة وفاء البعض. الأستاذ سلطان العميمي من جهته قال إن الشاعر – عبر قصيدته تلك - يثبت أن حب الوطن يكتب بجمالٍ واقتدار، فالقصيدة متميزة من أولها إلى آخرها، وهي التي تحمل بعداً إنسانياً بما يتضمن من احتضان اللاجئين، إلى جانب العمق الشعري الموجود فيها، حيث لم يطغَ الشعر على الموضوع، ولا الموضوع على الشعر، وقد وجد العميمي أن النص تميز بالوعي في الطرح، وتحديداً ما يتعلق بالوطن وبالآخر وبالحقائق التي يعرفها العالم. ثم إن الشاعر لم يأتِ بغموض، كما ابتعد عن التقليدية. مشيراً إلى أن خاتمة القصيدة فيها واحدة من أجمل الإشارات، وهي الأمان (لو ما بها الّا النسيم الطيّب نشمّه/ يا نعمة الله مدام الأمن كاسيها). الناقد حمد السعيد قال: يحق للأردن أن تفتخر بأمثال بلال، فالنص جميل جداً، والترابط فيه مهم، وبينما نجد أن بعض الشعراء يسترسلون في الشعر وينسون الموضوع، فإن بلال تخلص من ذلك، وظل ممسكاً بالموضوع من بداية النص إلى ختامه. وفي معرض حديثه أشار السعيد إلى أبيات بعينها أعجبته مثل (أنا رسالة عروس الشرق للأمّة/ دامي ولدها الذي يعرف خوافيها)، والبيت (إم اليتامى الصبورة صلبة الهمّة/ مزبن شعوبٍ تعنّيها مآسيها)، وكذلك البيت (أحدٍ وفت ذمّته واحدٍ بلا ذمّة/ كم توم بطنٍ مهي توم بمباديها)، و(دايم تقول لضناها: صبر يا يمّه/ وتدوّر السّتر عند عيون ناصيها). خزّام السهلي.. نص فخم كسر التقليد شعر فخم، وأسباب تلك الفخامة عديدة، من بينها تفاعل الشاعر بشكل جميل جداً مع النص، ووجود صورة مميزة في كل بيت، إلى جانب تسلسل الأفكار بشكل مذهل. هذا ما قاله الناقد سلطان العميمي في أبيات الشاعر خزّام السهلي، والتي احتفى بها أعضاء اللجنة، ووجدوا فيها رقيّاً ووعياً في سكب المعنى. وقد قال الشاعر في قصيدته: سريت من الظلام اللي منعني لا أكون النور بعد ما الفكر ملّ من السكون وهيّج بحوره على درب ٍ فنى فيه الفقير بجهده المذخور بذل ماقل مالا دل حتى انتهى دوره على مد الشعر كانت أراضي أمنياتي بور وأبيات الجمال الفارقه رثه ومهجوره ضماها للضيا للحلم للتصفيق للجمهور لمجدٍ يعزف ألحان المرام ويحيي حضوره سريت برغبة الجامح وجيت برهبة المغمور إلى مشرف مدينة من ادب بالعدل معموره عقدت عقال راحلة القصيد ، ومن لمحت السور بدت صورة ولد زايد محمد فيه محفوره خطفني من يدي عمق الكلام النادر المأثور واخذ يرسم تفاصيلي ويزرع فيني شعوره هنا للصبح موعد يا نغم تغريدة العصفور هنا للفوز مولد مرتبط في هيئة حضوره هنا كنّ البحر وزن الشعر به يغرق المكسور وكنّ الأرض مسرح من ألق والغيم جمهوره تراوت لي خطى الاسلاف ليلة موقفٍ مشهور بعد ماكل منهم جا يوثق لحظة عبوره هنا قبلي شهر عايض هنا قبلي صدح منصور هنا (سعد الخلاوي جاب حزنه ينثر عطوره) ملاحم من أدب قامت من ابداع ووعي وشعور كتبها المجد في فصل الخطاب بصفحة الثورة وأنا من حان ميلادي حضرت ولا عليّ قصور مع إخواني على مرأى البشر نرسم لنا صوره طلعت المنبر الناهي طلوع الواثق المغرور ليا جا يكتب فصول النجاح بهقوة سطوره سريت من الظلام اللي منع شعري يكون النور وجيت لهالمكان ومدّ شعري للدجا نوره وأضاف العميمي: إن الانتقال من فكرة إلى أخرى كان موفقاً، وعلى الرغم من أن فكرة النص كلاسيكية – أي الشعر والمشاركة في المسابقة – إلا أن الشاعر كسر تقليديتها بجمال الصور الشعرية التي أوردها. ورأى العميمي أن أحداً لم يسبق السهلي إلى البيت (هنا قبلي شهر عايض هنا قبلي صدح منصور/ هنا سعد الخلاوي جاب حزنه ينثر عطوره) الذي جاء بمثابة تحية مبتكرة لمن سبق الشاعر من شعراء. ومثلما تميز النص بهذا البيت، فقد تميز بأبيات أخرى تستحق الإشارة مثل (هنا كنّ البحر وزن الشعر به يغرق المكسور/ وكنّ الأرض مسرح من ألق