|
عرار:
في الحلقة الأخيرة من المرحلة الثانية من "شاعر المليون" الجمهور يصوّت للشاعر السعودي متعب الشراري بـ63% عن الحلقة الماضية والتحكيم يؤهل الأردني صالح الصخري والسعودي نجم الأسلمي بـ48 درجة "فيلسوف القصيدة النبطية" مصبح علي الكعبي ضيف الحلقة الشعراء يجارون "أمير شعراء النبط" صالح بن عزيز المنصوري في تمام الساعة العاشرة من مساء أمس الاول انطلقت آخر حلقات المرحلة الثانية من برنامج "شاعر المليون" في موسمه الثامن، والذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي على مسرح "شاطئ الراحة"، وتنقله على الهواء مباشرة قناة الإمارات وقناة بينونة. وقد بدأت أحداث الحلقة بحضور السيد عيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، بالإضافة إلى عددٍ من شعراءِ ونقّاد الخليج العربي، والجمهور المحب للشعر. وقبل المنافسة الشعرية بين آخر ستة شعراء يمثلون تلك المرحلة؛ أعلن كل من حسين العامري وأسمهان النقبي عن الشاعر الفائز بتصويت الجمهور عن الحلقة الماضية، حيث انضم الشاعر السعودي متعب الشراري إلى زميلته بتول آل علي وزميله زايد الضيف التميمي، إثر حصوله على 63% من نسبة تصويت الجمهور، ما مكّنه من الانتقال إلى قائمة الـ12 التي سيبدأ شعراؤها بالتنافس اعتباراً من ثلاثاء الأسبوع القادم وعلى مدار حلقتين، إلى أن ينتقل ستة شعراء فقط إلى الحلقة الأخيرة ليتنافسوا على خمسة مراكز. ضيف الأمسية استضاف برنامج "شاعر المليون" ليلة أمس الشاعر الإماراتي مصبح بن علي الكعبي "فيلسوف القصيدة النبطية" الذي اشتهر بالكتابة في أغراض شعرية مختلفة، وأبدع قصائد تحمل روحه، فتميِّزه عن سواه من الشعراء، ما دعا عدد من نجوم الطرب الخليجي إلى الغناء من كلماته، مثل المطرب ميحد حمد. والكعبي حاضر في أمسيات الشعر داخل الإمارات وخارجها، مثل ملتقى دبي للشعر الشعبي، ومهرجان بابل في العراق، ومهرجان صلاله في عمان، كما كرّمته اليونسكو في مجال الشعر والأدب، وهو الذي بدأ علاقته الجدية مع الشعر في تسعينيات القرن الماضي. وحول برنامج "شاعر المليون" قال الكعبي إنه برنامج يتحدث عن نجاحه من خلال استمراره، وأطلق عليه عدة ألقاب، من بينها عكاظ العصر، وملتقى الشعراء. ثم أشار إلى الجهود التي يقدمها المعنيون لهذا البرنامج والتي تعزز حضوره بين الشعراء وجمهور الشعر. ثم ألقى نص مديح، ومما جاء فيه: لا دار هاجوس القصيد وحام والرجم زاملنا على الالهام نعدّها للوقت ونجنّدها ونحطها يوم الوعد قدام نحرص عشان السلم ونلثّمها لكن على الموقف بدون لثام نطوف من حول القريض ونسعي لو ما لبسنا للطّواف احرام لاجل حماسي واستلمنا دوره سلم على العشا يا بو تمام سلام للقائد خليفة زايد وسلام لمحمد وللحكام وسلام لبلادي وشعب بلادي من غربي الظفرة إلين خزام عيال زايد والهقاوي فيكم اكرام وعيال الأكرام أكرام هذي أمانة والأمانة صعبة تحتاج ف اللازم رجل مقدام بلا وطن ما للمواطن عازة حطوا الوطن فوق الصدور وسام عهدٍ أمام الله وأمام القايد حلفا ولك رفقة وبصم ابهام أموت للبيرق ويبقى البيرق وإن متّ بدّلني ولدي بزّام التأهل للصخري والأسلمي ومع المزيد من الإبداع الشعري أيضاً عاش الجمهور متعة الاستماع إلى قصائد الشعراء الستة الذين