|
عرار:
يمكن الخروج بمجموعة من الروابط الناظمة كخلاصة في شعر فزاع، فأشعاره حالمة، وما الشعر إلا نوع من الحلم المُوجه، ومن ضمن تلك النماذج، «الحمدانيات الشعرية»، إن جاز التعبير، والمصطلح متداول نوعاً ما في بعض الأوساط النقدية، وهي مقطوعات صغــــيرة، يتحــف بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من وقت إلى آخر، وخاصة على (إنستغرام) يعانق فيها سحائب الغيم، بطموح وتوق زاده الأمل والتفاؤل، ويحملها مضامين الروح الإيجابية في سعيها إلى المعالي ومن أمثلتها: هـذا أنـا بين الأمـل والتـفــــاؤل أحـاول اغـيّـر كـثير الـمفـاهـيـم ما تلاحظ فـنظرات عيني تساؤل كـبير وآدوّر جــوابي من الـغـيـم فما يمـــيز شعر «فزاع» وقصيده تلك الروح الحالمة، حين يمسكُ أحلامه بيده ويعـــرف كيف يلاحقها في فلسفة تفهم العمر وتفهمُ معنى الحياة، حيث العمرُ لا يحسب بالسنوات، ولكـــن بالعـــطاء والإنتاجية والعمل والأشياء التي تنفع الناس. الفن والحلم والفعل وقد أشار جبرا إبراهيم جبرا إلى علاقة وطيدة بين الفن والحلم والفعل، وقد أفرد كتاباً لذلك يحمل نفس العنوان، فالحقيقة المتجددة ضرورية للخيال المتجدد، وأصحاب الخيال و«الحالمون الكبار» يعيشون دائماً على مستويات متعددة من الوعي طوال الوقت، وما الصور في النصوص إلا تجــليات لتوق واقعي أكبر. كما أن أحد الدوافع الأساسية لجميع الفنون التعبير عن النفس، وذلك هو جوهر الإبداع، وجوهر الحلم والتخييل الشعري، فالحلم حيز شعـــري أوسع وأكثر صدقاً واقتراباً والتصاقاً بالذات الشاعرة في كينـــونتها الحالمة الأبدية. عوالم شيقة ويرى النقاد أن قراءة القصيدة النبطية عموماً محور غني، لما لهذه التجربة الشعرية من ثراء فني، من خلال تراكمها الكمي والمعرفي، فهي تجربة لا ترسم حروف إبداعها، من خلال بُعدها الدلالي الذي تنطوي عليه، وإنما تتجاوزه إلى البعد الجمالي القادر على الحضور في اللاشعور الجمعي، لذلك فالدخول إلى عوالم «فزاع» الشعرية، تجربة شيقة، لما تحمله من أبعاد، وفق سياقاتها المعنوية والفكرية. دلالات جمالية وأسلوب حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الشعري، وتجربته الكتابية تتميز بأبعادها الدلالية والجمالية، وقد تناولتها مجموعة من الدراسات، وأجمعت على اتسامها بالقرب والصدق والموضوعية والسبك الفني، كما شكلت هذه التجربة محوراً ثرياً من خلال تراكمها الكمي والمعرفي، كرستها قصائد مكثفة الصور الوجدانية وغنية بالخيال والعاطفة والموسيقى ومليئة بالحكمة والإبداع. فخياله وعواطفه ومنهجه في إبداع قصيدته، تجترح إبداعاً مثيراً ينقلنا على أجنحة الكلمات إلى حالة التأمل الوجداني بأسلوب جمالي آسر، تمتزج فيه الرؤية بالحلم والتخييل الشعري بالإبداع. المدونة الشعرية لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، تفيض بالكثير من المواضيع والأغراض، وتتعدد سياقاتها ومضامينها الشعرية، وربما لا تكفي دراسة