والغيم جمهوره)، وبيت الختام أيضاً (سريت من الظلام اللي منع شعري يكون النور/ وجيت لهالمكان ومدّ شعري للدجا نوره)، وهذا دليل على أن السهلي نور ساطع بقوة في شاطئ الراحة. من ناحيته أطلق الناقد حمد على ما ألقاه السهلي بأنه يتبع "المدرسة الحفراوية"، حيث جاءت قصيدته بمثابة وفاء لنجوم حفر الباطن الذين يتميزون بنَفَسهم الشعري. وقال السعيد إن الشاعر – أي السهلي -كان في قمة التألق منذ المطلع (سريت من الظلام اللي منعني لا أكون النور/ بعد ما الفكر ملّ من السكون وهيّج بحوره). كما أبدى السعيد إعجابه بامتداد الصورة الشعرية في أكثر من بيت، واصفاً ذلك بأنه يدل على جزالة الشعر، وعلى مقدرة الشاعر على كتابة أجمل الأبيات التي تتسم بالنضج. وعبر السعيد عن إعجابه بالبيت (هنا قبلي شهر عايض هنا قبلي صدح منصور/ هنا سعد الخلاوي جاب حزنه ينثر عطوره)، والبيت (وأنا من حان ميلادي حضرت ولا عليّ قصور/ مع إخواني على مرأى البشر نرسم لنا صوره). وخلص إلى أن النص عموماً جاء راقياً من حيث الطرح. د. غسان الحسن وصف النص بأنه مذهل، واعتبره من النصوص الرفيعة في هذه المسابقة حتى الآن، وسيبقى كذلك فيما بعد، ففي النص تماسك مهم جداً. ثم إن شعور السهلي كان واضحاً فيه، وهو ما بانَ في الإلقاء الذي بدأ بالتصاعد والاندفاع. وقسم د. الحسن النص إلى عدة مقاطع، تمثل المقطع الأول في الأبيات الأولى التي جاءت متناسبة والحشرجة والتأزم عند الشاعر لأن أحداً لم ينصفه شعراً، وهذا ما احتاج منه أثناء الإلقاء إلى تغيير صوته، إلى جانب الشعور بالحسرة التي جاءت مشوبة بالأمنيات، وهو ما ورد في أبيات أخرى، والمقطع الثاني هو مرحلة الوصول إلى بداية الهدف، والذي تمثل في البيت (سريت برغبة الجامح وجيت برهبة المغمور/ إلى مشرف مدينة من ادب بالعدل معموره)، وفيه تمتزح المفردات. لكن عندما وصل الشاعر إلى هدفه في المقطع الثالث من القصيدة؛ فقد استغرق في مفردة (هنا) على مدار خمسة أبيات بدأها بالبيت (هنا للصبح موعد يانغم تغريدة العصفور/ هنا للفوز مولد مرتبط في هيئة حضوره)، فجاءت العبارات واضحة، والصور مختارة بعناية، وكأننا بتنا نعيش فرح الشاعر الذي دلّ عليه بعدة مفردات مثل (الصبح، العصفور، الأسلاف، البهجة، السرور). وفي المقطع الرابع والأخير من القصيدة خفت صوت الشاعر، فمع وصوله إلى هذه المرحلة برز فخره بموهبته، لكنه وضع ذاته في ذات مستوى الآخرين، وفي جو المنافسة، متمنياً أن يكون هو الفائز. وختم د. الحسن بوصف النص بالروعة. خميس الكتبي.. بلاغة المعنى قبل أن يقدم الشاعر الكتبي قصيدة المسابقة بدأ بأبيات المدخل التي مدح فيها (عرب زايد)، حيث قال: على ذكر المرايل والقصيد الذرب كفخ طير القصيد وفلّ جنحانه ثم انتقل إلى القصيدة التي كانت أعجب بها جمهور المسرح بداية، وبناءً عليها أهلته اللجنة إلى المرحلة الثانية، إذ منحته 47 درجة، وبصوت جهوري وحضور لافت قال: هزّيت جذع الصمت وتساقط كلام في سلّة إحساسي وترجمني قصيد يا سائلي وين إنت من عشرين عام؟! أنـا معي واقف ولـكن من بعـيـد أعـتب وألـوم الـلي تـعـداه المـلام لين أثمرت بين الضلوع أم الجريد أمس المنابـر بينها وبـيـني خصام واليوم لك يا رسالتي ساعي وريد شقّيت درب النور من صدر الظلام واستبشرت شمس الشعر في يوم عيد دام الـمقال يليق بـه قـدر الـمقام صبح العنيد يصحي الليل العنيد ببقى الألف لا قمت وإن ما قمت لام يعني أنا من (آل) لي وقّف عضيد أنـا ولـد (زايـد) إذا اشـتـد الـزحام أمطر شهد وإن لزّمت أصبح شهيد كم همت في دار الـمحبه والـسلام وإن مرّت اركاب الهوى شوقي يزيد لـلي فـطر قلـبي على حبه وصام وأنـا الفـقـير إلا من الحظ السعيد لـو قال أحبك قـلت يـا كـل الـغـرام إنـت الكثـير الـلي يـشوفونك وحـيد