مثلوا الإمارات، السعودية، سلطنة عمان، والأردن، وهم: حسن المعمري، حمد بن شامس المزروعي، صالح الهقيش الصخري، مشاري الرشيدي، مشعل العنزي، ونجمبن جزاع الأسلمي. وقد حسمت لجنة التحكيم المكونة من د. غسان الحسن، وحمد السعيد، وسلطان العميمي؛ النتيجة لصالح الشاعرين صالح الهقيش الصخري ونجم بن جزاع الأسلمي، عندما منحت كل واحدٍ منهما الدرجة 48، في حين منحت اللجنة مشعل الضوي العنزي 45 درجة، وحسن المعمري بـ44 درجة، ومنحت حمد المزروعي ومشاري الرشيدي 43 درجة، وسوف يحسم الجمهور في الحلقة القادمة النتيجة لشاعر ٍواحد فقط يضمن بقاءه في المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل البرنامج. قصيدة "درب الحنين" للمعمري مع حسن المعمري من سلطنة عمان - والذي تميز عبر مسيرته في البرنامج - بدأت المنافسة بين الشعراء، فألقى قصيدة جاء في أبياتها الخمس الأولى: رضيت الذل يا دمع الغياب وما رضى رجّال فلق في غصّته بسمة شفاه وخاطره ضايم بحر به شوقه الجاير مدى في نوعة الغربال وردّ اللوم يرمي به على شطّ الرّجا هايم تدارك جرحه النازف وطوّل للمفارق بال وعاف النّود في تالي شتاه وصبحه الغايم عسى عقبه ربيعٍ ينتفض ثورة بوجه الحال ويثمر غصن في جذع الوصال يفطّر الصايم قبل لا يرتوي منه الهلاك اختار له آجال على درب الحنين وعن يتوه ف غربته رايم د. غسان الحسن أكد بدايةً أن القصيدة جميلة ومفعمة بالشاعرية، وطافت بين موقفي الرجاء واليأس المتناقضين اللذين تنازعا الشاعر الذي كان مجبراً أن يكون مرةً هنا ومرةً هناك. وأضاف: إن الحيرة التي بدأ بها الشاعر استمر معها حتى النهاية، إلى أن قال: (فتح من شرفة أحزانه شعر وتبعرث آمال/ بوجه الشوق وعيونه بقى فيها العشم قايم). ثم أبدى د. الحسن إعجابه بالبيت (رضيت الذل يا دمع الغياب وما رضى رجّال/ فلق في غصّته بسمة شفاه وخاطره ضايم)، وكذلك بالشطر (وردّ اللوم يرمي به على شطّ الرّجا هايم)، والبيت (وفي كفه نبت ورد الغلا يقهر به اللايم/ وصل آخر محطات العذاب وفي عيونه فال)، وبرأي د. الحسن أن الشاعر أحسن في التناص الذي جاء به من منابت مختلفة، فنثره بجمالٍ في نصه، مثل ما أحسن في التصوير الذي ذهب إليه. الناقد سلطان العميمي أشار من جهته إلى علو الفلسفة الشعرية في النص الذي دار حول الحنين والغياب، لافتاً إلى أن تجربة الشاعر عموماً لا تظهر في مثل تلك النصوص التي تعرض معاناة أصحاب الحنين. وقد وجد الناقد أن التكثيف في التصوير الشعري الذي لجأ إليه المعمري يحول دون الاستمتاع بانسيابية ما ورد في النص، رغم ما فيه من زخم شعري كبير. وما لم يعجب الناقد طغيان جو الحزن على الأبيات جميعها، إلا الشطر الأخير الذي جاء فيه (بوجه الشوق وعيونه بقى فيها العشم قايم). وحول الصور الشعرية أكد العميمي أنها غاية في الجمال، مستشهداً بالبيت (يا بنت الملهمة قهوي معازيب السهر فنجال/ سهاد الضيم وحساساً يسج بشاعره دايم). في حين ركز الناقد حمد السعيد على حضور الشاعر الذي وجده متصاعداً، وجاء النص درامياً بمطلع فيه شموخ الرجال وإن كان ذاك المطلع عاطفياً، أما الصورة الشعرية فقد حضرت حتى الختام. المزروعي يبدع في قصيدته "دار السكوت" مع قصيدة "دار السكوت" المليئة بالحكمة، والتي تميزت