ناقلاً أن عمان كان من المقرر أن تستضيف المهرجان في دورته الثانية. ونقل عبد الله دعم حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان القاسمي الهيئة العربية للمسرح في دورات مهرجانها العربية بصفته رئيساً لهذه الهيئة ومهتماً بالمسرح على وجه الخصوص:
تالياً الحوار:
• ما المكسب المحلي بُعيد انتهاء دورة مهرجان المسرح العربي 4 في الأردن؟!
لا بد أن أشيد بالتنظيم الفاعل، وتعاون نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب، وأنا أعدّ هذه الدورة استثنائيةً نبني عليها للمستقبل. ولقد تحقق لنا ذلك منذ أول يوم، ويكفينا أننا سنتشرف بالرعاية الملكية السامية لهذا المهرجان.
أتوقع للمهرجان زخماً غير عادي، بسبب التنظيم والحشد الإعلامي، والاهتمام الرسمي، وهو ما يؤكد حضور المسرح في المشهد الثقافي والفني على وجه الخصوص. رهاننا على الأردن هو رهان ناجح، وستحقق هذه الدورة فنيّةً في عروضها، وستتحقق معادلة نجاح المسرح.
• استكمالاً لرؤيتك التي طرحت؛ هل ستتنافذ ثيم وأفكار هذه الدورة على محيطها القومي في هذا الربيع والحياة الضّاجة؟!.. وهل ستتقاطع مجموعة العروض المشاركة في هذا الملمح، استناداً لتغلبه حتى على الذّاتي المتشظي؟!
دعني أتوقف عند هذه المسألة التي لا بد أننا نتأثر بها، مسألة الربيع العربي. في المهرجان هنالك عشرة عروض محلية تشارك في هذه الدورة لمخرجين شباب، وهو ما نراه استثناءً. كما أن وجود عرضين لمخرجتين في هذا المهرجان، يعطينا انطباعاً في كم نتأثر بمحيطنا الإنساني والثقافي والفكري، وهي قضية مهمة جداً. أن يكون هنالك كل هذا الكم من الشباب الذين تصدوا لأعمال فنية بهذا الرقي، فهي أعمال تم اختيارها من أصل 63 عملاً مسرحياً تقدمت للمهرجان.
إنّ حالة التغيير والحريات التي نعيشها في العالم العربي انعكست على عروضنا، فهنالك موضوعات بالتأكيد تتقاطع وتستفيد من هذه الحالة التي لها إرهاصات فكرية مهمة يمكن الاشتغال عليها مسرحاً. هذا التنوع الجميل في المشرق والمغرب العربي والخليج العربي يرقى بالذائقة الفنية والجمالية التي افتقدناها كثيراً في عالمنا العربي. لقد كانت الهيئة بلجنتها الفنية واعية تماماً لهذه المسألة فانتقت من العروض ما يلبي التنوع لهذه الحالة ولغيرها دون تناسي الشروط الفنية في القبول.
• هل من مختصر حول متطلبات قبول الأعمال أو مشاركاتها في معايير المهرجان؟!
لم نحدد ولم نشترط، لكن الجديد في هذه الدورة إطلاق صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي بصفته الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح جائزةً باسمه لأفضل عرض عربي، وهو محفز جداً للمشتغلين بالعمل المسرحي، والتحدي هو كيف نتوج مهرجاننا بعمل قوي يلبي متطلبات الجائزة، فهذه العروض ستمر خلال أكثر من مصفاة تم تشكيل لجانها لنصل إلى العرض الفائز.
• حين يتم تسخير المال للعناية بالفكر، فهذا مهم، كيف ترى دعم حاكم الشارقة القاسمي لتكون الشارقة منارة إشعاع ثقافي يغذي محيطه بالتعاون والاستضافات المتبادلة في المسرح وغيره من الأجناس الأدبية والفنيّة؟!