شفت الجليد اللي تحت جمرك ينام والـجمـر ذوّبـني ولا ذاب الـجلـيـد يا ضحكة أحلام السهر قبل المنام قم نحطب اللحظات في البرد الشديد يا سائلي عطني عطر مسك الختام وإذا بغـيـت أعـيد لـعيونك با عـيـد طـيّرت لـك هالعام من صدري حمام كـلي تـفـائل فـيك يـا الـعام الـجديـد السعيد أشار أيضاً إلى لعب الشاعر بمفردة (لام) سواء من حيث الحروف، أو من حيث المعنى العميق جداً، وفي البيت (أنـا ولـد "زايـد" إذا اشـتـد الـزحام/ أمطر شهد وإن لزّمت أصبح شهيد) ثمة تناغم بين الشهد والشهيد، المفردتين اللتين حبكهما الشاعر في كل شطر، لتأتي كل مفردة وتؤدي غرضها، فيما تبدّى الحس العاطفي والعزلي عند الشاعر في بيته (كم همت في دار المحبه والـسلام/ وإن مرّت اركاب الهوى شوقي يزيد)، والعذوبة في بيته (شفت الجليد اللي تحت جمرك ينام/ والـجمـر ذوّبـني ولا ذاب الـجلـيـد). د. غسان الحسن لم يستطع قول الكثير في القصيدة التي وجدها جميلة، وفيها الكثير مما يمكن أن يقال بدءاً من مطلعها (هزّيت جذع الصمت وتساقط كلام/ في سلّة إحساسي وترجمني قصيد)، فبداية الشطر مستوحاة من النص القرآني، لكن الشاعر امتدّ بالعبارة، وأضاف إليها الجديد المتمثل بعبارة (في سلة إحساسي)، وفي بدايات النص استعمل الكتبي أسلوب التجريد، ثم نسخ من نفسه شخصاً آخر (أنـا معي واقف ولـكن من بعـيـد)، و(أنا) هنا جاءت لتعبر عنه، فيما جاء مفردة (واقف) في محل هو، أي الآخر. وهنا تمكن الشاعر من اللعب بالموقف والشخوص، وهي من الألعاب الجميلة. وأكد الحسن على الصور الشعرية الكثيرة التي وردت في النص، كما أشار إلى (أمطر شهد وإن لزّمت أصبح شهيد)، موضحاً أن الشهد والشهيد جناس ناقص، أي من المحسنات اللفظية، ثم إن الشهد والشهيد كل واحد منهما في اتجاه، وفي ذلك إحاطة بكل المواقف، من بينها السلام والحرب. وعن البيت (شفت الجليد اللي تحت جمرك ينام/ والـجمـر ذوّبـني ولا ذاب الـجلـيـد) لعبة أخرى، والمتعمن في الصورة يجد صورة مركبة، لعب فيها الشاعر على المعنى المعجمي، والمعنى الاستعاري، وفي ذلك بهرج جميل. ورداً على (يا سائلي وين إنت من عشرين عام؟!) يجيب الشاعر (يا سائلي عطني عطر مسك الختام)، أي أنه حضر متفائلاً إليها، وبكل قوة من بداياتها وحتى ختامها. حضور قوي، وشعر متميز، وإلقاء جميل.. هكذا وصف الأستاذ سلطان العميمي الشاعر الكتبي وقصيدته التي تميزت ببناء متقن، وبسلاسة واضحة في التنقل بين أفكارها، إلى جانب اعتماد الشاعر على المحسنات البديعية سواء من خلال الجناس الكامل أو الناقص. وأشار العميمي إلى أن البيت (أنـا ولـد (زايـد) إذا اشـتـد الـزحام/ أمطر شهد وإن لزّمت أصبح شهيد) يستحق أن تتناقله الألسن، أما البيتين (شقّيت درب النور من صدر الظلام/ واستبشرت شمس الشعر في يوم عيد) و(أعـتب وألـوم الـلي تـعـداه المـلام/ لين أثمرت بين الضلوع أم الجريد) فهما من الأبيات المتميزة في هذا النص. فهد بن سهل.. ليلة الشعر ألقى فهد بن سهل نصاً مترعاً بالإنسانية، وممتلئاً بالوجع عن اللجوء واللاجئين، وعن الموت السوري اليومي في البر والبحر، وعن قسوة المشهد حين يلفظ البحر أجساد الغرقى الذين كانوا يحلمون يوماً بالوصول إلى شاطئ ما... وفي ذلك قال: لجت لي الفكره العذبه تبي تستعين باقلامي اللي تقدّر من تعنّى لها تقول بالله وين ألاقي المبدعين وارخص لها كل بيتٍ جزل يزها لها وشلون لا جات ما تقلط مع الأولين وأنا لي أسبوع ماغير اتحرّى لها خدمتها بس منهو يخدم اللاجئين اللي بلدهم يعيش الموت ف ظلالها يخايلون المزون الشاهقه من سنين بعيون تسأل متى نطري على بالها؟ ويوم أمطرت مانبت فالقاع غير الأنين ما ينبت العشب دام النار همالها! ف بلادهم ما تغامر وردة الياسمين من البشر تستحي لا تكبر لحالها تخاف تُسأل من اللي ساعدك تكبرين؟ وتقول دمعه طفل طاحت على فالها من محجر أمٍ تشوف عيالها خايفين موحشهم الدرب بعد غياب رجالها واستدركت لين باعت كل ماهو ثمين تنازلت عن جميع اللي تبقّى لها يمكن يكون السبب ف الخير والله يعين وبقيمته تشتري ضحكات لعيالها وراحت تدوّر لمستقبل ومستقبلين ولا لقت شي مما كان يحكى لها وصارت ضحية مهّرب دون ذمة ودين يكبّر أحلام خلق الله ويغتالها ومن دون الأحلام ماتوا كلهم غارقين شف كيف تدفع رسوم الموت بأموالها وحتى البحر ما تحملهم وهم ميتين يدور بلاد يرميهم على جالها! د. غسان الحسن أشار إلى عدم حداثة موضوع القصيدة لكثرة ما نسمع به، لكن ومع ذلك أشار إلى أن قلة هم الشعراء الذين تناولوه، أي قضية اللاجئين، والمنافذ التي يذهبون إليها للخلاص، وفي العموم جاءت الأبيات متماسكة ومتكاتفة، وانتهت إلى ما انتهت إليه. غير أن الشاعر ذهب بعيداً عن الموضوع، وهو ما ظهر في الأبيات الثلاثة الأولى التي جرّته إلى موقف بعيد، إلى أن وصل إلى البيت (خدمتها بس منهو يخدم اللاجئين/ اللي بلدهم يعيش الموت ف ظلالها)، حيث بدا الربط غير موضوعي، إنما ربطاً لفظياً فقط. ونصح د. الحسن عدم اتباع هذا الأمر، ولو أن الشاعر حذف الأبيات تلك لكان أفضل، لأنها كانت عامة، وحيث (الحافر على الحافر)، لكن فيما بعد أحسن فهد القول والتصوير، إذ ذهب إلى دقائق الأمور. وفي البيت (ف بلادهم ما تغامر وردة الياسمين/ من البشر تستحي لا تكبر لحالها) استذكر الناقد بلاد الشام من خلال (الياسمين)، وهو من النباتات الرقيقة والجميلة الرائحة، كما أشار في معرض رأيه إلى البيت (من محجر أمٍ تشوف عيالها خايفين/ موحشهم الدرب بعد غياب رجالها)، والمأساة التي تعيشها الأم التي تبحث عن حل لأبنائها ولا تجده، في ظل غياب زوجها، ما يدفعها لتسليم ما لديها للمهرب. ثم أبدى د. الحسن إعجابه بالبيت الأخير (وحتى البحر ماتحملهم وهم ميتين/ يدور بلاد يرميهم على جالها!)، فأمرٌ يبعث على الحزن أن يلفظ البحر أجساد الغرقى. الناقد سلطان العميمي أشار إلى تميز النص بموضوعه وشاعريته وإنسانيته، ما دعاه إلى وصف ليلة أمس بأنها ليلة شعر. واستكمل رأيه بنص فهد الذي بلغ فيه درجة كبيرة من العمق الشعري، وذلك حين انطلق إلى قضية إنسانية من دون أن يكون تقريرياً في الكتابة عنها، وبرأي العميمي أن ذلك الشعر حقيقي وإنساني. وما أعجب العميمي امتداد الصور الشعرية في النص، فكل صورة شكلت مع الصورة الأخرى نسيجاً جميلاً جداً، كما في البيتين (ف بلادهم ما تغامر وردة الياسمين/ من البشر تستحي لا تكبر لحالها، و(تخاف تُسأل من اللي ساعدك تكبرين؟/ وتقول دمعه طفل طاحت على فالها)، ثم أشار إلى الشاعرية التي كانت ملفتة في النص، إلى أن وصل إلى البيت الأخير، والذي جاء بمثابة التقاطة رائعة من شاعر حقيقي، معتبراً أن هذا ليس كلاماً عادياً، إنما مشاهد إنسانية مؤلمة وحقيقية. وختم بالقول: (ما أجمل هذه القصيدة). الناقد حمد السعيد اختلف مع د. الحسن حول مطلع القصيدة الذي جاء في ثلاثة أبيات، وأكد أنه مطلع جميل جداً، وتمثل هذا الجمال في (لجت لي الفكره العذبه تبي تستعين/ باقلامي اللي تقدّر من تعنّى لها)، إذ دخل الشاعر في موضوع من خلال لجوء الفكرة للشاعر، ومستكملاً ذلك بلجوء السوريين الذي بدأه من الشطر (خدمتها بس منهو يخدم اللاجئين)، ثم استرسل الشاعر في نصه بشكل متقن أثارت إعجاب الناقد السعيد على الرغم من قسوة المعنى التي تمثلت في (وصارت ضحية مهّرب دون ذمة ودين/ يكبّر أحلام خلق الله ويغتالها)، وفي البيت الأخير الذي استدعى من ذهن الناقد صورة الطفل السوري الذي رماه موج البحر على الشاطئ. محمد الضويلي.. ابتكار الطّرْق أول الشعر مقدمة جاءت في حب الإمارات ألقاها الشاعر الضويلي: أي شعر يرضيك منّا يا الإمارات وبأصوات أعاديك نبرات المحبين تدرين وش قالت الأحيا للأموات في هالبلد نبصر الأموات حيّين فيك اعتليت درجة تستنطق الذات بالشعر والحلم شفته قاب قوسين لو كان بيني وبينه بضع خطوات بيني وبينه مسيرة سبعة سنين يا حسين هالعمر يحوي بعض الأوقات لا روّحت ما تجي بالعمر يا حسين ومنها انتقل إلى أبيات قصيدة المسابقة التي عدّ أبياتها الـ15، ووجدت صدى إيجابياً لدى لجنة التحكيم، وبدءاً من مطلعها قال: أسأل عليك الليل والدرب وأغراب الوجيه وألقى الإجابة نبرة الشوق وأنفاس العتاب يا صاح بعدك كيف ليل الغرابيل أهتنيه وان جيت حلمي قبل لا اشكي لك تشد الركاب هذا وانا من يوم ما غبت كل حرف اقتفيه سافرت بسطور الكتب (والسفر قطعة عذاب) أقفيت حتى شفت في غير (سينا أرض تيه) وفتّشت حتى ادركت شمس (توارت بالحجاب) رحت أتتبع منبع النور باعماق الفقيه يا علّي آتيك بقبس (حكمة وفصل الخطاب) يمكن تحن ويعود عطفك على من يرتجيه وتنحاز لاحساسك وتترك غياهيب الغياب يا صاح لأجل المال ما ظن بالدنيا نبيه يستوطن الغربة ويفني شذى زهر الشباب شوف الفقير وتشعر أن الكرى هو مشتهيه متوسد كفوفه وكنه على كفوف السحاب قرت عيونه دام كنز القناعه في يديه ويسبح مع النجمات لو كان فرشه من تراب وإن شفت أبو سفيان يفخر ويفخر ابن ابيه افخر يا نسل الرشد والرشد نعم الانتساب وأسعى لك بـ عزٍ ليا مت فيه تعيش فيه خط الفعل في صفحة الخلد والدنيا كتاب والحق واحد، وأكثر من اربعينٍ للشبيه وما تكسب الأمجاد بالورث، الأمجاد اكتساب وإن شفت لك علمٍ صواب اكسبه لو من سفيه لا تنظر إنه من سفيه انظره علمٍ صواب وأغنم بقايا هالعمر، والسفر من ينتهيه؟؟ احذر تظن في يوم تاطى قدم جال السراب لا تقول أحب وكل شيٍ على ما هو عليه لو تعشق الأوطان ما طال عمر الاغتراب ثوب الفلسفة هو ما اتدرته القصيدة أكثر من ثوب الشاعر؛ حسب رأي الناقد سلطان العميمي، حيث تقمص الضويلي شخصية الفيلسوف، وهذا ما ينحو إليه الشاعر عموماً في معظم نصوصه التي قدمها خلال مشاركاته السابقة في جولاته البرنامج، لكن ربما موضوع القصيدة ومخاطبة صديقه هو الذي فرض هذا الأسلوب في القصيدة تلك، ودفع الشاعر لاستخدام الثقافة الدينية والمجتمع فيها كما في البيت (أقفيت حتى شفت في غير "سينا أرض تيه/ وفتّشت حتى أدركت شمس "توارت بالحجاب"). من جهة ثانية قال العميمي إن صوت الواعظ علا في القصيدة بأسلوب النصح والإرشاد والتوجيه، وهو شخصياً لا يحبذ ذلك، مدلّلاً على ذلك بعدة مفردات من بينها (شوف، اسع، اغنم)، لكن كل هذا لا يمنع وجود الشاعرية في النص، وكذلك التنوع بين السؤال، والتعجب، والأمر، والنفي، والنهي، والنداء، والتصوير الشعري الذي كان حاضراً بقوة، وبالتالي كان يمكن أن تكون لهذه الموضوعات امتدادات في الأفكار، غير أن الشاعر كان ينتقل من نقطة إلى أخرى، فلم يركز على قضية واحدة، ولم يمتد في صورة شعرية. ما في النص من إسقاطات تاريخية ودينية أعجب الناقد حمد السعيد، مؤكداً أنها أضفت على النص جمالاً، وأثبتت أن الشاعر يملك مخزوناً واسعاً. ثم أشار السعيد إلى الطّرْق المميز الذي استخدمه الضويلي، وكأنه يبحث عن الفرادة، حتى حين يخاطب صديقه بقوله: (يا صاح بعدك كيف ليل الغرابيل أهتنيه) و(يا صاح لأجل المال ما ظن بالدنيا نبيه). غير أن د. غسان خالف السعيد برأيه، مشيراً إلى الطّرْق استخدمه من قبل شعراء القلطة تحديداً، وليس شعراء النظم. وبشكل عام أثنى د. غسان على ما سمعه، والذي ينمّ عن شاعر متمكن قادر على اختيار ألفاظ وصور موزعة بعناية في أرجاء النص، وعلى استخدام اقتطافات واقتباسات من القرآن والحديث والمثل الدارج تفيد النص بلاغياً ولغوياً من ناحية، ومعنوياً من ناحية ثانية، وهذا دليل على سعة