بكلماتها، مثلما تميز مبدعها في إلقائها، قال الشاعر حمد بن شامس المزروعي من الإمارات: فضة كلامي تشتري در السكوت الصمت منجم واللغو عملة فقير ثلثين عمري بالتهّجد والقنوت ولا أمشي إلا فوق سلك من حرير ثلثينه التفسير في علم البيوت عن واقع الأرواح بعيون الضرير من رفقة التجار وقصار البشوت تحني الظهر والثانية هدت ضمير تحيا النفوس بعزها والا تموت لا صارت الحايات بيدين الحقير وما وجده الناقد سلطان العميمي أن القصيدة تنحو بعيداً عن التجربة الذاتية، ما عدا الأبيات الثلاثة الأولى منها. ليتبعها الشاعر بطرح فلسفته الشعرية التي تدور حول معاناة البشر. وقال العميمي إن عموم الأبيات تنحو باتجاه الحكمة، غير أن العنوان الذي وضعه المزروعي للقصيدة لا يصلح إلا للبيت الأول فقط، لأن بقية الأبيات لا علاقة لها بالسكوت. كما وجد العميمي أن القصيدة ممتلئة بالجمال المتمثل في التصوير الشعري والمعنى، ويدل على ذلك البيت الذي جاء فيه (واتعب سهر للعين بالجفن الخفوت/ من أطهر الأرزاق وقفات الخفير)، وذلك بالرغم من وجود عبارات شعرية لا تصل بسهولة للمتلقي، كالبيت الذي قال فيه بن شامس: (يقطف ورود العمر أنفاس النحوت/ ويطول عمر الروح في وصل الكبير). ونص المزروعي قد يكون حصيلة تجارب ذاتية، أو ربما هو حصيلة مجالسة كبار السن؛ كما أشار الناقد حمد السعيد، منطلقاً من الأبيات: (تحيا النفوس بعزها والا تموت/ لا صارت الحايات بيدين الحقير)، و(أول بذور السحت فالكف النبوت/ بخس السلع بالسوق والبايع صغير)، إلى أن قال الشاعر (وأول حبوب الكسب فالخير الثبوت/ بأرضٍ حلال وحصد وافر من كثير). وحسب الناقد فقد وظف الشاعر الحديث النبوي في البيت (وأوجب حقوق الأجر لكبار البخوت/ من قبل جف النضج في ويه الأجير)، وأتبعه بالبيت (واستر خيوط العصر خيط العنكبوت/ اللي على خير البشر كان الستير) الذي يجسد وسواه حصيلة التجارب التي تم توظيفها في النص. وفي ختام حديثه طالب السعيد الشعراء بالابتعاد في كتابة الشعر عن الصنعة. فيما أكد د. غسان الحسن أن الشاعر في نصه كان كمن ينحت في الصخر. ففي البيت الأول ذهب الشاعر إلى التعقيد حينما قال: (فضة كلامي) و(الصمت منجم)، فقلب المعنى. وهي طريقة لا تتناسب مع الأبيات التالية كما يرى. أما العبارتان (ثلثين عمري) و(ثلثينه التفسير) فلم تخدما الشاعر الذي بدا من خلال التكرار وكأنه يحسب. وأفاد د. الحسن أن الحصيلة التي تكوّن الحكمة هي فنٌ مطروقٌ عند الشعراء، كما فعل المزروعي الذي ذهب إلى إيراد الوقائع والجزيئيات، مبتعداً من خلال هذا الأسلوب عن التقريرية، إلى أن جاء بعدة كنايات من بينها: (سلك من حرير، قصار البشوت، الكف النبوت) وهي العبارات التي سترت ما تحتها وأعمت عليها، مع العلم أن الحكمة لا تحتاج إلى تعمية. موضحاً أن هذا ما غلب على النص الذي استخدم فيه الشاعر مفردات مثل: (أول، أوجب، أطهر، أتعب، أستر)، متّبعاً بذلك أسلوباً جميلاً للتعبير عن الموقف من البدايات أو من النهايات، غير أن النص – برأيه - كان بحاجة إلى خدمة أكثر، وذلك من خلال صياغة الأبيات مع بعضها البعض. الصخري وقصيدة "ترتيلة الفقد" مع "ترتيلة الفقد" التي أهداها صالح الصخري من الأردن (إلى كل من فقد جزءاً من نبضه) استمتع الجمهور