|
عرار:
منذ سنوات قليلة وبعد فتور العلاقة بين المثقفين والمقاهي سعى البعض لتأسيس مقاه ذات طابع ثقافي اي يقام بها فعاليات ثقافية وامسيات شعرية وموسيقية ومعارض للفن التشكيلي مثل مقهى الدويندي بجبل عمان ومقهى محترف رمال و»فن وشاي» بجبل اللويبدة و مقهى جفرا بوسط البلد والذي شهد منذ افتتاحه حضورا يوميا لمثقفين وكتاب اردنيين بكافة التخصصات ويضم مكتبة، حيث يقول أحد العاملين في مقهى ثقافي بجبل اللويبده « انطلقنا في تأسيس ذلك المقهى من ضرورة اعادة احياء منطقة اللويبده القريبة من قاع المدينة ثقافيا واعادة الحميمية للعلاقة بين المثقف والمقهى وذلك بعد اطلاعنا على تجارب مماثلة في المغرب العربي ومصر وسوريا ولبنان حيث يتم اعادة احياء الابنية القديمة بتحويلها الى مقاه ثقافية تؤرخ لسيرة المدن وتجمع المثقفين فيها وتؤسس لحراك ثقافي وفكري»، واكد المشايخ ان المقهى يرتاده سواح اجانب ويطلعون على الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام فيه باستمرار. أجانب في المقاهي اللافت هو حضور عدد كبير من الأجانب للمقاهي ذات الطابع الثقافي لاسيما في جبل اللويبده، وهؤلاء ليسوا فقط من فئة السواح الأجانب، بل ممن يتعلمون اللغة العربية في الجامعات والمعاهد الأردنية المختلفة، كذلك الباحثون والمهتمون بالشأن الثقافي منهم والديبلوماسيون بمختلف درجاتهم، وتنظم في تلك المقاهي معارض تشكيلية لفنانين عرب وأجانب وحفلات توقيع كتب وبينها وبين بعض المراكز الثقافية الأجنبية اتفاقيات تعاون ثقافي. المقهى ..مساحة حرة يسميه المثقفون الاردنيون «رفيق المقاهي»، انه الشاعر والكاتب الصحفي الاردني رسمي ابو علي والذي عاش في بيروت فترة طويلة من حياته وأسس فيها مجلة الرصيف وكان له ذكريات حميمة مع مقاهيهها ولدى عودته الى عمان واظب كذلك على ارتياد المقاهي الشعبية رغم تأكيده على انه يجلس فيها كأي مواطن عادي وليس كمثقف او فنان ويبرر ذلك بالقول « في الواقع هنالك العديد من المقاهي العريقة بوسط عمان مثل السنترال والاوبرج وغيرها الا انها ومنذ بداية الثمانينيات باتت تفتقد للحضور اليومي للمثقفين والتجمع فيها وهذا يعود بالأساس الى تطورات العصر وانشغال الكثير منهم بمتابعة الفضائيات او الانترنت او تفضيله العزلة حيث لم يعد هناك ذلك الحراك السياسي والفكري العاصف الذي شهدناه بالخمسينيات والستينيات» ويرى أبو علي ان المقهى مجتمع ديمقراطي بامتياز يمنحه الحرية التي يريدها ويتابع «علاقتي حميمة مع المقاهي ولا يهمني ان اجالس المثقفين فيها او زملائي الكتاب المهم بالنسبة لي ان امارس حريتي وهوايتي بلعب الورق وطاولة الزهر غير مقيد بما يفرض على الشخص بالاماكن الأخرى كأن أكون أنيقا اوحليق الذقن وما الى ذلك» المقهى والابداع يبرز المقهى كمكان ذي حميمية خاصة والهام استثنائي في حياة المبدعين وفي شتى ميادين الابداع ويرتبط ذلك بمدى أهمية ذلك المكان ودوره الاجتماعي وما يتيح من حرية نسبية للمثقف تتيح له التفاعل مع محيطه وتأمل واقعه الاجتماعي، فقد كتب نجيب محفوظ اهم رواياته بمقهى الفيشاوي الشهير بالقاهرة وعرض ابو خليل القباني مسرحياته الاولى بمقاهي دمشق القديمة كذلك الأمر مع معظم المثقفين والمبدعين في حواضر الثقافة العربية كحلب و بغداد وبيروت وغيرها من المدن العربية العريقة حيث بدأت المقاهي بالانتشار فيها منذ بدايات القرن التاسع عشر فبرزت وعلى امتداد القرنين الماضيين اسماء شهيرة لمقاهي استقطبت أهم المثقفين والمبدعين العرب وساهمت بشكل او بآخر في شهرتهم مثل مقهى «الفيشاوي «و» ريش» بالقاهرة ومقهى « النوفرة» بدمشق ومقهى « الهورس شو» و»الدولشفيتا» ببيروت وغيرها العديد من المقاهي التي خرّجت اجيالا من المثقفين . مقاهي عمّان..لمحة تاريخية وفي عمّان التي عرفت المقاهي منذ بدايات عشرينيات القرن الماضي لا سيما في منطقة وسط المدينة فان المقهى اكتسب اهمية خاصة لدى المثقفين الاردنيين وذلك لارتباطه بأحداث سياسية واجتماعية وتحولات كبيرة أثرت على مجرى الحياة بالاردن خلال القرن الماضي مما جعله قبلة للكثير منهم منذ ولادة الدولة الاردنية عام 1921 وحتى بداية التسعينيات حيث شهدت المقاهي الشعبية بعد تلك الحقبه ما يشبه عزوف كثير من المثقفين عن مجالسها ولأسباب عديدة نتطرق اليها في الاستطلاع التالي الذي نلتقي فيه مجموعة من المثقفين الاردنيين ليتحدثوا فيه عن علاقتهم بالمقهى ودوره في حياتهم ونتاجهم الابداعي . انطلقت عمان كمدينة من المنطقة المعروفة حاليا بوسط البلد وسقف السيل والتي استوطنتها عائلات شركسية ودمشقية منذ نهايات القرن التاسع عشر وعند اتخاذها كعاصمة عام 1921 ظهرت العديد من المقاهي التي اصبحت خلال فترة وجيزة ملتقى المثقفين والسياسيين الاردنين وأهمها مقهى حمدان الذي يرتبط بالذاكرة الوطنية للاردنيين بشكل خاص حيث شهد اول مؤتمر وطني اردني عام ضم العديد من السياسيين وممثلي الاحزاب الوطنية وذلك بالعام 1928واهم رواده في تلك الفترة شاعر الاردن مصطفى وهبي التل المعروف بـ عرار وفي بداية الخمسينيات أصبح اسمه مقهى الجامعة العربية حتى تم هدمه قبل عشر سنوات تقريبا مما أثار سخط واحتجاج جميع المثقفين الاردنيين الذين ذهبت احتجاجاتهم واعتصاماتهم ادراج الرياح. كذلك برزت في بداية العشرينيات مقاه عديدة بعضها لازال موجودا مثل مقهى» بلاط الرشيد» العائد الى عام 1924 وغيرها من المقاهي التي تم هدمها وفي مرحلة الثلاثينيات والاربعينيات ظهرت كذلك مقاه اخرى ارتبط ظهورها بتوسع المجتمع العماني وتطوره مثل مقهى «الأردن» و» السنترال « والذي لازال ورغم هدم جزء منه ملتقى للعديد من المثقفين الاردنيين والعرب المقيمين في عمان و»كوكب الشرق « و « الاوبرج « وغيرها. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 17-02-2017 09:59 مساء
الزوار: 1440 التعليقات: 0
|