قصيرة لتقديم تلخيص شامل لها، لكن من خلال البحث عن خيط ناظم جامع لهذه النصوص، أو صورة متواترة مكثفة في فحوى مضامين قصائده الشعرية، يجد المطالع لنصوص «فزاع» - وهو اللقب الذي اختار لنفسه، بما يشي من حمولات شعرية في ترنيمته وإنسانية في دلالاته ومعانيه - حضوراً واعياً لروح الإيجابية، تتجلى في صور الحكمة أحياناً وفي صور فخر أحياناً أخرى، وحتى في أكثر غزلياته تجدهُ يضمن الدرر بين القوافي، ويُلبسها من لبوس الحكمة في خلاصات تحفيزية ثرية. كما يحتل الوطن جزءاً كبيراً من وجدانه الشعري، وتحضر مختلف قضاياه، من خلال الدلالات والكلمات التي تحيل إلى قاموسه، في مُعجمه الشعري، كما تمتاز نصوصه بنزعة إنسانية حالمة. الدلالات الإيجابية ما هي الإيجابية في معناها العام، وماذا نقصد بها في سياقها الأدبي الدلالي، الإيجابية في معناها العام نوع من قوة التفكير يقود صاحبه أو مُتلقيهِ إلى التميز، وهو بهذا المعنى، النفسي والفلسفي والإداري، نوع من التوجيه الذهني يحفز ويدفعُ إلى الارتقاء الروحي والمعنوي، ولا يختلف معناهُ الأدبي عن هذا التأصيل، فالصور الشعرية التي تحمل روح المفاخر ومآثر الأمم وسجايا وخصال النفوس، منذ فجر ولادة القصيدة، وفي كل الآداب العالمية، كان دورها دائماً تنويرياً وتحفيزياً وارتقائياً. ففزاع حين يقول في قصيدة «اعذروا رماح»: معنوية فارسك للغيم واعزومه متينة والرجال تبين فيوم الشدائد مرجلتها والقصيد ال يعبر عن مشاعرنا يزينه والقلوب ال بدون إحساس يا قل برَكتها كبريائي يجبر الخافق ويكشف عن حنينه وفيه دمعة من عيوني بس عيني ما دمعتها فحين نتأمل في كلمات «معنوية فارسك»، تتضح مباشرة الدلالة الإيجابية في المعنى، فهذه الروح ملمح واضح في أشعار فزاع، تستحث العزيمة والمآثر والطموح والفخر، من خلال أسلوب يتسم بصدق وبموضوعية في اتساقه، وتراكيبه اللفظية والمعنوية، ويتكرر مثل هذا الأثر الشعري في أكثر من نص وموضع، فقصائد «فزاع» ومدارات تعبيرها وبوحها الشعري، تجترح إبداعاً مثيراً، يراها بعض الدارسين تنقل المتلقي على أجنحة الكلمات من خانة التعبير عن المشاعر المُباشرة إلى حالة التأمل الوجداني بأسلوب مُرهف وآسر. إحياء المآثر والفخر في هذه القصائد هو نوع من إحياء المآثر وتحفيز النفس، في بعده الإيجابي الذي لا يلغي الآخر، بقدر ما يثري النفس ويُلهم الآخر. ويتضح ذلك جلياً في قصيدة «افهم مكانك..»، المتضمنة للعديد من ومضات الحكمة وكنوزها، من خلال رسالة شعرية رائعة، قدم فيها وصفة النجاح والهمة والطموح والأمل، حيث درب الإنسان مُضاء بأحلامه وأمنياته الكبيرة، بغض النظر عن موقعه ومكانه. يللي تدوّر للنجاح ونظيره إقربْ.. بعد إقربْ.. بعد إقربْ ودام أنك من أصحاب العقول المَنيرة ركّز معي واكتبْ مقولهْ بالأقلام أبا أسألِك سؤال ما فيه غيرة إجابته بتوجّهك وبشكلْ تام عندك صبر امْن الحياة المريرة إذا نعمْ.. من دون وسواس وأوهام خلّك كبير وأمنياتك كبيرة مهما