واللجنة أيضاً، حيث قال في أبياتها الخمسة الأولى: واخفض جناحك للصمت قبل الملام لا تسأل الأمس يا ذا الأمس هل من مزيد وحدك على شاطي الذكرى تخط وتنام في صفحة الرمل كل الناس لكن وحيد بعيونك الأرض جدبا لو غشاها الغمام وبقلبك النبض ما يروي ظماه القصيد قدت قميصك كفوف الحزن والصبر خام يكسيك عن ناظر الأوجاع ثوب جديد واحبابك اللي مضوا لله حب وسلام أهدوك باقة من الذكرى ووقت سعيد وأكد الناقد حمد السعيد أن النص مبدع بدءاً من مطلعه، وخطاب الشاعر فيه متميز، لافتاً إلى ورود مجموعة من الأبيات الجميلة، مثل (بعيونك الأرض جدبا لو غشاها الغمام/ وبقلبك النبض ما يروي ظماه القصيد) الذي يدل على مرحلة الحزن التي عاشها صالح، والبيت (ترتيلة الفقد رتّبها هديل الحمام/ مثل العناوين في ذاكرة ساعي البريد)، والبيت (أحبابك اللي مضوا لله حبّ وسلام/ أهدوك باقة من الذكرى ووقت سعيد)، وهي أبياتٌ فيها صور جميلة جداً، وتركيبتها تخص الشاعر وحده الذي كان حضوره جميلاً على المسرح، وتفاعله مع نصه متميزاً. د. غسان الحسن تحدث بدايةً عن العنوان الذي لفته، فلم يجد في النص ما يفسره، كما لم يلمس الشاعرية فيه. أما النص فقد جاء متقناً ومدروساً ومنطقياً ورائعاً، وكساه الشاعر بالجمال والشاعرية، وبلطف العبارة وجمال الصورة، حيث نحا الصخري نحو رؤية الناس الأشياء المحبطة، وغفلتهم عن التفاؤل المجاور له. وأضاف أن النص يذهب إلى اتجاهين في كل بيت، اتجاه مجدب وآخر متفائل، كما في البيت (بعيونك الأرض جدبا لو غشاها الغمام/ وبقلبك النبض ما يروي ظماه القصيد)، والبيت (قدت قميصك كفوف الحزن والصبر خام/ يكسيك عن ناظر الأوجاع ثوب جديد)، وهي طريقة في التقسيم تجعل الإنسان في موقع الاختيار بين المتشائم والجيد. وحول البيت (ترتيلة الفقد رتّبها هديل الحمام/ مثل العناوين في ذاكرة ساعي البريد) فقد قال إن التناغم الموجود فيه جميل، فذهب الشاعر إلى التقوقع ثم إلى الانفراج، ولأن الإنسان ليس مجبولاً على التشاؤم فإن الشاعر ينصحه بالقول: (يا صاح كفكف دموع معاتبك والملام/ ما ناشت الريح من جذع النخيل العنيد. الناقد سلطان العميمي وجد فيما قدم الصخري مغامرةً شعريةَ ناجحة، بدءاً من اختيار موضوعها الذي دار حول الفقد، أما المطلع فوجده جميلاً جداً (واخفض جناحك للصمت قبل الملام/ لا تسأل الأمس يا ذا الأمس هل من مزيد) حاله حال بقية الأبيات، حيث هناك توظيف مميز لفكرة الشاعر، والتصوير الشعري حاضر بقوة، وبناء النص مميز وموفّق، وحتى أسلوب الخطابِ التفاؤليِّ جاء بلمسةٍ إنسانية جميلة فيها مواساة، كما رأى عمقاً في المعنى والدلالة في البيت (يا صاح كفكف دموع معاتبك والملام/ ما ناشت الريح من جذع النخيل العنيد) الذي تمثلت فيه التقاطة متميزة، وكذلك البيت (أطلق كفوفك مشاعل نور رغم الظلام/ واصنع من الياس باس يفك قيد الحديد). الرشيدي بين التناص والجناس مشاري الرشيدي ثالث شعراء الأمسية؛ ألقى قصيدةً أبدى د. غسان الحسن إعجابه بها، مشيراً إلى أن الشاعر من خلالها أورد أسلوباً يتناسب مع موضوعها، والتي بدأ مطلعها بالأبيات التالية: اصعد على المحراب وامطر يا بلال غيث من الراحة يبلّ صدورنا ينبت رحاب الكون رحمة وابتهال ويجلى الظلام اللي يهدد نورنا الله