«مسكن»عنوان الدورة الثامنة لمهرجان الصورة في عمّان والذي تنظمه سنويا دارة التصوير بالتعاون مع المعهد الفرنسي وعدد من المؤسسات الخاصة المعنية بالثقافة والفنون البصرية في الأردن وسفارات أجنبية ،ويشارك فيه فنانون فوتوغرافيون محليون وعالميون.
يتميز مهرجان الصورة المقام حاليا والمستمر حتى نهاية الشهر الجاري بأنه الحدث الابداعي الوحيد في الأردن الذي يتخذ من الشوارع والساحات العامة والمقاهي والحدائق وحتى الكنائس ( كما في الدورة الحالية) فضاءً له، فهو نشاط تفاعلي يذهب للناس ولا يكتفي بدعوتهم للاطلاع على مايعرض فيه من صور تاريخية نادرة للأردن وفلسطين وبعض البلاد العربية توثق للحياة الشعبية والنمط العمراني والتطور الاجتماعي في فترات تاريخية مخلتفة يعود بعضها لنهايات القرن التاسع عشر «مسكن»..نبض الأمكنة وروحها.
الفضاء الدلالي لعنوان الدورة الحالية من المهرجان غني وواسع ويحتمل الكثير من الرؤى والتأويلات، فالمسكن ليس فقط البيت، الحديقة مسكن، ودور العبادة مسكن، والبحر مسكن، والصحراء الواسعة مسكن، والعلاقات الاجتماعية الدافئة التي يعبر عنها المهرجان هي أيضا سكن ومسكن وقيمة انسانية عظيمة،والأهم هو عالمنا ككل..كرتنا الأرضية التي هي مسكننا الأول والتي تتعرض لمخاطر شتى ليس آخرها التلوث البيئي، بل الحروب والصراعات والسلوك البشري المدمر بأوجهه المختلفة أيضا.
وتقول منظمة المهرجان الفنانة الفوتوغرافية لبندا خوري «اخترنا عنوان (مسكن) كموضوع له انعكاسات توثيقية مجتمعية لمصوري العالم من نواح متعددة».

خارطة الفعاليات

تتوزع فعاليات مهرجان الصورة بين عدة مراكز ثقافية وصالات عرض وفضاءات مفتوحة في عمان، ومنها دوار جبل اللويبدة، دار الأندى، مزار الفن، المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، المركز الثقافي الاسباني ( ثرفانتس) في جبل عمان وكنيسة البشارة في اللويبدة، ومقهى فن وشاي، وغيرها من المواقع التي تضج عادةً بالمرتادين من كل الفئات العمرية ومن خلفيات مهنية مختلفة.

 بيوت اربد القديمة..منازل الأحباب

يحتفي مهرجان الصورة لهذا العام ببيوتات مدينة اربد القديمة بما تحمل من حميمية وعبق الماضي وحكايا الأجداد، كل تلك الجماليات رصدها الفنان الفوتوغرافي الأردني في أول معرض من معارض المهرجان بعنوان «بيوت البلد»، وهو مقام حاليا في ملتقى «مزار الفن» في اللويبدة، وفيه يرصد الفنان الفوتوغرافي مؤمن الملكاوي أوجهاً مختلفة من جماليات البناء والتراث العمراني في تلك المدينة العريقة، ويقدم لها بالقول: مخزن الذكريات لعائلات اربد الأصيلة لأكثر من مئة عام كانت وما زالت مساكن وسط المدينة المميزة بعمارتها وخاماتها المرتبطة بالأرض والتي تعكس تطور الهوية المحلية بتطور عماراتها».
ويمثل مشروع تصوير بيوت اربد الخطوة الأولى لبناء أرشيف يوثق العمارة الأردنية المحلية ابتداءً من اربد وصولا لتغطية كامل مدن وقرى الأردن.

على خطى بدو وادي رم

كما يعرض المهرجان نتاج مشروع فوتوغرافي ابداعي للفنانة فرح فودة المولودة في لاجوس والمتنقلة بين عدة مدن عربية وأجنبية،وهي في هذا المشروع ترصد صورا مختلفة من حياة البدو في وادي رم جنوب الأردن، والذي يعتبر مقصدا سياحيا لعشرات الآلاف من السواح العرب والأجانب سنويا، ذلك أنه يمتلك الكثير من الخصائص التي تجعله موقعا فريدا ومدهشا على خارطة السياحة العالمية.
ويخاطب مشروع الفنانة فرح فودة قضايا الهوية والتمثيل عبر دراسة التصوير الغربي المستشرق للبدوي العربي، والتعمق في علاقة الانسان البدوي في محيطه الصحراوي الواسع.

صور نادرة للبحر الميت

كما يكشف المهرجان عن صور نادرة جدا تعود لبدايات القرن العشرين من أرشيف المدرسة الانجيلية بالقدس، وبالتحديد الشاطيء الشرقي للبحر الميت ( الجانب الأردني حاليا)، تتضمن الصور تجوال مجموعة من الفلاحين والبدو بالقرب من شواطيء البحر، اضافة الى سفن خشبية قديمة كانت تبحر في تلك البقعة المائية الأخفض في العالم والتي تضررت نتيجة الجفاف وتناقص معدلات الأمطار وتحويلات مياه نهر الاردن المغذي الرئيس للبحر.
تعود الصور الى الفترة الممتدة من العام 1908 الى العام 1925، وهي من مجموعة الباحث الفرنسي ميشيل تاراجون الذي يمتلك أكثر من 25000 صورة نادرة لمناطق مختلفة في بلاد الشام.

فعاليات فريدة من نوعها

لأول مرة ينظم المهرجان معرضا حول الطوائف المسيحية في الشرق العربي وذلك في كنيسة البشارة بجبل اللويبدة وهو للمصورة والصحفية الفرنسية ليندا دوريغو،اضافة لمعرض بعنوان «الجميلة النائمة:عمّان ليلا» لهنريك فولكلر، وعرض حول الكرة الأرضية للمهندس الفضائي الفرنسي توماس بيسكيت، وعرض «أماه: مناجاة من الأرض للأم» للفنانة الفلسطينية ايمان حرام، وغيرها من الأنشطة والعروض.