ثقافة الضويلي في هذا المجال، وعلى حسه العالي في الكتابة، وفي الوزن الشعري كذلك. من جهة أخرى أشار د. الحسن إلى أن توظيف تلك الاقتطافات والاقتباسات وإن كان سطحياً إلى حد ما، إلا أن النص ظل مستفيداً منها. معيوف الدوسري.. نحت الشعر دور الشاعر في الأزمات هو الوقوف إلى صف أمته، ونظم شعر وطني، وهو ما فعله الشاعر معيوف الدوسري في قصيدته التي ألقاها على مسرح "شاطئ الراحة"، والتي قال عنها الناقد حمد السعيد إنها من مدرسة السهل الممتنع التي يعتبر السعيد من أنصارها، مبدياً إعجابه بعدة أبيات من نص المعيوف الحماسي: إن جات لي على فراش الكرامه وإن رحت ماني ب أول اللي يروحون لكن ابنحت لي على الشعر شامه يشوفها الاعمى ولو ماله عيون واهم شي الشخص يحفظ مقامه لو ما معه بيرق ولا معه مليون يا وقتنا الأول عليك الملامه خدّرتنا تخدير كامل على الهون أكبر خديعه كان غصن وحمامه وماتت حمامتنا على غصن زيتون آمالنا تطعن وندفع غرامه وأحلامنا تسرق ونصبح على دون من يطلب الليل العتيم ابتسامه في وجه رجّالٍ من الوقت مغبون ومن صلبنا ثارت علينا عسامه مثل ما قالوا دون صهيون صهيون روسٍ مبرمجها الجهل والغشامه على استباحة دم منهم يصلّون قامت قبل يوم القيامه قيامه وتقاطعونا كل صاحي ومجنون وبزغ علينا النور عقب انعدامه وتجمّعوا روسٍ لا قالوا يطولون سلمان حازم والفلاحي حزامه اثنين لكن ثقلهم يازن الكون تكاتفوا بالحزم عزم وصرامه وأحيوا أمل أمهّ من سنين مدفون خليجنا بيتٍ ما فيه انقسامه وبترولنا من دم الأجداد مدهون تباشروا يا شعوبنا بالسلامه البيت برجاله مذرّى ومصيون ثم لفت السعيد إلى عدة أبيات رائعة في القصيدة كما وصفها، وهي: (إن جات لي على فراش الكرامه/ وإن رحت ماني ب أول اللي يروحون)، و(لكن ابنحت لي على الشعر شامه/ يشوفها الاعمى ولو ماله عيون)، نص حماسي، و(سلمان حازم والفلاحي حزامه/ اثنين لكن ثقلهم يازن الكون)، متمنياً على الشاعر الاستمرار على ذلك المنوال. في القصيدة من الجمال والسلاسة وتواتر المعاني ما يبهر، وكأنه الشاعر كتبها دفقة واحدة، إلى درجة أن لا ثغرة فيها. هذا ما أوضحه د. غسان، مركزاً على نقطة اعتبرها غاية في الجمال، فبناء القصيدة جاء بأسلوب دراما المسرحيات والروايات. حيث البدء من لحظة معينة، ثم الصعود والتأزم، وصولاً إلى القمة، لتأتي الأحداث بعدها، إلى أن تنخفض الوتيرة رويداً رويداً، وتصل بنا إلى الحل. فمن البيت الأول (يا وقتنا الأول عليك الملامه/ خدّرتنا تخدير كامل على الهون) وحتى البيت الثالث (آمالنا تطعن وندفع غرامه/ وأحلامنا تسرق ونصبح على دون) تتصاعد الأحداث وتتأزم وتتقاطع، ثم ينزل الشاعر رويداً حيث لحظة التنوير والحل في البيت (وبزغ علينا النور عقب انعدامه/ وتجمّعوا روسٍ لا قالوا يطولون)،وفي البيت (قامت قبل يوم القيامه قيامه/ وتقاطعونا كل صاحي ومجنون) قمة المأساة والانفراج، إلى أن وصل إلى النهاية مع (تباشروا يا شعوبنا بالسلامه/ البيت برجاله مذرّى ومصيون)، وهذا ما اعتبره د. غسان أنه دليل البناء الهرمي، وهذا أمر غير مطروق في الشعر إلا فيما ندر. سلطان العميمي قال إن تلك القصيدة منحوتة بإزميل شاعر رغم النظرة المحزنة لحال الأمة مشيراً إلى وجود الجزء التنويري في الجزء الثاني من النص، ليكشف الشاعر ما كانت عليه الحال، وما آلت إليه الأمور. وبرأيه أن البيت (أكبر خديعه كان غصن وحمامه/ وماتت حمامتنا على غصن زيتون) إلى جانب (لكن ابنحت لي على الشعر شامه/ يشوفها الاعمى ولو ماله عيون) عن مئات القصائد، فهما يدلان على شاعرية كبيرة ومقدرة متميزة. وختم العميمي بوصف بناء القصيدة بالقوة والتماسك والتألق، لافتاً إلى حضور الشاعر، وتفاعله مع النص كما يجب. منيف الشهراني.. فكّ الرموز كانت للشهراني