أكبر تلجم أفواه الضلال قبل تساومنا على دستورنا الله أكبر لو قطعنا الاتصال بالله ننسى افراحنا وسرورنا الله أكبر طب نفس وطيب فال بلسم خواطرنا وجبر كسورنا وقد وجد د. غسان الحسن أن الموضوع الذي تناوله الشاعر واقعي جسّد حال الأمة إنما بصورة مقلوبة، حيث طرح الشاعر الحل، ومن ثمّ شخّص القضية، وليس في ذلك أي خطأ، إنما أدرك القائل حساسية َالموضوع في الساحة، فطرح الحل من خلال العودة إلى الخالق، ولهذا فإن قلب القصيدة جاء بأسلوب شعري يتناسب مع موضوعها. أما التصوير فجاء جزئياً لم يتكامل، كما لم يصل إلى مرحلة الترميز، وهذا أمر جيد برأي الناقد. في حين لفت الحضور المسرحي للشاعر الناقد سلطان العميمي، وأيضاً النص الذي استمع إلى كلماته، بدءاً من البيت الأول (اصعد على المحراب وامطر يا بلال/ غيث من الراحة يبلّ صدورنا)، ومن ثم ذهاب الرشيدي للدلالة على علاقة الإنسان بالخالق، لينتقل بعد ذلك للحديث عن الواقع. غير أن التجربة الذاتية انتفت فيما ورد في النص، مع العلم أن تلك التجارب تظهر المقدرة الشعرية للشاعر. وقد وجد الناقد في النص جلداً للذات، وكذلك ابتهالاً، ثم أشار إلى التصوير الشعري والخيال والمباشرة في الأبيات التي أتت واضحة. الناقد حمد السعيد أشار إلى الحضور المسرحي الرائع للشاعر ولإبداعه في كتابة نصٍّ بروح إيمانية، مستخدماً طرْقاً سلِساً خدم الموضوع الذي ذهب إليه. وأبدى السعيد إعجابه بالمطلع (اصعد على المحراب وامطر يا بلال/ غيث من الراحة يبلّ صدورنا)، حيث شبه الشاعر صوت الأذان بالغيث. وبعدها انتقل الرشيدي لتكرار عبارة (الله أكبر) أربع مرات في أربعة أبيات، لتأتي بعدد تكبيرات الأذان، إلى أن قال (يا ساتر استر ما ورا هالحال حال/ الأرض ملّت وامتلت من جورنا). ودلّ الناقد على ما في النص من جناسٍ تمثّل في البيت (وفي حق طاعاتك يا كثر قصورنا/ انطاوع أنفسنا ونعطيها مجال)، ومن ثم الختام الذي وصفه بالجمال (وزدنا ثباتٍ منك لا حان السؤال/إذا تلحفنا تراب قبورنا). العنزي مع قصيدة "ابتسامة شهيد" مشعل الضوي العنزي من السعودية ألقى قصيدة عنونها بـ"ابتسامة شهيد"، محيياً روح الشهيد، وذاكراً صفاته، ومما قال: تنفّسي يا بلادي صبح مجد مجيد واستقى العز لو ما تشعرين بظما في هيبة جنوك وقدح السلاح العتيد ما يستمعه الاصم وما يراه العمى من قبل يتحرك من النفط صلب الحديد استبسلوا فوق كور اشعل وسرج دهما بالرغم من هيمنتهم بالنار الشديد يحشمون الأسير ويعصمون الدما تصافح كفوفهم بالسلم حتى البعيد وإن عوّد النور عتمه والوطيس احتمى من جهته وصف الناقد سلطان العميمي القصيدة بأنها جزلة ومنبرية وموضوعها مهم، وهي مليئة بالتصاوير الشعرية التي بنيت بوعي كبير، غير أنه وجد العنوان لا يتصل إلا بآخر بيتين جاء بهما الشاعر. ولفت إلى أن القصيدة فيها ثقافة مرتبطة بالحرب، كما فيها قيمٌ عززها الإسلام، كالتي وردت في البيت (بالرغم من هيمنتهم بالنار الشديد/ يحشمون الأسير ويعصمون الدما) مشيراً أن الصورة الشعرية امتدت حتى البيت الذي تلاه (تصافح كفوفهم بالسلم حتى البعيد/ وإن عوّد النور عتمه والوطيس احتمى)، ووجد التصوير بديعاً وممتداً إلى أبعد الحدود بدءاً من البيت (ما ينطحن من غضبهم حب راس العنيد/ الا الجبال