|
عرار:
إن ما يحدث في الوطن العربي يدعونا للتفكير كثيراً، فهذه الثورات العربية تشكل حالات ملبسة، بل ما يحدث يوقعنا في الحيرة، خاصة أن هناك أوراقا سياسية تختلط بعضها ببعض، وإن حالات التعبير في الأدب، والتنظير بالفكر، دفعت الرقيب العربي للحد من حرية التعبير بذريعة الفوضى التي تحدث في أقطار عربية وصرعات الطوائف والجماعات المضللة (بالكسرة) والمضللة (بالفتحة)، فالثقافة العربية تعيش حالات مخاض صعبة، ولا تبشر بولادة طبيعية، بل بثقافة (منغولية)، بمفهوم الإعاقة، وكل هذا بسبب الانقسامات التي يعيشها المثقفون العرب، وهي انقسامات تنتج ثقافة الكراهية في المجتمعات، وانقسامات لا تنتصر للفعل الثقافي، ثم يأتي دور الرقابة العربية لتمارس سياساتها القمعية على ثقافتنا، سواء أدب أو فن أو فكر، مما حدّ من حرية التعبير، وهي تحاول إفشال المشروع النهضوي التنويري العربي، لخدمة سياساتها. إن حجم الانتفاضات العربية وتغيراتها واختلافاتها كبير جداً، مما جعل الثقافة العربية في حالة تخبط في التعبير عن الأحداث، وفي دراسة ما يحدث من ظواهر تحت شعارات ملبسة ومضللة من جانب أخر، وكل أدوات التعبير في الثقافة العربية من شعر وسرديات نثرية ودراسات تاريخية وتنظيرات فكرية قصّرت في تناول الأحداث، طبعاً هذا الرأي في حدود معرفتي ومطالعاتي مما يُنتج في الوطن العربي، سواء على مستوى نشر الكتب أو إقامة الندوات والفعاليات والمؤتمرات والحوارات الصحفية والإعلامية، وأظن أنني متابع جيد ومشغول في أحداث وتطوراتها في الوطن العربي، واعتقد فيما بعد أي في السنوات القليلة القادمة تتبلور الأحداث بشكل أوضح، وعندها تنضج الأفكار والرؤى وتتعمق أكثر، حينئذ تنهض الثقافة العربية من تحت رماد الحالة الملبسة، وكل هذا لا يتأتى إلا من خلال مؤسسات وهيئات ومركز بحث ودراسات تشغل المثقف العربي في قضاياه المصيرية. إن الحديث عن مشروع ثقافي عربي مهم ومؤثر لا بد أن يرتبط بحركة التنوير، التي لا تخضع لأيديولوجيات جاهزة أو مقولبة، أو أفكار تستمد قوتها من عالم الغيب، أو تنظيرات تستقي ماءها من أيديولوجيات غربية لا تصلح لبيئتنا العربية، فعلينا أن نعود للتراث الذي يحمل في طياته أفكاراً تنويرية فعلاً تحتكم للعقل، وأن نبني عليه مشروعنا الثقافي العربي النهضوي، ونستفيد من التجارب الغربية، أو التجارب الأخرى، حتى لا يفهم أنني أشير للتجارب الأوروبية والأمريكية، بل هناك تجارب ناضجة ومتقدمة لأمم عالمية أخرى، فنحن العرب في سباق مع الزمن، لكي ننهض بمشروعنا المؤثر في الثقافات العالمية، والمشاركة في رسم سياسات ثقافية عالمية. هناك حالة من الحذر والترقب تدفع بالمثقفين إلى مراقبة المشهد العربي من بعيد دون الاقتراب منه، وإن كانت هناك أصوات تقف مع هذا أو ذاك وأصوات ضد هذا أو ذاك، لكنها أصوات لا تقدم رؤية واضحة عما يحدث، بل تلك الأصوات تنطلق من أيديولوجيات مختلفة، ومبنية على خلفية صراعات سياسية ليس أكثر، وسيبقى المشهد العربي في صراعاته الداخلية والخارجية، إلى أن يحدث ربيع عربي ثان يقلب كل المعادلات والتوقعات والموازين. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 20-03-2017 09:33 مساء
الزوار: 534 التعليقات: 0
|