الشيخ سلطان أجاب على هذا التساؤل بكلمته التي ألقاها في الصين حين تكريمه في أكتوبر الماضي من قبل الهيئة العربية للمسرح، وقد قال فيها أمام مسرحيين من شتى أنحاء العالم: (إن قضيت، فاكتبوا أنه كان عاشقاً للمسرح!). من هنا ينطلق الشيخ سلطان في دعمه للثقافة بشكل عام. هو صاحب مشروع ثقافي بدأه منذ أكثر من 30 سنة عندما تولى حكم الشارقة في الإمارات، فانطلق بهذا الحراك إلى العالم العربي والعالمي.
سموّه يشعر أنه جزء من هذا النسيج الثقافي، وهو عاشق بالفعل للثقافة والفن، وليس دخيلاً على هذه الحقول الحضارية المهمة في رقي الأمم والشعوب، وهو رجل ليست لديه أجندة شخصية، فهو محب ومثقف وباحث ومن مؤسسي المسرح في الإمارات، ونحن عندما نؤرّخ، فليس لأنه حاكم ولكن لأنه انطلق بالمسرح المدرسي في الخمسينات، وقد كان كاتباً وممثلاً ومخرجاً وهو طالب في المدرسة، وظل هذا العشق ينمو معه في المسرح، وقد استفدنا من عشقه للمسرح، ويؤلمه دائماً أن الثقافة متأخرة كثيراً لا تجد الاهتمام أو الدعم، وكانت له مقولة مهمة أطلقها عام 1979 هي: (كفانا من ثورة الكونكريت ولنبدأ بثورة الثقافة)، ومنها بدأ يؤسس لمشروعه الثقافي الوطني، لينطلق إلى محيطه العربي.
ولعلك تابعت الأخبار الأخيرة حين تم حريق المجمع العلمي في القاهرة، وفي الساعة ذاتها أعلن استعداده لترميم هذا المجمع وإعادته إلى ما كان عليه وتبرع بمخطوطاته ومكتبته، فهو مسكون بالثقافة وينطلق فيها من مشروع ثقافي إنساني كبير.
• ضعنا بالصورة حول المستضافين في دورة المهرجان الحالية؟!
نحاول التنويع من دورة لأخرى، بوصف المهرجان متنقلاً وعربياً وسنوياً، ونحاول في كل عام أن نعطي وجوهاً جديدة الفرصة لتتصدر المشهد نفسه في المهرجان. هذا العام لدينا العديد من الأسماء وقد تستغرب أنّ بعضها يحضر لأول مرة في مهرجانات عربية، وهي بالنسبة لنا اكتشافات مهمة لا بدّ أن تكون حاضرة في نقدها وإعلامها وتخصصها واهتمامها ما بين مخرجين وممثلين وكتاب ليعم الحراك.
هنالك مسرحيونا المغتربون، الذين استفادوا من التجربة الغربية ونسعى للاستفادة منهم. في النهاية هي استراتيجية مهمة تابعها الإعلام في ملتقيات من مثل ملتقى المرأة في عمان، وسلسلة من ملتقيات تسعى بها الهيئة العربية، وهنالك ملتقى سيعقد قريباً معني بمسرح الشباب والمسرح المدرسي والجامعي، وسيتم التنسيق بشأنه، هذه مستنبتات مهمة في المسرح ضرورية.
• الدورة القادمة... أين ستكون؟!
نتلقى طلبات كثيرة، وندرسها بعناية ومن شروطنا توفر بنية تحتية مهمة، وعندنا موافقة من دولتين.. ولا نريد الإعلان عنهما، لا بد من توفر الآلة الإعلامية.. المكتسبات ومراكمة النجاح.
• هل حقق الأردن مسوّغ الاستضافة؟!
نعم، وإلا فلماذا نحن موجودون هنا!.. الأردن، وللأمانة، أول دولة طلبت استضافة الدورة الثانية.. وكانت مدرجة بقوة، ولكن لأن تونس كانت تحتفل بمئويتها وطُلب منا بإلحاح أن تتزامن الدورة الرابعة مع احتفالية مئوية المسرح التونسي.. لقد تأخرنا كثيراً عن عمان، وها نحن فيها لنحقق مكتسباً مهماً وعلى درجة كبيرة من الفاعلية.