الطوال تصير خد طخما) ثم البيت الذي يليه (وليا تسلل على حدودك عبيد العبيد/ استجمعوهم مثل جمع البدو للكمى)، بعدها انتقل الشاعر إلى مرحلة أخرى، وكأنه يرسم صورة الجندي الذي لا يموت في ساحة المعركة، إنما يبقى حياً عند ربه. من الختام (اغبط من الابتسامات ابتسامة شهيد/ يني بها مجد بالأرض قصر بالسما) بدأ الناقد حمد السعيد، مشيراً إلى أن العنزي قدم طرحاً راقياً وعميقاً وبليغاً عبر نص مترابط وواضح. أما المطلع (تنفّسي يا بلادي صبح مجد مجيد/ واستقى العز لو ما تشعرين بظما) ففيه إشارة إلى عهد ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، والبيت التالي (في هيبة جنوك وقدح السلاح العتيد/ ما يستمعه الاصم وما يراه العمى) فيه إشارة على قوة وبسالة الجنود، وفي البيت الثالث دلالة على حقبة المعارك والانتصارات، ومن خلال البيت (بالرغم من هيمنتهم بالنار الشديد/ يحشمون الأسير ويعصمون الدما) سلط الشاعر الضوء على أجمل القيم، وأكد الناقد أن الشاعر عر كيف يتعامل مع القافية الصعبة ووظف المعنى بنجاح عبر نص مترابط. د. غسان الحسن أشار إلى النص الذي قدمه العنزي من النصوص الواقعية التي تتحدث عما يحدث في الساحة العربية، ورأى النص جميلاً، كما أشاد بالأبيات الثلاثة الأولى، إذ فيها – كما قال - كناية رائعة. ليأتي الشاعر بعبارات مثل (تصافح كفوفهم) و(تتلون ابدانهم)، غير أن د. الحسن لم يجد أن التفاخر بالعهد الجديد في بداية النص متناسباً مع الحديث عن لون البدلة العسكرية التي تتخذ عموماً للتمويه. ثم أوضح الناقد أن النص هبط عند البيت (فيهم م ينذر معاديهم بيوم الوعيد/ وفيهم م يشعر مواليهم بغيثٍ هما)، فعلى الرغم من أن الصورة جيدة؛ إلا أن المعنى مستهلكاً، كما خفت صوت الشعر في البيت (وليا تسلل على حدودك عبيد العبيد/ استجمعوهم مثل جمع البدو للكمى)، وحول البيت (الله وش هالرحيل المختلف والسعيد/ بعده جوار انبيا قبلة حياة زعما) قال الناقد أن الشهيد الذي يبذل الروح ويضحي بها؛ يتجرع كأس الموت وهو في المعركة، وليس كما وصفه الشاعر بأنه يكون سعيداً. الأسلمي والتصوير المتميز وإلى نجم جزاع الأسلمي استمع الحضور الذي ألقى قصيدته واستحوذت على إعجاب لجنة التحكيم، ومما قاله في أبيات قصيدته: أول عتادي يوم قالت بيض الاحلام الهمام فال مثل وجه الصباح انطح به الطرف البهيم يسرج عزومي للطموح ليا بغى درب المرام ويورّد اللي من من هقاويّي وشرهاتي محيم ويلون أحلامي مثل ما لوّن الشعر الكلام ويعطر الخاطر مثل ما عطر الورد النسيم وإن فات ثلثين الصبر واشتدت الكربه ظلام ينوض برقه في سما بالي ويمطر بالصميم وإن صار دربي من سراب شوفي بالعسام من حيث ما ولّى الرجا وجهه على قبلة رحيم الناقد حمد السعيد بدأ من البيت (تبنيني ظروفي مثل مت تبني الشمس الغمام/ وترضيني العزّه مثل ما يرضي العذر الكريم) حيث الصورة جميلة، وقد أدخلته في عالم آخر، ذلك أن الظروف تبني الإنسان. مضيفاً أن ما جاء به الشاعر دليل تمكّنه، كما في البيت (وان هب لي في مسك التفاؤل في ذعاذيع الختام/ يا ما تحرّيت المطر مع من يخالف من الهزيم، حيث هناك تشبيه للمهابة من الظروف. ويستمر الشاعر في بث التفاؤل في روح المتلقي، مستخدماً الصورة الشعرية التي حضرت في كل