عمان  :  اختتم قبل أيام معرض «رسومات» للفنان الأردني علاء الطوالبة والذي ضم مجموعة من أعماله التعبيرية الجديدة ضمن فن البورتريه الذي تخصص به الفنان منذ سنوات، وكان المعرض أُفتتح الشهر الفائت في جاليري «فن وشاي» بجبل اللويبدة بحضور نخبة من النقاد والتشكيليين وأصدقاء الكاتب.
كشف الفنان علاء طوالبه في معرضه عن مجموعة من بوتريهات تعبيرية بمساحات بصرية صغيرة ومنفذه بالحبر الأزرق الغامق والألوان المائية، وتبرز فيها العيون الكبيرة كمفردة بصرية رئيسة في فضاء اللوحة، تلك العيون التي تترجم مشاعر وأحاسيس الانسان، وتشكل نافذة على دواخله، وهنا تعبر اللوحات جميعها عن حالة  البلاهة  وربما الحزن العميق والضياع، والطوالبة ينهل هنا مما تختزنه ذاكرته عند عودته الى البيت ويخلو الى نفسه من صور لنماذج بشرية مختلفة قابلها وتأمل قسمات وجوهها وماتفيض به من ايحاءات سواء في المقهى أو الشارع أو في أماكن أخرى مختلفة، وهو لايحبذ أن يتحدث كثيرا عن أعماله الفنية وماتحمله من رسائل ويفضل أن يترك تفسيرها وتحليلها للمتلقين الذين لابد أن يحمل كل منهم انطباعاً خاصا ازاءها، رافضا فرض رؤيته على المتلقين وتقديم أعمال مباشرة ومألوفة أونمطية.
وعلى هامش حفل الختام الذي حضره أيضا عدد من الفنانين والمهتمين، قرأ القاص والناقد هشام البستاني نصا قصصياً من كتابه «مقدمات لا بد منها لفناء مؤجل»، والذي يطرح كما-مؤلفاته- بجرأة إشكالات فكرية وقضايا اجتماعية، وترصد الكثير من المتناقضات في حياتنا،وتجليات الأزمات التي يعيشها الانسان المعاصر لاسيما في بلادنا العربية عبر صور ومشاهد سوريالية وكابوسية، حيث يقول البستاني « كتب النص القصصي هذا كنص موازٍ للوحات علاء، ولأحد كوابيسه الذي ظلّ يلازمه في فترة سابقة، ورافقت لوحات علاء هذا النصّ داخل كتابي  مقدّمات لا بدَّ منها لفناءٍ مؤجّل .
وجاءت قصة البستاني بعنوان «يحدث بعد منتصف الليل بقليل»، ومنها نختار :
سيجارة مطفأة معلّقةٌ بين أصابعي. لا أدري من وضعها هناك، لكني أحس أن ديداناً تتحرّك داخلها. عندما أنظر إليها يخيّل إليّ أنني شاهدتها سابقاً: عشرات الأجساد الصغيرة المتماثلة التي لا ملامح لها. 
السيجارة دودة كبيرة تجترّ داخلها ديدان أصغر تتسلّل من فمي وتملأ رئتيّ، وبعد احتفالٍ قصير صاخبٍ هناك، تبدأ في الجريان مع دمي.
لا أعرف لماذا كان عليّ أن أقفز من شبّاك الطابق الثالث. لا أعرف من أين انبثقت شجرة في طريق سقوطي. لا أعرف أيضاً ما الذي جعل جارتنا تقرّر أن تخرج لتنشر الغسيل لحظة سقوطي. ولا أعرف لماذا خُيّل لي أنني مِتُّ عندما ارتطمت بالأرض. كنت سعيداً لحظة الارتطام. اغمضت عينيّ جيّداً ورحتُ فيما يشبه قيلولةً لذيذة.
لم يدم الأمر لحظاتٍ حتى سمعت صراخ الجارةِ لأدرك أن في الأمر خطأً ما. أنني لم أمت حقاً. أنني ما زلت أسمع زوامير السيارات المارّة في الشارع.
عندما قمتُ ونفضتُ ملابسي كان جمعٌ من الناس حولي يبتعد. ربّما أخفتهم، خصوصاً أنني سمعت أحدهم يقول لآخر بشيءٍ من الرُّعب: هنالك ديدانٌ تخرج من أنفه. 
إنها لا تخرج، صحّحتُ له، إنها تسيل. وتركتهم وصعدت إلى شقتي.
علاء الطوالبة الذي انطلق بمسيرته الابداعية قبل سنوات وشارك في فعاليات فنية عديدة اشتبكت فيها الموسيقى والقراءات الشعرية والقصصية مع رسوماته، خاض تجربة عرض لوحاته على الجمهور للمرة الأولى وقد اختار تقديمها لهم على جدران مقهى «فن وشاي» الذي يحتضن وبصورة دورية معارض تشكيلية وفوتوغرافية منوعة.
أما الكاتب هشام البستاني فقد صدر له أربع مجموعات قصصية، وحاز على جوائز عالمية رفيعة منها جائزة جامعة آركنسو الأمريكية للأدب العربي وجائزة للتفرغ الابداعي في ايطاليا، كما يكتب في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية العربية والأجنبية في قضايا ثقافية وفكرية وسياسية.