عرار:

شدّد المفكر اللبناني د. رضوان السيّد في محاضرة حملت عنوان «الهويات الفرعية: تهديد أم شراكة « قدمها أول أمس في مؤسسة عبد الحميد شومان، على اهمية الهويات الفرعية في تماسك المجتمعات وضمانة للسكينة واستقرار وتنمية المجتمعات , عوضا ان تكون تلك الهويات عامل فرقة وانقسام ومصدرا للتوتر والعنف والفوضى.

وقال السيّد في المحاضرة التي أدارها الأمين العام لمجمع اللغة العربية د. محمد السعودي: ان الهوية الفرعية يمكن ان تكون مصدرا للتجزئة والتفكك , حيث تظهر ببعض الأحيان على شكل ولاءات خارج منظومة الدولة الوطنية يطلب فيها الفرد او الجماعة الحماية من الخارج, أو ان تظهر في ولاءات تقوم على تحقيق مصالح لا تصب في خانة الانتماء للوطن.

وأضاف المحاضر، ان هناك متغيرين رئيسيين برزا في الاقليم العربي منذ عقد ونصف من الزمان، بانت فيه بعض الانتماءات الفرعية الإثنية والمذهبية، جلب حالات من مظاهر الانتكاس للدولة العربية.

ورأى السيّد أن وظيفة المثقف العربي فهم الواقع وعرض رؤية جديدة للعالم يتبناها الناس لافتا الى ان المثقف العربي يعيش في تناقضات مع واقع بيئته السياسية والثقافية وذلك في انفصاله وقطيعته مع موروثه العربي الإسلامي.

ولفت الى إنّ تصرفات وممارسات بعض السلطات الوطنية خلال خمسة عقودٍ وأكثر، فجّرت الاضطراب الذي ما زالت تعاني منه المنطقة، كما ان الأخذ بالوعي الثقافي والشعبي ووضع الانتماء الوطني إلى جانب الانتماء الديني يبعثُ على الأمل، فالناسُ ما زالت حريصة على منظومة الدولة، لكنهم يريدونها دولةً حاميةً ودولةَ مشاركة، ولها علاقةٌ وثيقةٌ باناسها الذين يحمونها ويحتمون بها، ويستطيعون أن يحاسبوا ويُراقبوا ويغيّروا فيها؛ دون خشية من قمع أو سجن أو قتل أو تهجير وأن تسودها التعددية السياسية؛ أي يسودُها نظامُ المواطنة المتساوية والندية.

وأوضح المحاضر، انه في مقابل ذلك، تشعر الهويات (الصغيرة) بالتهديد، وتحاول التقوقع على نفسها، والتخندق في مواجهة ما تراه استهدافا لوجودها، ما يجعلها غير قادرة على الانخراط في أي مسار لتشكيل هوية جامعة، وهي بذلك تعبر عن أزمة حقيقية تعيش فيها كثير من المجتمعات، خصوصا تلك التي لم يتبلور فيها مفهوم للمواطنة يقوم على أساس النظرة العادلة للمكونات المجتمعية جميعها، أو التي ما تزال تحتكم إلى مفاهيم مغايرة عن الانتماء.

يشار الى ان د. رضوان السيد حاصل على الإجازة العالية من كلية أصول الدين في جامعة الأزهر , وعلى شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة توبنغن بألمانيا , وهو أستاذ للدراسات الأسلامية في اللبنانية.

وصدر له العديد من المؤلفات والترجمات حول الأمة والسلطة والإسلام المعاصر والمجتمع , كما إنه حاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في مجال الدراسات الإسلامية.