وقفة مع (طاغوت المغيب) القصيدة التي قال في مطلعها: أنا أعرف ان ما فيه يوم يجعل الولدان شيب إﻻ حسب وصف الكتاب المنزل ليوم الحساب لكن صراحه كان ليل البارحه أمره عجيب حضنت فيه آخر حدود الحزن وألوان العذاب شباب لكن شاب راسي من قبل وقت المشيب ما باقي إﻻ أقول يا عمري أﻻ ليت الشباب وفي المقطع الثاني أضاف: الشمس غابت والبلا إني حاضر وقت المغيب غابت وأنا ما كان بيدي غير أخلّيها تغاب ودّعت نور إشعاعها في صمت والموقف رهيب الصمت سيد موقف التوديع والخاسي عتاب كتمت وجروحي تنادي نزف وأعماقي نحيب ضجة مشاعر صاخبه ما بين صدمه واكتئاب حاولت أودعها بكلمه واعتذر عذر الحبيب لكن تقول إنه لساني عن موادعها استهاب ثم استكمل ما بدأ به محاولاً أنسنة الشعر، والتعبير عما جال في فكره: حتى الشعر رفيق دربي سلوة القلب العطيب جفتني حروفه وأنا راع الطواريق الصّعاب صرخت حرقه وانجرح صوتي وﻻ حولي مجيب إﻻ صدى صوتي تردّه لي مشاريف الهضاب أيقنت بان أحلام عمري سايبه والوقت ذيب وإن المنابع في نظر عين العطش كانت سراب قمت وطويت ارشاي وابعدت وتجاهلت القليب وعروق عزمي ما ضمت عزه وهي بين السحاب وختم نصه بقوله: يا ذيب ياللي فوق هامات النوايف لك قنيب حول وأنا عنك أبدي المرقاب وألوّي الرقاب اليوم يومي والحمم بركانها يزفر لهيب ما عاد باقي صبر وأيوب الزمن هذا كذاب تعبت أداري عزّتي وأقول مقسوم ونصيب وأنا احترق وأنير درب الغير ودروبي ضباب أمّا أشرقت شمسي هنا واغتلت طاغوت المغيب واﻻ رحلت وقولو انها غيبت شمسه وغاب تلك الأبيات التي يدل كل واحد منها على الشاعرية -كما قال د. غسان الحسن -بما يحمل البيت من لمحات أو صور أو محسنات بديعية. لكن د. الحسن لم يجد انسجاماً بين بعض المفردات التي استخدمها الشاعر في بعض الأبيات، ما أوحى بعدم قدرته على ترتيب الأبيات لتكون المفردة جزءاً من المعنى، وتتشابك مع ما سبقها وما يلحق بها. وقد عاب د. غسان على استخدام الشاعر مفردة (أيوب) في البيت (اليوم يومي والحمم بركانها يزفر لهيب/ ما عاد باقي صبر وأيوب الزمن هذا كْذاب)، وقال: لقد تجاوزنا ما لا يحق لنا أن نقول، مؤكداً أن الشهراني يملك البدائل، مع العلم أن الأخير أوضح مقصده، وأنه يتحدث عن (أيوب هذا الزمن). غير أن العميمي وجد القصيدة جميلة، وخاصة حين اتجه الشاعر نحو الأنسنة، أي فجعل الصمت سيداً (الصمت سيد موقف التوديع والخاسي عتاب)، والجروح تنادي (كتمت وجروحي تنادي نزف وأعماقي نحيب)، والشعر رفيقاً (حتى الشعر رفيق دربي سلوة القلب العطيب)، وكل ذلك أضاف بعداً آخر للتصوير. من جهة أخرى أشار العميمي إلى الصوت الذي كان حاضراً بقوة في نص الشهراني، سواء بالدلالات أو من خلال المفردات (صرخت حرقه وانجرح صوتي وﻻ حولي مجيب)، (إﻻ صدى صوتي)، وغيرها من عبارات حضرت في النص الذي وصفه كذلك بالسوداوية واليأس والغياب والكدر، ومع ذلك فهو ينم عن شاعرية كاتبه. ما أضافه الناقد حمد السعيد دلّ على المكانة الشعرية للشهراني، وعلى ما يستحقه، وهو الذي تميز بحضوره اللافت. وأشار السعيد إلى أن الشاعر فكّ رموز القصيدة في آخرها، والتي جاءت على ذكر (الذيب) في بيتين، وجاءت المفردة يمعنى يختلف عن المعنى الآخر، سواء في (أيقنت بان أحلام عمري سايبه والوقت ذيب)، وفي (يا ذيب ياللي فوق هامات النوايف لك قنيب). نايف العازمي.. خالد في الشعر إلى المستشفى حيث كان والده مريضاً، وصف العازمي حاله وما كان يعتمل داخله، وهو الذي قال: حديث المدينة غير من عايش الأسفار في رحلة عسى الله لا يخيّب متاعِبها عطتني من الإحساس ما يلّفت الأنظار أسوق القدم والنفس تسعى لواجِبها! تغرّبت سبعْ أشهر من أيلول لين آذار الأيام لو تصفى، ما تصفى مشارِبها سبب غلطةٍ ماهي ب تحسب على العطّار يدين الجهل (بالطبْ) كانت سبايِبها! وعلى لوحة الإحسان دقيت لي مسمار وخفضنا جناح الذل والعزّ جاذِبها! (جليس الأسرّة) لو سكت، داخله منّهار سويعاته مْن الوقت تلّدغ عقارِبها أقرّب على متّنه وأحس بنفسه الحار ويمرّ ليلي بحيره والأنفاس أراقِبها! وعيوني على مقياس ضغطه، وبإستمرار على الجانبين إلين يضبط تناسِبها وعلى نبْضه الطاهر صراعٍ يرد الثار ما بين الدواء والداء ثارت حرايِبها! وبياض المكان ونظرت التيه والزوار عطنّي دروسٍ كنت ماني ب طالِبها فوايد كثيره كيف؟ مدري! لكن ما صار في ظهر المصايب خير والله كاتِبها أصبّح على الأذكار وأمْسي على الأذكار لا يـا غربـةٍ مـرّت ثقيلة (مراكِبها) وترى الْبِرّ شَجّرة غير عن باقي الأشجار مفاتيح للجنة من أغنى مكاسِبها عسانا من الأبرار لا نادوا الأبرار في وقتٍ تفرّ نفوسنا من قرايِبها! يُبه لا تضيق أن دار فيك الزمان وجار أدوس الصعايب ما ألتفت في عواقِبها ما لاحظه الناقد سلطان العميمي أن النصوص الإبداعية التي تقال في الآباء قليلة، لكن العازمي كان مبدعاً في كتابة هكذا نص، إذ تمكن من الصياغة الشعرية باقتدار، وعمل على تطوير حدث واقعي بشكل شعري لافت، فتمكّن من وصف حاله حين السهر على راحة والده. كما عقّب العميمي على البيت (وعلى نبْضه الطاهر صراعٍ يرد الثار / ما بين الدواء والداء ثارت حرايِبها!)، وقال إن التصوير في البيت من أجمل ما قرأ في هذا الموضوع. حمد السعيد أشار إلى إحساس الشاعر المبدع الذي جسده بأبيات ستخلد اسم العازمي في عالم الشعر، وهو الذي اقتبس من عدة عبارات من بينها (جناح الذل، سويعاته مْن الوقت، والأنفاس أراقِبها)، وتعلّم من الزوار دروساً جاءت عفوية ومن دون طلب، إلى جانب ما أبدعه في عدة أبيات كما في الشطر (وترى الْبِرّ شَجّرة غير عن باقي الأشجار/ مفاتيح للجنة من أغنى مكاسِبها)، و(فوايد كثيره كيف؟ مدري! لكن ما صار)، و(أدوس الصعايب ما ألتفت في عواقِبها). أما الحضور المسرحي فقد كان جميلاً لذاك الشاعر الجزل مثلما وصفه السعيد. رأى د. غسان الحسن صوراً جميلة وكثيرة في القصيدة، مثل (وعلى لوحة الإحسان دقيت لي مسمار) وذلك لتبيان الإحساس به، و(ما بين الدواء والداء ثارت حرايِبها!)، وللتعبير عن شيء علمي صاغه الشاعر بشكل أدبي جميل. لكن ما بين القصيدة وموضوعها فرق شاسع بشكل عام، فالموضوع شكل، والقصيدة شكل آخر، وفي السرد والتعبير عن الموقف تم التركيز على دقة التعبير من خلال (النفس الحار، الأنفاس، الضغط)، وفي الشعر لا شيء يذكر. وأضاف د. الحسن أن الزوار لا يعطون الدروس، والدروس لا يمكن أن تخطر على بال أحد في هكذا حالات، أي حالات المرض. وختم رأيه بما اعتبره مهماً، وهو استخدام الشاعر عبارات شائعة لم تكن من إبداعه، مثل: (أسوق القدم، ما تصفي مشاربها، عقاربها، نفسه الحار). آخر الكلام الحلقة التي حفلت بأجمل قصائد الشاعرين الضيفين فهد الشهراني وفيصل العدواني اللذين شاركا في موسمين سابقين من مواسم البرنامج، اختتمت الحلقة بعرض أسماء ودرجات الشعراء الذين لم يفوزوا ببطاقات لجنة التحكيم، وعليهم أن ينتظروا أسبوعاً سيحمل لهم المفاجآت، وهم: معيوف الدوسري 46 درجة، منيف الشهراني 43 درجة، محمد الضويلي 44 درجة، نايف العازمي 45 درجة، وفهد المري 46 درجة. أما شعراء الحلقة الثالثة فسوف يمثلون 5 دول، وهم: أحمد خالد بن جوفان العجمي، راجح نواف الحميداني/ الكويت، حامد علوي أحمد الهاشمي/ الإمارات، سيف بن سعيد محمد الريسي/ سلطنة عمان، صالح جار الله آل كحله المري، عبدالرحمن رده عقاب المالكي، ظاهر خالد الملغومي الظفيري/ السعودية، صهيب محمد المعايطة/ الأردن. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 15-03-2016 02:52 مساء
الزوار: 3038 التعليقات: 0
|