تحاولْ تحبطك سودَ الأيام وإن كان لا.. خلْ أمنياتِك صغيرة لا تلعب بعقلك كبيراتْ الأحلام الدافع الْ داخلكْ ما يستثيره سوى النجاح العذبْ من وحي وإلهام شعر وجداني منبع الشعر الوجداني العميق، ينهل من هذا التوق وهذه الإيجابية، ولا يمكن الفصل بين الشعور الذاتي والموضوعي في النص، فالفكرة في أشعاره تأتي وفق وحدة موضوعية، تتناغم لتشكل مجموعة من الصور والأخيلة الشعرية تكرس قيم الأمل والطموح والصبر والعزيمة والسير الحثيث على درب النجاح والتميز، إذ يقول: خلْ الأمل إِيصاحِبِك في المسيرة واطمح طموح إِيحفزك للتقدّام ترى الطموحْ إِيحكمك كِل ديرة حتى لو أنك مَنْتْ مِنْ صِلْبْ حكام وقّفْ بِفكرك للزمان وجديره إيسولف التاريخ عنك للأعوام واقدم إذا كان التقدّام خيرة الاقدام له وقته وله وقت الاحجام ولا تتّهور تدخلْ بِكلْ حيرة ولا تتّراخى فالتراخي تندّام إِنّكْ تكونَ الأول فكلْ سيرة أو الأخير.. المسألة حسبةَ أرقام إيحاءات وإيحالات وتتكرر مثل هذه الصور وهذه الإيحاءات والإحالات البديعة، وطبعاً وفق تجديد في المعطى الإبداعي، ينحتُ المُفردة من صلصال غني وقاموس إنساني، تضيء الكلمات دروب الحياة المظلمة، تشحذُ الهمم، زادها الـوعـي والـمعـرفـة، يشعل سراجه، «يفزعُ» إلى معالي الأمور ويأبى الضيم، يواجه المواقف والتحديات، وهي خصال القادة، ويعقد العزم وهو يخوض الغمار نحو الأفضل: نـظـرتي فـوق فـوق ومركـزي قــدّام وعاذلي يعـقد مْن الضـيقه حـجـاجه وكما في مقطع آخر من آخر قصائده التي جاءت تحت عنوان «مفهوم»: روحي رياضية وقلبي صافي أنا في كوم وحاسدي في كوم أهني الفايز علي وارفع له كفي وأرحب فيه في المرموم واللي ماهو ملزوم فتقديري أنا فتقديره تره ملزوم وهذا المعنى يحمل قمة الطاقة الإيجابية والأخلاق: إلى أن يقول في نفس القصيدة: وإن كانت النخوة معاه معدومة طيبي فراسي ماهو ابمعدوم توجيه ذهني وهنا عودة إلى الفكر والذهن كطاقة وكقوة، حين قال (راسي) والتي تحمل أكثر من معنى، فإذا أحببتها راسياً بمعنى الرسوخ طاوعتك، وإذا قرأتها كفكر وكعقل، فذاك معناها الذي نريد، إذ إن الإيجابية ما هي إلا طريقة تفكير كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كتابه «تأملات في السعادة والإيجابية»، ولا يخفى تأثيره الكبير في فزاع فهو الوالد والمعلم، فالتكوين المعرفي الذي أنتج شاعراً بحجم فزاع، لا ينفصل حتماً عن البيئة التي نشأ فيها، «فقد كان والده الحاكم الشاعر المثقف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قدوة له، ومدرسة حياتية أسست منهجه الشعري، وأسهمت في صقل موهبته بالرعاية، والإرشاد، والحض على قراءة كتب الشعر العربي، والتاريخ، والتراث، واللغة، وأصول النقد، فعجمت جميعها عوده، وأسست ذائقته، وأخذت به نحو فضاء الشعر المُزدان بالثقافة»، وأجمع على هذه الملحوظة مجموعة من الدارسين لأشعاره ومُنجزه الشعري. يقول فزاع في قصيدة «مفهوم»: وصية القائد لابن القائد