بيت. وأكد أن النص يتميز بترابطه، وبالنضج الفكري للشاعر، وتدل على مرحلة عمرية مشبعة بالقناعات عاشها الأسلمي. ولفت الناقد إلى استخدام الشاعر الأفعال المضارعة منذ أول بيت (أول عتادي يوم قالت بيض الاحلام الهمام/ فال مثل وجه الصباح انطح به الطرف البهيم)، إلى أن قال (مع وقت معراج اتكالي في عزيز ما يضام/ رحت اعقل اهمالي قبل في وادي الغفله يهيم)، حيث تجلت صورة جميلة جداً، أتبعها بالبيت (وعسيت براق المطامع من مداهيل السلام/ ودون الربيع البرد عاوي والعجاج انفاس غيم) الذي يتضمن دلالة على سلوكيات ابن البادية، وبالتالي فإن الصور الشعرية التي جاء بها الشاعر ما هي إلا انعكاس على الرغبات والطموحات. د. غسان الحسن قال إن التفاؤل الحاضر في النص جميل، كما هو حال التصاوير الخيالية، وحتى اللغة التي استخدمها الشاعر تدلّ على سعة قاموسه الشعري، وكذلك الألوان والمفردات، وبالتالي فإن كل ما ورد إنما هو رصيد للشاعر. ثم أشار د. الحسن إلى ما في النص من تناصٍ قرآني كثير إلى جانب التناص مع الحدي، فحين قال الشاعر (رحت اعمل اهمالي في وادي الغفله يهيم) فقد أورد تناصاً مع الحديث (اعقلها وتوكل)، وكذلك مع الآية (في كل وادٍ يهيم)، وما أعجب د. الحسن التناص الأول، فمن العقل الحرص على الشيء، غير أن الشاعر ذهب إلى الحبس عن الشيء، وهذا فعّال وفيه تعاكس، كما أورد الشاعر تناصاً قرآنياً في البيت (وفجّت لي رماح الخطوب صدور الآفاق العظام/ عن خيرةٍ يحي عظام الأمنيات وهن رميم). وما لمسه د. الحسن النمطية في العبارة، حيث يقوم النص على وزن (مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن)، وبالتالي من السهل على الشاعر قسم الشطر إلى قسمين، غير أن هذا الطرب يوقع في نمطية العبارة التي تأتي مطرِبةً سماعياً، لكنها في العبارة الشعرية هي نمطٌ في الحس الموسيقي، وهو ما قد يهبط بالشعر. ورأى الناقد سلطان العميمي أن الأسلمي هو نجم المسرح، والقصيدة التي ألقاها جميلة جداً، معتبراً أنها مغامرة شعرية، وهي أعلى من القصيدة التي ألقاها في الحلقة السابقة، وذلك من ناحية نضج الفكرة والنضج الشعري بصورة عامة، مشيراً إلى أن الموضوع تندر الكتابة عليه، وعبر تلك القصيدة السهلة الممتنعة أمسك الشاعر بأطراف الفكرة وبالشعر بصورة احترافية. وأوضح الناقد أن في القصيدة امتداد للصور الشعرية، وعلى مدار في أكثر من بيت، كما بالنسبة للبيت الأول (أول عتادي يوم قالت بيض الاحلام الهمام/ فال مثل وجه الصباح انطح به الطرف البهيم)، وصولاً إلى البيت (ويلون أحلامي مثل ما لوّن الشعر الكلام/ ويعطر الخاطر مثل ما عطر الورد النسيم). ووجد الناقد كذلك حضوراً لافتاً لعدة عناصر تلاءمت مع النص، مثل الألوان، الضوء، المطر، العطر، الربيع، والعناصر والمفردات الدالة على الارتفاع والعلو، فكلها – برأيه - تتلاءم مع ما ورد في الأبيات المبهجة للروح، والتي تشعر المتلقي بالتفاؤل. الشعراء يجارون بن عزيز المنصوري في الفقرة الشعرية الثانية ألقى الشعراء الستة الأبيات التي جاروا من خلالها الشاعر صالح بن عزيز المنصوري "أمير شعراء النبط"، وهو من شعراء منطقة الظفرة. ولد في بينونة عام 1939، ونشأ فيها، وتربى وعاش حياة البادية بين أفراد قبيلته، وقد امتاز