اختتم اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين احتفالاته بذكرى معركة الكرامة بمهرجان خطابي رعاه أمين القدس زكي الغول، واشتمل على عدد من الكلمات والأشعار، وتمّ خلاله تكريم رئيسة لجنة التوجيه الوطني في الاتحاد الباحثة سعاد الكيالي ورئيس اتحاد المؤرخين في تراث القبائل وأنسابها النقيب المتقاعد أحمد أبو خوصة شاهد عيان على مجريات المعركة.

وفي الحفل، الذي اداره الزميل إبراهيم السواعير وقدّم فيه فيلماً عن عضو الاتحاد العميد نواف حامد قطيش أحد أبطال الكرامة، ألقى الغول كلمةً افتخر فيها بانتصار الحقّ، في معركة قال إنّها لم تكن تقليديةً، خصوصاً وقد أعدّ لها الجانب الآخر أن تكون فاتحة لاحتلال الأردن والمبيت فوق شعابه وهضابه. وقال الغول، في الحفل الذي حضره المحافظان الأسبقان علي القعدان الفايز والباحث المتخصص في شراكسة عمان عمران خمش والاقتصادي خالد شحادة العرموطي، إنّه وبالرغم من كلّ حسابات التدريب والعدّة والآليات الحديثة، إلا أنّ الجندي الأردنيّ كان مفاجأةً بإيمانه وثباته ورباطة جأشه، فكان أن تحقق النصر.

بدوره، تحدث رئيس الاتحاد عليان العدوان، عن أهميّة الاحتفال بيوم الكرامة لتأكيد القيم والدروس المستفادة في حالة اليقين التي وصل إليها الجندي الأردني واستطاع من خلال عقيدته الوطنيّة أن يدفع العاديات عن الأردن.

وقرأ الشاعر الدكتور محمد عرابي نخلة قصائد من ديوانه «أغنيات للذين سيولدون»، منها قصيدة «الوحدة الوطنيّة» التي قال فيها: «للسلط أم لروابي القدس تنتسب/ «هنا العلا وهناك المجد والحسبُ/ إذ ألمّت بوادي السّلط نازلةٌ/ باتت لها جنبات القدس تضطربُ/ وإن شكا في ربى عمان ذو ألمٍ/ أجابه في ذرى عيبال منتحبُ/ النهر عندهمُ رمزٌ لوحدتهم/ ولن يغيّر مجرى النهر مغتصبُ».

كما شارك المؤرخ عمر محمد نزال العرموطي، الذي وزّع كتباً ألّفها عن بطلي الكرامة العميد الراحل فهد الغبين بعنوان «مذكرات محارب» والعقيد الراحل عودة عويد السرحان بعنوان «من معارك القدس الشريف إلى معركة الكرامة الخالدة»، متحدثاً عن شجاعة الجندي الأردني، والإرث المجيد الذي صنعه أبطال الكرامة ومهارتهم التي تدرس في الأكاديميات المتخصصة، ووقف العرموطي عند رمزية مشاركة القائد الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، كما اقترح العرموطي على قيادة الجيش العربي تجسيد المعركة ضمن بانوراما بالصوت والصورة تروي الوقائع والأحداث في هذه المعركة الخالدة.

أما الشاعر علي القيسي فغلبت مهارته الأدبيّة في كتابة القصّة والحوارات الداخليّة على كلمته التي أثّرت في الحضور واستطاع من خلالها أن يقدّم صورةً ناطقةً لأتون المعركة التي كانت أشبه بقطعة من جهنم، مقدّماً تساؤلاته بنبرة قويّة وحس عالٍ ينمّ عن استثماره لأصوات علت سماء الغور وتكبيرات انطلقت من حناجر الرجال وأشعار «أخي جاوز الظالمون المدى»، في ظلّ نداءات إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة في محطات التوجيه المعنوي عبر الأثير، كما رسم القيسي الشاعر أيضاً والمحلل السياسي جغرافيّة الأسلحة من مدفعيّة ومشاة وغيرها، منتهياً إلى كلّ هذا الألق الذي تحقق في بانوراما أدبيّة مشغولة بالإبداع.

وقرا الشاعر صائب القاضي قصيدتين، الأولى للكرامة، والثانية بعنوان «تراب أرضك مرقدي» قال فيها: «يا سيدي أنت الذي بك نقتدي/ أنت الذي أمل الحواضر والغدِ/ يا ابن الملوك تشرّفت بك أمّةٌ/ من آل بيتٍ من عرين محمّدِ/ فإذا الملوك على القصور تسيّدت/ قد سدّت شعباً بالفؤاد الأرغدِ». كما شاركت الكاتبة أمل الزعبي بكلمة حملت دلالات التلاحم الوطني، لافتةً إلى مفاصل مهمّة على أرض الكرامة وإلى الروح المعنوية التي أسهمت في النصر. أما الشاعر عبدالرحمن المبيضين فقد كتب قصيدةً عمرها تسعٌ وأربعون سنةً وهو بعد لم يجاوز العشرين إلا بسنة، مستذكراً رحيل أخيه في ذلك التاريخ، فقال :»ضربتم يا بناة المجد حقاً/ مثالاً لن يكون له مثيلا/ ولقّنتم عدو الله درساً/ عظيماً قاسياً صعباً جميلا/ وخضتم في غمار الحرب حتّى/ تحقق ما يفوق المستحيلا». وألقى الباحث حسن سلامة كلمةً تطرق فيها إلى المعركة الخالدة في التاريخ العربي الإسلاميّ، متحدثاً عن الغطرسة مقابل الإيمان وتحطيم أسطورة ذلك الجيش الذي لا يقهر.

وقرأ الشاعر جمال عشا قصيدةً ساءل فيها العلياء، مفتخراً بالنصر المبين المؤزّر، والجنود الأشاوس الذين ضربوا أروع الأمثال في هذه المعركة العزيزة الخالد، ليشارك الشاعر ماجد نصيرات بقصيدتين عموديتين حازتا إعجاب الجمهور وتغنتا بالقائد والمعركة، مثلما شاركت الشاعرة نادية مسك بقصيدة عمودية استلهمت فيها الحس الوطنيّ ومواطن الرجولة والتفوق لدى الجيش العربي المصطفويّ. وقدّم الشاعر فوزي العابد قصائد مطولة في الكرامة والقدس نسج خلالها صور الحوار بين المعركة والشاعر ليروي التاريخ شعراً وسط إعجاب الحضور، كما ألقى المؤرخ أحمد أبو خوصة كلمة وقف فيها عند محطات مهمة ومفاصل عاشها حتى تحقق النصر في هذه المعركة التي ما تزال حاضرةً تستذكرها الأجيال بعد أن سجّلها التاريخ بأحرفٍ من نور.