اللي يكررها زمانه دوم ماهو مهم أنه يطيح الفارس مليون مرة من طعون القوم لو لم يكن فارس ما جاته طعنة بس المهم أنه يعرف يقوم وأنا اعزومي ما تعرف الطيح عندي من الصدمات قوة أعزوم وهذه الأبيات، تعبر عن صميم الإيجابية والفكر القيادي، أو ما يسمى اليوم في علوم التطوير الذاتي بـ«الروح المقاتلة»، وهي سمة من السمات المهمة للقائد، فالعثرات ما هي إلا وجه آخر للنجاح، والناجحون لا يولونها كبير اعتبار ولا تصد طموحهم، وقد عبر عن ذلك بلغة شعرية الشاعر الحداثي النمساوي راينر ماريا ريلكه، حين قال: «الناجحون هدفهم في هذه الحياة، هو الانتقال من هزيمة إلى أخرى، ولكن على يد أشياء أعظم». حس إنساني والمتابع لنصوص فزاع، لابد له أن يلاحظ الحس الإنساني في أشعاره، وفق تجليات وأنساق متعددة، فنصوصه تلامس هموم الناس، يحنو فيها بفكر المُلم العارف لمداخل المعنى وخبايا النفس الإنسانية، مدركاً أن البشر في حياتهم وحاجاتهم كلهم سواسية، وإن اختلفت المراتب والمواقف، يقول فزاع في قصيدة «مراحل العمر»: مراحـــل العمر تجـــري والزمن جــاري والنـــــــاس تفنى ويبقـى وجـــه خالقهـا أرســـم ملامـح طموحاتـي فـي أشعــاري واحـــاول اني قبـل ما امــوت احقـقـها واعـــرف مقــــدار غيري قبــل مقداري واخطــاء نفسي على غيري مــا اعلقها وفي البيت الأخير إنصاف من النفس، وثقة فيها بعد الخالق، لا تؤاخذ الآخرين بزلاتهم، ولا تعلق عليهم الأخطاء، لأنهم بشر، وكل ابن آدم خطاء، وحتى في غزلياته تتجلى تلك الروح، كما في قصيدة «سامح»: أحياناً أفكر.. وأفكر وأفكر إلى متى عزمي بالأشواق جامح ما دام باب المغفرة ما تسكر تعالى وارسل لي خيالي ملامح لو الحياة بطولها طعم سكر ما كان حس بذنب غيري وأسامح هذا كلامي لو مزاجي تعكر وخيل الهجر بين الحنايا ترامح أقولها للي في حبي تنكر أسامحه.. ولا يعرف التسامح اطمح تراضيني يا زين وتذكر إن عاشقك لرضاك يا زين طامح وطنيات كما يتجلى الوطن في الكثير من أشعار فزاع، من خلال صور متشابكة، وإحالات عدة، أحياناً تأتي بشكل مباشر كما في الـــعديد من وطنياته الشعرية، وأحياناً بشكل غير مُباشر من خلال المُفردات والأنساق الدالة، فهو حين يتحدث عن الأرض والربوع ومحبة البادية، والسلام إلى أهل الهجن، إنما تلك صور أخرى مــن حب البلاد والوطن. ومن أجمل وطنيات فــــزاع وأكثرها تدفقاً قصيدة «إيمان الشعوب» التي تميزت بالجزالة وجمال المعاني، وضمنها أجمل ما يمكن لأي شاعر أن يكتبه في وطنه ويـــقول في مطلع هذه القصيدة: سَرى الليل وْسَرى صوت الـمشاعر يا نسيم النود وْعلى الله ما سـريت الاّ وســاق الشِـعـر قـيـفـانـه يقـولـون الـشِـعِــر وَزْن وْ قوافـي نبـضـها مـفـنود وانا اقول الشـعر حِس الخـفوق وْنبـض وجـدانه وْيقـولون الشـعر ضيـفٍ على شـاعره وانا اعود أقول الشِـعــر ما هـو ضـيـفـنا والـنـاس غَـلـطـانه مـعزِّبـنا الشِـعِر وضـيـوفـه احْنا والـسـنين شْـهـود هـو اللّـي سَـجَّـل