بموهبة قرض الشعر النبطي وهو في سن مبكرة، وعاصر مرحلة اكتشاف النفط. وفي مجارة بن عزيز المنصوري قال مشاري الرشيدي يا ليتك يا صالح يوم غنيّت ما غنيّت بيوتٍ تجيب اقصاي و تبيّح الخافي ترى الفارق اللي بيننا فارق التوقيت لو انك بمشرافك و ضيقي بمشرافي كأنك تقول يوقّف العمر لاعدّيت على ان العمر عابر و يمشي وهو حافي مازلت اتحلى بالوفاء كثر ماعانيت لو احاول انسى ما نسى قلبي الوافي ومن جانبه قال صالح الصخري: شكى بن عزيز هموم قلبه من اول بيت به من المواجع ما سرت داخل اطرافي شعور المفارِق مثل حيٍ بكى له ميت وانا في وصال اللي رجا عودتي وافي ألا ليت دوار المدينة ليا رديت يسوق الوليف اللي رقيقٍ وغريافي وسط شارع اللطرون خابره يوم اقفيت يقول انتظر بك باكر تعود لضفافي وانا اقول يا صالح على القول وش سوّيت مصابك مصابي يوم فارقت لولافي وذكرتني بحالي مع فارق التوقيت وانا أشبهك في روحي ولا أشبهك في قافي نبشت الجروح اللي على خافقي وادميت قديم الجروح اللي خذت صاحبي الوافي ما غير آتذكر صورته كل ما اغضيت تعرق اليدين ويسكن البرد باطرافي وخاطب مشعل الضوي العنزي المنصوري بقوله: يا صالح عزيز بجرحي العام وش سويت يصحّيه قافك مثل ما يصحي الغافي سقى الله صدى ضحكاتنا قبل هاك البيت على بابه رياح الهجر تنثر السافي أدوّر هله في سكّته كل ما مرّيت وتهتز ذاكرتي و تتسمّر اطرافي كرهت الفراق و حسرته كثر ما حبيت .. أردد بوجه الجاي حي الله اللافي تلاه حسن المعمري بقوله: تسلل من الإحساس شعرٍ على التوقيت الى نافــذة قلـبي نبش جرحي الخافي كشفت الغطا يا صالــــح الليله ورديت لذكر الفراق اللي ثلجْ صوتي الدافي وانا كل مـ تضيق الوسيعه علي شديت لدارٍ بها مـــن يدمي الجــــرح ويشافي أجي سكّته والشوق يحضن جدار البيت قبل يمتلي صدري هوى قُــربه الصافي في حين قال نجم جزاع الأسلمي: ألا يا شعور الفقد من وين ماهبيت سرقت النعاس اللي كحل جرحي الغافي وعلى مرقب اللي يرسمون الحروف أوميت وسعى لك على رمضا الجفا قلبي الحافي تعرى شعوري من قصيدي ولاخليت ولا بيت ما يكسيه ثوب الوجع ضافي وحول ما ألقاه الشعراء المتنافسون قال أعضاء لجنة التحكيم إن جميع الأبيات جاءت على وزن المنكوس، فسار الشعراء على خطى الشاعر في أبياته، وارتبطت أبيات المجاراة بالبيئة الشعرية التي عاشها الشاعر قديماً، إلا أن الشعراء جددوا في صورهم الشعرية، فوفِّقوا في ذلك، وأبدعوا فيما جاءوا به. شعراء الحلقة القادمة في ختام البرنامج أعلن حسين العامري وأسمهان النقبي عن الشعراء الستة الذين ستنافسون خلال الأسبوع القادم، وهم: الكويتي أحمد بن شمروخ المطيري، العراقي زايد الضيف التميمي، والإماراتيان سالم بن كدح الراشدي، وعلي سالم الهاملي، والسعوديان فواز الزناتي العنزي، ومتعب النصار الشراري، ليبدأوا بذلك الحلقة الأولى من المرحلة الأخيرة. وتتكون هذه المرحلة من حلقتين، يتنافس في كل حلقة ستة شعراء، ليتم تأهيل ستة شعراء يتنافسون في الحلقة الأخيرة، ومن بينهم يتم اختيار خمسة شعراء يتنافسون على المراكز الخمسة. وللفائز البيرق وخمسة ملايين درهم إماراتي. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 05-04-2018 11:48 مساء
الزوار: 2659 التعليقات: 0
|