الـتـاريخ فـي صـفـحـات ديـوانه إذا الشَّـاعر عن الـمعـنى عجَز لا يبلــــغ الـمقصود وش تْـفـيـد الـقـوافـي لـو يركِّـــبـهـا عـلى اوزانــه إلى أن يقول: على دَرب الزَّعـيم مْـؤسِّـس الـوحـده أبونـا العـود حكـيم الـعُرْب.. راس الـمَجد.. بَحر الجود ربَّـانه على شان الـمكـارم واهْـلَـها (زايــد) بـذل مَجْـهـود وجَـمَّــعـنا.. ســلام الله على (زايـــد) ورضـوانـه موسيقى تناظرية والمستمع لهذه القصيدة يدرك تأثير الموسيقى التناظرية في النص، كمُدرك جمالي تواشج في الأثر الشعري، من خلال إيقاع قوي وفق متواليات متكررة لا يمكن فصلها، جعلت من هذا النص نصاً عصياً لا يمكن فيه اختزال طاقة البوح، وهذه سمة من سمات النصوص الشعرية الحديثة، بشكل عام، إذ تتميز بالظاهرة الإيقاعية الذي هو تردد منتظم ناتج عن توزيع عناصر لغوية متعددة. كما أن البنية الشعرية لقصائد فزاع تتسم بشمولية المفهوم، من حيث البنية الزمانية والمكانية، يمزج من خلالها صوره الشعرية وفق تموجات الحسي والبصري، بل تذهبُ عميقاً إلى تكوين صور ذهنية قابلة للحركة والتأويل، وقادرة على النمو والتشابك، عبر خيارات متعددة أمام المتلقي، يتلقف من خلالها شعوراً صادقاً ويندمج مع المتخيل الشعري، فقصائده تظل حاضرة بصدقها وعفويتها، واسترسالها الفني، وبعدها عن التكلف والزخرفة اللغوية المستمدة من خارج القاموس اللغوي. جنوح النص المُبدع كما أن هذه القصائد تتسم في عمومها بالعذوبة، فهي تستنبتُ المعاني وتولدها، وتعتمد على اللغة بوصفها معرفة الكون ومحور النص ومداره التخييلي، يقدم عبرها مُقاربات لا تعرف جمود الخلاصات وتدلل على جنوح النص المبدع. ومن شواهد تنويعه في البنية الزمانية والمكانية، هذه الأبيات من وطنياته التي كتبها بمناسبة الذكرى الأربعين لتوحيد القوات المسلحة، ضمّنها خفوق الشاعر ووجدانه، المليء بعزة الأرض، وجاءت كلماتها مشربة بالفخر والعزة والانتصار والريادة، والمتابع للمعجم الشعري لفزاع، يجد في هذه القصيدة النبطية نفساً من أشعاره الوطنية، وإن حملت الأخيرة سياقات اقتضتها المناسبة والظرف، جمعت الوجدان الشخصي بالعام، فكانت متميزة في ذلك، يقول فيها: تــتــشــابـه الأيـــام والــيـــوم ذَا غــيـــر فــخـــرٍ وعِـــــزّه وانــتـصـــــار وريــاده وان هزّت الغصن الخضر نسمة عصير الــشــــاعـــــر تهـــــزّه محـبــــة بـــلاده وقد اختار فزاع استهلالاً زمنياً قدم فيه رؤى تعاقب الأيام، وقفة اختارها مع الزمن، والشاعر لا يستغني عن الزمن، فهو الكائن المتحرك في الوجدان والقافية والمعنى، تنساق من بين سدفه غلالات الوقت، يختار أجملها، ويقتنص أكثرها اكتنازاً في مخيلته، وتتعدد هذه الصور في ذاكرة الشاعر، فتنعكس في الرؤى الشعرية. التناص الشعري وقد كانت صور الوطن حاضرة في قوافيه، متوالية شعرية جانحة ومحلقة، فهو الشاعر الذي تهزه محبة بلاده، كما تمايل غصن، ذات أصيل، مع نسمة خفيفة داعبته فحركت الشجن واللواعج. يروم المعنى الأصيل مدخلاً قوياً مُنبتاً من مفاخر أصيلة، «عيال زايد» حمولة تكفي، من الإمارات أهل الحسم والعزم والخير، يتدثر بالمفاخر وهي رداء الرجال، يطرز قصيدته بتلك القيم والشيم، ويغمس يراعه في الأثير من الخصال: حـنّـا عـيـال الـشـيـخ زايـــد هـل الخـيـر وأهــل الحَــســم للــي مـطـــوّل عـنــاده لـنـا علـى كـوكـب هـل الأرض تأثــيــــر والشـعـــب يـبــلـغ غـايـتــه باجـتــهـاده كما يلاحظ في نصوص فزاع نوع من التناص الشعري، ربما مرده اختزان القراءة من المآثر ومن ذاكرة الشعر العربية، كما في قوله: فــي خـــدمــه لــدولة طـوال الأشـابـيـر مـن شـعـبـنـا فـيـهــم صــمــود و إراده لـو نـطـلـب اللـي فـي المـهـد توّه صغير يـشـارك، يـشـارك وهـو فــي مــهــاده وهذا يشابه قول عمرو بن كلثوم في معلقته التي يقول فيها: إذَا بلَـغ الفِطـامَ لَنا صبـي تخر له الجبابر ساجدينا ومثل تلك الصور تقدم ملمحاً قوياً للقراءات العميقة للشعر وللتناص الشعري. كما تواكب قصائد فزاع قضايا الوطن الكبرى، فأشعاره حاضرة مع أشاوس الفخر، وموثقة لمآثر الشهداء، كما في قصيدة «قبر الشهيد» التي يقول فيها: نموت والراية ترفرف والعدو حاله زهيد مثل شهداء الوطن والعزة اللي لا ولن نِنسى مواقفهم وما خطوه ما دم الوريد من مجدٍ في يوم له الحاسد رغم أنفه ذَعن حنا نجيد نحقق الإنجاز بالفكر ونجيد نردع هَل الفتنة يا لين تحيد عن درب الفتن الهِمة العليا لنا والعزم والرأي الحميد ونقدم الفزعة لوجه الله ولا نرجى ثمن التضمين وقد استوقفني مراراً إبداع فزاع في تضمين أمثلة عربية فصيحة، وجمل لغوية منتظمة في تركيبها داخل النص النبطي، فعلى سبيل المثال في قصيدة «تخاف الناس» يقول: إلهي قد علمت بأن عبدك كسير القلب تقلقهُ ذنوبه وكم كنت على السراء فظاً وقد أعلنت في الضراء توبة وكما ورد هذا التضمين في هذا النص، ورد في نصوص أخرى، وما ذلك إلا وجه آخر من أوجه الإبداع في أشعار فزاع. ميدان التفاخر بدا للشـعر طاري والشعر تفخر به الأجواد لكن ما كل شـاعر يـبدع القـيفان يســعدها تجهّـز يا هـجوسي ما بقى دون الوعد ميعاد ترى لك صفحة الإبـداع كفّ الشعر فاردها وجه الحياة الثاني يا هَاجس الشِّعر دَامِك حَاضِرٍ دَعْنا دَعْنا نعيش الْحياه بْمَنطق إنْسَاني وَجْه الحيَاه السَّعيده فيه مَرْتَعْنا لكنّ وَجْه الحيَاه الثَّاني الثَّاني دبي الحب الأول ما زال حبّـــك هو الأوّل، ولــو كنتــي إتكمّلــــين بْفراقـــك يومـــك التـاســـع وش رايك نودّع أهل الأرض أنا وانتي الأرض ضاقـت علينـا والفضـا واسـع طبيعة النفس يامـهتويـن الشـعر، عن الشعر ما غـويت وجْـبال فكـري تِـظِـل الـقـــاف بِـظْـــلالـها بنيت لي اسـم فَـ السـاحه وسَـوّيت صيت بأبـيـات شـعـرٍ تـبـيّــض وَجْــه مـن قـالـها المصدر : البيان الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 30-04-2017 05:44 مساء
الزوار: 1471 التعليقات: 0
|